الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا يغسل الشهيد ) [ ص: 164 ] فعيل بمعنى مفعول لأنه مشهود له بالجنة أو يبعث وله شاهد بقتله وهو دمه أو فاعل لأن روحه تشهد الجنة قبل غيره .

                                                                                                                              ( ولا يصلى عليه ) أي يحرم ذلك وإن لم يؤد الغسل لإزالة دمه لأنه حي بنص القرآن وإبقاء لأثر شهادتهم وتعظيما لهم باستغنائهم عن دعاء الغير وتطهيره لتوهم النقص فيهم وبه فارقوا غسله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه لأن كل أحد يقطع بأنه غير محتاج لذلك وأن القصد به التشريع وزيادة الزلفى فقط فلم يحتج لإظهار استغناء ولأنه صلى الله عليه وسلم { لم يغسل قتلى أحد ولم يصل عليهم } كما شهدت به الأحاديث التي كادت أن تتواتر وخبر { أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليهم عشرة عشرة } ضعيف جدا نعم صح أنه خرج بعد ثمان سنين فصلى عليهم صلاته على الميت ولا دليل فيه لأن المخالف لا يرى الصلاة على القبر بعد ثلاثة أيام فتعين أن المراد أنه دعا لهم كما يدعى للميت .

                                                                                                                              ( وهو من ) أي مسلم ولو قنا ، أنثى ، غير مكلف ( مات في قتال الكفار ) أو كافر واحد ( بسببه ) أي القتال كأن أصابه سلاح مسلم قتله خطأ أو عاد عليه سهمه أو تردى بوهدة أو رفسته فرسه أو قتله مسلم استعانوا به أو انكشف عنه الحرب وشك أمات بسببها أو غيره لأن الظاهر موته بسببها وخرج بقوله " قتال " قتلهم لأسير صبرا فليس بشهيد على الأصح بخلاف ما لو انكسروا وأتبعناهم لاستئصالهم فعاد واحد منهم وقتل واحدا منا فإنه شهيد على الأوجه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فليس بشهيد على الأصح ) أي الشهادة المخصوصة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : فعيل بمعنى مفعول إلخ ) لعله بالنسبة للمعنى اللغوي المنقول عنه والغرض بما ذكر بيان المناسبة في النقل وإلا فحقيقته الشرعية من مات في قتال الكفار إلخ وليس المشتق ملحوظا فيها بصري ( قوله : لأنه إلخ ) عبارة النهاية والمغني سمي بذلك لأن الله ورسوله شهدا له بالجنة ولأنه يبعث وله شاهد بقتله إذ يبعث وجرحه يتفجر دما ولأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيقبضون روحه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أي يحرم ذلك ) أي كل من الغسل والصلاة ( قوله : لأنه حي بنص القرآن ) قد يقال حياتهم لا تمنع ذلك نظير ما تقدم في حياة الأنبياء ( قوله : وإبقاء لأثر شهادتهم إلخ ) عبارة غيره : والحكمة في ذلك إبقاء أثر إلخ قال البجيرمي وفيه أن هذا لا يشمل الشهيد الذي لم يظهر منه دم وأجيب بأن الحكمة لا يلزم اطرادها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لتوهم النقص إلخ ) يعني لو أمر بغسلهم والصلاة عليهم لتوهم أنه لأجل نقص فيهم بخلاف الأنبياء فإن أحدا لا يتوهم نقصا فيهم بحال كردي ( قوله : وبه فارقوا إلخ ) أي بالتعليل الأخير ومحط الفرق تقييد التعظيم بقوله لتوهم إلخ ( قوله : لذلك ) أي ما ذكر من دعاء الغير وتطهيره ( قوله : وأن القصد به التشريع ) فيه تأمل ( قوله : ولأنه إلخ ) عطف على قوله لأنه حي إلخ ( قوله : ضعيف إلخ ) بل خطأ قال الشافعي ينبغي لمن رواه أن يستحي على نفسه مغني ( قوله : نعم ) إلى قول المتن ويكفن في النهاية إلا قوله " وخرج " إلى " بخلاف إلخ " وكذا في المغني إلا قوله : تنبيه إلى المتن .

                                                                                                                              ( قوله : نعم صح إلخ ) عبارة الأسنى والمغني والنهاية وأما خبر أنه صلى الله عليه وسلم خرج إلخ فالمراد كما في المجموع أنه دعا لهم كدعائه للميت لقوله تعالى { وصل عليهم } أي ادع لهم والإجماع يدل على هذا الآن عندنا لا يصلى على الشهيد وعند المخالف وهو أبو حنيفة لا يصلى على القبر بعد ثلاثة أيام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا دليل فيه ) أي للخصم وإلا فهو وارد علينا ولا يجدي في دفعه قوله : لأن المخالف إلخ ولا يتم تفريع قوله فتعين إلخ إلا بالنسبة لإلزام الخصم فليتأمل بصري قول المتن ( وهو إلخ ) أي الشهيد الذي يحرم غسله والصلاة عليه ضابطه أنه كل من مات إلخ نهاية ومغني ( قوله : ولو قنا أنثى إلخ ) وقع السؤال في الدرس عما لو كان مع المرأة ولد صغير ومات بسبب القتال هل يكون شهيدا أو لا ؟ فأجبت عنه بأن الظاهر الثاني لأنه لم يصدق عليه أنه مات في قتال الكفار بسببه فإن الظاهر من قولهم في قتال الكفار أنه بصدده ولو بخدمة للغزاة أو نحوها ع ش أقول : قضية إطلاق قولهم ولو صغيرا أو مجنونا الأول وقضية تعليل المحشي أن المميز الذي بصدد القتال شهيد ( قوله : غير مكلف ) أي صغيرا أو مجنونا أسنى ومغني قول المتن ( في قتال الكفار ) أي سواء أكانوا حربيين أم مرتدين أم أهل ذمة قصدوا قطع الطريق علينا أو نحو ذلك مغني ونهاية قال ع ش قوله : قصدوا إلخ احترز به عما لو قتل واحد منهم مسلما غيلة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بسببه أي القتال ) ومنه ما يتخذه الكفار خديعة يتوصلون بها إلى قتل المسلمين فيتخذون سردابا تحت الأرض يملؤنه بالبارود فإذا مر بهم المسلمون أطلقوا النار فيه فخرجت من محلها وأهلكت المسلمين .

                                                                                                                              ( فائدة ) : قال ابن الأستاذ لو كان المقتول في حرب الكفار عاصيا بالخروج ففيه نظر والظاهر أنه شهيد أما لو كان فارا حيث لا يجوز الفرار فالظاهر أنه ليس بشهيد في أحكام الآخرة لكنه شهيد في أحكام الدنيا انتهى ا هـ سم على البهجة . ( فرع )

                                                                                                                              قال في تجريد العباب لو دخل حربي ببلادنا فقاتل مسلما فقتله فهو شهيد قطعا ولو رمى مسلم إلى صيد فأصاب مسلما في حال القتال فليس بشهيد قاله القاضي حسين سم على المنهج ا هـ ع ش أقول قولهم الآتي آنفا كأن أصابه سلاح مسلم إلخ كالصريح في أنه شهيد ( قوله : خطأ ) ظاهره أنه لا فرق في ذلك بين أن يقصد كافرا فيصيبه أو لا ولا مانع منه ع ش وهذا صريح في خلاف ما قدمه عن القاضي حسين ( قوله : أو انكشف الحرب عنه إلخ ) أي وإن لم يكن عليه أثر دم نهاية ومغن ( قوله : أو غيره ) أي غير القتال ( قوله : فليس بشهيد ) أي الشهادة المخصوصة سم ( قوله : الأصح ) خلافا للنهاية والمغني ( قوله : واحد منهم ) أي مثلا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية