الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا تسقط بالنساء ) ومثلهن الخناثى ( وهناك ) أي بمحل الصلاة وما ينسب إليه كخارج السور القريب منه أخذا مما يأتي عن الوافي ( رجال ) أو رجل ولا يخاطبن بها حينئذ بل أو صبي مميز على ما بحثه جمع قيل وعليه يلزمهن أمره بفعلها بل وضربه عليه ا هـ وهو بعيد بل لا وجه له وإنما الذي يتجه أن محل البحث إذا أراد الصلاة وإلا توجه الفرض عليهن ( في الأصح ) لأن فيه استهانة به ولأن الرجال أكمل فدعاؤهم أقرب للإجابة أما إذا لم يكن غيرهن فتلزمهن وتسقط بفعلهن وتسن لهن الجماعة كما بحثه المصنف لكن نوزع فيه بأن الجمهور على خلافه وإنما لزمتهن ولم تسقط بفعلهن مع وجود الصبي المريد لفعلها على ذلك البحث لأن دعاءه أقرب للإجابة منهن وقد يخاطب الإنسان بشيء وتتوقف صحته منه على شيء آخر ولك أن تقول أقربية دعائه تأتي في اجتماعه مع الرجال ولم ينظروا إليها حينئذ ، وكونه من جنسهم لا جنسهن لا أثر له هنا على [ ص: 149 ] أنها إنما تقتضي أنه يندب لهن الائتمام به لا منع صحة صلاتهن ودعوى أنه قد يخاطب الإنسان إلى آخره تحتاج لتأمل فإن إطلاقها لا يشهد لما نحن فيه وإنما الذي يشهد له أن يثبت أنهم في صورة ما أوجبوا على واحد أو جمع شيئا ومنعوا سقوطه عنه بفعله إذا أراد غير المخاطب به التبرع به فإن ثبت ذلك أيد ذلك البحث وإلا كان مع عدم اتضاح معناه خارجا عن القواعد على أنه مخالف لمفهوم قول المتن وغيره وهناك رجال فلا يقبل فتأمله وفي المجموع : والرجل الأجنبي وإن كان عبدا أولى من المرأة القريبة ، والصبيان أولى من المرأة القريبة والصبيان أولى من النساء ا هـ قيل هذه العبارة مشكلة لاقتضائها سقوطها بها مع وجود البالغ ورد بأن الصورة أنهن أردن الجماعة ومعهن بالغ أو مميز فتقديم أحدهما أولى من تقديم إحداهن ا هـ وعجيب ذلك الاستشكال باقتضائها ما مر مع أنها صريحة في أن الكلام إنما هو في الأولوية بالإمامة لا غير وحينئذ فكان ينبغي للراد ذكر ذلك لا ما ذكره لأنه موهم ولو اجتمع خنثى وامرأة لم تسقط بها عنه لاحتمال ذكورته بخلاف عكسه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أي بمحل الصلاة إلخ ) فإن قيل قياس عموم الخطاب أنها لا تسقط بالنساء في محله مع وجود رجال ولو بمحل آخر وإن بعدوا وظنوا أنه ليس في محله إلا نساء ، غاية الأمر أنهم إن قربوا وجب الحضور للصلاة وإلا صلوا بمكانهم كما لا تسقط عنه الصلاة بمحله إذا لم يظن أن فيهم غيرهم من الرجال بالفرض ويمنع الأخذ مما يأتي باختلاف المقامين ومدركهما قلنا ينافي ذلك كلامهم كقولهم إنه لو صلت المرأة لفقد الرجل ثم حضر لم تلزمه الصلاة إلا أن يحمل على ما إذا لم يعلم هذا الرجل أنه ليس بمحل الميت إلا نساء قبل صلاة النساء وإلا لزمته الصلاة ( قوله : أي بمحل الصلاة إلخ ) والأوجه أن المراد بحضوره أي الرجل وجوده في محل الصلاة على الميت لا وجوده مطلقا ولا في دون مسافة القصر شرح م ر ( قوله : رجال أو رجل ) نعم إن كان الرجل أو الرجال ممن يلزمه القضاء فهو كالعدم فيما يظهر فيتوجه الفرض على النساء ويسقط بفعلهن م ر ( قوله : أو الرجل ) قد يوجه المتن بأن المراد الجنس ( قوله : أو صبي مميز ) قد يشمله المتن لأن الرجال قد يطلقون بمعنى الذكور كما في حديث " فلا ولي رجل ذكر " ( قوله : قيل وعليه يلزمهن أمره إلخ ) فإن أصر على الامتناع وأيسن من فعله فهل يصلين لحرمة الميت وتجزيهن صلاتهن أو لا تجزئ ولا بد من الصلاة عليه بعد الدفن إذا أطاع الصبي أو حضر بالغ وصلاتهن إنما كانت لحرمة الميت ؟ فيه نظر والأول غير بعيد ( قوله : أما إذا لم يكن غيرهن فتلزمهن إلخ ) قال في شرح الروض ولو حضر الرجل بعد لم تلزمه الإعادة ا هـ ولو حضر بعد إحرامهن وقبل فراغهن فهل تلزمه الصلاة لأن الفرض لم يسقط بعد أو لا ؟ فيه نظر والأول قريب ( قوله : كما بحثه المصنف ) عبارة الروض وصلاتهن فرادى أفضل قال في شرحه وتعبيره بذلك أولى من قول .

                                                                                                                              [ ص: 149 ] أصله فإن لم يكن رجل صلين منفردات قال في المجموع بعد نقله ذلك عن الشافعي والأصحاب وفيه نظر وينبغي أن تسن له الجماعة كما في غيرها وعليه جماعة من السلف ا هـ وبه يعلم أن المصنف معترف بأن الجمهور على خلاف بحثه كما يتوهم من قول الشارح السابق " ونوزع إلخ " ا هـ ( قوله : لا منع صحة صلاتهن إلخ ) انظر من أين لزم على هذا البحث منع صحة صلاتهن ( قوله : وإنما الذي يشهد له أن يثبت أنهم في صورة ما إلخ ) قد يجاب عن ذلك بأنهن في هذه الحالة خوطبن بأمره وضربه لا بفعل الصلاة كما أشار إلى ذلك شيخنا الشهاب الرملي ولعل المراد بقوله بفعل الصلاة على وجه الوجوب ( قوله : مخالف لمفهوم قول المتن وغيره وهناك رجال ) فيه أن كثيرا ما يراد بالرجال الذكور ( قوله : صريحة في أن الكلام إلخ ) أي صراحة فيه ( قوله : ولو اجتمع خنثى وامرأة إلخ ) قياس ذلك أنه لو اجتمع خناثى لم تسقط عن واحد منهم بفعل غيره منهم لأن كلا منهم يحتمل ذكورته وأنوثة من عداه فيجب على كل منهم فعلها تأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : أي بمحل الصلاة إلخ ) عبارة النهاية والمغني والأوجه أن المراد بحضوره أي الرجل وجوده في محل الصلاة على الميت لا وجوده مطلقا ولا في دون مسافة القصر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مما يأتي ) أي في شرح " ويصلي على الغائب إلخ " ( قوله : رجال إلخ ) نعم إن كان الرجل أو الرجال ممن يلزمه القضاء فهو كالعدم فيما يظهر فيتوجه الفرض على النساء ويسقط بفعلهن م ر ا هـ سم ( قوله : أو رجل ) قد يوجه المتن بأن المراد الجنس و ( قوله : أو صبي ) قد يشمله المتن لأن الرجال قد تطلق بمعنى الذكور كما في حديث { فلا ولي رجل ذكر } سم وفي المغني ولو عبر بقوله وهناك ذكر مميز لشمل ما ذكر وكان أخصر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : قيل وعليه إلخ ) اعتمده المغني والنهاية وفاقا للشهاب الرملي ( قوله : يلزمهن أمره بفعلها إلخ ) فإن أصر على الامتناع وأيسن من فعله فلا يبعد أن تجزئ صلاتهن قاله سم .

                                                                                                                              وقد يفيده قول الشارح وإنما الذي يتجه إلخ ويصرح بذلك قول المغني والأولى أن يقال : إن امتنع أجزأت صلاتهن وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأن ) إلى قوله ولك في النهاية والمغني ( قوله : غيرهن ) عبارة النهاية والمغني ذكر أي ولا خنثى فيما يظهر ا هـ ويأتي في الشرح ما يفيده ( قوله : فتلزمهن إلخ ) قال في شرح الروض ولو حضر الرجل بعد لم تلزمه الإعادة انتهى ولو حضر بعد إحرامهن وقبل فراغهن فهل تلزمه الصلاة لأن الفرض لم يسقط بعد أو لا ؟ فيه نظر والأول قريب سم وشوبري وقد يصرح بما ذكراه عن شرح الروض قول الشارح وتسقط إلخ ولعل ع ش لم يطلع على ذلك النقل فقال ما نصه : والقياس أنه يجب على الخنثى أو غيره من الرجال إذا حضر بعد الدفن أن يصلي على القبر لعدم سقوط الصلاة بفعل النساء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وتسقط بفعلهن ) وإذا صلت المرأة سقط الفرض عن النساء نهاية ومغني أي فلم يأثمن ع ش ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وتسن لهن الجماعة إلخ ) وهو المعتمد كما في غيرها من الصلوات وقيل لا تستحب لهن وقيل : تسن لهن في جماعة المرأة مغني ( قوله : وإنما لزمتهن إلخ ) فيه أن الخطاب لم يتعلق بالنساء على البحث المذكور ( قوله : على شيء آخر ) أي كعدم إرادة الصبي هنا ( قوله : على [ ص: 149 ] أنها ) أي أقربية دعاء الصبي للإجابة ( قوله : لا منع صحة صلاتهن ) انظر من أين لزم على هذا البحث منعها سم ( قوله : بأن إطلاقها ) الباء بمعنى اللام متعلق ب تحتاج إلخ والضمير للدعوى ( قوله : وإنما الذي يشهد له أن يثبت أنهم في صورة ما إلخ ) قد يجاب عن ذلك بأنهن في هذه الحالة خوطبن بأمره وضربه لا بفعل الصلاة كما أشار إلى ذلك شيخنا الشهاب الرملي ولعل المراد بقوله لا بفعل الصلاة أي على وجه الوجوب سم ( قوله : على أنه مخالف إلخ ) فيه أن كثيرا ما يراد بالرجال الذكور سم أي فيشمل الصبي ( قوله : فلا يقبل ) أي ذلك البحث .

                                                                                                                              ( قوله : سقوطها بها ) أي صلاة الجنازة بالمرأة ( قوله : باقتضائها ) أي عبارة المجموع والجار متعلق بالاستشكال ( قوله : مع أنها صريحة إلخ ) أي صراحة فيه سم ( قوله : فكان ينبغي للراد ذكر ذلك ) قد يقال كلام الراد ظاهر في ذلك وإن لم يصرح بما ذكر بل قد يدعي أنه صريح فيه وقول الشارح " لأنه موهم " محل تأمل بصري ( قوله : ذكر ذلك ) أي إن الكلام إلخ و ( قوله : لا ما ذكره ) أي قوله أن الصورة إلخ حاصله أنه كان ينبغي للراد أن يذكر في الجواب عن الإشكال ما قلناه وهو أن الكلام إلخ لا ما قاله وهو أن الصورة إلخ ا هـ كردي ( قوله : لأنه إلخ ) أي ما ذكره ( موهم ) أي لصحة إمامة إحداهن مع وجود الذكر ( قوله : ولو اجتمع ) إلى المتن في النهاية ( قوله : ولو اجتمع خنثى وامرأة إلخ ) قياس ذلك أنه لو اجتمع خناثى لم تسقط عن واحد منهم بفعل غيره منهم لأن كلا منهم يحتمل ذكورته وأنوثة من عداه فيجب على كل منهم فعلها تأمل سم وع ش ( قوله : لم تسقط بها عنه إلخ ) خلافا للمغني عبارته والظاهر الاكتفاء بصلاة كل من الخنثى والمرأة كما أطلقه الأصحاب لأن ذكورته غير محققة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف عكسه ) أي يسقط الفرض بفعل الخنثى عن المرأة مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية