الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) ثالثها جواز سفره بالنسبة للقصر وسائر الرخص إلا التيمم ، فإنه يلزمه لكن مع إعادة ما صلاه به كما مر فحينئذ ( لا يترخص العاصي بسفره كآبق وناشزة ) [ ص: 387 ] ومسافر بلا إذن أصل يجب استئذانه ومسافر عليه دين حال قادر عليه من غير إذن دائنه لأن الرخص لا تناط بالمعاصي أما العاصي في سفره وهو من يقصد سفرا مباحا فيعرض له فيه معصية فيرتكبها فيترخص ؛ لأن سبب ترخصه مباح قبلها وبعدها ومن سفر المعصية أن يتعب نفسه ودابته بالركض من غير غرض أو يسافر لمجرد رؤية البلاد ، والنظر إليها كما نقلاه وأقراه ، وإن قال مجلي في الأول ظاهر كلام الأصحاب الحل وفي الثاني المذهب أنه مباح ( فلو أنشأ ) سفرا ( مباحا ثم جعله معصية فلا ترخص ) له من حين الجعل ( في الأصح ) كما لو أنشأ السفر بقصد المعصية ، فإن تاب قصر جزما كما في قوله ( ولو أنشأه عاصيا ) به ( ثم تاب ) توبة صحيحة ( فمنشأ السفر من حين التوبة ) ، فإن كان بين محلها ومقصده مرحلتان قصر وإلا فلا وما لا يشترط للترخص طوله كأكل الميتة يستبيحه من حين التوبة مطلقا وخرج بصحيحة ما لو عصى بسفره يوم الجمعة ثم تاب ، فإنه لا يترخص من حين توبته بل حتى تفوت الجمعة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إلا التيمم ) لعله في التيمم لفقد الماء بخلافه لنحو مرض إلا إن تاب ( قوله : في المتن لا يترخص العاصي بسفره ) يدخل فيه ما لو قصد بسفره المعصية [ ص: 387 ] وغيرها كأن قصد به قطع الطريق وزيارة أهله لأنه لم يخرج عن كونه عاصيا بسفره ( قوله : : أو يسافر لمجرد رؤية البلاد ) الوجه تقييد كون هذا معصية بما إذا أتعب نفسه أو دابته بالركض لأنه لا يزيد على الهائم المقيد بذلك كما علم مما تقدم ولو عبر بقوله كالسفر لمجرد رؤية البلاد لكان معطوفا على قوله من غير غرض فيكون مقيدا بما ذكر فليتأمل ( قوله : فإن تاب قصر جزما ) كذا قاله الرافعي وظاهره أنه يقصر ، وإن كان الباقي دون مرحلتين وليس بعيدا لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء لكن ظاهر قول الشارح كما في قوله خلافه فليتأمل بقي أنه هل يشترط أن يكون مجموع الباقي وما قبل جعله معصية مرحلتين أو لا كما هو ظاهر المنقول عن الرافعي ( قوله : فإن كان بين محلها ومقصده مرحلتان إلخ ) وينبغي أن يكون ابتداء المرحلتين بعد مفارقة [ ص: 388 ] محل التوبة من قرية أو حلة أو بادية على التفصيل السابق في بيان ابتداء السفر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : جواز سفره إلخ ) المراد بالجائز ما ليس حراما فيشمل الواجب ، والمندوب ، والمكروه كالسفر للتجارة في أكفان الموتى بجيرمي أي كما مر في أول الباب ( قوله : إلا التيمم إلخ ) لعله في التيمم لفقد الماء بخلافه لنحو مرض إلا إن تاب سم عبارة المغني قال في المجموع : والعاصي بسفره يلزمه التيمم عند فقد الماء لحرمة الوقت ، والإعادة لتقصيره بترك التوبة . ا هـ . ( قوله : كما مر ) أي في التيمم قول المتن ( العاصي بسفره ) يدخل فيه ما لو قصد بسفره المعصية وغيرها كأن قصد به قطع الطريق وزيارة أهله سم قول المتن ( كآبق وناشزة ) ، والظاهر أن الآبق ونحوه ممن لم يبلغ كالبالغ ، وإن لم يلحقه الإثم نهاية أي ، فإذا سافر الصبي بلا إذن من وليه لم يقصر قبل بلوغه وبه صرح سم وكذا الناشزة الصغيرة وينظر فيما بقي من المدة بعد البلوغ ، فإن بلغ [ ص: 387 ] مرحلتين قصروا وإلا فلا ؛ لأنهم ، وإن لم يكونوا عصاة حال السفر لكن لهم حكم العصاة وقال حج في الإيعاب ما حاصله أن الصبي يقصر قبل البلوغ وبعده ، وإن سافر بلا إذن من وليه ؛ لأنه ليس بعاص وامتناع القصر في حقه يتوقف على نقل بخصوصه في أن من فعل ما هو بصورة المعصية له حكم العاصي وأتى بذلك انتهى ا هـ ع ش ( قوله : ومسافر بلا إذن إلخ ) أي وقاطع طريق نهاية ومغني ( قوله : يجب استئذانه ) أي في ذلك السفر كأن أراد السفر للجهاد وأصله مسلم ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : دين حال إلخ ) أي ، وإن قل ( وقوله : من غير إذن دائنه ) أي أو ظن رضاه ( وقوله : لأن الرخص إلخ ) ظاهره ، وإن بعد عن محل رب الدين وتعذر عليه العود أو التوكيل في الوفاء وهو ظاهر إن لم يعزم على توفيته إذا قدر بالتوكيل أو نحوه ولم يندم على خروجه بلا إذن قياسا على ما لو عجز عن رد المظالم وعزم على ردها إذا قدر كما اقتضى كلام الشارح م ر في أول الجنائز قبول توبته ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : أما العاصي ) إلى قوله ا هـ في المغني إلا قوله وفي الثاني إلى المتن وقوله ولو احتمالا وقوله أو مغرب وما أنبه عليه ( قوله : أن يتعب نفسه إلخ ) لعل المراد أن يعقد سفره بنية أن يتعب إلخ بخلاف ما إذا طرأ ذلك الإتعاب في أثناء السفر المبيح للقصر فيأتي حكمه في قول المصنف فلو أنشأ مباحا إلخ ( قوله : من غير غرض ) أي صحيح رشيدي ( قوله : أو يسافر لمجرد رؤية البلاد ) الوجه تقييد كون هذا معصية بما إذا أتعب نفسه أو دابته بالركض لأنه لا يزيد على الهائم المقيد بذلك كما علم مما تقدم ولو عبر بقوله كالسفر لمجرد رؤية البلاد أو بقوله أو في السفر لمجرد رؤية البلاد لكان معطوفا على قوله من غير غرض فيكون مقيدا بما ذكر فليتأمل سم ( قوله : وإن قال مجلي إلخ ) أي في الذخائر مغني ( قوله : في الأول ) هو قوله أن يتعب نفسه إلخ

                                                                                                                              ( وقوله في الثاني ) هو قوله أن يسافر لمجرد رؤية البلاد ع ش ( قوله : سفرا ) أي طويلا مغني قول المتن ( ثم جعله معصية ) أي كالسفر لأخذ مكس أو لزنا بامرأة مغني ( قوله : قصر جزما ) أي ، وإن كان الباقي أقل من مرحلتين نظرا لأوله وآخره نهاية زاد سم لكن ظاهر قول الشارح كما في قوله إلخ خلافه . ا هـ . ووافق المغني للشارح فقال مشيرا إلى رد النهاية ما نصه ولو تاب ترخص جزما كما ذكره الرافعي في باب اللقطة أي بشرط أن يكون سفره من حين التوبة مسافة القصر كما يؤخذ من كلام شيخنا في شرح منهجه ، وإن خالف في ذلك بعض المتأخرين معللا بأن أوله وآخره مباحان . ا هـ .

                                                                                                                              قول المتن ( ولو أنشأه عاصيا إلخ ) ولو نوى الكافر أو الصبي سفر قصر ثم أسلم أو بلغ في الطريق قصر في بقيته كما في زوائد الروضة نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر قصر في بقيته أي ، وإن كان دون مرحلتين ثم قضيته أن الصبي ليس له القصر قبل البلوغ وليس مرادا ؛ لأن الفرض أنه سافر بإذن وليه فلا معصية ا هـ قول المتن ( فمنشأ السفر ) هو بفتح الميم ، والشين أي فموضع إنشاء السفر يعتبر من حين إلخ هذا وعبارة المحلي أي ، والمغني هو بضم الميم وكسر الشين ا هـ وهي تفيد أنه اسم لذات المسافر لا لمكان السفر ومآلهما واحدع ش ( قوله : مرحلتان إلخ ) وينبغي أن يكون ابتداء المرحلتين بعد مفارقة محل التوبة من قرية أو بادية على التفصيل السابق في بيان ابتداء السفر سم

                                                                                                                              ( قوله : من حين التوبة مطلقا ) أي بقي مرحلتان أم لا ع ش ( قوله بل حتى تفوت الجمعة ) أي ومن وقت فواتها يكون ابتداء سفره كما في المجموع نهاية ومغني قال ع ش قوله حتى تفوت الجمعة أي بسلام الإمام منها باعتبار غلبة ظنه وقضيته أنه قبل ذلك [ ص: 388 ] لا يترخص ، وإن بعد عن محل الجمعة وتعذر عليه إدراكها . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية