الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو عين المسجد الحرام في نذره الاعتكاف تعين ) ولم يقم غيره مقامه لزيادة فضله والمضاعفة فيه ؛ إذ الصلاة فيه بمائة ألف ألف ألف ثلاثا فيما سوى المسجدين الآتيين كما أخذته من الأحاديث وبسطته في حاشية الإيضاح وستأتي الإشارة إليه والمراد به الكعبة والمسجد حولها ولو عينها أجزأ عنها بقية المسجد لما تقرر من شمول المضاعفة للكل وقال كثيرون تتعين هي ؛ لأنها أفضل ( وكذا ) يتعين ( مسجد المدينة ) وهو مسجده صلى الله عليه وسلم دون ما زيد فيه كما صححه المصنف واعترض عليه بما هو مردود كما هو مبسوط في الحاشية والفرق أنه في الخبر أشار فقال { صلاة في مسجدي هذا } فلم يتناول ما حدث بعدها وفي الأول عبر بالمسجد الحرام والزيادة تسمى بذلك ( والأقصى في الأظهر ) ؛ لأنهما تشد إليهما الرحال كالمسجد الحرام ولا يتعين غير الثلاثة بالتعيين لكن المعين أولى [ ص: 467 ] وبحث تعين مسجد قباء ؛ لأن ركعتين فيه كعمرة كما في الحديث ( ويقوم المسجد الحرام مقامهما ) ؛ لأنه أفضل منهما ( ولا عكس ) لذلك ( ويقوم مسجد المدينة مقام الأقصى ) ؛ لأنه أفضل منه ( ولا عكس ) لذلك ؛ إذ الصلاة فيه بخمسمائة في رواية وبألف في أخرى فيما سوى الثلاثة وفيمسجد المدينة بألف في الأقصى وفي مسجد مكة بمائة ألف في مسجد المدينة فحصل ما مر على رواية الألف في الأقصى ويتعين زمن الاعتكاف إن عين له زمنا فلو قدمه عليه لم يحسب وإن أخره عنه كان قضاء وأثم إن تعمد .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وهو مسجده صلى الله عليه وسلم دون ما زيد فيه ) بقي أنه هل محل تعين مسجده صلى الله عليه وسلم ما إذا عينه كأن قال لله علي أن أعتكف في مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمنه أو أراد بمسجد المدينة ذلك بخلاف ما لو أطلق مسجد المدينة لفظا أو نية فلا يتعين لصدقه [ ص: 467 ] بالزيادة التي حكمها كسائر المساجد لعدم المضاعفة فيه نظر .

                                                                                                                              ( قوله وبحث تعين مسجد قباء إلخ ) وإلحاق البغوي بمسجد المدينة سائر مساجده صلى الله عليه وسلم مردود بأن الخبر وكلام غيره يأبيانه وبه يعلم رد إلحاق بعضهم مسجد قباء بالثلاثة وإن صح خبر صلاة فيه كعمرة شرح م ر ( قوله في المتن ويقوم مسجد المدينة ) أي القدر الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم بدليل الاحتجاج بقوله وفيه مسجد المدينة بألف في الأقصى ( قوله فحصل ما مر ) أي : من أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف ألف ألف ثلاثا فيما سوى المساجد الثلاثة [ ص: 468 ] ؛ لأنه إذا كانت فيه بمائة ألف في مسجد المدينة وكانت في مسجد المدينة بألف في الأقصى وكانت في الأقصى بألف في غير الأقصى كانت فيه بمائة ألف ألف ألف ثلاثا في غير الثلاثة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله والمضاعفة إلخ ) عطف على قوله فضله ( قوله : إذ الصلاة إلخ ) ظاهره اختصاص المضاعفة بالصلاة فقط وبذلك صرح شيخنا الحلبي في سيرته وفي كلام غيره عدم اختصاص المضاعفة بها بل تشمل جميع الطاعات فليراجع ع ش ويأتي عن البصري ما يوافقه ( قوله وستأتي ) أي : في شرح ولا عكس ( وقوله إليه ) أي : الأخذ .

                                                                                                                              ( قوله والمراد ) إلى قوله وقال في النهاية والمغني ( قوله والمراد به ) أي : بالمسجد الحرام الذي يتعين في النذر ويتعلق به زيادة الفضل وأجزاء المسجد كلها متساوية في أداء المنذور ومقتضى كلام الجمهور أنه لا يتعين جزء منه بالتعيين وإن كان أفضل من بقية الأجزاء مغني .

                                                                                                                              ( قوله والمسجد حولها ) أي : كما جزم به في المجموع وهو المعتمد فعليه لا يتعين جزء من المسجد بالتعيين وإن كان أفضل من بقية الأجزاء نهاية قال ع ش قوله والمسجد حولها شامل لما زيد في المسجد على ما كان في زمنه عليه الصلاة والسلام كما يصرح به كلامه بعد عبارة البصري قوله والمسجد حولها لعل التخصيص بالنسبة لما نيط بلفظ المسجد الحرام من المضاعفة بمائة ألف ألف ألف أما المضاعفة بمائة ألف فلا لدخولها في عموم حسنات الحرم بمائة ألف حسنة فتنبه له ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو عينها ) أي : الكعبة .

                                                                                                                              ( قوله لما تقرر إلخ ) عبارة النهاية قياسا على ما لو نذر صلاة فيها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وهو مسجده ) إلى قوله وفي الأول في النهاية إلا قوله واعترض إلى والفرق ( قوله وهو مسجده صلى الله عليه وسلم إلخ ) معتمد بقي أنه هل محل تعين مسجده صلى الله عليه وسلم ما إذا عينه كأن قال لله علي أن أعتكف في مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمنه أو أراد بمسجد المدينة ذلك بخلاف ما لو أطلق مسجد المدينة لفظا ونية فلا يتعين لصدقه بالزيادة التي حكمها كسائر المساجد لعدم المضاعفة فيها سم على حج أقول والأقرب حمله على ما كان في زمنه صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه هو الذي يترتب عليه الفضل المذكور فيحمل عليه لفظ الناذر ؛ إذ الظاهر من تخصيصه مسجد المدينة بالذكر إنما هو لإرادة زيادة الثواب ع ش .

                                                                                                                              ( قوله واعترض إلخ ) عبارة النهاية ورأى جماعة عدم الاختصاص وأنه لو وسع مهما وسع فهو مسجده كما في مسجد مكة إذا وسع فتلك الفضيلة ثابتة له ا هـ قال ع ش قوله م ر ورأى جماعة إلخ ضعيف وقوله كما في مسجد مكة إذا وسع إلخ أي : ما لم يصل إلى الحل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وفي الأول عبر بالمسجد الحرام ) قد يقال هنا أيضا فيه إشارة باللام بصري .

                                                                                                                              ( قوله ولا يتعين ) إلى قول المتن والأصح في النهاية إلا قوله فحصل إلى ويتعين وكذا في المغني إلا قوله وبحث إلى المتن .

                                                                                                                              ( قوله ولا يتعين إلخ ) أي : كما يشعر به كلامه ويشعر أيضا تعبيره بالاعتكاف أنه إن نذر الصلاة في المساجد الثلاثة لم يتعين وليس مرادا بل هي أولى بالتعيين [ ص: 467 ] وقد نص عليها الشافعي والأصحاب مغني .

                                                                                                                              ( قوله وبحث إلخ ) عبارة النهاية وإلحاق البغوي بمسجد المدينة سائر مساجده صلى الله عليه وسلم مردود بأن الخبر وكلام غيره يأبيانه وبه يعلم رد إلحاق بعضهم مسجد قباء بالثلاثة وإن صح خبر : صلاة فيه كعمرة ولو شرع في اعتكاف متتابع في مسجد غير الثلاثة تعين لئلا يقطع التتابع نعم لو عدل لما خرج لقضاء الحاجة إلى مسجد آخر مثل مسافته فأقل جاز لانتفاء المحذور ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لذلك ) أي : لأنهما دونه في الفضل نهاية ومغني قول المتن ( ويقوم مسجد المدينة إلخ ) أي القدر الذي كان في زمنه صلى الله عليه وسلم سم .

                                                                                                                              ( قوله : إذ الصلاة إلخ ) تعليل لكل من قوله ؛ لأنه أفضل منهما وقوله لذلك في موضعين ( قوله وبألف في أخرى ) وعليها فهما متساويان نهاية ومغني قال ع ش قوله م ر فهما متساويان ضعيف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأثم إن تعمده ) ظاهره أنه لو فاته بعذر لا إثم فيه ويجب القضاء وعليه فلو عين في نذره أحد المساجد الثلاثة لم يقم غيرها مقامها بل ينتظر إمكان الذهاب إليها فمتى أمكنه فعله ثم إن لم يكن عين في نذره زمنا فظاهر وإن كان عين ولم يمكنه الاعتكاف فيه صار قضاء ويجب فعله متى أمكن ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فحصل ما مر ) أي : من أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف ألف ألف ثلاثا فيما سوى المساجد الثلاثة ؛ لأنه إذا كانت فيه بمائة ألف في مسجد المدينة وكانت في مسجد المدينة بألف في الأقصى وكانت في الأقصى بألف في غير الأقصى كانت فيه بمائة ألف ألف ألف ثلاثا في غير الثلاثة سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية