الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في زكاة التجارة قال ابن المنذر وقد أجمع على وجوبها عامة أهل العلم أي أكثرهم وصح خبر وفي { البز صدقته } وهو الثياب المعدة للبيع والسلاح وزكاة العين لا تجب في هذين فتعين حمله على زكاة التجارة وروى أبو داود مرفوعا الأمر بإخراج الصدقة مما يعد للبيع وبذلك يعلم أن نفي الوجوب في العبد والفرس في الخبر السابق محمول على ما لم يعد منهما للبيع ( شرط زكاة التجارة الحول والنصاب ) كغيرها نعم النصاب هنا إنما يكون ( معتبرا بآخر الحول ) أي فيه ؛ لأنه حالة الوجوب دون ما قبله لكثرة اضطراب القيم ( وفي قول بطرفيه ) قياسا للأول بالآخر ( وفي قول بجميعه ) كالمواشي ( فعلى ) الأول ( الأظهر ) وكذا على الثاني بالأولى فحذفه لذلك أو ؛ لأنه ليس من غرضه ( لو رد ) مال التجارة ( إلى النقد ) الذي يقوم به آخر الحول بأن بيع به مثلا ( في خلال الحول وهو دون النصاب ) أي ولم يكن بملكه [ ص: 293 ] نقد من جنسه يكمله أخذا مما يأتي إلا أن يفرق ( واشترى به سلعة فالأصح أنه ينقطع الحول ويبتدئ حولها من ) وقت ( شرائها ) لتحقق نقص النصاب حسا بالتنضيض بخلافه قبله ؛ لأنه مظنون أما لو لم يرد إلى النقد كأن بادل بعرضها عرضا آخر أو رد لنقد لا يقوم به كأن باعه بدراهم والحال يقضي التقويم بدنانير أو النقد يقوم به وهو دون نصاب ولم يشتر به شيئا أو وهو نصاب فلا ينقطع الحول بل هو باق على حكمه ؛ لأن ذلك كله من جملة التجارة وفائدة عدم انقطاعه في الثالثة التي ذكرها شارح وفيها ما فيها لمن تأمل كلامهم الصريح في أن قول المتن واشترى به سلعة تمثيل لا تقييد أنه لو ملك قبيل آخر الحول نقدا آخر يكمله زكاه ثم رأيت أن المنقول المعتمد خلاف ما ذكره وهو أنه ينقطع الحول إذا لم يملك تمامه لتحقق النقص عن النصاب بالتنضيض

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              في زكاة التجارة ( قوله وكذا على الثاني بالأولى ) لك أن تقول إن أريد الأولوية حتى بالنظر للخلاف الذي في قوله فالأصح فهو ممكن وإن أريد الأولوية في مجرد الانقطاع مع قطع النظر عن الخلاف فالثالث كذلك إلا أن الخلاف داخل في التفريع فلا وجه لقطع النظر عنه ( قوله الذي يقوم به إلخ ) أي كما يفيد ذلك جعل أل للعهد وفيه أنه لا قرينة ( قوله بأن يبيع به مثلا ) شامل للبيع بعينه وفي الذمة ( قوله أي ولم يكن في [ ص: 293 ] ملكه نقد من جنسه يكمله إلخ ) فيه أمران الأول لعل هذا هو الأوجه وإن كتب شيخنا الشهاب البرلسي بهامش شرح المنهج خلافه أخذا بإطلاقهم كما سنحكيه عنه والثاني أن تقييده بالنقد في قوله نقد من جنسه لعله ؛ لأنه لو كان الذي يملكه عرض تجارة كأن باع بعض عرضها وأبقى منه شيئا لم ينقطع الحول .

                                                                                                                              وقد جزم بذلك شيخنا المذكور فيما كتبه بهامش شرح المنهج وصورة ما كتبه تنبيه لو نض المال ناقصا وكان في ملكه من النقد ما يكمل به نصابا فلا أثر له في استمرار حول التجارة كما يؤخذ ذلك من إطلاقهم نعم لو بقي من عرض التجارة شيء لم ينض ولو قل فلا إشكال في بقاء حول التجارة في الذي نض ناقصا ولو باع جميعه بنقد ناقص عن النصاب يقوم به ولكن في ذمة المشتري ثم اعتاض عنه ما لا يقوم به ولو في المجلس .

                                                                                                                              فالظاهر الانقطاع بخلاف عكسه ا هـ صورة ما كتبه وقوله فلا إشكال في بقاء حول التجارة في الذي نض ناقصا يحتمل أن محله إن لم يكن حوله سابقا حول الذي لم ينض وإلا فالعبرة بحول الذي لم ينض وبضم هذا إليه فيه أخذا من كلام ذكره في المجموع في نظير ذلك حيث قال ما نصه فلو اشترى العرض بالمائة أي المائة الدرهم التي معه فلما مضت ستة أشهر استفاد خمسين درهما من جهة أخرى فلما تم حول العرض كانت قيمته مائة وخمسين فلا زكاة ؛ لأن الخمسين لم يتم حولها ؛ لأنها وإن ضمت إلى مال التجارة فإنما تضم إليه في النصاب لا في الحول ؛ لأنها ليست من العرض ولا من ربحه فإذا تم حول الخمسين زكى المائتين ولو كان معه مائة درهم فاشترى بها عرضا للتجارة في أول المحرم ثم استفاد مائة أول صفر فاشترى بها عرضا ثم استفاد مائة ثالثة في أول شهر ربيع فاشترى بها عرضا آخر فإذا تم حول المائة الثانية قوم عرضها فإذا بلغت قيمته مع الأولى نصابا زكاهما وإن نقصا عنه فلا زكاة في الحال فإذا تم حول المائة الثالثة فإن كان الجميع نصابا زكاة وإلا فلا ا هـ وفي القوت ما نصه إشارة تضم أموال التجارة بعضها إلى بعض في النصاب وإن اختلف حولها ا هـ وينبغي حمله على ما تقرر عن المجموع فلا يضم ما سبق حوله إلى ما تأخر حوله في النصاب في الحول الأول فليتأمل ( قوله أخذا مما يأتي ) أي في قوله الآتي قريبا ومحله الخلاف إلخ ( قوله يكمله زكاه ) أي هو لا المجموع فالنقد الآخر مضموم إليه [ ص: 294 ] في النصاب دون الحول لكن قوله زكاة لا يوافق قوله الآتي فإذا تم حول الخمسين وما بهامشه عن الروض وشرحه فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل في زكاة التجارة )

                                                                                                                              ( قوله في زكاة التجارة ) أي وما يتبع ذلك كوجوب فطرة عبيد التجارة ع ش والتجارة تقليب المال بالمعاوضة لغرض الربح أسنى ومغني وإيعاب وهذا هو المراد مما تقدم في الشرح أنها تقليب المال بالتصرف فيه لطلب النماء ا هـ إذ المراد بالتصرف فيه البيع ونحوه من المعاوضات كما نبه عليه ع ش فشراء بزر البقم ليزرع ويباع ما ينبت ويحصل منه ليس من التجارة وإن خفي على بعض الضعفة فقال بوجوب الزكاة فيه ويلزمه فيما إذا اشترى نحو بزر سمسم أو كتان أو قطن ليزرع ويباع ما يحصل منه كما هو عادة الزراع أن تجب زكاة التجارة فيما ينبت منه إذا مضى عليه حول من حين الشراء وبلغ الحاصل منه نصابا وهو ظاهر الفساد ويأتي فيه زيادة بسط إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                              ( قوله قال ) إلى قوله وفائدة إلخ في النهاية إلا قوله أي ولم يكن إلى المتن وقوله وهو دون إلى وهو نصاب وكذا في المغني إلا قوله أي أكثرهم ( قوله أي أكثرهم ) أي فلا يرد أن أبا حنيفة لا يقول بوجوبها ع ش ( قوله وصح خبر وفي البز إلخ ) والبز بباء موحدة مفتوحة وزاي معجمة مشددة يطلق على الثياب المعدة للبيع عند البزازين على السلاح قاله الجوهري نهاية ومغني ( قوله وزكاة العين لا تجب في هذين ) أي في الثياب والسلاح بالإجماع ع ش ( قوله حمله ) أي الخبر ( قوله وبذلك ) أي خبر أبي داود .

                                                                                                                              ( قوله في الخبر السابق ) أي في أوائل زكاة الحيوان قول المتن ( الحول ) ويظهر انعقاده بأول متاع يشتريه بقصدها وينبني حول ما يشتري بعده عليه شوبري ا هـ بجيرمي ويأتي ما يتعلق بذلك ( قوله نعم النصاب هنا إلخ ) حل معنى وإلا فالظاهر أن قول المصنف معتبرا إلخ حال من النصاب قول المتن ( وفي قول بجميعه ) وعليه لو نقصت قيمته عن النصاب في لحظة انقطع الحول فإن كمل بعد ذلك استأنف الحول من حينئذ نهاية ( قوله فعلى الأول ) وهو اعتبار آخر الحول نهاية .

                                                                                                                              ( قوله وكذا على الثاني إلخ ) أي والثالث أيضا نهاية ومغني وسم ( قوله الذي يقوم به إلخ ) أي كما يفيد ذلك جعل أل للعهد نهاية ومغني زاد سم وفيه أنه لا قرينة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بأن بيع به ) شامل للبيع بعين وفي الذمة سم ( قوله مثلا ) أي أو يؤجر أو يهب به ( قوله أي ولم يكن بملكه إلخ ) أقول : هو متجه بل هو مأخوذ مما يأتي بالأولى للنضوض هنا بالفعل بخلافه فيما يأتي فإنه يقوم لا غير فإذا ضم مع التقويم فلأن يضم مع النضوض بالأولى ثم رأيت الفاضل المحشي قال لعل هذا هو الأوجه وإن كتب شيخنا الشهاب البرلسي بهامش شرح المنهج [ ص: 293 ] خلافه أخذا بإطلاقهم انتهى ا هـ بصري أقول : بل المسألة مصرح بها في العباب عبارته مع شرحه وإن باعه أي عرضها أثناء الحول بدون نصاب منه أي من نقدها ولا يملك تمامه انقطع حولها أو بدون نصاب من عرض أو من نقد آخر أي غير نقد التقويم بنى حوله على حول مال التجارة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نقد من جنسه إلخ ) لعل تقييده بالنقد ؛ لأنه لو كان الذي بملكه عرض تجارة كأن باع بعض عرضها وأبقى منه شيئا لم ينقطع الحول وقد جزم بذلك شيخنا الشهاب البرلسي بهامش شرح المنهج سم ( قوله أخذا مما يأتي ) أي في شرح فالأصح أنه يبتدأ حول إلخ بقوله ومحل الخلاف إلخ ( قوله إلا أن يفرق ) تقدم عن سم والبصري اعتماد عدم الفرق ( قوله لتحقق نقص النصاب إلخ ) يرد عليه ما لو نض بنقد غير ما اشتراه به وهو أنقص من ذلك النقد رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأنه مظنون ) يؤخذ منه أنه لو علم في أثناء الحول أن مال التجارة لا يساوي نصابا استأنف الحول من حينئذ حرر شيخنا ا هـ بجيرمي ويرده ما مر عن العباب والرشيدي وقول النهاية والمغني والثاني لا ينقطع كما لو بادل بها سلعة ناقصة عن النصاب فإن الحول لا ينقطع ا هـ وقول الروض ولو باعه بدون النصاب من نقد التقويم في أثناء الحول انقطع أو من عرض أو نقد آخر بنى أي حوله على حول مال التجارة كما إذا باعه بنصاب ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله عرضا آخر ) أي ولو دون نصاب كما مر عن العباب والروض والنهاية والمغني ( قوله كأن باعه بدراهم ) أي ولو دون نصاب كما تقدم عن العباب والروض عبارة شرح بافضل كأن باع في أثناء الحول عرضا اشتراه بنصاب ذهب أو دونه بمائة وخمسين درهما فضة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والحال يقتضي التقويم بدنانير ) أي إما لكونه اشتراه بها أو كونها غالب نقد البلد ع ش ( قوله فلا ينقطع الحول إلخ ) جواب أما ( قوله وفائدة إلخ ) مبتدأ خبره أنه لو ملك إلخ ( قوله في الثالثة إلخ ) أي في الرد لنقد يقوم به وهو دون نصاب ولم يشتر به شيئا ( قوله الصريح إلخ ) صفة كلامهم ( قوله زكاه ) أي مال التجارة لا المجموع فالنقد لآخر مضموم إليه في النصاب دون الحول سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية