الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والتعزية ) بالميت وألحق به [ ص: 176 ] مصيبة نحو المال لشمول الخبر الآتي لها أيضا ( سنة ) لكل من يأسف عليه كقريب وزوج وصهر وصديق وسيد ومولى ولو صغيرا . نعم الشابة لا يعزيها إلا نحو محرم أي يكره ذلك كابتدائها بالسلام ويحتمل الحرمة وكلامهم إليها أقرب لأن في التعزية من الوصلة وخشية الفتنة ما ليس في مجرد السلام أما تعزيتها له فلا شك في حرمتها عليها كسلامها عليه وذلك لخبر ضعيف { من عزى مصابا فله مثل أجره } وفي خبر لابن ماجه { أنه يكسى حلل الكرامة يوم القيامة } وبحث بعضهم أنه لا يسن لأهل الميت تعزية بعضهم لبعض وفيه نظر ظاهر لمخالفته للمعنى وظاهر كلامهم والأفضل كونها ( قبل دفنه ) إن رأى منهم شدة جزع ليصبرهم وإلا فبعده لاشتغالهم بتجهيزه ( و ) تمتد ( بعده ثلاثة أيام ) تقريبا لسكون الحزن بعدها غالبا ومن ثم كرهت حينئذ لأنها تجدده وابتداؤها من الدفن كما في المجموع واعترضه جمع بأن المنقول له من الموت هذا إن حضر المعزي والمعزى وعلم وإلا فمن القدوم أو بلوغ الخبر وكغائب نحو مريض أو محبوس ويكره الجلوس لها وهي الأمر بالصبر والحمل عليه بوعد الأجر والتحذير من الوزر بالجزع والدعاء للميت المسلم بالمغفرة وللمصاب بجبر المصيبة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله - [ ص: 176 ] ويحتمل الحرمة ) ذكر في شرح العباب أن الإسنوي أخذ الحرمة من كلام أبي الفتوح ( قوله أما تعزيتها له ) بنحو تقبل الله منك وهو نظير ردها سلامه ( قوله : وابتداؤها من الدفن كما في المجموع ) واعترضه جمع بأن [ ص: 177 ] المنقول أنه من الموت هذا هو المعتمد شرح م ر وأول في شرح الروض عبارة المجموع



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله مصيبة نحو المال ) أي ولو هرة شيخنا وبجيرمي قول المتن ( سنة ) أي في الجملة مؤكدة وخرج بقولنا في الجملة تعزية الذمي بذمي فإنها جائزة لا مندوبة مغني ونهاية ( قوله لكل من يأسف عليه إلخ ) وتندب البداءة بأضعفهم عن حمل المصيبة مغني وشيخنا ( قوله ولو صغيرا ) أي له نوع تمييز وببعض الهوامش الصحيحة وتسن المصافحة هنا أيضا انتهى وهو قريب لأن فيها جبرا لأهل الميت وكسرا لسورة الحزن بل هذا أولى من المصافحة في العيد ونحوه وتحصل سنة التعزية بمرة واحدة فلو كررها هل يكون مكروها لما فيه من تجديد الحزن أم لا فيه نظر وقد يقال مقتضى الاقتصار في الكراهة على ما بعد الثلاثة أيام عدم كراهة التكرير في الثلاثة سيما إذا وجد عند أهل الميت جزعا عليه ع ش وهو ظاهر وإن قال شيخنا بكراهة التكرار فيها ( قوله إلا نحو محرم ) عبارة المغني والنهاية إلا محارمها وزوجها وكذا من ألحق بهم في جواز النظر كما بحثه شيخنا ا هـ أي كعبدها ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أي يكره ذلك ) وكذا يكره رد الأجانب عليها إذا عزت شيخنا ( قوله ويحتمل الحرمة إلخ ) ذكر في شرح العباب أن الإسنوي أخذ الحرمة من كلام أبي الفتوح سم عبارة البصري يتأمل فيه أي في الاحتمال المذكور وفي مستنده وتعليله فإن التعزية حال اشتغال القلب عادة من الطرفين خالية عن دواعي الفتنة والحصر في كلامهم يجوز أن يكون للندب والمشروعية للذي يقتضيه السياق لا للجواز ا هـ وقوله فإن التعزية إلخ في عموم وجوده باطنا أيضا تأمل ( قوله أما تعزيتها له ) أي للأجنبي ( فلا شك في حرمتها عليها ) وكذلك ردها على الأجنبي المعزى بنحو تقبل الله منك حرام سم و ع ش وشيخنا ( قوله كسلامها إلخ ) قضية القياس على السلام أنها لو كانت مع جمع من النسوة تحيل العادة أن مثله خلوة عدم الحرمة وهو ظاهر سيما إذا قطع بانتفاء الريبة ع ش ( قوله وفيه نظر ظاهر إلخ ) اعتمده ع ش وكذا شيخنا عبارته ويسن لأهل الميت تعزية بعضهم بعضا كما أجاب به الرملي فيسن للأخ أن يعزي أخاه لأن كلا منهم مصاب .

                                                                                                                              ويسن كما استظهره ابن حجر أي والنهاية إجابة التعزية بنحو جزاك الله خيرا وتقبل الله منك ومنه قولهم الآن ما أحد يمشي لك في سوء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وظاهر كلامهم ) بالجر عطفا على المعنى ( قوله والأفضل ) إلى قول المتن ويعزي المسلم في النهاية والمغني إلا قوله من الدفن إلى من الموت ( قوله تقريبا ) أي فلا يضر زيادة بعض يوم شيخنا أي لا تكره ( قوله حينئذ ) أي بعد الثلاثة أيام فإن وقع الموت في أثناء يوم تمم من الرابع ع ش ( قوله بأن المنقول أنه من الموت ) وهو المعتمد نهاية ومغني ومنهج ( قوله هذا إن حضر المعزي إلخ ) أي وإن بعدت المسافة بينهما في البلد وينبغي أن مثل البلد ما جاورها ع ش ( قوله وكغائب نحو مريض إلخ ) أي مما يشبهه من أعذار الجماعة وتحصل بالمكاتبة من الغائب ويلحق به الحاضر المعذور بمرض ونحوه وفي غير المعذور وقفة نهاية ( قوله ويكره الجلوس لها ) عبارة النهاية والمغني ويكره لأهل الميت الاجتماع بمكان لتأتيهم الناس للتعزية ا هـ قال ع ش .

                                                                                                                              وينبغي أن محل ذلك حيث لم يترتب على عدم الجلوس ضرر كنسبتهم المعزي إلى كراهته لهم حيث لم يجلس لتلقيهم وإلا فتنبغي الكراهة بل قد يكون الجلوس واجبا إن غلب على ظنه لو لم يجلس ذلك ا هـ وفيه وقفة ( قوله وهي ) أي التعزية اصطلاحا نهاية ( قوله الأمر بالصبر إلخ ) ظاهره أن التعزية إنما تحقق بمجموع ما يأتي والظاهر أنه غير مراد فليراجع رشيدي ( قوله بالصبر ) هو حبس النفس على كريه يتحمله أو لذيذ يفارقه وهو ممدوح ومطلوب ع ش قوله بوعد الأجر أي إن كان [ ص: 177 ] مسلما رشيدي




                                                                                                                              الخدمات العلمية