الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن لزمه بنت مخاض فعدمها ) وابن لبون في ماله وأمكنه تحصيلهما ( وعنده بنت لبون دفعها ) إن شاء ( وأخذ شاتين ) بصفة الإجزاء إلا إن رضي ، ولو بذكر واحد ؛ لأن الحق له ( أو عشرين درهما ) إسلامية نقرة أي : فضة خالصة ، وهي المراد بالدرهم حيث أطلق نعم لو لم يجدها وغلبت المغشوشة جاز بناء على الأصح من جواز التعامل بها إخراج ما يكون فيه من النقرة قدر الواجب أما إذا وجد ابن لبون فلا يجوز بنت لبون إلا إذا لم يطلب جبرانا كما مر ( أو ) لزمه ( بنت لبون فعدمها دفع بنت مخاض مع شاتين ) بصفة الشاة التي في الإبل في جميع ما مر فيها ( أو عشرين درهما أو ) دفع ( حقة وأخذ شاتين أو عشرين درهما ) كما رواه البخاري عن كتاب أبي بكر رضي الله عنه ، وكذا كل من لزمه سن فقده [ ص: 221 ] وما نزل منزلته له الصعود لأعلى منه ، ولو غير سن زكاة وأخذ الجبران ، والنزول لأسفل منه إن كان سن زكاة ودفع الجبران ، وخرج بعدمها ما إذا وجدها فيمتنع النزول .

                                                                                                                              وكذا الصعود إن طلب جبرانا ، ونحو المعيب ، والكريم هنا كمعدوم نظير ما مر وإنما منعت بنت المخاض الكريمة ابن لبون كما مر ؛ لأن الذكر لا مدخل له في فرائض الإبل فكان الانتقال إليه أغلظ من الصعود والنزول ( والخيار في الشاتين والدراهم ) وأحدهما هو مسمى الجبران الواحد ( لدافعها ) مالكا كان أو ساعيا لكن يلزمه رعاية مصلحة الفقراء أخذا ودفعا كما يلزم وكيلا ووليا رعاية مصلحة المالك ( و ) الخيار ( في الصعود والنزول للمالك في الأصح ) ؛ لأنهما شرعا تخفيفا عليه حتى لا يكلف الشراء فناسب تخييره ، ولو مع الجمع بينهما كما إذا لزمه بنتا لبون فنزل عن إحداهما لبنت المخاض مع إعطاء جبران وصعد عن الأخرى لحقة مع أخذه لكن إن وافقه الساعي ، وإلا أجيب هذا ما بحثه الزركشي والذي يتجه المنع مطلقا ؛ لأن الواجب واحد فإما أن يصعد ، وإما أن ينزل وأما الجمع فخارج عن القياس من غير حاجة إليه ، ومحل الخلاف إن دفع غير الأغبط وإلا لزم الساعي قبول الأغبط جزما ( إلا أن تكون إبله معيبة ) بمرض أو غيره فلا يجوز له الصعود لمعيب مع طلب الجبران إلا إن رآه الساعي مصلحة ؛ لأن الجبران للتفاوت بين السليمين ، وهو فوق التفاوت بين المعيبين فقد تزيد قيمة الجبران المأخوذ على المعيب المدفوع ، ومن ثم لو عدل لسليم مع طلب الجبران جاز ، وله النزول لمعيب مع دفع جبران لتبرعه بزيادة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وأمكنه تحصيلهما ) ينظر وجه هذا التقييد فإنه إذا لم يمكنه تحصيلهما فله دفع بنت لبون عنده وأخذ الجبران ، وإن جاز له أيضا إخراج القيمة كما تقدم قبيل والمعيبة كمعدومة كما أن من أمكنه تحصيلهما كان له دفع بنت لبون عنده وأخذ الجبران ، وله تحصيلهما فهو مخير بينهما ولهذا قيد قوله دفعها بقوله إن شاء ويجاب ( قوله : إخراج ما يكون فيه من النقرة قدر الواجب ) أي : أو أقل إذا رضي المالك كما هو ظاهر ؛ لأن الحق له بقي أنه يلزم من إعطائه ما يكون نقرة قدر الواجب التطوع بالغش ، وهو حق المستحق اللهم إلا أن يحسب أو لا يكون له قيمة [ ص: 221 ] قوله : كمعدوم نظير ما مر ) أي : فوجود الكريمة لا يمنع الصعود والنزول ( قوله : أو ساعيا لكن يلزمه رعاية مصلحة الفقراء إلخ ) لو تعارض رعاية الساعي مصلحة الفقراء أخذا ، ورعاية الوكيل أو الولي مصلحة المالك دفعا ( قوله : إن دفع غير الأغبط ) يفيد جواز غير الأغبط ( قوله : إلا إن رآه الساعي مصلحة ) نقله الإسنوي عن إشارة الإمام إليه وقال : إنه متجه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : وابن لبون ) إلى قول المتن : وفي الصعود في النهاية إلا قوله وأمكنه تحصيلهما ، وكذا في المغني إلا قوله نعم إلى أما إذا ( قوله : وابن لبون ) بالنصب عطفا على الهاء و ( قوله : في ماله ) متعلق بعدم ( قوله : وأمكنه إلخ ) ينظر وجه هذا التقييد فإنه إذا لم يمكنه تحصيلهما فله دفع بنت لبون عنده وأخذ الجبران ، وإن جاز له أيضا إخراج القيمة كما تقدم قبيل والمعيبة كمعدومة كما أن من أمكنه تحصيلهما كان له دفع بنت لبون عنده وأخذ الجبران وله تحصيلهما فهو مخير بينهما ولهذا قيد قوله دفعها بقوله إن شاء سم ولعل لدفع ذلك النظر قال النهاية : وإن أمكنه إلخ ويحتمل سقوط إن الوصلية من قلم الناسخ ( قوله : بصفة الإجزاء ) أي : بصفة الشاة المخرجة فيما دون خمس وعشرين من الإبل في جميع ما سبق وفاقا وخلافا إلا أن الساعي لو دفع الذكر ورضي به المالك جاز قطعا نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : لأن الحق له ) أي : فله إسقاطه شرح المنهج قول المتن ( أو عشرين درهما ) والحكمة في ذلك أن الزكاة تؤخذ عند المياه غالبا ، وليس هناك حاكم ، ولا مقوم فضبط ذلك بقيمة شرعية كصاع المصراة والفطرة ونحوهما زيادي ( قوله : إسلامية نقرة ) والدرهم النقرة يساوي نصف فضة وجديدا كما قاله بعضهم أو يساوي نصف فضة وثلثا كما قاله الحلبي لتناسب الدراهم المذكورة قيمة الشاتين ؛ لأن الكلام في شاة العرب ، وهي تساوي نحو أحد عشر نصف فضة بل أقل وليس المراد به الدرهم المشهور حفني ا هـ بجيرمي ، وقد يخالفه قول الشارح كغيره ، وهي المراد إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : وغلبت ) عبارة الأسنى والنهاية أو غلبت ( قوله وهي ) أي : الفضة الخالصة مغني ( قوله : قدر الواجب ) أي : أو أقل إذا رضي المالك كما هو ظاهر ؛ لأن الحق له بقي أنه يلزم من إعطائه ما يكون نقرته قدر الواجب التطوع بالغش ، وهو حق المستحق اللهم إلا أن يحسب أو لا يكون له قيمة سم ( قوله : كما مر ) أي : في شرح فإن عدم بنت المخاض فابن لبون قول المتن ( فعدمها ) أي : في ماله نهاية ومغني ( قوله : وكذا كل من لزمه سن فقده إلخ ) ولو صعد من بنت المخاض مثلا إلى بنت اللبون قال الزركشي : هل تقع كلها زكاة أو بعضها الظاهر الثاني فإن زيادة السن فيها قد أخذ الجبران في مقابلتها فيكون قدر الزكاة فيها خمسة وعشرين جزءا من ستة وثلاثين جزءا ، ويكون أحد عشر في مقابلة الجبران [ ص: 221 ] نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : وما نزل إلخ ) عطف على الهاء ( قوله : وخرج بعدمها إلخ ) أي : في موضعين ( قوله : ما إذا وجدها ) أي : ولو معلوفة كما تقدم ع ش ( قوله : فيمتنع النزول ) أي : مطلقا مغني ( قوله : كمعدوم إلخ ) أي : فوجود الكريمة لا يمنع الصعود والنزول ، وإن منع وجود بنت مخاض كريمة العدول إلى ابن لبون نهاية ومغني وسم ( قوله : نظير ما مر ) أي : في شرح تعين الأغبط ( قوله : كما مر ) أي : في المتن قبيل : ولو اتفق فرضان ( قوله : لا مدخل له في فرائض الإبل ) أي : لم يجب منها ذكر وأما أخذه عند فقد بنت المخاض فهو بدل عنها لا فرض ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : فكان الانتقال إليه ) أي : مع وجود بنت المخاض في ماله قول المتن ( لدافعها ) أي : فيدفع ما شاء منهما ، وإن كان قيمته دون قيمة الآخر حيث كان الدافع المالك فإن كان الدافع الساعي راعى الأصلح كما ذكره الشارح بقوله : لكن يلزمه إلخ وبقي ما لو تعارض على الوكيل والولي مصلحة الموكل والمولى عليه دفعا ومصلحة الفقراء على الساعي أخذا فهل يراعيهما أو يراعي مصلحة الفقراء فيه نظر والذي يظهر أن الساعي إن كان هو الدافع راعى مصلحة الفقراء ؛ لأنه نائب عنهم ويجب على الولي والوكيل ما دفعه له الساعي ، وإن كان الدافع هو الولي أو الوكيل وجب عليه مراعاة موكله أو موليه كما يفيد ذلك قولهم : والخيرة للدافع ع ش ويصرح بهذا قول المغني والنهاية فإن قيل كيف يلزمه مراعاة الأصلح والخيرة للمالك أجيب بأنه يطلب منه ذلك ، فإن أجابه فذاك ولا أخذ منه ما يدفعه ذلك ا هـ أي : وجوبا فيجبر على أخذه ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : لكن يلزمه ) أي : الساعي رعاية مصلحة إلخ ويسن للمالك إذا كان دافعا اختيار الأنفع لهم نهاية ومغني ( قوله : أخذا ) أي : للأغبط للجبران لئلا ينافي ما قبله ، ويمكن إرادته بأن فوض المالك الخيرة بين أخذ الشاتين وأخذ العشرين إليه فلا تنافي ، أو المراد بالأخذ طلبه ، وإن لم يلزم المالك موافقته شوبري وتقدم الجواب الأخير عن المغني والنهاية ( قوله : هذا ما بحثه الزركشي ) أي : وأقره الأسنى ( قوله : مطلقا ) أي : وافقه الساعي أو لا ( قوله : ومحل الخلاف ) إلى قول المتن ، ولا تجزئ شاة في المغني ، وكذا في النهاية إلا قوله إلا إن رآه الساعي مصلحة .

                                                                                                                              ( قوله : ومحل الخلاف ) أي : الذي في المتن ( قوله : إلا إن رآه الساعي إلخ ) أي : فيجوز كما أشار إليه الإمام قال الإسنوي : وهو متجه أسنى ومغني وسم وخالف النهاية فقال : فلو رأى الساعي مصلحة في ذلك فالأوجه المنع أيضا أخذا بعموم كلامهم خلافا للإسنوي ا هـ ( قوله : لأن الجبران إلخ ) تعليل للمتن ( قوله : ومن ثم ) أي : لأجل ذلك التعليل




                                                                                                                              الخدمات العلمية