الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو لم يتم ) المأموم ( الفاتحة لشغله بدعاء الافتتاح ) مثلا وقد ركع إمامه ( فمعذور ) كبطيء القراءة فحكمه ما مر وظاهر كلامهم هنا عذره ، وإن لم يندب له دعاء الافتتاح بأن ظن أنه لا يدرك الفاتحة لو اشتغل به وحينئذ يشكل بما مر في نحو تارك الفاتحة متعمدا إلا أن يفرق بأن له هنا نوع شبهة لاشتغاله بصورة سنة بخلافه فيما مر وأيضا فالتخلف لإتمام التشهد أفحش منه هنا وبما يأتي في المسبوق أن سبب عدم عذره كونه اشتغل بالسنة عن الفرض إلا أن يفرق بأن المسبوق يتحمل عنه الإمام فاحتيط له بأن لا يكون صرف شيئا لغير الفرض والموافق لا يتحمل عنه فعذر للتخلف لإكمال الفاتحة ، وإن قصر بصرفه بعض الزمن لغيرها لأن تقصيره باعتبار ظنه دون الواقع ، والحاصل من كلامهم أننا بالنسبة للعذر وعدمه ندير الأمر على الواقع وبالنسبة لندب الإتيان بنحو التعوذ للمسبوق ندير الأمر على ظنه [ ص: 348 ] ( هذا كله في ) المأموم ( الموافق ) وهو من أدرك من قيام الإمام زمنا يسع الفاتحة بالنسبة إلى القراءة المعتدلة لا لقراءة الإمام ولا لقراءة نفسه على الأوجه كما بينته في شرح الإرشاد وغيره وقول شارح هو من أحرم مع الإمام غير صحيح ، فإن أحكام الموافق والمسبوق تأتي في كل الركعات ألا ترى أن الساعي على ترتيب نفسه ونحوه كبطيء النهضة إذا فرغ من سعيه على ترتيب نفسه ، فإن أدرك مع الإمام زمنا يسع الفاتحة فموافق وإلا فمسبوق ولو شك أهو مسبوق أو موافق لزمه الاحتياط فيتخلف لإتمام الفاتحة ولا يدرك الركعة على الأوجه من تناقض فيه للمتأخرين ؛ لأنه تعارض في حقه أصلان عدم إدراكها وعدم تحمل الإمام عنه فألزمناه إتمامها رعاية للثاني وفاتته الركعة بعدم إدراك ركوعها رعاية للأول احتياطا فيهما وقضية كلام بعضهم أن محل هذا إن لم يحرم عقب إحرام الإمام أو عقب قيامه من ركعته وإلا لم يؤثر شكه وهو إنما يأتي على أن العبرة في الموافق بإدراك قدر الفاتحة من قراءة الإمام والمعتمد خلافه كما تقرر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إلا أن يفرق إلخ ) كذا شرح م ر وهذا الفرق قريب إن لم يعتقد أنه لا يندب له حينئذ دعاء الافتتاح ( قوله : وبما يأتي ) معطوف على قوله بما مر وعلى ما تقدم فيه عن الأكثرين لا إشكال ( قوله : دون الواقع ) فيه نظر ظاهر إذ لا معنى للتقصير في الواقع إلا كون مقتضى الواقع أنه لا يشتغل بغير الفاتحة وهنا كذلك لكون [ ص: 348 ] ما أدركه لا يسع في الواقع غير الفاتحة فليتأمل ( قوله : وهو من أدرك من قيام الإمام زمنا يسع إلخ ) هذا لا يشمل من أحرم عقب إحرام الإمام بلا فاصل ولم يدرك من قيام الإمام ما ذكر ولا يتجه إلا إلى جعله موافقا ثم رأيت قوله الآتي وهو إنما يأتي إلخ وقضيته خلاف ذلك ، وإنما قد يكون مسبوقا ( قوله : وقول شارح هو من أحرم مع الإمام إلخ ) من أحرم مع الإمام يوافق أيضا م ر .

                                                                                                                              ( قوله ولو شك أهو مسبوق أو موافق ) أفتى شيخنا الشهاب الرملي بأن حكمه حكم الموافق ( قوله : ولا يدرك الركعة ) أي إذا لم يدرك ركوع الإمام



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : المأموم ) أي الموافق كما يأتي ( قوله : مثلا ) إلى قوله ولو شك في النهاية إلا قوله وأيضا إلى وبما يأتي وقوله كما بينته في شرح الإرشاد وغيره وما أنبه عليه ( قوله : مثلا ) أي أو التعوذ مغني أي وانتظار سكتة الإمام كما تقدم ( قوله : وقد ركع إمامه ) أي أو قارب الركوع شرح بافضل قول المتن ( فمعذور ) أي في التخلف لإتمامها مغني .

                                                                                                                              ( قوله فحكمه ما مر ) أي من اغتفار التخلف بثلاثة أركان طويلة وقد علم مما مر أن المراد بالفراغ من الركن الانتقال عنه لا الإتيان بالواجب منه نهاية زاد المغني وأنه لا فرق بين أن يتلبس بغيره أم لا وهو الأصح كما في التحقيق وقيل يعتبر ملابسة الإمام ركنا آخر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بما مر إلخ ) أي في شرح فإن لم يكن عذر إلخ ( قوله : في نحو تارك الفاتحة إلخ ) أي كالمتخلف لوسوسته أو لجلسة الاستراحة أو لإتمام التشهد الأول ( قوله إلا أن يفرق إلخ ) كذا شرح م ر وهذا الفرق قريب إن لم يعتقد أنه لا يندب له حينئذ دعاء الافتتاح سم ( قوله وأيضا فالتخلف لإتمام التشهد إلخ ) وعلى ما تقدم فيه عن الكثيرين لا إشكال به سم ( قوله : بخلافه فيما مر ) فيه نظر بالنسبة للتخلف لجلسة الاستراحة ( قوله : وبما يأتي إلخ ) معطوف على قوله بما مر سم .

                                                                                                                              ( قوله دون الواقع ) فيه نظر ظاهر إذ لا معنى للتقصير في الواقع إلا كون [ ص: 348 ] مقتضى الواقع أن لا يشتغل بغير الفاتحة وهنا كذلك لكون ما أدركه لا يسع في الواقع غير الفاتحة على حج . ا هـ . رشيدي وأشار الكردي إلى دفع النظر بما نصه قوله دون الواقع أي لأن الواقع قد يطابق ظنه وقد لا بخلاف تقصير المسبوق ، فإنه باعتبار الواقع ؛ لأنه يتحقق عدم إدراكه الفاتحة لو اشتغل بالسنة . ا هـ . ( قوله : هذا كله ) أي قوله : وإن كان بأن أسرع إلخ ( قوله : وهو من ) إلى قوله لا لقراءة الإمام في المغني ( قوله : وهو من إدراك إلخ ) هذا لا يشمل من أحرم عقب إحرام الإمام بلا فاصل ولم يدرك من قيام الإمام ما ذكر ولا يتجه إلا جعله موافقا ثم رأيت قوله الآتي وهو إنما يأتي إلخ وقضيته خلاف ذلك ، وأنه قد يكون مسبوقا سم

                                                                                                                              ( قوله على الأوجه ) أي ، وإن رجح الزركشي اعتبار قراءة نفسه نهاية وكذا رجحه البصري عبارته ، والذي يظهر أن إناطة الحكم بقراءة نفسه أولى من إناطته بالقراءة المعتدلة . ا هـ . ( قوله : وقول شارح هو من أحرم مع الإمام إلخ ) من أحرم مع الإمام موافق أيضا م ر ا هـ سم ( قوله : غير صحيح ) عبارة النهاية قيل مردود . ا هـ . ( قوله : فإن أحكام الموافق إلخ ) يمكن الجواب بأن من عبر بذلك أراد الموافق الحقيقي ، فإن ما ذكره من بطيء النهضة ونحوه مسبوق حكما ع ش ورشيدي وبصري ( قوله : ونحوه إلخ ) بالنصب عطفا على الساعي ( قوله وإلا فمسبوق ) أي فيركع معه وتحسب له الركعة ومن ذلك ما يقع لكثير من الأئمة أنهم يسرعون القراءة فلا يمكن المأموم بعد قيامه من السجود قراءة الفاتحة بتمامها قبل ركوع الإمام فيركع معه وتحسب له الركعة ولو وقع له ذلك في جميع الركعات فلو تخلف لإتمام الفاتحة حتى رفع الإمام رأسه من الركوع أو ركع معه ولم يطمئن قبل ارتفاعه عن أقل الركوع فاتته الركعة فيتبع الإمام فيما هو فيه ويأتي بركعة بعد سلام الإمام ع ش

                                                                                                                              ( قوله ولو شك أهو مسبوق إلخ ) أفتى شيخنا الشهاب الرملي بأن حكمه حكم الموافق سم ووافقه المغني والنهاية عبارته وهل يلحق به أي بالموافق في سائر أحكامه من شك هل أدرك زمنا يسع الفاتحة لأن الأصل وجوبها في كل ركعة حتى يتحقق مسقطها وعدم تحمل الإمام لشيء منها وحينئذ فيتأخر ويتم الفاتحة ويدرك الركعة ما لم يسبق بأكثر من ثلاثة أركان طويلة في ذلك تردد للمتأخرين والمعتمد كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى نعم لما مر وسواء في ذلك أكان إحرامه عقب إحرام إمامه أم عقب قيامه من ركعته أم لا . ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله م ر نعم لما مر جواب لقوله فيتأخر ويتم الفاتحة أي فيكون كالموافق فيغتفر له ثلاثة أركان طويلة . ا هـ . ( قوله لزمه الاحتياط ) قد يتوهم منه أن ما سلكه هو الأحوط مطلقا وليس كذلك لاحتمال أن يكون موافقا في نفس الأمر فالركعة زائدة وبالجملة فلا يمكن إيقاع هذه الصلاة متفقا على صحتها ما لم ينو المفارقة ولو قيل بتعينها لكان مذهبا متجها لسلامته من الخلل بكل تقدير بخلاف بقية الآراء بصري ( قوله : فيتخلف لإتمام الفاتحة ) أي ويسعى على ترتيب صلاته ما لم يسبق بأكثر من ثلاثة أركان طويلة إلخ هذا ما يقتضيه إطلاقه وعليه فلك أن تقول قد يؤدي حينئذ إلى بطلان صلاته بفرض كونه مسبوقا بأن يهوي إمامه للسجدة قبل إتمامها فتأمل بصري ( قوله ولا يدرك الركعة ) أي إذا لم يدرك ركوع الإمام سم ( قوله : على الأوجه ) تقدم عن النهاية خلافه

                                                                                                                              ( قوله : أن محل هذا ) أي قوله لزمه الاحتياط فيتخلف لإتمام الفاتحة إلخ ( قوله لم يؤثر شكه ) أي فحكمه حكم الموافق ( قوله كما تقرر ) أي في قوله بالنسبة إلى القراءة المعتدلة إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية