الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) ينبغي أن لا يعد لنفسه كفنا [ ص: 128 ] إلا إن سلم عن الشبهة أو هي فيه أخف ومع هذا لا يحتاج أن يقال أو كان من أثر من يتبرك به لأنه لا يكتفى بكونه من آثاره إلا إن خفت شبهته فيدخل في الأول ثم إذا عينه تعين كما لو قال : اقض ديني من هذه العين وترجيح الزركشي جواز إبداله كثياب الشهيد فيه نظر والفرق ظاهر ولو سرق كفنه ولو بعد دفنه ويظهر أن بلاه مع بقاء الميت كسرقته فيما يأتي وظاهر أخذا مما يأتي من عدم النبش للكفن لحصول المقصود منه يستره في التراب فلا تنتهك حرمته ، إن الصورة هنا أن السارق أخذ الكفن ولم يطم التراب عليه أو طمه فنبش لغرض آخر فرئي بلا كفن فإن لم تقسم التركة جدد وجوبا وكذا إن قسمت عند المتولي وقال الماوردي ندبا [ ص: 129 ] والمتجه الأول وكذا لو كان المكفن المنفق أو بيت المال ولو أكل الميت سبع مثلا فهو للورثة إلا إن كان من أجنبي لم ينو به رفقهم بأداء الواجب عنهم لأنه حينئذ عارية لازمة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فرع : ينبغي أن لا يعد لنفسه كفنا ) قال في شرح الروض قال أي الزركشي ولو أعد له قبرا يدفن فيه فينبغي أن لا يكره [ ص: 128 ] لأنه للاعتبار ، بخلاف الكفن قال العبادي ولا يصير أحق به ما دام حيا ووافقه ابن يونس ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ومع هذا لا يحتاج أن يقال أو كان إلخ ) قد يمنع بأنه إذا عمت الشبهة ولم تتفاوت اتجه حينئذ الاكتفاء بكونه من آثاره وكذا إذا عم انتفاؤها ( قوله : ثم إذا عينه تعين ) كذا م ر ( قوله : جدد وجوبا ) هل يجب ثلاثة أثواب حيث لا مانع كما في الابتداء ( قوله : وقال الماوردي ندبا ) هو الصحيح ومحله إن كان كفن أولا بثلاثة وإلا كأن [ ص: 129 ] كفن بثوب واحد وجب أن يكفن بثان وثالث لأنهما حقه ولم يستوفهما أو باثنين وجب له الثالث لأن حقه كذلك وينبغي أن المراد على ما قاله الماوردي أنه يجب تكفينه مما وقف للأكفان فمن بيت المال فمن أغنياء المسلمين لا أنه يسقط التكفين رأسا وعلى هذا يتضح قوله : وكذا لو كان المكفن المنفق إلخ ولو أريد سقوطه رأسا أشكل وجوب التحديد على المنفق وبيت المال وعلى هذا فإذا وجب على الأغنياء دخل فيهم الورثة حيث كانوا أغنياء ولا ينافي ذلك ما ذكره الماوردي من الندب لأنه باعتبار خصوصهم ثم أوردت جميع ذلك على م ر فوافق ( قوله : وكذا لو كان المكفن المنفق ) أي يجدد وجوبا كما أفصح به في شرح الروض عن التتمة وقياس الماوردي خلافه ( قوله : إلا إن كان من أجنبي ) قال في شرح الروض ولو تبرع أجنبي بتكفينه وقبل الورثة جاز وإن امتنعوا أو بعضهم لم يكفن فيه لما عليهم فيه من المنة ثم ذكر خلافا فيما إذا قبلوا هل لهم إبداله منه قول الشيخ أبي زيد أنه إن كان الميت ممن يقصد تكفينه لصلاحه أو علمه تعين صرفه إليه فإن كفنوه في غيره ردوه إلى مالكه وإلا كان لهم أخذه وتكفينه في غيره ا هـ وهو الصحيح .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ينبغي إلخ ) عبارة النهاية والمغني ولا يندب أن يعد لنفسه كفنا إلخ قال ع ش ظاهره أنه لا يكره سم على البهجة ا هـ وقال شيخنا ويكره اتخاذ الكفن إلا من حل أو من أثر صالح بخلاف القبر فإنه يسن اتخاذه ا هـ ( قوله : كفنا إلخ ) أي ولا يكره أن يعد لنفسه قبرا يدفن فيه قال العبادي : ولا يصير أحق به ما دام حيا مغني وأسنى قال ع ش [ ص: 128 ] أي فلغيره أن يسبقه إلى الدفن فيه ولا أجرة عليه لأجل حفره م ر ا هـ وظاهر أنه في القبر المعد في غير ملكه وإلا فليس لغيره أن يسبقه في الدفن فيه بل قضية ما يأتي في تعيين الكفن المعد أنه لا يجوز لوارثه دفنه في غيره بلا عذر فليراجع ( قوله : إلا إن سلم إلخ ) أي فحسن إعداده وقد صح فعله عن بعض الصحابة مغني وأسنى ( قوله : ومع هذا لا يحتاج إلخ ) محل تأمل بصري عبارة سم قد يمنع عدم الاحتياج بأنه إذا عمت الشبهة ولم تتفاوت اتجه حينئذ الاكتفاء بكونه من آثاره وكذا إذا عم انتفاؤها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : تعين ) وفاقا للنهاية ( قوله : وترجيح الزركشي إلخ ) اعتمده الأسنى والمغني ( قوله : والفرق ظاهر ) أي إذ ليس فيها مخالفة أمر المورث بخلاف ما هنا نهاية قال ع ش قوله : م ر إذ ليس فيها إلخ يؤخذ منه أن محل وجوب التكفين فيما أعده لنفسه أن يقول بعد إعداده كفنوني في هذا أو نحو ذلك أما ما أعده بلا لفظ يدل على طلب التكفين فيه كأن استحسن لنفسه ثوبا أو ادخره ودلت القرينة على أنه قصد أن يكون كفنا له فلا يجب التكفين فيه نعم الأولى ذلك كما في ثياب الشهيد ثم رأيت في سم على البهجة بعد مثل ما ذكر ما نصه : قد يوجه ظاهر العبارة بأن ادخاره بقصد هذا الغرض بمنزلة الوصية بالتكفين فيه فليتأمل انتهى ا هـ وما قاله سم هو الأقرب ( قوله : ولو سرق ) إلى قوله والمتجه في المغني والنهاية والأسنى إلا قوله ويظهر إلى فإن لم تقسم .

                                                                                                                              ( قوله : وظاهر إلخ ) خبر مقدم لقوله أن الصورة إلخ عبارة ع ش وصورة المسألة ما إذا انكشف القبر وإلا فلو كان مستورا بالتراب فلا وجوب بل يحرم النبش كمن دفن ابتداء بلا تكفين ويترتب على ذلك أنه لو فتح فسقية فوجد بعض أمواتها بلا كفن لنحو بلائه وجب ستره وامتنع سدها بدون ستره ويكفي وضع الثوب عليه ولا يضمه فيها لأن فيه انتهاكا له وقد يقال إذا أمكن لفه في الكفن بلا إزراء وجب بخلاف ما إذا توقف على إزراء كأن تقطع أو خشي تقطعه بلفه م ر ويجب إعادة الكفن كلما بلي وظهر الميت والوجوب على من تلزمه نفقته في الحياة كما تجب النفقة أبدا لو كان حيا هذا ما قرره م ر في درسه فقلت هلا وجب على عموم المسلمين فامتنع ويلزمه أن يقيد قولهم إذا سرق الكفن بعد القسمة لم يلزمه تكفينه من التركة بما إذا لم يكن في الورثة من يلزمه نفقة الميت حيا سم على المنهج ولعل المراد من قوله فامتنع أنه امتنع من وجوبه على عموم المسلمين مع وجود من تجب عليه نفقته في الحياة وإلا فالقياس وجوبه على بيت المال ثم على عموم المسلمين أخذا مما يأتي في الشارح م ر ويدخل في قوله م ر ويجب إعادة الكفن كلما إلخ أن ما يقع كثيرا من ظهور عظام الموتى من القبور لانهدامها أو نحوه يجب فيه ستره ودفنه على من يجب عليه نفقته إن كان وعرف ثم على بيت المال ثم على أغنياء المسلمين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإن لم تقسم إلخ ) جواب قوله ولو سرق إلخ ( قوله : جدد وجوبا ) أي سواء أكان كفن أو لا من ماله أو من مال من عليه نفقته أو من بيت المال لأن العلة في المرة الأولى الحاجة وهي موجودة أسنى ومغني قال سم هل يجب ثلاثة أثواب حيث لا مانع كما في الابتداء ا هـ أقول الظاهر أخذا من قولهم إن وجوب الثاني والثالث للجمال ومما تقدم عن الأسنى والمغني آنفا أن العلة الحاجة وعن ع ش عن م ر في مسألة الفسقية من التعبير بالستر أن الواجب هنا السابغ فقط ( قوله : وكذا إن قسمت إلخ ) خلافا للنهاية عبارته فلو قسمت لم يلزمهم أي الورثة لكن يسن ومحله كما بحثه الأذرعي إذا كان قد كفن أولا في الثلاثة التي هي حق له إذ التكفين بها غير متوقف على رضا الورثة كما مر أما لو كفن منها بواحد فينبغي أن يلزمهم تكفينه من تركته بثان وثالث وإن كان الكفن من غير ماله ولم يكن له مال فكمن مات ولا مال له ا هـ ويأتي عن سم ما يوافقه بزيادة .

                                                                                                                              ( قوله : وقال الماوردي ندبا ) أقره الأسنى وقال المغني وهو أوجه ا هـ وقال سم هو الصحيح ومحله إن كان كفن أولا بثلاثة وإلا كان كفن [ ص: 129 ] بثوب واحد وجب أن يكفن بثان وثالث لأنهما حقه ولم يستوفهما أو باثنين وجب له الثالث لأنه حقه كذلك وينبغي أن المراد على ما قاله الماوردي أنه يجب تكفينه مما وقف للأكفان فمن بيت المال فمن أغنياء المسلمين لا أنه يسقط التكفين رأسا وعلى هذا يتضح قوله : وكذا لو كان المكفن المنفق إلخ وعلى هذا فإذا وجب على الأغنياء دخل فيهم الورثة حيث كانوا أغنياء ولا ينافي ذلك ما ذكره الماوردي من الندب لأنه باعتبار خصوصهم ثم أوردت جميع ذلك على م ر فوافق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والمتجه الأول ) خلافا للنهاية والمغني والأسنى و سم كما مر ( قوله : وكذا لو كان المكفن إلخ ) أي يجدد وجوبا كما أفصح به في شرح الروض عن التتمة ، وقياس الماوردي خلافه سم وتقدم عن ع ش عن سم عن م ر ما يوافق المنقول عن التتمة ( قوله : إلا إن كان من أجنبي ) قال في شرح الروض ولو تبرع أجنبي بتكفينه وقبل الورثة جاز وإن امتنعوا أو بعضهم لم يكفن فيه لما عليهم فيه من المنة ثم ذكر خلافا فيما إذا قبلوا هل لهم إبداله منه قول الشيخ أبي زيد إنه إن كان الميت ممن يقصد تكفينه لصلاحه أو علمه تعين صرفه إليه فإن كفنوه في غيره ردوه إلى مالكه وإلا كان لهم أخذه وتكفينه في غيره ا هـ وهو الصحيح سم وتقدم عن النهاية والإمداد ما يوافقه ( قوله : لأنه حينئذ عارية إلخ ) أي فيرد لمالكه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية