الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا تؤخذ مريضة ، ولا معيبة ) بما يرد به المبيع عطف عام على خاص للنهي عن ذلك رواه البخاري ( إلا من مثلها ) أي : المراض أو المعيبات ؛ لأن المستحقين شركاؤه ، ولو كان البعض أردأ من بعض أخرج الوسط في العيب ، ولا يلزمه الخيار جمعا بين الحقين ، فلو ملك خمسا وعشرين بعيرا معيبة فيها بنت مخاض من الأجود وأخرى دونها تعينت هذه ؛ لأنها الوسط [ ص: 225 ] وإنما لم تجب الأولى كالأغبط في الحقاق وبنات اللبون ؛ لأن كلا ثم أصل منصوص عليه ، ولا حيف بخلافه هنا ، ويؤخذ ابن لبون خنثى عن ابن لبون ذكر مع أن الخنوثة عيب في المبيع ، ولو انقسمت ماشيته لسليمة ومعيبة أخذت سليمة بالقسط ففي أربعين شاة نصفها سليم ونصفها معيب وقيمة كل سليمة ديناران ، وكل معيبة دينار تؤخذ سليمة بقيمة نصف سليمة ونصف معيبة مما ذكر وذلك دينار ونصف ، ولو كانت المنقسمة لسليمة ومعيبة ستا وسبعين مثلا فيها بنت لبون صحيحة أخذ صحيحة بالقسط مع مريضة كذا عبروا به ، وظاهره أن المريضة لا يعتبر فيها قسط وعليه فوجهه أن القيمة تنضبط مع اختلاف مراتب الصحة لا مع اختلاف مراتب العيب أو صحيحتان أخذتا مع رعاية القيمة بأن تكون نسبة قيمتهما إلى قيمة الجميع كنسبتهما إلى الجميع

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ولو كان البعض ) أي : من المراض والمعيبات ( قوله : أخرج الوسط ) لم أخرج من أجود النوع فيما مر آنفا إلا أن يفرق بأن أخذ الأجود ثم باعتبار القيمة لاختلاف [ ص: 225 ] النوع فلا إجحاف بخلافه هنا فلو أخرج الأعلى أجحف ، وقد يقال : هلا أخرج هنا الأعلى باعتبار القيمة أيضا ، وقد يفرق باختلاف النوع فيما مر آنفا بخلافه هنا ، وقد يشكل على أخذ الأغبط المتقدم أول الفصل ، وجوابه ما أشير إليه ثم ( قوله : بخلافه هنا ) يحرر لم كان أخذ الأجود من السليم ليس حيفا ، ومن المعيب حيفا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كذا عبروا به ) أي : قيدوا الصحيح بقولهم بالقسط دون المريضة .

                                                                                                                              ( قوله : فوجهه أن القيمة إلخ ) فيه بحث ؛ لأن من لازم تقسيط الصحيحة التقسيط على المريضات ؛ لأنها تقسط على الصحيحة وعلى المريضات بأن تساوي جزءا من ستة وسبعين جزءا من قيمة صحيحة وخمسة وسبعين جزءا من ستة وسبعين جزءا من قيمة مريضة فلو منع اختلاف مراتب المرضى التقسيط لمنعه هنا فليتأمل فلا مانع من تقسيط المريضة أيضا بأن تساوي خمسة وسبعين جزءا من ستة وسبعين جزءا من قيمة صحيحة فليتأمل ثم رأيت في العباب في نظير هذا المثال ما نصه ، وإن كان الكامل دون الفرض كمائتي شاة فيها كاملة فقط أجزأته كاملة وناقصة بالتقسيط ا هـ وظاهره اعتبار التقسيط في المريضة أيضا ، وهو ظاهر لكن اعترضه الشارح في شرحه بأنه كان ينبغي أن يجعل بالتقسيط عقب كاملة ويؤخر ناقصة عنه ؛ لأنه قيد في الكاملة فقط كما علم مما تقرر قال : وكأنه تبع قول المجموع مريضة وصحيحة بالقسط ، والفرق بين العبارتين ظاهر فإن بالقسط في هذه متعلق بما يليه فقط ، وهو صحيحة ، وفي عبارة المصنف متعذر ذلك ا هـ وفيه نظر ظاهر لما ذكرنا من أن تقسيط الصحيحة يستدعي تقسيط المريضة فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : مع اختلاف مراتب الصحة لا مع اختلاف إلخ ) قد تمنع هذه التفرقة ( قوله : أو صحيحتان أخذتا مع رعاية القيمة ) قال [ ص: 226 ] في الروض : وإن كان فيها أي : نعمه صحيح قدر الواجب فما فوقه وجب صحيح لائق بماله مثاله أربعون شاة نصفها مراض أو معيب وقيمة الصحيحة أي كل صحيحة ديناران والأخرى أي : وكل مريضة أو معيبة دينار لزمه صحيحة بدينار ونصف دينار ، فإن لم يكن فيها إلا صحيحة فعليه صحيحة بتسعة وثلاثين جزءا من أربعين من قيمة مريضة وبجزء من أربعين من قيمة صحيحة ، وذلك دينار وربع عشر دينار وعلى هذا القياس ا هـ وقوله السابق لائق بماله قال في شرحه بأن يكون نسبة قيمته إلى قيمة الجميع كنسبته إلى الجميع جمعا بين الحقين ا هـ فقول الشارح مع رعاية القيمة أي : بالنسبة المذكورة بأن تكون كل واحدة منهما بأربعة وسبعين جزءا من ستة وسبعين جزءا من قيمة مريضة وبجزأين من ستة وسبعين من قيمة صحيحة فلو زادت قيمة الصحيحتين الموجودتين على ذلك فينبغي أن لا يجب إخراجهما بل له تحصيل صحيحتين تكون قيمتهما موافقة للنسبة المذكورة



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولا تؤخذ مريضة إلخ ) عبارة النهاية والمغني ثم شرع في أسباب النقص في الزكاة وهي خمسة المرض والعيب والذكورة والصغر والرداءة فقال : ولا تؤخذ إلخ ( قوله : بما يرد ) إلى قوله كذا عبروا في النهاية إلا قوله فلو ملك إلى ويؤخذ ( قوله : بما يرد به المبيع ) ، وهو كل ما ينقص العين أو القيمة نقصا يفوت به غرض صحيح إذا غلب في جنس المبيع عدمه كردي على بافضل ( قوله : أي المراض إلخ ) أي : بأن تمحضت ماشيته منها نهاية ومغني ( قوله : ولو كان البعض ) أي : من المراض أو المعيبات سم .

                                                                                                                              ( قوله : أخرج الوسط إلخ ) فلم أخرج من أجود النوع فيما مر آنفا إلا أن [ ص: 225 ] يفرق بأن أخذ الأجود ثم باعتبار القيمة لاختلاف النوع فلا إجحاف بخلافه هنا فلو أخرج الأعلى أجحف ، وقد يقال هلا أخرج هنا الأعلى باعتبار القيمة أيضا وقد يفرق باختلاف النوع فيما مر آنفا بخلافه هنا سم ( قوله بخلافه هنا ) يحرر لم كان أخذ الأجود من السليم ليس حيفا ومن المعيب حيفا سم وقد يجاب أخذا مما قدمه الشارح في الفرق بين اختلاف الصفة واختلاف النوع بأن اختلاف المعيب أشد فلو أخرج الأعلى منه أجحف . ( قوله : ويؤخذ ابن لبون خنثى عن ابن لبون إلخ ) لم يبين وجه إجزائه هنا ولعله أنه لا يخلو من الذكورة والأنوثة فإن كان أنثى فهو أرقى من بنت المخاض ، وإن كان ذكرا أجزأ عن بنت المخاض بخلافه في البيع فإن رغبة المشتري تختلف بالذكورة والأنوثة ع ش ( قوله : ولو انقسمت ماشيته إلخ ) أي : واتحدت نوعا نهاية ومغني ( قوله : نصفها سليم إلخ ) ، وإن لم يكن فيها إلا صحيحة فعليه صحيحة بتسعة وثلاثين جزءا من أربعين جزءا من قيمة مريضة أو معيبة وبجزء من أربعين جزءا من قيمة صحيحة وذلك دينار وربع عشر دينار وعلى هذا فقس نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : تؤخذ سليمة بقيمة نصف سليمة إلخ ) ، ولو لم توجد في ماله صحيحة تفي قيمتها بالواجب مقسطا كأن كانت قيمة المريضة أربعين درهما والصحيحة مائة ، وفي ماله صحيحة واحدة من أربعين فقيمة الصحيحة المجزئة أحد وأربعون درهما ونصف درهم أخرج القيمة كما صرح به ابن حجر فيما لو انقسمت ماشيته لصغار وكبار ، ولم توجد في ماله كبيرة بالقسط ع ش ( قوله : أخذ صحيحة بالقسط مع مريضة إلخ ) هذا التعبير محل تأمل فليراجع وليحرر ، والذي رأيته بخط بعض الأفاضل نقلا عن شرح المهذب بصحيحة ومريضة بالقسط ، وهو الذي يظهر وقول الشارح فوجهه إلخ لا يخفى ما فيه على النبيه ، والحاصل أن من تأمل كلامهم في هذا المحل أدنى تأمل وفهم مرادهم من التقسيط يقطع بأن صواب العبارة ما تقدم عن شرح المهذب ويعلم ما وقع فيه الشارح رحمه الله في هذا المحل ثم رأيت في شرح العباب للنور بن عراق ما نصه : وإن كان الكامل دون الفرض كمائتي شاة فيها كاملة فقط أجزأته كاملة وناقصة أي : بالتقسيط كما في المجموع بحيث تكون نسبة قيمة المخرج إلى قيمة النصاب كنسبة المأخوذ إلى النصاب رعاية للجانبين انتهى ا هـ بصري وفي سم ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله : كذا عبروا به ) أي : قيدوا الصحيح بقولهم بالقسط دون المريضة سم ( قوله : مع اختلاف مراتب الصحة لا مع اختلاف مراتب العيب ) قد تمنع هذه التفرقة سم ( قوله : أو صحيحتان إلخ ) عطف على قوله : بنت لبون صحيحة ( قوله : بأن تكون نسبة قيمتهما إلخ ) أي : بأن تكون كل واحدة منهما بأربع [ ص: 226 ] وسبعين جزءا من ستة وسبعين جزءا من قيمة مريضة وبجزأين من ستة وسبعين جزءا من قيمة صحيحة فلو زادت قيمة الصحيحتين الموجودتين على ذلك فينبغي أن لا يجب إخراجهما بل له تحصيل صحيحتين تكون قيمتهما موافقة للنسبة المذكورة سم أي : فإن لم يجدهما فرق قيمتهما كما يأتي ومر




                                                                                                                              الخدمات العلمية