الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( لا يظعن ) أي يسافر عن محل إقامته ( شتاء ولا صيفا إلا لحاجة ) فلا تنعقد بمسافر ومقيم على عزم عوده لوطنه ، ولو بعد مدة طويلة ومن له مسكنان يأتي فيه التفصيل الآتي في حاضري الحرم نعم لا يأتي هنا اعتبارهم ، ثم ما نوى الرجوع إليه للإقامة فيه ، ثم ما خرج منه ، ثم موضع إحرامه لعدم تصور ذلك هنا وإنما المتصور اعتبار ما إقامته به أكثر ، فإن استوت بهما فما فيه أهله ومحاجير ولده ، فإن كان له بكل أهل أو مال اعتبر ما به أحدهما دائما أو أكثر أو بواحد أهل وبآخر مال اعتبر ما فيه الأهل ، فإن استويا في كل ذلك [ ص: 436 ] انعقدت به في كل منهما فيما يظهر ولا تأتي نظيرة هذه ، ثم لتعذره ، ثم ما ذكر لا ينافيه ما في الأنوار أنهم لو كانوا بمحل شتاء وبآخر صيفا لم يكونوا مستوطنين بواحد منهما ؛ لأن محل هذا فيمن لم يتوطنوا محلين معينين ينتقلون من أحدهما إلى الآخر ولا يتجاوزونهما إلى غيرهما بخلاف من توطنوا محلين كذلك لكن اختلف حالهم في إقامتهم فيها فإن التوطن بهما أو بأحدهما يناط بما نيط به التوطن في حاضري الحرم

                                                                                                                              وأفتى الجلال البلقيني في أهل بلد يفارقونها في الصيف إلى مصايفهم بأنهم إن سافروا عنها ، ولو سفرا قصيرا لم تنعقد بهم ، فإن خرجوا عن المساكن فقط وتركوا بها أموالهم لم يكن هذا ظعنا لأنه السفر فتلزمهم ، ولو فيما خرجوا إليه إن عد من الخطة وإلا لزمتهم فيها وما قاله في خروجهم عن المساكن ظاهر إلا قوله : وتركوا أموالهم فليس بقيد وفي سفرهم إن أراد به أنها لا تنعقد بهم في مصايفهم فواضح نعم تلزمهم إن أقيمت فيها جمعة معتبرة أو في بلدهم لو عادوا إليها فليس بصحيح ؛ لأن خروجهم عنها لحاجة لا يمنع استيطانهم بها إذا عادوا إليها كما يصرح به المتن وإنما تسقط عنهم الجمعة نعم إن سمعوا النداء ولم يخشوا على أموالهم لو ذهبوا للجمعة لزمتهم مطلقا وانعقدت بهم في بلدهم ، ولو أكره الإمام أهل بلد على سكنى غيرها فامتثلوا لكنهم عازمون على الرجوع لبلدهم متى زال الإكراه لم تنعقد بهم في الثانية بل في الأولى لو عادوا إليها كما هو ظاهر

                                                                                                                              ولو خرج بعد الفجر أهل البلد كلهم لحاجة كالصيف وأمكنهم إقامة الجمعة بوطنهم فهل يلزمهم السعي إليها من حين الفجر لأنهم يحرم عليهم أن يعطلوها كما مر أو ينظر في محلهم ، فإن كان يسمع أهله النداء من بلدهم لزمتهم لما مر أنه في حكم بعض أجزائه وإلا فلا محل نظر والأول أحوط [ ص: 437 ] قال الإسنوي ومن تبعه وهذا الشرط لا يغني عنه قوله : أوطان المجمعين فإن ذاك شرط في المكان وهذا في الأشخاص حتى لو أقامها في محل الاستيطان أربعون غير مستوطنين لم تنعقد بهم ، وإن لزمتهم ا هـ ورد بأن هذه الصورة خارجة بقوله المجمعين ؛ لأنه في هذه الصورة لغير المجمعين ويجاب بأنها ، وإن خرجت به إلا أن ذاك خفي إذ يحتمل أن المراد بالمجمعين مقيمو الجمعة ، وإن لم يكونوا من أهلها فاحتاج لبيانه هنا مع ذكر قيود لا يستغنى عنها منها اشتراط التكليف والحرية وعلم مما مر في التيمم أنه لا بد من إغناء صلاتهم عن القضاء وهو ظاهر ، وإن لم أر من صرح به في غير فاقد الطهورين [ ص: 438 ]

                                                                                                                              وسيعلم مما يأتي أن شرطهم أيضا أن يسمعوا أركان الخطبتين وأن يكونوا قراء أو أميين متحدين ، فيهم من يحسن الخطبة فلو كانوا قراء إلا واحد منهم فإنه أمي لم تنعقد بهم الجمعة كما أفتى به البغوي ؛ لأن الجماعة المشروطة هنا للصحة صيرت بينهما ارتباطا كالارتباط بين صلاة الإمام والمأموم فصار كاقتداء قارئ بأمي وبه يعلم أنه لا فرق هنا بين أن يقصر الأمي في التعلم وأن لا ، وأن الفرق بينهما غير قوي لما تقرر من الارتباط المذكور على أن المقصر لا يحسب من العدد ؛ لأنه إن أمكنه التعلم قبل خروج الوقت فصلاته باطلة وإلا فالإعادة لازمة له ومن لزمته لا يحسب من العدد كما مر آنفا فلا تصح إرادته هنا وفي انعقاد جمعة أربعين أخرس وجهان ومعلوم من اشتراط الخطبة بشروطها الآتية عدم صحة جمعتهم ، ولو كان في الأربعين من لا يعتقد وجوب بعض الأركان [ ص: 439 ] كحنفي صح حسبانه من الأربعين ، وإن شك في إتيانه بجميع الواجب عندنا كما تصح إمامته بنا مع ذلك لأن الظاهر توقيه للخلاف بخلاف ما إذا علم منه مفسد عندنا فلا يحسب كما هو ظاهر مما مر لبطلان صلاته عندنا ، ثم رأيت في الخادم عن مقتضى كلام الشيخين أن العبرة بعقيدة الشافعي إماما كان أو مأموما وهو صريح فيما تقرر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ومن له مسكنان ) أي كأهل القاهرة الذين يسكنون تارة بها وأخرى بمصر القديم أو ببولاق وفي فتاوى شيخنا الشهاب الرملي لو كان له زوجتان كل واحدة منهما في بلدة يقيم عند كل يوما مثلا انعقدت به في البلدة التي إقامته بها أكثر دون الأخرى ، فإن استويا فيها انعقدت به في البلدة التي ماله فيها أكثر دون الأخرى ، فإن استويا فيه اعتبرت نيته في المستقبل ، فإن لم يكن له نية اعتبر الموضع الذي هو فيه . ا هـ .

                                                                                                                              وفيها أيضا فيمن سكن بزوجته في مصر مثلا وبأخرى في الخانكاه مثلا وله زراعة بينهما ويقيم في الزراعة غالب نهاره ويبيت عند كل منهما ليلة في غالب أحواله أنه يصدق عليه أنه متوطن في كل منهما حتى يحرم عليه سفره يوم الجمعة بعد الفجر لمكان تفوته به إلا لخوف ضرر . ا هـ . ( قوله : ثم ما خرج منه ) قد يقال ما المانع من إتيان هذا بأن يعتبر ما كان فيه يوم الجمعة ( قوله : فما فيه أهله ) [ ص: 436 ] قوله : نعم تلزمهم إلخ ) لعل هذا إذا سمعوا النداء من بلدتهم وإلا لم تلزمهم ؛ لأن المسافر ، ولو سفرا قصيرا لا تلزمه الجمعة حيث لم يسمع نداءها من بلدتها ( قوله : نعم تلزمهم إلخ ) إن كان السفر القصير كما في سفر الجمعة الطويل فإنه لا ينقطع إلا بإقامة أربعة صحاح أو نية إقامتها ففي إطلاق اللزوم نظر إذا لم يسمعوا نداء بلدهم من تلك المضايق وكذا يقال في قولهم الآتي نعم إن سمعوا إلخ ( قوله : فإن كان يسمع أهله النداء من بلدهم ) أي ولم يخشوا على أموالهم

                                                                                                                              ( قوله : محل نظر ) والأول أحوط لعل الأوجه [ ص: 437 ] الثاني ؛ لأنهم مسافرون والمسافر لا جمعة عليه ، وإن قصر سفره إلا إذا خرج إلى ما يبلغ أهله نداء بلدته كما صرحوا بذلك وهذا مما يؤيد النظر في قوله السابق نعم يلزمهم إن أقيمت فيها جمعة إلخ وذلك ؛ لأن المسافر لا جمعة عليه ، وإن دخل بلد الجمعة وقصر سفره ما لم يكن خروجه إلى ما ذكر فليتأمل ( قوله : إذ يحتمل أن المراد إلخ ) أقول هذا الجواب غير ملاق للرد المذكور وذلك لأنه ، وإن احتمل أن المراد بالمجمعين ما ذكر إلا أن تقييد الإقامة بكونها في الخطة مع إضافة الخطة إلى الأوطان ، ثم إضافة الأوطان إلى المجمعين نص صريح في أن المحل الذي تقام فيه لا بد أن يكون محل استيطان المجمعين ، فالصورة المذكورة لا تحتمل إلا الخروج بقوله المجمعين باعتبار ما تقرر بدون خفاء في ذلك نعم اعتبار التكليف والحرية والذكورة فيهم لا يفيده ما تقدم فأفاده هنا بما قبل قوله مستوطنا إلخ وصار قوله : مستوطنا إلخ مستغنى عنه نعم يمكن حينئذ دفع دعوى الاستغناء عنه بأنه أفاد تفسير الاستيطان بما لا يستفاد مما تقدم فليتأمل فإنه في غاية الظهور

                                                                                                                              ( قوله : وعلم مما مر ) يتأمل ( قوله : أنه لا بد ) أي فيمن تنعقد به ، أما لو وجد أربعون تغني صلاتهم عن القضاء فظاهر صحتها لمن لا تغني صلاته تبعا ، وإن لزمه قضاء الظهر ( قوله : وهو ظاهر ) هو ظاهر إن وجد هناك أربعون غيرهم تغني صلاتهم عن القضاء وكذا إن لم توجد بأن كان جميع أهل البلد لا تغني صلاتهم عن القضاء فلا تصح منهم الجمعة أخذا من توجيه ما أفتى به البغوي في الأمي بقوله ؛ لأن الجماعة المشترطة هنا إلخ وذلك ؛ لأن من [ ص: 438 ] لا تغني صلاته عن القضاء كالأمي في أن كلا لا يصح الاقتداء به هو أولى من الأمي بالمنع هنا ؛ لأن الأمي يصح اقتداؤه بمثله بخلاف من تلزمه الإعادة ( قوله : باطلة وإلا فالإعادة ) بقي قسم آخر تصح صلاته ولا إعادة وهو من لا يمكنه التعلم مطلقا ( قوله : وجهان ) أوجههما عدم الانعقاد لفقد المظنة ، فإن وجد من يخطب لهم ولم يكن بهم صمم يمنع السماع انعقدت بهم لأنهم يتعظون كذا في شرح م ر وهو ظاهر على ما اعتمده تبعا لشيخ الإسلام من حمل كلام البغوي في مسألة الأمي المذكورة على من قصر في التعلم ؛ لأن هؤلاء غير مقصرين ومع ذلك لا بد أن يكون الإمام منهم كما جزم به شيخنا الشهاب الرملي في شروط الإمامة من امتناع اقتداء الأخرس بالأخرس أما على ما اعتمده الشارح في مسألة الأمي من كلام البغوي فالقياس عدم انعقاد جمعتهم وقوله : فالقياس إلخ أي إلا إن جوزنا اقتداء الأخرس بالأخرس وخطب غيرهم إن لم نكتف بخطبة أحدهم بالإشارة وأم أحدهم باقيهم فقط فتأمله فمنه ، وإن وجد من يخطب ويؤم لهم كما في مسألة الأمي لأنهم أميون أو في حكم الأميين

                                                                                                                              ( قوله : ومعلوم من اشتراط الخطبة إلخ ) كان وجه علم ذلك توقف الخطبة على النطق لكن لم لم يكتف بخطبة أحدهم لهم بالإشارة إذا كانت مفهمة لحصول المقصود بها كالعبارة وحينئذ تنعقد جمعتهم ، وإن أمهم أحدهم إن قلنا بصحة اقتداء الأخرس بالأخرس خلاف ما قاله شيخنا الشهاب الرملي ، وإن قلنا بصحة خطبة أحدهم [ ص: 439 ] فهل يكفي مع وجود ناطق فيه نظر ولعل الظاهر لا فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : من اشتراط الخطبة بشروطها إلخ ) وأيضا فاقتداء الأخرس بالأخرس غير صحيح على ما جزم به شيخنا الإمام الشهاب الرملي في شروط الإمامة ويؤخذ منه مع ما وجه به شيخنا الشارح ما نقله عن البغوي في الأمي عدم الانعقاد ، وإن وجد من يخطب لهم بل ، وإن كان في الأربعين أخرس واحد فتأمل .

                                                                                                                              نعم قياس حمل شيخ الإسلام كلام البغوي على من قصر بالتعلم الانعقاد هنا إذا وجد من يخطب لهم أي ويؤم لما تقدم عن شيخنا الرملي في شروط الإمامة ( قوله : كحنفي صح حسبانه من الأربعين ) مثل ذلك ما في فتاوى السيوطي فإنه سئل عما إذا كان الخطيب حنيفا لا يرى صحة الجمعة إلا في السور فهل له أن يخطب ويؤم في القرية وهل تصح الصلاة خلفه فأجاب بقوله العبرة في الاقتداء بنية المقتدي فتصح صلاته في الجمعة خلف حنفي إن كان في قرية لا سور لها إذا حضر أربعون من أهل الجمعة . ا هـ . وينبغي تقييده بنظير ما قيد به من مس فرجه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( إلا لحاجة ) أي كتجارة وزيارة نهاية ( قوله : فلا تنعقد ) إلى قوله ومن له في النهاية والمغني ( قوله : ومقيم على عزم عوده إلخ ) ومنه ما لو سكن ببلد بأهله عازما على أنه إن احتيج إليه في بلده لموت خطيبها أو إمامها مثلا رجع إلى بلده فلا تنعقد به الجمعة في محل سكنه لعدم التوطن وأفهم قوله على عزم عوده إلخ إن من عزم على عدم العود انعقدت به ؛ لأنها صارت وطنه ع ش أقول ومفهومه أيضا الانعقاد إذا لم يعزم على شيء لكن قضية صنيع ع ش عدمه ولعلها الأقرب فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : ولو بعد مدة طويلة ) أي كالمتفقهة والتجار نهاية ومغني ( قوله : ومن له مسكنان إلخ ) أي كأهل القاهرة الذين يسكنون تارة بها وأخرى بمصر القديم أو ببولاق سم ( قوله : يأتي فيه التفصيل إلخ ) وأفتى شيخنا الشهاب الرملي فيمن سكن بزوجته في مصر مثلا وبأخرى في الخانقاه مثلا وله زراعة بينهما ويقيم في الزراعة غالب نهاره ويبيت عند كل واحدة منهما ليلة في غالب أحواله بأنه يصدق عليه أنه متوطن في كل منهما حتى يحرم عليه سفره في يوم الجمعة بعد الفجر لمكان تفوت به إلا لخوف ضرر نهاية وسم قال ع ش قوله : م ر أنه متوطن في كل منهما أي فتنعقد به الجمعة فيهما . ا هـ . ( قوله : ثم ما خرج منه ) قد يقال ما المانع من إتيان هذا بأن يعتبر ما كان فيه يوم الجمعة سم ويأتي عن النهاية ما يوافقه ( قوله : اعتبار ما إقامته به أكثر ) أي سواء كان له في الآخر أهل أو مال أو لا ع ش ( قوله : إن استوت ) أي إقامته ( قوله : فما فيه أهله ) ينبغي وماله أخذا مما يأتي وكأنه سقط سهوا بصري ( قوله : أو مال ) أو لمنع الخلو فقوله : أحدهما أي [ ص: 436 ] أو كلاهما ( قوله : انعقدت به إلخ ) عبارة النهاية اعتبرت نيته في المستقبل ، فإن لم تكن له نية اعتبر الموضع الذي هو فيه كذا أفتى به الوالد رحمه الله . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : نظيرة هذه ) أي الأخيرة ( قوله : ثم ما ذكر ) أي قوله : ومن له مسكنان إلخ ( قوله : لم يكونوا متوطنين إلخ ) أي فلا تنعقد به الجمعة في واحد منهما ( قوله : محل هذا ) أي ما في الأنوار ( قوله : كذلك ) أي معينين إلخ ( قوله : لكن اختلف إلخ ) أي وأما إذا استوت تنعقد به الجمعة في كل منهما كما مر ( قوله : عنها ) أي عن بلدهم ( قوله : لم تنعقد بهم ) أي في مصايفهم ( قوله : وإن خرجوا إلخ ) عطف على قوله إن سافروا إلخ ( قوله : فتلزمهم ) أي وتنعقد بهم ( قوله : إن عد ) أي ما خرجوا إليه ( قوله : وإلا ) أي ، وإن لم يعد من الخطة ( وقوله : فيها ) أي في الخطة ( قوله : وما قاله إلخ ) أي الجلال ( قوله : وفي سفرهم ) عطف على قوله في خروجهم ( قوله : نعم تلزمهم إلخ ) لعل هذا إذا سمعوا النداء من بلدتهم وإلا لم تلزمهم ؛ لأن المسافر ، ولو سفرا قصيرا لا تلزمه الجمعة حيث لم يسمع نداءها من بلدتها سم أقول لا حاجة إلى ما ترجاه إذ صنيع الشارح كالصريح في أن الكلام فيما إذا أقاموا في المصايف إقامة قاطعة للسفر فتلزمهم إقامتها في المصايف إذا أقيمت فيها جمعة معتبرة ( قوله : أو في بلدهم ) عطف على قوله في مصايفهم ( قوله : وإنما يسقط ) أي الخروج ( قوله : نعم إن سمعوا النداء إلخ ) أي من بلدهم أو غيرها وقد أقاموا في المصايف إقامة قاطعة للسفر

                                                                                                                              ( قوله : مطلقا ) أي أما في بلدهم أو غيرها الشامل للمصايف بشروطها ( قوله : ولو أكره ) إلى قوله ، ولو خرج في النهاية ( قوله : ولو أكره الإمام ) وظاهر أن الإمام ليس بقيد ( قوله : أهل بلد إلخ ) ويظهر أن ذريتهم بعدهم مثلهم فيما يأتي ( قوله : لم تنعقد بهم إلخ ) وأفتى بعض العلماء بأنهم لا تلزمهم الجمعة بل لا تصح منهم لو فعلوها لفقد الاستيطان وذلك ظاهر لا شك فيه نهاية وقوله : م ر لا تلزمهم الجمعة في إطلاقه نظر نعم إن فرض أنهم يتوقعون زوال الإكراه قبل مضي أربعة أيام فتسقط عنهم إلى مضي ثمانية عشر يوما لأنهم مسافرون حينئذ أو فيما إذا لم يكن في المنتقل إليه غيرهم فتسقط مطلقا وقوله : م ر بل لا تصح إلخ مشكل جدا إلا أن يكون المراد به لا تنعقد بهم أو يحمل على ما إذا لم يكن بالبلد غيرهم بصري عبارة ع ش قوله : م ر لا تلزمهم إلخ أي لكن لو سمعوا النداء من قرية أخرى وجب عليهم السعي إليها . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : عازمون على الرجوع إلخ ) مفهومه أنهم إذا عزموا على عدم الرجوع أو لم يعزموا على شيء منهما انعقدت بهم وتقدم عن ع ش ما يقتضي عدم الانعقاد في الصورة الثانية ( قوله : بعد الفجر ) محل تأمل فإنه إما أن يكون المراد به فجر يومها كما هو الظاهر فكيف يصح قوله : الآتي من حين الفجر أو غير يومها فما وجه التقييد به بصري أقول في قوله الآتي تسامح والمراد بذلك من وقت يسع الرجوع إلى وطنهم وإقامة الجمعة فيه ( قوله : فهل يلزمهم السعي إلخ ) أي بأن يسرعوا ليرجعوا إلى وطنهم لإقامتها فيه كردي ( قوله : كما مر ) أي قبيل قول المصنف أو بلغهم صوت إلخ كردي ( قوله : أو ينظر في محلهم إلخ ) قد يتوقف في كل من الاحتمالين أما الأول فلأنه مناف لما تقدم من أن التعطيل إنما يحرم إذا كان السفر لغير حاجة وقد فرضه هنا لحاجة وأما الثاني فلأن السماع إنما ينظر إليه فيما يظهر وتعطيه قوة كلامهم فيما إذا أقيمت الجمعة بالفعل بمحل فليتأمل بصري حاصله الميل إلى أنه لا يلزمهم الرجوع إلى بلدهم مطلقا ( قوله : فإن كان يسمع أهله إلخ ) أي ولم يخشوا على أموالهم سم

                                                                                                                              ( قوله : لما مر ) أي قبيل قول المصنف ويحرم على من لزمته إلخ ( قوله : والأول أحوط ) ينافيه ما تقدم للشارح من تقييد بحث صاحب التعجيز فلا تغفل بصري [ ص: 437 ] وعبارة سم لعل الأوجه الثاني لأنهم مسافرون والمسافر لا جمعة عليه ، وإن قصر سفره إلا إذا خرج إلى ما يبلغ أهله نداء بلدته كما صرحوا بذلك وهذا مما يؤيد النظر في قوله السابق نعم تلزمهم إن أقيمت فيها جمعة إلخ وذلك ؛ لأن المسافر لا جمعة عليه ، وإن دخل بلد الجمعة وقصر سفره ما لم يكن خروجه إلى ما ذكر فليتأمل ا هـ أقول قد تقدم الجواب عن النظر في قول الشارح السابق بأنه مفروض فيما إذا انقطع سفرهم بإقامة قاطعة للسفر وتقدم استشكال السيد البصري للثاني أيضا ( قوله : قال الإسنوي ومن تبعه إلخ ) لك أن تقول في توجيهه لا يخلو إما أن يكون المراد بالمجمعين من تلزمهم أو من تنعقد بهم أو من يفعلونها ، فإن كان المراد ما عدا الأخير وردت الصورة التي أفادها الإسنوي ، وإن كان الأخير ورد ما لو أقامها أربعون مقيمون غير مستوطنين وأقامها معهم جمع من الأرقاء المستوطنين مع أنها غير صحيحة أيضا فحينئذ لا بد من قوله مستوطنا فتأمله بصري

                                                                                                                              وقوله : لك أن تقول في توجيهه إلخ لعله أراد بقطع النظر عن الرد الآتي في الشارح وإلا فقوله : فإن كان المراد ما عدا الأخير إلخ فظاهر المنع لا سيما بالنسبة لإرادة من تنعقد بهم كما يظهر بالتأمل ( قوله : لأنه ) أي محل الاستيطان ( قوله : إذ يحتمل أن المراد إلخ ) أقول هذا الجواب غير ملاق للرد المذكور وذلك ؛ لأنه وإن احتمل أن المراد بالمجمعين ما ذكر إلا أن تقييد الإقامة بكونها في الخطة مع إضافة الخطة إلى الأوطان ، ثم إضافة الأوطان إلى المجمعين نص صريح في أن المحل الذي تقام فيه لا بد أن يكون محل استيطان المجمعين فالصورة المذكورة لا تحتمل إلا الخروج بقوله المجمعين باعتبار ما تقرر بدون خفاء في ذلك نعم اعتبار التكليف والحرية والذكورة فيهم لا يفيده ما تقدم فأفاده هنا بما قبل قوله مستوطنا إلخ وصار قوله : مستوطنا إلخ مستغنى عنه نعم يمكن حينئذ دفع دعوى الاستغناء بأنه أفاد تفسير الاستيطان بما لا يستفاد مما تقدم فليتأمل فإنه في غاية الظهور سم ( قوله : من أهلها ) أي أهل وجوبها ( قوله : وعلم ) إلى المتن في النهاية إلا قوله : وبه يعلم إلى وفي انعقاد جمعة إلخ ( قوله : وعلم مما مر إلخ ) يتأمل سم لعل وجه التأمل أن ما مر وهو قوله : والجمعة يفعلها المقيم المتيمم لفقد الماء ويقضي الظهر إنما يقتضي عدم إغناء جمعة من ذكر عن القضاء وهو لا يستلزم عدم الانعقاد وعبارة النهاية ومعلوم مما مر في صفة الأئمة أن الأميين إذا لم يكونوا في درجة لا يصح اقتداء بعضهم ببعض ؛ لأن الجماعة إلخ وعلم مما تقرر أنه لا بد إلخ قال ع ش

                                                                                                                              قوله : م ر مما تقرر أي من أن الأميين إذا لم يكونوا إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أنه لا بد ) أي فيمن تنعقد به ، أما لو وجد أربعون تغني صلاتهم عن القضاء فظاهر صحتها لمن لا تغني صلاته تبعا ، وإن لزمه قضاء الظهر سم ( قوله : وهو ظاهر إلخ ) وهو ظاهر إن وجد هناك أربعون غيرهم وكذا إن لم توجد فلا تصح الجمعة أخذا من توجيه ما أفتى به البغوي في الأمي بقوله لأن الجماعة المشترطة إلخ وذلك ؛ لأن من لا تغني صلاته عن القضاء كالأمي في عدم صحة الاقتداء به [ ص: 438 ] بل هو أولى بالمنع لأن الأمي يصح اقتداء مثله به بخلاف من تلزمه الإعادة سم ( قوله : وسيعلم ) إلى قوله وبه يعلم في المغني ( قوله : فيهم ) أي في الأميين ( قوله : فإنه أمي إلخ ) وفي فتاوى الشيخ محمد صالح الرئيس سئل رحمه الله تعالى عن أهل بلدة يصلون الجمعة بأكثر من الأربعين ، ثم يعيدون الظهر لظنهم أن فيهم أميين ومن لا يعرف شروط وأركان الصلاة والخطبة فيكون عددهم أقل من الأربعين كما هو معلوم في أكثر العوام المقصرين الذين لا يبالون بالدين والمنهمكين في طلب الدنيا فهل يؤثر هذا الظن فتحرم عليهم الجمعة ويجب عليهم أن يصلوا الظهر فقط أو لا يؤثر فيكفي وجود العدد على حسب الظاهر فقط ما لم يتبين ولم يتيقن أن فيهم ذلك ؛ لأن التفتيش عن كل واحد منهم سوء الظن بهم وما أمرنا بهذا فيصلون الجمعة ، وإن قلنا بالثاني فهل يسن لهم إعادة الظهر احتياطا لظنهم المتقدم أو تحرم إعادته وأجاب بأنهم إن دخلوا في الجمعة مع ذلك الظن فلا تصح صلاتهم فالإعادة واجبة إلا إن قلدوا القائل بجوازها بدون الأربعين وأما إن دخلوا فيها مع ظن استجماع الشروط فلا تجوز الإعادة لعدم الموجب . ا هـ .

                                                                                                                              وتقدم عن الفتاوى المذكورة أن الشك في الأمية ونحوها لا يؤثر مطلقا أي لا في الصلاة ولا قبلها ولا بعدها ( قوله : هنا ) أي في الجمعة ( قوله : بينهما ) الأولى بينهم بضمير الجمع كما في النهاية ( قوله : وبه يعلم ) أي بالتعليل المذكور ( قوله : أنه لا فرق إلخ ) خلافا للنهاية والمغني وشيخ الإسلام وشرح بافضل وشرحي الإرشاد عبارة الأول وظاهر أن محله أي إفتاء البغوي إذا قصر الأمي في التعلم وإلا فتصح الجمعة إن كان الإمام قارئا ا هـ ( قوله : وإن الفرق بينهما إلخ ) اعتمده شيخنا والبجيرمي وفاقا للنهاية والمغني عبارة الأولين ، ولو كانوا أربعين فقط وفيهم أمي ، فإن قصر في التعلم لم تصح جمعتهم لبطلان صلاته فينقصون عن الأربعين ، فإن لم يقصر في التعلم كما لو كانوا أميين في درجة واحدة فشرط كل أن تصح صلاته لنفسه كما في شرح الرملي ، وإن لم يصح كونه إماما للقوم فقول القليوبي أي تبعا للتحفة يشترط في الأربعين أن تصح إمامة كل منهم للبقية ضعيف والمعتمد ما تقدم . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فصلاته باطلة وإلا فالإعادة إلخ ) بقي أي لمطلق الأمي قسم آخر تصح صلاته ولا إعادة وهو من لا يمكنه التعلم مطلقا سم ( قوله : كما مر آنفا ) أي بقوله وعلم ( قوله : فلا تصح إرادته هنا ) محل نظر بصري ( قوله : وفي انعقاد ) إلى قوله ، ولو كان في المغني ( قوله : عدم صحة جمعتهم ) ، فإن وجد من يخطب لهم ولم يكن بهم صمم يمنع السماع انعقدت بهم لأنهم يتعظون كذا في شرح م ر وهو ظاهر على ما اعتمده تبعا لشيخ الإسلام من حمل كلام البغوي في مسألة الأمي المذكورة على من قصر في التعلم ؛ لأن هؤلاء غير مقصرين ومع ذلك لا بد أن لا يكون الإمام منهم كما جزم به شيخنا الشهاب الرملي من امتناع اقتداء الأخرس بالأخرس أما على ما اعتمده شيخنا الشارح في مسألة الأمي من كلام البغوي فالقياس عدم انعقاد جمعتهم ، وإن وجد من يخطب لهم بل ، وإن كان في الأربعين أخرس واحد فتأمل سم [ ص: 439 ] عبارة ع ش قوله : م ر انعقدت بهم أي حيث كان الإمام ناطقا وإلا فلا لعدم صحة إمامة الأخرس ، ثم هذا ظاهر بناء على ما قدمه من صحة جمعة الأربعين إذا كان بعضهم أميا لم يقصر في التعلم أما على ما اقتضاه كلام البغوي وهو ضعيف من عدم الصحة مطلقا لارتباط صلاة بعضهم لبعض فالقياس هنا عدم الصحة . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من اشتراط الخطبة إلخ ) كان وجه علم ذلك منه توقف الخطبة على النطق سم ( قوله : صح حسبانه إلخ ) مثل ذلك ما في فتاوى السيوطي فإنه سئل عما إذا كان الخطيب حنفيا لا يرى صحة الجمعة إلا في السور فهل له أن يخطب ويؤم في القرية وهل تصح الصلاة خلفه فأجاب بأن العبرة في الاقتداء بنية المقتدي فتصح صلاته في الجمعة خلف حنفي إن كان في قرية لا سور لها إذا حضر أربعون من أهل الجمعة انتهى وينبغي تقييده بنظير ما قيد به من مس فرجه سم وقوله : من مس فرجه لعل صوابه من افتصد وأن المراد بذلك القيد نسيانه الافتصاد على ما بحثه جمع ، وإن لم يرتض به الشارح ( قوله : مما مر ) أي في اقتداء الشافعي بالحنفي كردي ( قوله : مفسد عندنا ) أي كمسه فرجه ( قوله : فيما تقرر ) هو قوله : بخلاف ما إذا علم منه مفسد عندنا إلخ ، وقال ع ش هو قوله : لبطلان صلاته عندنا . ا هـ . .




                                                                                                                              الخدمات العلمية