الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) الأصح ( أن من أدركه ) أي الإمام فيما لا يحسب له كأن أدركه ( في سجدة ) أولى أو ثانية مثلا ( لم يكبر للانتقال إليها ) لأنه لم يتابعه في ذلك ولا هو محسوب له بخلاف الركوع وأفهم قوله إليها ما قدمه أنه يكبر بعد ذلك إذا انتقل معه من السجود أو غيره موافقة له وخرج بأولى أو ثانية ما لو أدركه في سجدة التلاوة .

                                                                                                                              [ ص: 367 ] قال الأذرعي فالذي ينقدح أنه يكبر للمتابعة ، فإنها محسوبة له قال : وأما سجدتا السهو فينقدح في التكبير لهما خلاف من الخلاف في أنه يعيدهما آخر صلاته أو لا إن قلنا لأكبر وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              وفي كون التلاوة محسوبة له نظر ظاهر إذ من الواضح أنه إنما يفعلها للمتابعة فحينئذ الذي يتجه أنه لا يكبر للانتقال إليها ( وإذا سلم الإمام قام ) يعني انتقل ليشمل المصلي غير قائم ( المسبوق مكبرا إن كان ) جلوسه مع الإمام ( موضع جلوسه ) لو انفرد كأن أدركه في ثالثة رباعية أو ثانية ثلاثية وأفهم كلامه أنه لا يقوم قبل سلام الإمام ، فإن تعمده بلا نية مفارقة أبطل والمراد هنا كما علم مما مر في سجود السهو عن المجموع مفارقة حد القعود ، وإن سها أو جهل لم يعتد بجميع ما أتى به حتى يجلس ثم يقوم بعد سلام الإمام ومتى علم ولم يجلس بطلت صلاته وبه فارق من قام عن إمامه في التشهد الأول عامدا ، فإنه يعتد بقراءته قبل قيام الإمام ؛ لأنه لا يلزمه العود له وكذا الناسي على خلاف ما مر في المتن ( وإلا ) يكن محل جلوسه لو انفرد كأن أدركه في ثانية أو رابعة رباعية أو ثالثة ثلاثية ( فلا ) يكبر عند قيامه أو بدله ( في الأصح ) ؛ لأنه ليس محل تكبيره وليس فيه موافقة الإمام ومر أن الأفضل للمسبوق أن لا يقوم إلا بعد تسليمتي الإمام ويجوز بعد الأولى ، فإن مكث في محل جلوسه لو انفرد لم يضر ، وإن طال أو في غيره [ ص: 368 ] بطلت صلاته إن علم وتعمد لوجوب القيام عليه فورا وإلا سجد للسهو ويظهر أن المخل بالفورية هنا هو ما يزيد على قدر جلسة الاستراحة وقد مر أن تطويلها المبطل يقدر بما يقدر به تطويل الجلوس بين السجدتين وذلك لأن قدرها عدوه تطويلا غير فاحش وكذا يقال في كل محل قالوا فيه يجب على المأموم القيام أو نحوه فورا فضبط الفورية يتعين بما ذكرته ثم رأيته في المجموع صرح بذلك وعبارته وإن لم يكن في اشتغال المأموم بها تخلف فاحش بأن ترك الإمام جلسة الاستراحة أتى بها المأموم .

                                                                                                                              قال أصحابنا ؛ لأن المخالفة فيها يسيرة قالوا ولهذا لو زاد قدرها في غير موضعه لم تبطل صلاته انتهت فتأمل قوله : زاد قدرها في غير موضعه ، فإنه صريح في أن كل ما وجب الفور في الانتقال عنه إلى غيره فتخلف بقدر جلسة الاستراحة لا يضر لأنه الآن قد زاد قدر جلسة الاستراحة في غير محله وقد علمت أنهم مصرحون بأن زيادة قدرها لا تضر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن في سجدة إلخ ) الظاهر أنه يشترط شروط ما أدركه فيه كطمأنينة السجود فلو تركها عمدا [ ص: 367 ] بطلت صلاته م ر .

                                                                                                                              ( قوله : قال الأذرعي فالذي ينقدح أنه يكبر للمتابعة ، فإنها محسوبة له ) قد يتجه إسقاط قوله للمتابعة إذ لا متابعة هنا ، وإنما كبر ؛ لأنها محسوبة له لا للمتابعة في الانتقال إليها إذ لا متابعة في ذلك وكان ينبغي إبدال قوله للمتابعة بقوله للانتقال فليتأمل ( قوله للمتابعة ) لعل الوجه إسقاطه ( قوله : الذي يتجه أنه لا يكبر للانتقال إليها ) ، فإن قيل يمكن حمل كلام الأذرعي بالنسبة لسجدة التلاوة على ما إذا سمع قراءته آية السجدة قبل الاقتداء به ثم اقتدى به ساجدا إذ هي حينئذ محسوبة له قلت زعم حسبانها له حينئذ ممنوع إذ لا يسن للمصلي سجود لما سمع قراءته قبل الدخول في الصلاة ولو ممن اقتدى به بدليل أنه لو انفرد هنا عقب إحرامه لم يجز له السجود لسماعه قبل الإحرام فهذا السجود ليس إلا للمتابعة فلا يسن التكبير لانتقاله م ر ( قوله : يعني انتقل إلخ ) أي أو هو الغالب .

                                                                                                                              ( قوله : مفارقة حد القعود ) قد يقال ينبغي البطلان بمجرد الأخذ في النهوض ، وإن لم يفارق حد القعود ؛ لأنه شروع في المبطل وهو مبطل كما لو قصد ثلاث فعلات متوالية ، فإن مجرد الشروع في الأولى مبطل فليتأمل ( قوله : حتى يجلس ) علم منه أنه إذا لم يجلس لا يعتد له بالركعة التي قام إليها وهل يعتد له بما بعدها لجلوسه بعدها قبل القيام إليه ، وإن كان بقصد الجلوس بين السجدتين أو الاستراحة فيقوم مقام الجلوس الذي طلب منه ولا يقدح في ذلك قصد ما ذكر فيه نظر ولا يبعد الاعتداد لما ذكر ( قوله : : حتى يجلس ) أي ، وإن سلم الإمام قبل أن يجلس ، وإذا جلس قبل سلام الإمام وكان موضع جلوسه كما هو الفرض لم يجب قيامه فورا بعد سلام الإمام كما لو لم يقم وكذا إذا جلس بعد سلام الإمام فيما يظهر ؛ لأن قيامه لغو فكأنه باق في الجلوس وهو لو بقي في الجلوس لم يلزمه القيام فورا بعد سلام الإمام ( قوله : على خلاف ما مر إلخ ) أي على تصحيح المحرر أنه [ ص: 368 ] لا يلزمه بعود الإمام .

                                                                                                                              ( قوله : ويظهر أن المخل بالفورية هنا هو إلخ ) هذا الضبط ظاهر على اعتماد الشارح البطلان بتطويل جلسة الاستراحة أما على اعتماد شيخنا الشهاب الرملي عدم البطلان به فيضبط المخل بالفورية بما يزيد على طمأنينة الصلاة م ر ( قوله : وقد علمت أنهم مصرحون إلخ ) هذا الكلام يشكل على ضبط م ر المخل بالفورية بما يزيد على قدر طمأنينة الصلاة . ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي الإمام ) إلى قوله . ا هـ . في المغني وإلى قوله وكذا الناسي في النهاية إلا قوله : والمراد إلى : وإن سها قول المتن ( في سجدة إلخ ) الظاهر أنه يشترط شروط ما أدركه فيه كطمأنينة السجود ، فإن تركها عمدا بطلت صلاته م ر . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : مثلا ) أي أو جلوس بين السجدتين أو تشهد أول أو ثان مغني عبارة النهاية ومثلها كل ما لا يحسب له . ا هـ . ( قوله : ولا هو محسوب له ) قال شيخنا ع ش في الحاشية يؤخذ منه أنه لا يجب عليه وضع الأعضاء السبعة في هذا السجود وفي هذا الأخذ نظر ظاهر إذ لا توجد حينئذ حقيقة السجود فلا يصدق عليه أنه تابعه في السجود على أن هذا الأخذ مبني أن الضمير في ولا هو إلخ للسجود وظاهر أنه ليس كذلك بل هو كالإشارة التي قبلها للانتقال المذكور كما هو ظاهر وحاصل التعليل الذي في الشرح أن التكبير إما أن يكون للمتابعة أو للمحسوبية له ، والانتقال المذكور ليس واحدا منهما رشيدي أقول تقدم آنفا عن سم ما يوافق النظر ، وأما قوله وظاهر أنه ليس إلخ فصريح صنيع المغني أن الضمير للسجود ، والإشارة للانتقال .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف الركوع ) أي فإنه محسوب له نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : ما قدمه إلخ ) أي المصنف في قوله ولو أدركه [ ص: 367 ] في اعتداله إلخ ( قوله : قال الأذرعي إلخ ) عبارة المغني ، والأولى كما قال الأذرعي أن يقال : إنه يكبر في سجدة التلاوة ؛ لأنها محسوبة له أي إذا كان سمع قراءة آية السجدة ، وأما سجود السهو فينبني على الخلاف في أنه يعيده في آخر صلاته أم لا إن قلنا بالأول وهو الصحيح لم يكبر وإلا كبر . ا هـ . ( قوله ينقدح ) أي يظهر ظهورا واضحا ع ش ( قوله : للمتابعة ) قد يتجه إسقاطه إذ لا متابعة هنا ، وإنما كبر ؛ لأنها محسوبة له لا للمتابعة في الانتقال إليها إذ لا متابعة في ذلك وكان ينبغي إبدال قوله للمتابعة بقوله للانتقال سم ( قوله : وإلا فلا ) أي وهو الراجح ع ش ( قوله : وفي كون الثلاثة إلخ ) أي سجود التلاوة وسجدتي السهو وكان الصواب وفي كون سجدة التلاوة لأن سجدتي السهو لم ينقل فيهما عن أحد أنهما محسوبتان له ، وإنما هما لمحض المتابعة بخلاف سجدة التلاوة ع ش عبارة الرشيدي ولا يخفى أنه كان المناسب وفي كون سجود التلاوة محسوبا وإلا فالأذرعي لم يدع حسبان سجدتي السهو له ، وإنما بنى التكبير وعدمه فيهما على الخلاف المقرر فيهما . ا هـ . ( قوله : حينئذ الذي يتجه إلخ ) ، فإن قيل يمكن حمل كلام الأذرعي بالنسبة لسجدة التلاوة على ما إذا سمع قراءة آية السجدة قبل الاقتداء به ثم اقتدى به ساجدا إذ هي حينئذ محسوبة له قلت زعم حسبانها له حينئذ ممنوع إذ لا يسن للمصلي سجود لما سمع قراءته قبل الدخول في الصلاة ولو ممن اقتدى به فهذا السجود ليس إلا للمتابعة سم ( قوله : إنه لا يكبر للانتقال إلخ ) خلافا للمغني بالنسبة لسجدة التلاوة كما مر ( قوله : إليها ) أي إلى السجدات الثلاث ع ش ( قوله : يعني انتقل إلخ ) أي أو هو للغالب سم .

                                                                                                                              ( قوله كأن أدركه إلخ ) عبارة المغني بأن إلخ ( قوله : والمراد إلخ ) أي بالقيام في قولهم ، فإن تعمده إلخ ( قوله : مفارقة حد القعود ) قد يقال ينبغي البطلان بمجرد الأخذ في النهوض ، وإن لم يفارق حد القعود لأنه شروع في المبطل وهو مبطل كما لو قصد ثلاث خطوات متوالية ، فإن مجرد الشروع في الأولى مبطل فليتأمل سم أقول وقد يفرق بأن ما هنا مقصود باعتبار الأصل بخلاف ذاك ( قوله حتى يجلس إلخ ) أي ، وإن سلم الإمام قبل أن يجلس ، وإذا جلس قبل سلام الإمام وكان موضع جلوسه كما هو الفرض لم يجب قيامه فورا بعد سلام الإمام كما لو لم يقم وكذا إذا جلس بعد سلام الإمام فيما يظهر ؛ لأن قيامه لغو فكأنه باق في الجلوس ويعلم من قوله المذكور أنه إذا لم يجلس لا يعتد له بالركعة التي قام إليها وهل يعتد له بما بعدها لجلوسه بعدها قبل القيام إليه ، وإن كان بقصد الجلوس بين السجدتين أو الاستراحة فيقوم مقام الجلوس الذي تعمده ولا يقدح في ذلك قصد ما ذكر فيه نظر ولا يبعد الاعتداد لما ذكر سم وقوله وكذا إذا [ ص: 368 ] جلس إلخ استظهر الرشيدي وجوب فورية القيام في هذه الصورة

