الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تخلف المقتدي بلا عذر فلم يكبر حتى [ ص: 143 ] كبر إمامه أخرى ) أي شرع فيها ( بطلت صلاته ) لأن المتابعة هنا لا تظهر إلا بالتكبيرات فكان التخلف بتكبيرة فاحشا كهو بركعة وخرج بحتى كبر ما لو تخلف بالرابعة حتى سلم لكن قال البارزي تبطل أيضا وأقره الإسنوي وغيره لتصريح التعليل المذكور بأن الرابعة كركعة ودعوى المهمات - أن عدم وجوب ذكر فيها ينفي كونها كركعة - ممنوعة كيف والأولى لا يجب فيها ذكر على ما مر وهي كركعة لإطلاقهم البطلان بالتخلف بها ولم يبنوه على الخلاف في ذكرها أما إذا تخلف بعذر كنسيان وبطء قراءة وعدم سماع تكبير وكذا جهل عذر به فيما يظهر فلا بطلان فيراعى نظم صلاة نفسه قال الغزي : لكن هل له ضابط كما في الصلاة لم أر فيه شيئا ا هـ ويظهر الجري على نظم نفسه مطلقا لما مر أن التكبيرة بمنزلة الركعة وقد قالوا بعد التكبيرة هنا إنه يجري على نظم نفسه وبعد الركعة في الصلاة لا يجري على نظم نفسه فافترقا وكان وجهه أنه لا مخالفة هنا فاحشة في جريه على نظم نفسه مطلقا بخلافه ثم ووقع لشارح أن الناسي يغتفر له التأخر بواحدة لا بثنتين وذكره شيخنا في شرح منهجه وغيره مع التبري منه فقال على ما اقتضاه كلامهم ا هـ والوجه عدم البطلان مطلقا لأنه لو نسي فتأخر عن إمامه بجميع الركعات لم تبطل صلاته فهنا أولى ولو تقدم عمدا بتكبيرة لم تبطل على ما قاله شارح وجرى عليه شيخنا أيضا [ ص: 144 ] ويشكل عليه ما مر أن التقدم أفحش فإذا ضر التأخر بتكبيرة فالتقدم بها أولى ويمكن أن يجاب بأن التأخر هنا أفحش إذ غاية التقدم أنه كزيادة تكبيرة وقد مر أن الزيادة لا تضر هنا وإن نزلوا التكبيرات كالركعات بخلاف التأخر فإن فيه فحشا ظاهرا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : والأولى لا يجب فيها ذكر إلخ ) يفرق بأنها محل الواجب بالأصالة وبهذا يندفع قوله : ولم يبنوه إلخ ( قوله : والأولى لا يجب فيها ذكر إلى إطلاقهم البطلان بالتخلف بها ) يتأمل هذا الكلام فإن الأولى هي تكبيرة الإحرام ولا معنى للتخلف بها إلا عدم الإحرام أو عدم الاقتداء وكلاهما لا بطلان به كما هو ظاهر فليتأمل صورة التخلف بها ( قوله : وذكره شيخنا في شرح منهجه إلخ ) عبارة شرح المنهج فإن كان ثم : عذر كنسيان لم تبطل صلاته بتخلفه بتكبيرة بل بتكبيرتين على ما اقتضاه كلامهم ا هـ ومثله في شرح البهجة وكتب شيخنا الشهاب البرلسي بهامشه ما نصه اقتضى هذا أنه لو استمر في الفاتحة لبطء القراءة مثلا حتى شرع الإمام في الثالثة بطلت فالواجب عليه حينئذ أن يقطع الفاتحة ويتابعه قبل شروعه في [ ص: 144 ] الثالثة هذا قضية كلامه رحمه الله ا هـ ولقائل أن يقول لا يتجه البطلان بمجرد التخلف إلى شروع الإمام في الثالثة وإنما تبطل بتخلفه ومشيه على نظم صلاته لأن التكبيرتين هنا بمنزلة الأكثر من ثلاثة أركان في باقي الصلوات ولا بطلان هناك بمجرد التخلف إلى تلبس الإمام بالأكثر بل بالتخلف والمشي على النظم بعد التلبس بالأكثر فليتأمل ومعلوم أن عبارة شرح المنهج المذكور في أعم من النسيان لكن يتعين في النسيان ما قاله الشارح لما بينه مما هو في غاية الوضوح والصحة هذا وقد يقال : قياس أن التخلف بتكبيرة إنما يتحقق إذا شرع الإمام فيما بعدها كما أفاده قوله : حتى كبر الإمام أخرى أن التخلف بتكبيرتين إنما يتحقق إذا شرع الإمام فيما بعدهما فالتخلف بالثانية والثالثة يتوقف على شروع الإمام في الرابعة ففي قول شيخنا اقتضى هذا أنه لو استمر في الفاتحة لبطء القراءة مثلا حتى شرع الإمام في الثالثة إلخ فيه نظر بل قياس ما قلنا أنه يقرأ حتى يشرع الإمام في الرابعة إلا أن يريد الثالثة بالنسبة للثانية وهي الرابعة ( قوله : فالتقدم بها أولى ) اعتمده م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( فلم يكبر حتى [ ص: 143 ] كبر إمامه إلخ ) ولو كبر المأموم مع تكبير الإمام الأخرى اتجه الصحة ولو شرع مع شروعه فيها ولكن تأخر فراغ المأموم هل نقول بالصحة أم بالبطلان هو محل نظر انتهى عميرة أقول الأقرب الأول لأنه صدق عليه أنه لم يتخلف حتى كبر إمامه أخرى ع ش قول المتن ( أخرى ) وظاهر أن الأخرى لا تتحقق إذا كان معه في الأولى إلا بالتكبيرة الثالثة فإن المأموم يطلب منه أن يتأخر عن تكبير الإمام فإذا قرأ الفاتحة معه وكبر الإمام الثانية لا يقال سبقه بشيء ع ش ( قوله : أي شرع ) إلى قوله لكن قال إلخ في النهاية والمغني والأسنى ( قوله : وخرج بحتى كبر ما لو تخلف بالرابعة إلخ ) أي فلا تبطل فيأتي بها بعد السلام وهو كذلك لأنه لا يجب فيها ذكر فليست كالركعة خلافا لما صرح به البارزي في التمييز من البطلان مغني ونهاية وأسنى وشيخنا .

                                                                                                                              ويأتي في الشرح اعتماد مقالة البارزي وعن سم رده وقال السيد البصري ينبغي أن يفصل في المتخلف بالرابعة إلى سلام الإمام فيقال بالبطلان إن أتى فيها الإمام بذكر لفحش التخلف كبقية التكبيرات ، وقول الشيخين كغيرهما حتى كبر إلخ تصوير فلا ينافيه وإن والى الإمام بينهما وبين السلام فلا بطلان لعدم فحش المخالفة ا هـ وهذا وإن كان وجيها من حيث المدرك لكنه كإحداث قول في مسألة فيها قولان فلا يجوز العمل به ( قوله : لتصريح التعليل إلخ ) وهو قوله : لأن المتابعة هنا إلخ ( ودعوى المهمات إلخ ) أي مؤيدا لما أفهمه المتن من عدم البطلان بالتخلف بالرابعة ( قوله : كيف والأولى لا يجب إلخ ) يفرق بأنها محل الواجب بالأصالة وبهذا يندفع قوله : ولم يبنوه إلخ سم ( قوله : على ما مر ) أي من تصحيح المصنف ( قوله : وهي كركعة لإطلاقهم البطلان إلخ ) يتأمل هذا الكلام فإن الأولى هي تكبيرة الإحرام ولا معنى للتخلف بها إلا عدم الإحرام أو عدم الاقتداء وكلاهما لا بطلان به كما هو ظاهر فليتأمل صورة التخلف بها سم زاد البصري واقتصار أصل الروضة على التخلف بالثانية أو الثالثة وعدم تعرضه للأولى مشعر بمغايرتها في الحكم للتكبيرتين .

                                                                                                                              ولعل وجهه ما أشرت إليه من عدم تصوره وقد أخذ في المهمات من عدم التعرض للرابعة مخالفتها لما ذكر أي في البطلان وأيضا قول المنهاج لو تخلف المقتدي إلخ مخرج للتخلف بالأولى لأنه قبل الإتيان بها غير مقتد وبعده لم يتخلف بها فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أما إذا تخلف ) إلى قوله فيراعى في النهاية والمغني ( قوله : فلا بطلان ) عبارة النهاية فلم تبطل بتخلفه بتكبيرة فقط بل بتكبيرتين كما اقتضاه كلامهم ا هـ وكذا في المغني إلا أنه عبر بعلى ما بدل كما قال ع ش قال سم على ابن حج بعد كلام طويل ما حاصله أنه لا يتحقق التخلف بتكبيرتين إلا بعد شروع الإمام في الرابعة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : هل له ) أي للتخلف بعذر و ( قوله : ضابط ) أي كشروع الإمام في الثالثة ( قوله : مطلقا ) أي ولو شرع الإمام في الرابعة ( قوله : بعد التكبيرة ) أي بعد التخلف بتكبيرة واحدة فقط بعذر ( قوله : فافترقا ) أي التكبيرة هنا والركعة في الصلاة فكان الأولى تأنيث الفعل .

                                                                                                                              ( قوله : مطلقا ) أي سواء تخلف بتكبيرة أو أكثر ( قوله : لشارح إلخ ) وافقه النهاية والمغني كما مر ( قوله : والوجه عدم البطلان مطلقا إلخ ) ويمكن حمل النسيان على نسيان القراءة وحينئذ فلا اعتراض ع ش عبارة البجيرمي قوله : والوجه إلخ مسلم في نسيان الصلاة أو الاقتداء دون غيره كنسيان القراءة حلبي وشوبري ا هـ وعبارة شيخنا فإن كان بعذر كبطء قراءة ونسيان أو عدم سماع تكبير أو جهل لم تبطل صلاته بتخلفه بتكبيرة بل بتكبيرتين على ما اقتضاه كلامهم وهذا محمول على ما إذا نسي القراءة ، ومثله بطؤها وأما إذا نسي الصلاة فالمعتمد أنها لا تبطل ولو بالتخلف لجميع [ ص: 144 ] التكبيرات ا هـ أي ومثل نسيان الصلاة نسيان القدوة والجهل ( قوله : ويشكل عليه ) أي على عدم البطلان بالتقدم المذكور ( قوله : فالتقدم بها أولى ) اعتمده النهاية والمغني والزيادي وشيخنا .

                                                                                                                              وقال البصري أقول : إذا قيل بأن التقدم كالتأخر فهل يصور بنظير ما ذكروه في التأخر فلا تبطل صلاته إلا إذا شرع في تكبيرة ولم يأت إمامه بالتي قبلها أو تبطل بمجرد فعله لتكبيرة لم يفعلها الإمام وإن شرع الإمام في التلفظ بها عقب فراغه منها ؟ محل تأمل والذي يظهر أنه إن كان مرادهم الأول اتجه ما قالوه لوجود ما يضر مع التأخر مع التقدم الأفحش أو الثاني اتجه ما قاله ذلك الشارح وجرى عليه شيخ الإسلام لأن مجرد التقدم بالتلفظ بتكبيرة المخالفة فيه يسيرة جدا لا يقرب من المخالفة بالتأخر المقررة فضلا عن كونها أفحش منها فليتأمل ولو جمع بين الكلامين بتنزيل كل على حاله لم يكن بعيدا ثم يظهر أن محل مضرة التقدم إذا قلنا به حيث أتى به وبما بعدها بقصد الركنية أما إذا أتى بذلك بقصد الذكر متنفلا به لم يضر لأنه زيادة ذكر في تكبيرة لا تقديم تكبيرة ويتردد النظر في حال الإطلاق ا هـ .

                                                                                                                              وجزم ع ش بالبطلان فيها ، عبارته قوله : م ر ولو تقدم على إمامه بتكبيرة إلخ أي وقصد بها تكبيرة الركن أو أطلق فإن قصد بها الذكر المجرد لم يضر كما لو كرر الركن القولي في الصلاة ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية