الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وفيما إذا كان له أربعمائة ) له إخراج أربع حقاق وخمس بنات لبون [ ص: 219 ] إذ لا تشقيص ؛ لأن كل مائتين أصل برأسها ، ولا يشكل عليه ما يأتي من تعين الأغبط لحمل هذا على ما إذا استويا في الأغبطية أو كان في اجتماع الحقاق وبنات اللبون أغبطية ، ويأتي أنها لا تنحصر في زيادة القيمة ( وقيل : يجب الأغبط للفقراء ) أي : الأصناف وغلب الفقراء منهم لكثرتهم وشهرتهم ؛ لأن استواءهما في القدرة عليهما كهو في وجودهما الآتي ويرد بوضوح الفرق ، وليس له فيما ذكر أن يصعد أو ينزل لدرجتين كأن يجعل بنات اللبون أصلا ويصعد لخمس جذاع ويأخذ عشر جبرانات أو الحقاق أصلا وينزل لأربع بنات مخاض ويدفع ثماني جبرانات لكثرة الجبران مع إمكان تقليله ، ومن ثم لو رضي في الأول بخمس جبرانات جاز ( وإن وجدهما ) بماله بغير صفة الإجزاء فكالعدم كما مر أو بصفته حال الإخراج ، ولا نظر لحال الوجوب كما علم مما مر فيما إذا وجد بنت المخاض قبل الإخراج نعم لا يبعد أن يأتي هنا نظير بحث الإسنوي السابق من أنه لو قصر حتى تلف الأغبط لم يجزئه غيره .

                                                                                                                              ( فالصحيح تعين الأغبط ) أي : الأنفع منهما إن كان من غير الكرام ؛ إذ هي كالمعدومة كما بحثه السبكي وكلام المجموع ظاهر فيه بأن كان أصلح لهم لزيادة قيمة أو احتياجهم لنحو در أو حرث أو حمل ؛ إذ لا مشقة في تحصيله ، وإنما يخير فيما يأتي في الجبران ، وفي الصعود والنزول ، والأغبط أولى إن تصرف لنفسه ؛ لأن الجبران ثم في الذمة فتخير دافعه كالكفارة ، وأحد الفرضين هنا متعلق بالعين فروعيت مصلحة مستحقه ولإمكان تحصيل الفرض هنا بعينه والاستغناء عن النزول والصعود بخلافه ثم ( ولا يجزئ غيره ) أي : الأغبط ( إن دلس ) المالك بأن أخفى الأغبط ( أو قصر الساعي ) ، ولو في الاجتهاد في أيهما أغبط فترد عينه إن وجد ، وإلا فقيمته ( وإلا ) يدلس ذاك ، ولا قصر هذا ( فيجزئ ) عن الزكاة ؛ لأن رده مشق ( والأصح ) بناء على الإجزاء ما لم يعتقد الساعي حل أخذ غير الأغبط ويفوض الإمام له ذلك لإجزاء غير الأغبط حينئذ ( وجود قدر التفاوت ) بينه وبين الأغبط [ ص: 220 ] إذا كانت الأغبطية بزيادة القيمة ؛ لأنه لم يدفع الفرض بكماله ، فإذا كانت قيمة أحد الفرضين أربعمائة والآخر أربعمائة وخمسين وأخرج الأول رجع عليه بخمسين ( ويجوز إخراجه ) دنانير أو ( دراهم ) من نقد البلد ، وإن أمكنه شراء كامل ؛ لأن القصد الجبر لا غير ، وهو حاصل بها ، وهذا أظهر من وجوه أخرى علل بها ؛ لأنها كلها مدخولة كما يظهر بتأملها ، ويجوز أن يخرج بقدره جزءا من الأغبط لا من المأخوذ فلو كانت قيمة الحقاق أربعمائة وبنات اللبون أربعمائة وخمسين ، وأخذ الحقاق فالجبر بخمسة أتساع بنت لبون لا بنصف حقة ؛ لأن التفاوت خمسون ، وقيمة كل بنت لبون تسعون ( وقيل : يتعين تحصيل شقص به ) من الأغبط

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولا يشكل عليه ما يأتي من تعين الأغبط ) قال في شرح الروض : وهو لا يكون إلا أحدهما ( قوله : مع إمكان تقليله ) أي : بما مر بقوله فله في تلك الأحوال الخمسة إلخ ( قوله : إن كان من غير الكرام ) فإن قلت : كيف يتصور كونه الأغبط ، وهو من غير الكرام قلت : يمكن أن يجري هنا ما ذكره أول الفصل الآتي بقوله : فإن قلت ينافي الأغبط هنا إلخ ( قوله : وإنما يخير فيما يأتي في الجبران ) أي : بين الشاتين والعشرين درهما ( قوله : والنزول ) أي : بينهما ( قوله والأغبط فيهما أولى ) أي : لا واجب ( قوله : إن تصرف لنفسه ) خرج الوكيل والولي ( قوله : ما لم يعتقد الساعي إلخ ) هلا قدم هذا عقب قوله : ولا يجزئ غيره فتأمله ( قوله : [ ص: 220 ] إذا كانت الأغبطية بزيادة القيمة ) وإلا فلا يجب شيء قاله الرافعي شرح م ر ، وخرج ما إذا كانت بغير ذلك مما تقدم



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وفيما إذا كان ) إلى قوله : ومن ثم في النهاية والمغني إلا قوله ولا يشكل إلى المتن ( قوله : وفيما إذا كان إلخ ) عطف على قوله فيما إذا فقدهما إلخ [ ص: 219 ] قوله : إذ لا تشقيص إلخ ) أي : بخلاف ما مر في المائتين مغني ( قوله : ما يأتي من تعين الأغبط ) أي : وهو لا يكون إلا أحدهما شرح الروض ا هـ سم ( قوله : لحمل هذا ) أي : ما هنا ( قوله : على ما إذا استويا ) أي : كل واحد من الفرضين والمجتمع منهما ( قوله : ويأتي ) أي : في شرح فالصحيح إلخ ( قوله : لأن استواءهما في القدرة إلخ ) عبارة المغني والنهاية : لأن استواءهما في العدم كاستوائهما في الوجود وعند وجودهما يجب إخراج الأغبط كما سيأتي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بوضوح الفرق ) وهو أن في تكليف الأغبط مع عدمه مشقة على المالك ولا مشقة في دفعه حيث كان موجودا ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فيما ذكر ) أي : من الأحوال الخمسة ( قوله : مع إمكان تقليله ) أي : بما مر بقوله فله في تلك الأحوال إلخ سم ( قوله : في الأول ) وهو الصعود لخمس جذاع ( قوله : تعين الأغبط ) أي : وإن كان المال لمحجور عليه ع ش ( قوله : أي الأنفع ) إلى المتن في النهاية إلا قوله بأن كان إلى وإنما يخير ( قوله : إن كان من غير الكرام ) فإن قلت كيف يتصور كونه الأغبط ، وهو من غير الكرام قلت يمكن أن يجري هنا ما ذكره أول الفصل الآتي بقوله فإن قلت ينافي الأغبط هنا إلخ سم ( قوله بأن كان إلخ ) تصوير للأنفع أو للأغبط والمآل واحد ( قوله : إذ لا مشقة إلخ ) تعليل للمتن .

                                                                                                                              ( قوله : وإنما يخير إلخ ) رد لدليل مقابل الصحيح ( قوله : فيما يأتي في الجبران ) أي : بين الشاتين والعشرين درهما سم ( قوله : وفي الصعود إلخ ) عطف على في الجبران ( قوله : والنزول ) أي : بينهما سم عبارة النهاية وعند فقد الواجب بين صعوده ونزوله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أولى ) أي : لا واجب سم عبارة البصري أي : ثم لا متعين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن تصرف لنفسه ) خرج الوكيل والولي سم ( قوله : لأن الجبران إلخ ) متعلق بقوله : وإنما يخير في الجبران ( قوله وأحد الفرضين إلخ ) بالنصب عطفا على الجبران ( قوله ولإمكان إلخ ) متعلق بقوله وإنما يخير في الصعود والنزول ( قوله : أي الأغبط ) إلى قول المتن وقيل في النهاية إلا قوله ما لم يعتقد إلى المتن وقوله ؛ لأن القصد إلى ويجوز ، وكذا في المغني إلا قوله لا من المأخوذ وقوله لا بنصف حقة قول المتن ( إن دلس أو قصر الساعي ) ويصدق كل من المالك والساعي في عدم التدليس والتقصير فيؤخذ من المالك التفاوت ، وظاهره ، وإن دلت القرينة على تدليس المالك أو تقصير الساعي ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : ولو في الاجتهاد ) أي : بأن أخذه عالما بالحال أو من غير اجتهاد ونظر في أن الأغبط ماذا مغني ونهاية عبارة شرح المنهج بأن لم يجتهد ، وإن ظن أنه الأغبط ا هـ أي : من غير اجتهاد ( قوله : فترد عينه إلخ ) أي : فيلزم المالك إخراج الأغبط ويرد الساعي ما أخذه إن كان باقيا وبدله إن كان تالفا نهاية ومغني قال ع ش هل ذلك البدل من ماله لتقصيره بعدم التحري أو من مال الزكاة فيه نظر والأقرب الأول للعلة المذكورة ا هـ قول المتن ( والأصح إلخ ) والثاني لا يجب بل يسن ؛ لأن المخرج محسوب من الزكاة فلا يجب معه شيء آخر كما إذا أدى اجتهاد الساعي إلى أخذ القيمة بأن كان حنفيا فإنه لا يجب معها شيء آخر مغني ونهاية .

                                                                                                                              ( قوله : ما لم يعتقد إلخ ) هلا قدم [ ص: 220 ] هذا عقب قوله ، ولا يجزئ غيره فتأمله سم ( قوله : إذا كانت الأغبطية إلخ ) خرج بذلك ما إذا كانت بغير ذلك مما تقدم سم ( قوله بزيادة القيمة ) أي : وإلا فلا يوجب معها شيء كما قاله الرافعي نهاية ومغني ( قوله : لأنه إلخ ) تعليل للأصح ( قوله : أحد الفرضين ) أي : كالحقاق و ( قوله والآخر ) أي : كبنات اللبون نهاية ( قوله دنانير أو دراهم إلخ ) قضيته أن غيرهما لا يجزئ ، وإن اعتيد تعامل أهل البلد به ولعله غير مراد وأن التعبير بهما للغالب فيجزئ غيرهما حيث كان هو نقد البلد ويقتضيه إطلاق قولالمحلي ومرادهم بالدراهم نقد البلد كما صرح به جماعة منهم وكتب عليه الشيخ عميرة ما نصه أي : لا خصوص الدراهم ، وهي الفضة ع ش أقول : وكذا يقتضيه قول الشارح الآتي ؛ لأن القصد إلخ ( قوله : من الأغبط ) أي : لأنه الأصل نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : فالجبر بخمسة أتساع بنت لبون ) وظاهر أن محله حيث لم يتفاوت التقويم بين الصحيح والكسر وإلا فينبغي أن يزاد في الكسر حيث تحقق التفاوت بينهما لضعف الرغبة في الكسر ويشمله قوله : آنفا أن يخرج بقدره جزءا فليتأمل حق التأمل بصري ( قوله : بخمسة أتساع بنت إلخ ) عبارة النهاية والمغني بخمسين وبخمسة أتساع إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لأن التفاوت خمسون وقيمة كل بنت لبون إلخ ) أي : ونسبة الخمسين للتسعين خمسة أتساع ؛ لأن تسع التسعين عشرة بجيرمي




                                                                                                                              الخدمات العلمية