الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويكبر ) [ ص: 365 ] المسبوق ( للإحرام ثم للركوع ) ومثله هنا وفيما يأتي مريد سجدة تلاوة خارج الصلاة لأنه تعارض في حقه قرينتا الافتتاح ، والهوي لاختلافهما وحينئذ لا يحتاج لنية إحرام بالأولى إذ لا تعارض ويظهر أن محله إن عزم عند التحرم على أن يكبر للركوع أيضا

                                                                                                                              أما لو كبر للتحرم غافلا عن ذلك ثم طرأ له التكبير للركوع فكبر له فلا تفيده هذه التكبيرة الثانية شيئا بل يأتي في الأولى التفصيل الآتي ( فإن نواهما ) أي الإحرام ، والركوع ( بتكبيرة ) واحدة اقتصر عليها ( لم تنعقد ) صلاته ( على الصحيح ) ؛ لأنه شرك بين فرض وسنة مقصودة فأشبه نية الظهر وسنته لا الظهر والتحية ( وقيل تنعقد ) له ( نفلا ) كما لو أخرج خمسة دراهم مثلا ونوى بها الفرض والتطوع ، فإنها تقع له تطوعا وعلى الأول يفرق بأن النية ثم يغتفر فيها ما لا يغتفر هنا وأيضا فالنفل ثم لا يحتاج لنية فلم يؤثر فيه فساد النية بالتشريك وهنا لا ينعقد إلا بنيته فأثر فيه اقترانها بمفسد وهو التشريك المذكور ولعل هذا هو ملحظ من قال لا جامع معتبر بين المسألتين ( وإن ) نوى بها التحرم فقط وأتمها وهو إلى القيام مثلا أقرب منه إلى أقل الركوع انعقدت صلاته ، وإن ( لم ينو ) بها ( شيئا لم تنعقد ) صلاته ( على الصحيح ) ؛ لأن قرينة الافتتاح تصرفها إليه وقرينة الهوي تصرفها إليه فاحتيج لقصد صارف عنهما وهو نية التحرم فقط لتعارضهما وبه يرد استشكال الإسنوي له بأن قصد الركن لا يشترط ؛ لأن محله حيث لا صارف وهنا صارف كما علمت وعلم من [ ص: 366 ] كلامه ما بأصله أن نية الركوع فقط كذلك إذ لا تحرم وكذا نية أحدهما مبهما للتعارض هنا أيضا ويزاد سادسة وهي ما لو شك أنوى بها التحرم وحده أو لا إذ الظاهر في هذه البطلان أيضا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ومثله هنا وفيما يأتي مريد سجدة تلاوة إلخ ) فيكبر للإحرام بها ثم يهوي للسجود ( قوله : وحينئذ ) أي حين إذ يكبر لكل منهما ( قوله : إذ لا تعارض ) فيه نظر بل التعارض ثابت حين الإتيان بالأولى لانفرادها حينئذ وتبين عدم الانفراد عند الثانية لا يفيد فلو شرط هنا عند الإطلاق نية الإحرام أو نحوها كعزم الإتيان بالتكبير للركوع كان متجها ، وإن كان خلاف ظاهر كلامهم .

                                                                                                                              ( قوله : اقتصر عليها ) يفهم الانعقاد إذا لم يقتصر بأن أتى بتكبيرتين ونواهما بالأولى لكن قضية تعليل الصحيح عدم الانعقاد وهو الوجه ( قوله : أقرب منه إلى أقل الركوع ) يخرج ما إذا صار بينهما على السواء وعبارة شرح الإرشاد تدخله فتأمله وهي وأن يتمها أي التكبيرة الواحدة التي اقتصر عليها ناويا الإحرام فقط قبل أن يصير أقرب إلى أقل الركوع وإلا لم تنعقد إلا [ ص: 366 ] للجاهل فتنعقد له نفلا أما إذا نوى الركوع وحده أو مع التحرم أو أحدهما لا بعينه أو أطلق فلا تنعقد صلاته فرضا مطلقا ولا نفلا ما لم يكن جاهلا ا هـ وقال في شرح العباب ما نصه قيل محل عدم الانعقاد فيما ذكر في العالم أما الجاهل فالقياس أنها تنعقد له نفلا مطلقا كمن أخرج خمسة دراهم إلى آخر ما بينه فراجعه ، والنظر قوي جدا في نحو نية الركوع وحده كما لا يخفى بل يجب أن لا يكون هذا مرادا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويكبر للإحرام ) أي وجوبا كغيره في القيام أو بدله ، فإن وقع بعضه في غير القيام أي بأن كان في محل لا تجزئ فيه القراءة لم تنعقد صلاته فرضا ولا نفلا نهاية ومغني وعميرة قال الرشيدي قوله لم تنعقد صلاته فرضا ولا نفلا ظاهره ولو جاهلا ويوافقه ما نقل عنه في شرح هدية الناصح لكن يخالفه ما قدمه في هذا الشرح في صفة الصلاة قبيل الركن الثاني ا هـ وقال ع ش قوله م ر فرضا ولا نفلا كذا في نسخة وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين العالم والجاهل لكنه قال في صفة الصلاة ما نصه أو ركع مسبوق قبل تمام التكبيرة جاهلا انقلب [ ص: 365 ] نفلا لعذره إذ لا يلزم من بطلان الخصوص بطلان العموم . ا هـ . وهو الأقرب لما علل به . ا هـ . ويأتي آنفا عن سم عن شرح الإرشاد ما يوافقه ( قوله المسبوق ) أي الذي أدرك إمامه في الركوع مغني قول المتن ( ثم للركوع ) أي ندبا لأنه محسوب له فندب له التكبير نهاية ومغني ( قوله : ومثله هنا وفيما يأتي سجدة تلاوة إلخ ) فيكبر للإحرام بها ثم يهوي للسجود سم ( قوله : وحينئذ ) أي حين إذ يكبر لكل منهما سم .

                                                                                                                              ( قوله : ويظهر أن محله إلخ ) أي عدم الاحتياج فهذا تقييد لقوله وحينئذ لا يحتاج إلخ الظاهر في أنه يكفي تعدد التكبير مطلقا وبه يندفع اعتراض سم بما نصه قوله إذ لا تعارض فيه نظر بل التعارض ثابت حين الإتيان بالأولى لانفرادها حينئذ ، وتبين عدم الانفراد عند الثانية لا يفيد فلو شرط هنا عند الابتداء نية الإحرام أو نحوها كعزم الإتيان بالتكبير للركوع كان متجها ، وإن كان خلاف ظاهر كلامهم . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن عزم عند التحرم إلخ ) يتردد النظر فيما لو عزم عند التحرم على الإتيان بتكبيرتين ثم أتى بواحدة من غير قصد تحرم ثم أعرض عن الثاني هل تصح الصلاة الظاهر نعم بصري أي كما يفهمه قول الشارح أما لو كبر للتحرم إلخ ( قوله : للتحرم ) أي حين التحرم قول المتن ( فإن نواهما بتكبيرة إلخ ) أفهم أنه لا يضر الإطلاق فيما لو أتى بتكبيرتين لصرف الأولى للتحرم مع عدم المعارض والثانية للركوع وهو ظاهر وفي فتاوى الشارح م ر ما يوافقه وبهذه يسقط ما نظر به سم على حج في هذه الصورة ونص الفتاوى سئل عمن وجد الإمام راكعا فكبر وأطلق ثم كبر أخرى بقصد الانتقال فهل تصح صلاته فأجاب تصح صلاته خلافا لبعضهم ع ش أقول هذه الفتوى تخالف قول الشارح المتقدم ويظهر إلخ كما يخالف كلام سم المتقدم هناك ، وإن قوله أي ع ش مع عدم المعارض يقبل المنع فلا يدفع إشكال سم المتقدم ( قوله أي الإحرام ) إلى قوله وعلى الأول في المغني إلا قوله واحدة إلى المتن وإلى قوله وتزاد في النهاية إلا قوله اقتصر عليها وقوله ولعل إلى المتن ( قوله : اقتصر عليها ) يفهم الانعقاد إذا لم يقتصر بأن أتى بتكبيرتين ونواهما بالأولى لكن قضية تعليل الصحيح عدم الانعقاد وهو الوجه سم .

                                                                                                                              ( قوله : ولعل هذا إلخ ) أي الفرق الثاني وفي النهاية ، والمغني ما نصه على أن القياس مدفوع وليس فيه جامع معتبر ؛ لأن صدقة الفرض ليست شرطا في صحة صدقة النفل فإذا بطل الفرض صح النفل بخلاف تكبيرة الإحرام ، فإنها شرط في صحة تكبيرة الانتقال فلا جامع بينهما حينئذ . ا هـ . ( قوله : وهو إلى القيام مثلا ) أي إن كان فرضه القيام رشيدي ( قوله : أقرب منه إلى أقل الركوع ) يخرج ما إذا صار بينهما على السواء عبارة شرح الإرشاد تدخله وهي وأن يتمها أي التكبيرة الواحدة التي اقتصر عليها أي ناويا الإحرام فقط قبل أن يصير أقرب إلى أقل الركوع وإلا لم تنعقد إلا للجاهل فتنعقد له نفلا أما إذا نوى الركوع وحده أو مع التحرم أو أحدهما لا بعينه أو أطلق فلا تنعقد صلاته فرضا مطلقا ولا نفلا ما لم يكن جاهلا انتهت . ا هـ . سم وتقدم عن ع ش اعتماده ( قوله : لم تنعقد صلاته ) ظاهر كلامهم ولو جاهلا وهو مما تعم به البلوى ويقع كثيرا للعوام وفي شرح الإرشاد وتنعقد نفلا للجاهل . ا هـ . حلبي وتقدم عن سم و ع ش ما يوافقه ( قوله : عنهما ) الأولى عن الثاني ( قوله : وبه يرد إلخ ) أي بالتعليل المذكور ( وقوله له ) أي للصحيح المذكور ( وقوله : محله ) أي عدم الاشتراط ( قوله : من [ ص: 366 ] كلامه ) أي المصنف ( قوله : إذ الظاهر إلخ ) هل هو على إطلاقه أو يقيد بما إذا طال الزمن أو مضى معه ركن ؛ لأن الشك فيما ذكر لا يزيد على الشك في أصل النية محل تأمل ولعل الثاني أوجه ، وإن كان خلاف ظاهر إطلاقه بصري .




                                                                                                                              الخدمات العلمية