                                                                                                                              ( قوله : بطلت صلاته ) أي لعدم الإتيان بالجلوس الواجب ع ش ( قوله وبه إلخ ) أي بقوله ومتى علم إلخ أي المفيد للزوم العود للجلوس ( قوله : وكذا الناسي ) أي لا يلزمه العود كردي ( قوله : على خلاف ما مر إلخ ) أي على تصحيح المحرر أنه لا يلزمه العود لمتابعة الإمام سم ( قوله ما مر في المتن ) أي في سجود السهو كردي ( قوله : وإلا يكن ) إلى قوله وقد مر في النهاية ، والمغني ( قوله : كأن أدركه إلخ ) عبارة المغني بأن إلخ ( قوله : ويجوز بعد الأولى ) قضيته أنه لا يجوز معها وبه صرح في شرح البهجة حيث قال ويجوز أن يقوم عقب الأولى ، فإن قام قبل تمامها عمدا بطلت صلاته وظاهره ولو عاميا وينبغي خلافه حيث جهل التحريم لما تقدم من أنه لو قام قبل سلام إمامه سهوا أو جهلا لا تبطل صلاته لكن لا يعتد بما فعله فيجلس وجوبا ثم يقوم ع ش

                                                                                                                              ( قوله أو في غيره بطلت صلاته إلخ ) لا يشكل بما مر له م ر من عدم البطلان بتطويل جلسة الاستراحة خلافا لما في حاشية الشيخ إذ لا جامع وفرق بين جلوس مطلوب في أصله وجلوس منهي عنه بعد انقطاع المتابعة رشيدي ( قوله : وإلا سجد للسهو ) أي وإن كان ساهيا أو جاهلا لم تبطل ويسجد للسهو نهاية ومغني ( قوله : ويظهر أن المخل بالفورية هنا إلخ ) هذا الضبط على اعتماد الشارح البطلان بتطويل جلسة الاستراحة أما على اعتماد شيخنا الشهاب الرملي عدم البطلان به فيضبط المخل بالفورية بما يزيد على طمأنينة الصلاة م ر . ا هـ . سم أقول في النهاية ، والمغني هنا ما يوافق كلام الشارح هنا كما أشرنا إليه ( قوله ما يزيد على قدر جلسة الاستراحة ) أي أما قدرها فمغتفر نهاية ومغني

                                                                                                                              ( قوله : وذلك ) أي ضبط المخل بما ذكر ( قوله : وضبط الفورية ) يعني ضبط المخل بها ( وقوله : بما ذكرته ) كان الأولى تقديمه على قوله يتعين ( قوله : ثم رأيته ) أي المصنف ( قوله : بذلك ) أي الضبط المذكور ( قوله : في اشتغال المأموم بها ) أي بجلسة الاستراحة ( قوله : قالوا ) أي الأصحاب ( قوله : في غير موضعه ) أي موضع جلوس الاستراحة ( قوله : وقد علمت ) أي آنفا ( قوله : أنهم مصرحون بأن إلخ ) هذا الكلام يشكل على ضبط م ر المخل بالفورية بما يزيد على قدر طمأنينة الصلاة سم أقول ودفع النهاية الإشكال كما وضحه الرشيدي بأن التعبيرين أي على قدر طمأنينة الصلاة وعلى قدر جلسة الاستراحة متساويان ، وإنما الخلاف في العبارة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية