الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتفوت صلاة ) كسوف ( الشمس ) إذا لم يشرع فيها ( بالانجلاء ) لجميعها يقينا لا لبعضها ولا إذا شككنا فيه لحيلولة سحاب ؛ لأن الأصل بقاؤه [ ص: 62 ] ولا نظر في هذا الباب لقول المنجمين مطلقا ، وإن كثروا ؛ لأنه تخمين ، وإن اطرد ويفرق بين هذا وجواز عمل المنجم في الوقت ، والصوم بعلمه بأن هذه الصلاة خارجة عن القياس فاحتيط لها وبأنه يلزمه القضاء في الصوم ، وإن صادف كما يأتي فله جابر وهذه لا قضاء فيها كما مر فلا جابر لها وبأن دلالة علمه على ذينك أقوى منها هنا وذلك لفوات سببها أما إذا زال أثناءها ، فإنه يتمها قيل ولا توصف بأداء ولا قضاء ا هـ ، والوجه صحة وصفها بالأداء ، وإن تعذر القضاء كرمي بالجمار ولو بان وجود الانجلاء قبل الشروع فيها فالأوجه أنها إن كانت كسنة الصبح وقعت نفلا مطلقا كما لو أحرم بفرض أو نفل قبل وقته جاهلا به أو كالهيئة الكاملة بان بطلانها إذ لا نفل على هيئتها يمكن انصرافها إليه ( وبغروبها كاسفة ) لزوال سلطانها ، والانتفاع بها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولا إذا شككنا فيه لحيلولة سحاب إلخ ) قال في الروض ، فإن حال سحب وقال منجم أي أو أكثر كما في شرحه انجلت أو كسفت لم يؤثر ا هـ قال في [ ص: 62 ] شرحه فيصلي في الأول ؛ لأن الأصل بقاء الكسوف ولا يصلي في الثاني ؛ لأن الأصل عدمه ( قوله : ولا نظر في هذا الباب لقول المنجمين ) أي ، فإذا قالوا انجلت أو انكسفت لم يعمل بقولهم فيصلي في الأول إذ الأصل بقاء الكسوف دون الثاني إذ الأصل عدمه مر ( قوله : خارجة عن القياس ) أي في الجملة فلا ينافي أنها تجوز كسنة الصبح ( قوله : وبأنه يلزمه القضاء في الصوم إلخ ) في لزوم القضاء كلام يأتي في محله وقد يعكس الفرق بهذا فيقال لما لم يكن تدارك هذه بالقضاء فينبغي جوازها لئلا تفوت رأسا ولا كذلك الصوم ( قوله : أما إذا زال أثناءها ، فإنه يتمها ) يحتمل أن محله ما إذا لم يكن الباقي عند الإحرام لا يسع الصلاة بأن بقي لطلوع الشمس أو غروبها ما لا يتصور إيقاع جميع الصلاة فيه أما إذا كان الباقي كذلك فلا تنعقد مع العلم بالحال وكذا مع الجهل بالهيئة المعروفة بخلافها كسنة الظهر ؛ لأنها على صورة النفل المطلق ولا يتصور أن يعلم زوال الكسوف قبل فراغ الصلاة بغير الطلوع والغروب ؛ لأن زواله غير مضبوط فليتأمل ثم رأيت قول الشارح وله الشروع فيها إذا خسف بعد الفجر ، وإن علم طلوع الشمس فيها ؛ لأنه لا يؤثر ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : والوجه صحة وصفها بالأداء ) أي ، وإن لم يدرك ركعة قبل الانجلاء ويوجه بأن القضاء فعل الشيء خارج وقته المقدر له شرعا وهذه لا وقت لها كذلك فكفى في كونها أداء صحة الإحرام بها ، وقد يرد على هذا التوجيه أن الأداء فعل الشيء في وقته المقدر له شرعا ، وهذه لا وقت لها كذلك فهذا يؤيد القيل المذكور إلا أن يمنع اعتبار ما ذكر في الأداء فليتأمل وقد يقال ينبغي أن توصف بهما ؛ لأن لها وقتا مقدرا لكنه مبهم ، فإن أدركها أو ركعة منها قبل الانجلاء فأداء ، وإن حصل الانجلاء قبل تمام ركعة فقضاء لكن إذا حصل الانجلاء قبل الإحرام بها امتنع فليتأمل وفي العباب فرع إنما يدرك المسبوق الركعة بإدراك الركوع الأول مع الإمام ، فإن كان أي الركوع الأول الذي أدركه من الثانية صلى بعد سلام الإمام ركعة بهيئاتها إن بقي الكسوف وإلا لم تبطل لكن يخففها ا هـ وقوله : فإن كان من [ ص: 63 ] الثانية إلخ عزاه في شرحه للمجموع نقلا عن نص البويطي وقوله لم تبطل قال في شرحه قضيته أن له جواز خلافه فليراجع وله أن يتمها على هيئتها المشروعة بلا خلاف ؛ لأن المؤقتة لا يبطلها خروج وقتها ، وإن استحال قضاؤها كالجمعة وقوله لكن يخففها أي ندبا كما في شرحه ثم قال في العباب ولا تبطل به أي بالغروب أو الطلوع في الأثناء ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : إذا لم يشرع إلخ ) سيذكر محترزه بقوله أما إذا زال إلخ ( قوله : وتفوت صلاة كسوف الشمس إلخ ) أي بخلاف الخطبة ، فإنها لا تفوت ؛ لأن القصد بها الوعظ وهو لا يفوت بذلك فلو انجلى بعض ما كسف فله الشروع في الصلاة كما لو لم ينكسف منها إلا ذلك القدر نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : ولا إذا شككنا إلخ ) عطف على لا لبعضها عبارة النهاية والمغني ولو حال سحاب وشك في الانجلاء أو الكسوف لم يؤثر فيفعلها في الأول دون الثاني عملا بالأصل فيهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا نظر في هذا الباب لقول المنجمين إلخ ) أي ، فإذا قالوا انجلت أو انكسفت لم نعمل بقولهم فنصلي في الأول إذ الأصل بقاء الكسوف دون الثاني إذ [ ص: 62 ] الأصل عدمه نهاية ومغني ( قوله : مطلقا ) ظاهره ولو غلب على ظنه صدقهم ويشعر به قوله ويفرق إلخ ع ش ( قوله : خارجة عن القياس ) في الجملة فلا ينافي أنها تجوز كسنة الصبح سم ( قوله : وبأنه يلزمه القضاء إلخ ) في لزوم القضاء كلام يأتي في محله وقد يعكس الفرق بهذا فيقال لما لم يمكن تدارك هذه بالقضاء فينبغي جوازها لئلا تفوت رأسا ولا كذلك الصوم سم ( قوله : دلالة علمه ) أي المنجم ( على ذينك ) أي الوقت والصوم ( قوله : وذلك إلخ ) أي فواتها بالانجلاء بصري ( قوله : أما إذا زال إلخ ) أي انجلى جميعها نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : فإنه يتمها ) أي ، وإن لم يدرك ركعة منها نهاية ومغني أي ، وإن علم عند الإحرام أن الباقي لا يسع الصلاة كما يأتي في الشرح ( قوله : قيل ولا توصف إلخ ) صنيع النهاية والمغني صريح في أنه راجع لقوله أما إذا زال أثناءها إلخ لكن ظاهر صنيع الشارح وصريح ما يأتي عن سم أنه في مطلق صلاة الكسوف .

                                                                                                                              ( قوله والوجه صحة وصفها بالأداء ) أي ، وإن لم يدرك ركعة قبل الانجلاء وقد يقال : ينبغي أن توصف بهما ؛ لأن لها وقتا مقدرا لكنه مبهم ، فإن أدركها أو ركعة منها قبل الانجلاء فأداء ، وإن حصل الانجلاء قبل تمام ركعة فقضاء سم بحذف ( قوله : ولو بان إلخ ) أي لو شرع فيها ظانا بقاءه ثم تبين أنه كان انجلى قبل تحرمه بها نهاية ( قوله : وقعت نفلا إلخ ) عبارة النهاية انقلبت نفلا إلخ قال ع ش قوله انقلبت إلخ كالصريح في أنه إذا علم بذلك في أثنائها انقلبت نفلا وهو مخالف لما قدمه في صفة الصلاة من أنه إذا أحرم بالصلاة قبل دخول وقتها جاهلا بالحال وقعت نفلا مطلقا بشرط استمرار الجهل إلى الفراغ منها ، فإن علم ذلك في أثنائها بطلت فيحمل هذا على ما هناك فتصور المسألة بما إذا لم يعلم انجلائها إلا بعد تمام الركعتين وهو الذي يظهر الآن ا هـ أقول بل الظاهر هنا الإطلاق إذ يغتفر في التأخر عن الوقت كما هنا ما لا يغتفر في التقدم عليه كما هناك وأيضا يغتفر في صلاة الكسوف ما لا يغتفر في غيرها ( قوله : كالهيئة إلخ ) الأولى على الهيئة إلخ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية