الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( الثاني أن تقام في خطة أبنية ) التعبير بالبناء وبالجمع للغالب إذ نحو الغيران والسراديب في نحو الجبل كذلك والبناء الواحد كاف كما هو ظاهر ( أوطان المجمعين ) [ ص: 424 ] المجتمعة بحيث تسمى بلدة أو قرية واحدة للاتباع والمراد بالخطة كما هو ظاهر من كلامهم وصرح به جمع متقدمون محل معدود من البلد أو القرية بأن لم يجز لمريد السفر منها القصر فيه نعم أفتى جمال الإسلام ابن البزري بكسر الباء نسبة لبزر الكتان في مسجد خرب ما حواليه بجواز إقامتها فيه ، وإن بعد البناء عنه فراسخ وفيه نظر والوجه ما ذكرناه من الضابط لتصريح نص الأم وكلامهما به فإنهما قالا : الموضع الخارج الذي إذا انتهى إليه منشئ السفر منه كان له القصر لا تجوز إقامة الجمعة فيه لكن انتصر للأول جمع بأن بقاء المسجد عامرا يصير ما بينه وبين العامر من الخراب كخراب تخلل العمران وهو معدود من البلد اتفاقا فهو لم يخرج عن ذلك الضابط ويرد بمنع أن ذلك الخراب كهذا ؛ لأن العمران لا يخلو عن تخلل خراب فاقتضت الضرورة عده منه بخلاف ذاك فإن بعده لا سيما الفاحش جعله أجنبيا عن البلد فلا ضرورة بل ولا حاجة إلى عده منها وأبنية نحو السعف كالحجر وقد تلزمهم إقامتها بغير أبنية بأن خربت فأقاموا لعمارتها بخلاف المقيمين لإنشائها عملا بالأصل فيهما قال ابن عجيل .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : المجتمعة ) صفة أبنية أو أوطان ( قوله : ويرد بمنع أن ذلك الخراب كهذا إلخ ) قد تقرر في باب القصر أن الخراب حيث لم يهجروه ولا اتخذوه مزارع ولا حوطوا على العامر دونه يعد من البلد ، وإن لم يكن متخللا بين عمرانها بل كان في جانب منها وحينئذ فالوجه أنه حيث لم يهجروا هذا المسجد والخراب الذي بينه وبين البلد ولا اتخذوا ذلك مزارع ولا حوطوا على العامر دونه عد المسجد وذلك الخراب من البلد وهذا مما لا ينبغي التوقف فيه وإنما محل التوقف ما لو اندرس ما بين ذلك المسجد والبلد ولم يبق للجدران بقايا بل صار ما بينهما قضاء مع ترددهم إلى ذلك المسجد ( قوله : فأقاموا لعمارتها ) عبارتهم فأقام أهلها ومفهومه أنه لو أقام غير أهلها لعمارتها لم يجز لهم إقامتها فيها إذ لا استصحاب في حقهم فليتأمل ( قوله : فأقاموا لعمارتها ) مفهومه [ ص: 425 ] عدم اللزوم بل عدم الجواز إذا قصدوا ترك العمارة ، فإن لم يقصدوا شيئا ففيه نظر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( في خطة أبنية إلخ ) أي ، وإن لم تكن في مسجد والخطة بكسر الخاء المعجمة أرض خط عليها أعلام ليعلم أنه اختارها للبناء مغني و ع ش ( قوله : التعبير ) إلى المتن في النهاية ( قوله : إذ نحو الغيران ) جمع غار ( قوله : والسراديب ) جمع سرداب بيت في الأرض

                                                                                                                              ( قوله : والبناء الواحد إلخ ) ظاهره ، ولو كان لا يسمى قرية في العرف وهو محل تأمل بصري أقول وفي النهاية مثل ما في الشرح واعتمده ع ش على المنهج عبارته وقضيته أي التعبير بالأبنية أنه لا يصح إقامتها ببناء واحد متسع استوطنه جماعة تنعقد بهم الجمعة وليس مرادا ففي م ر ما نصه التعبير بها أي بالأبنية للجنس فيشمل الواحد إذا كثر فيه عدد معتبر كما لا يخفى انتهى . ا هـ . قول المتن .

                                                                                                                              ( أوطان المجمعين ) أي التي يتخذها العدد المجمعون وطنا [ ص: 424 ] بحيث لا يظعنون عنها شتاء ولا صيفا إلا لحاجة شيخنا قول المتن ( المجمعين ) بتشديد الميم أي المصلين للجمعة مغني ونهاية ( قوله : المجتمعة ) صفة أبنية أو أوطان سم واقتصر المغني وشرح بافضل على الأول عبارتهما ولا بد أن تكون الأبنية مجتمعة والمرجع فيه إلى العرف . ا هـ . ( قوله : للاتباع ) أي لأنها لم تقم في عصر النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين إلا في مواضع الإقامة مغني ونهاية ( قوله : والمراد ) إلى قوله نعم في النهاية والمغني ( قوله : محل معدود إلخ ) أي ، ولو فضاء ولا فرق في المعدود منها بين المتصل بالأبنية والمنفصل عنها كما بحثه السبكي أخذا من كلام الإمام واستحسنه الأذرعي قال وأكثر أهل القرى يؤخرون المسجد عن جدار القرية قليلا صيانة له عن نجاسة البهائم وعدم انعقاد الجمعة فيه بعيد وقول القاضي أبي الطيب قال أصحابنا لو بنى أهل القرية مسجدهم خارجها لم يجز لهم إقامة الجمعة فيه لانفصاله عن البنيان محمول على انفصال لا يعد به من القرية انتهى فالضابط فيه أن لا يكون بحيث تقصر الصلاة قبل مجاوزته نهاية ومغني

                                                                                                                              ( قوله : وفيه نظر والوجه إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني ( قوله : وكلامهما به ) أي ولتصريح كلام الشيخين بالضابط المذكور ( قوله : الموضع الخارج ) أي من محل الإقامة ( قوله : منه ) أي من محل الإقامة ( قوله : للأول ) وهو إفتاء ابن البزري ( قوله : فهو إلخ ) أي المسجد المذكور ( قوله : ويرد بمنع أن ذلك الخراب إلخ ) قد تقرر في باب القصر أن الخراب حيث لم يهجروه ولا اتخذوه مزارع ولا حوطوا على العامر دونه يعد من البلد ، وإن لم يكن متخللا بين عمرانها بل في جانب منها وحينئذ فالوجه أنه حيث لم يهجروا هذا المسجد والخراب الذي بينه وبين البلد ولا اتخذوا ذلك مزارع ولا حوطوا على العامر دونه عد المسجد وذلك الخراب من البلد وهذا لا ينبغي التوقف فيه وإنما محل التوقف ما لو اندرس ما بين ذلك المسجد والبلد ولم يبق للجدران بقايا صار ما بينهما فضاء مع ترددهم إلى ذلك المسجد سم ( قوله : إن ذلك الخراب ) أي الذي بين المسجد والعامر ( كهذا ) أي كالخراب المتخلل بين العمران ( قوله : إلى عده منها ) أي عد المسجد من البلد ( قوله : نحو السعف إلخ ) السعف جريد النخل كردي

                                                                                                                              ( قوله : بأن خربت إلخ ) ولا تنعقد في غير بناء إلا في هذه نهاية ومغني ( قوله : فأقاموا ) أي أقام أهلها على عمارتها ، ولو في غير مظال نهاية ومفهومه أنه لو أقام غير أهلها لعمارتها لم يجز لهم إقامتها فيها إذ لا استصحاب في حقهم ومفهومه أيضا عدم اللزوم بل عدم الجواز إذا قصدوا ترك العمارة سم على حج وهو ظاهر وبقي ما لو أقام أولياؤهم على العمارة وهم على نية عدمها أو العكس هل العبرة بنية الأولياء أو بنيتهم فيه نظر والأقرب الأول وجودا وعدما لأن غير الكامل لا اعتداد بنيته وبقي أيضا ما لو اختلف نية الكاملين فبعضهم نوى الإقامة وبعضهم عدمها فيه نظر والأقرب أن العبرة بنية من نوى البناء وكأن غيرهم معهم جماعة أغراب دخلوا بلدة غيرهم فتصح منهم تبعا لأهل البلد ع ش وقوله : والأقرب أن العبرة بنية من نوى إلخ ينبغي إذا لم ينقصوا عن أربعين ( قوله : فأقاموا لعمارتها ) أي أو أطلقوا ع ش ( قوله : بخلاف المقيمين إلخ ) أي بخلاف ما لو نزلوا مكانا وأقاموا فيه ليعمروه قرية لا تصح جمعتهم فيه مغني ونهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية