الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وفي الأداء والفرضية والإضافة إلى الله تعالى الخلاف المذكور في الصلاة ) لكن الأصح في المجموع نقلا عن الأكثرين أنه لا تجب نية الفرضية هنا ؛ لأن صوم رمضان من البالغ لا يقع إلا فرضا والظهر قد تكون معادة ورده السبكي بوجوب نية الفرضية فيها ويرد بأن وجوبها فيها على ما مر ليس المراد به حقيقتها بل لتتم محاكاتها للأولى كما مر وذلك مفقود هنا [ ص: 392 ] وعلى ما في المجموع لو نوى ولم يتعرض للفرضية ثم بلغ قبل الفجر لم يلزمه التعرض لها والصحيح لا يشترط تعيين السنة ؛ لأن تعيين اليوم وهو الغد يغني عنه واعترضه الإسنوي بأن التعرض للغد يفيد ما يصومه وللسنة يفيد ما يصوم عنه ؛ إذ من نوى صوم الغد من هذه السنة عن فرض رمضان يصح أن يقال له : صيامك هذا اليوم عن فرض هذه السنة أو عن فرض سنة أخرى ، ويجاب بأنه يلزمه ذلك في الأداء أيضا وبأن المتبادر من ذلك وقوعه عن هذه السنة لا غير فاكتفوا بهذا المتبادر الظاهر جدا كما لا يخفى ونظيره نية فرض الظهر المتبادر منها الأداء فلم يوجبوه وإن صح أن يقال له نيتك الفرض هل هي عن أداء أو قضاء فإن قلت : سبق أن القرائن الخارجية لا تخصص النية قلت : لم يعمل هنا بقرينة خارجية بل بالمتبادر من المنوي لا غير [ ص: 393 ] وبحث الأذرعي أنه لو كان عليه مثل الأداء كقضاء رمضان قبله لزمه التعرض للأداء وتعيين السنة وهو مبني على الضعيف الذي اختاره في نظيره من الصلاة أنه تجب نية الأداء حينئذ .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله والظهر قد تكون معادة ) أي : وكذا الجمعة ( قوله ويرد إلخ ) لين ( قوله في المتن [ ص: 392 ] والصحيح أنه لا يشترط تعيين السنة ) قال في الروض ولو نوى صوم غد وهو يعتقده الاثنين فكان الثلاثاء أو رمضان هذه السنة يعتقدها سنة ثلاث فكانت سنة أربع صح بخلاف ما لو نوى صوم الثلاثاء ليلة الاثنين أو رمضان سنة ثلاث فكانت سنة أربع ولم يخطر به الغد أي : في الأولى كما في شرحه والسنة الحاضرة أي في الثانية كما في شرحه أيضا ا هـ .

                                                                                                                              وفي شرح العباب للشارح ما نصه فإن قلت ذكر الغد في الأولى دون الثانية لا يقتضي فرقا فقد صرح فيها في البحر بالحكم المذكور مع ذكر لفظ الغد في كل منهما قلت ما اقتضاه كلامه من البطلان في الثانية وإن ذكر لفظ الغد ممنوع كما يعلم مما يأتي قريبا ا هـ .

                                                                                                                              وقد يستشكل ما ذكره في قوله بخلاف إلخ من أنه يضر الخطأ بما تقرر في باب الصلاة من أنه لو عين اليوم وأخطأ فيه لم يضر لا في الأداء ولا في القضاء على الصحيح إلا أن يفرق بأن تعلق صوم رمضان بوقته فوق تعلق فرض الصلاة بوقتها بدليل أن الوقت في الصوم لا يقبل غير رمضان وأنه بقدره بخلاف وقت الصلاة يقبل غيرها ويزيد عليها فجاز أن يضر الخطأ في الوقت في الصوم دون الصلاة أو بأن النية في الصلاة لما وقعت في الوقت انصرفت لما تعين له ذلك الوقت فلم يضر الخطأ بخلافها في الصوم فإنها وقعت قبل الوقت فلم تتعين لما له الوقت لعدم دخوله فضر الخطأ ويحتمل أن يسوى بينهما في الأداء في الضرر على ما إذا أشار إلى اليوم وفي القضاء في عدم الضرر فليتأمل وليراجع .

                                                                                                                              ( قوله أو عن فرض سنة أخرى ) فيه نظر مع ذكر الأداء إلا أن يقال يحتمل مطلق الفعل ( قوله ويجاب بأنه إلخ ) إن كان المراد بهذا أنه يلزم جريان الاعتراض في عدم وجوب الأداء ؛ لأن قضيته وجوبه ففيه أن لزوم ذلك لو سلم لا يدفع الاعتراض كما لا يخفى فلا يكون جوابا عنه وقوله وبأن المتبادر إلخ قد يقال فيه تسليم الاعتراض وأن نفس تعيين الغد المعين عن نفس السنة وقوله بل بالمتبادر من المنوي قد يقال عليه لو صح العمل بالمتبادر لم يحتج في نحو سنة الظهر [ ص: 393 ] القبلية للتعرض لكونها القبلية ؛ لأن المتبادر من نية السنة قبل فعل الظهر أنها القبلية لعدم دخول وقت البعدية ولأن الغالب المطرد أنه لا يفعل قبلها إلا القبلية فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لكن الأصح في المجموع نقلا عن الأكثرين أنه لا تجب إلخ ) وهو المعتمد وإن اقتضى كلامه هنا كالروضة وأصلها اشتراطها مغني ونهاية وشرح المنهج ( قوله والظهر قد تكون معادة ) أي : وكذا الجمعة فيما لو صلاها بمكان ثم أدرك جماعة أخرى يصلونها فصلاها معهم مغني سم ( قوله ورده ) أي : الفرق المذكور بين صوم رمضان والصلاة ( قوله فيها ) أي المعادة ( قوله ويرد إلخ ) فيه لين سم ( قوله ليس المراد إلخ ) خبر أن ( قوله وذلك ) أي المحاكاة ( مفقود هنا ) أي في الصوم ولا يخفى أن هذه الجملة مستدركة [ ص: 392 ] لا مدخل لها في الرد ( قوله وعلى ما في المجموع لو نوى ولم يتعرض إلخ ) يقتضي أنه على المقابل يلزمه التعرض لها وهو واضح غير أن فيه إيماء إلى أنه لا يشترط التعرض لها على المقابل في صوم الصبي وهو محل تأمل لما مر في صلاته ولما مر آنفا من اشتراط التبييت في صومه فليحرر وليراجع بصري ( قوله لو نوى ) أي : الصبي صوم رمضان قول المتن .

                                                                                                                              ( والصحيح أنه لا يشترط إلخ ) ولو نوى صوم غد وهو يعتقده الاثنين فكان الثلاثاء أو صوم رمضان هذه السنة وهو يعتقدها سنة ثلاث فكانت سنة أربع صح صومه بخلاف ما لو نوى صوم الثلاثاء ليلة الاثنين أو صوم رمضان سنة ثلاث وكانت سنة أربع ولم يخطر بباله في الأولى الغد وفي الثانية السنة الحاضرة ؛ لأنه لم يعين الوقت الذي نوى في ليلته نهاية ومغني وشرح الروض قول المتن ( لا يشترط تعيين السنة ) أي : كما لا يشترط الأداء ؛ لأن المقصود منهما واحد نهاية ومغني ( قوله واعترضه الإسنوي إلخ ) أقره الأسنى والنهاية .

                                                                                                                              ( قوله من هذه السنة ) الأولى تركه لإيهامه أنه معتبر في التصوير وليس كذلك ؛ إذ لو تعرض له في النية سقط السؤال بصري وفي كل من قوله الأولى تركه لإيهامه إلخ وقوله ؛ إذ لو تعرض إلخ نظر لا يخفى على المتأمل ( قوله يصح أن يقال إلخ ) فالحاصل أن هذه السنة إنما ذكروها آخر التعود إلى المؤدى عنه لا إلى المؤدى به أسنى زاد النهاية ومن ثم كان رمضان مضافا لما بعده ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أو عن فرض سنة أخرى ) فيه نظر مع ذكر الأداء إلا أن يقال يحتمل مطلق الفعل سم ويدفع النظر من أصله أن الاعتراض مبني على الأصح من عدم وجوب تعرض الأداء .

                                                                                                                              ( قوله ويجاب بأنه إلخ ) إن كان المراد بهذا أنه يلزم جريان الاعتراض في عدم وجوب الأداء لأن قضيته وجوبه ففيه أن لزوم ذلك لو سلم لا يدفع الاعتراض كما لا يخفى فلا يكون جوابا عنه سم ( قوله يلزمه ذلك ) أي الاستغناء عن تعيين السنة يعني كما أن الغد يغني عنه كذلك الأداء يغني عنه كما علل بهما المصنف كردي .

                                                                                                                              ( قوله وبأن المتبادر إلخ ) قد يقال فيه تسليم الاعتراض وأن نفس تعيين الغد لم يغن عن تعيين السنة سم عبارة البصري قد يقال التبادر ونحوه من عوارض اللفظ والنية أمر قلبي معنوي صرف فالاستناد إليه لا يجدي ا هـ وكل منهما قابل للمنع بل يصرح برد الثاني قول الشارح الآتي بل بالمتبادر إلخ .

                                                                                                                              ( قوله من ذلك ) أي : من الغد كردي ( قوله بل بالمتبادر من المنوي إلخ ) قد يقال عليه لو صح العمل بالمتبادر لم يحتج في نحو سنة الظهر القبلية للتعرض لكونها القبلية ؛ لأن المتبادر من نية سنة الظهر قبل فعل الظهر أنها القبلية لعدم [ ص: 393 ] دخول وقت البعدية سم وقد يجاب بأن التبادر هناك ليس من نفس المنوي بل من خارج هو عدم دخول وقت البعدية ( قوله وبحث ) إلى المتن في النهاية ( قوله وهو مبني إلخ ) عبارة النهاية يرد بأن الأصل هنا القياس على الصلاة ونظير ذلك لا يتعين ثم فلا يتعين هنا وسببه أن الأداء والقضاء جنسهما واحد وهو فرض رمضان فلا نظر لاختلاف نوعهما ا هـ .

                                                                                                                              `



                                                                                                                              الخدمات العلمية