الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا ) ( أطلق ) الاعتكاف بأن لم يعين له مدة ( كفته نيته ) أي : الاعتكاف ( وإن طال مكثه ) لشمول النية المطلقة لذلك ( لكن لو خرج ) غير عازم على العود ( وعاد احتاج إلى الاستئناف ) للنية حتى يصير معتكفا بعد عوده ؛ لأن ما مضى عبادة فانتهت بالخروج ولو لقضاء الحاجة أما إذا خرج عازما على العود [ ص: 472 ] فلا يحتاج وإن طال زمن خروجه كما اقتضاه إطلاقهم لنية عند العود لقيام هذا العزم مقامها ؛ لأن نية الزيادة وجدت قبل الخروج فكانت كنية المدتين معا كما قالوه فيمن نوى في النفل المطلق ركعتين ثم نوى قبل السلام ركعتين .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله الاعتكاف ) شامل للواجب كأن نذر أن يعتكف وأطلق ثم أطلق نيته .

                                                                                                                              ( قوله أما إذا خرج عازما على العود ) لو نوى بعد خروجه والحالة هذه قطع الاعتكاف فهل ينقطع وإن لم ينقطع الاعتكاف بنية القطع ؛ لأنه هنا غير معتكف حال خروجه يتجه الانقطاع ثم تذكرت أن رفض نية الصوم قبل الفجر يبطلها وهذا يدل على الانقطاع هنا بجامع تقدم النية على العبادة فيهما ورفضها قبل التلبس بها والاعتكاف نظير الصوم في أن كلا لا ينقطع بنية القطع ( قوله أما إذا خرج عازما على العود ) أي : للاعتكاف كما هو ظاهر وكما يشعر به قوله الآتي ؛ لأن نية الزيادة وجدت قبل الخروج إلخ ؛ إذ لا تكون الزيادة منوية قبل الخروج ولا يكون كما قالوه فيمن نوى في النفل المطلق إلخ إلا إذا عزم على العود للاعتكاف بخلاف العزم على مجرد العود بدون ملاحظة الاعتكاف فتأمل ثم رأيت م ر وافق على ذلك .

                                                                                                                              ( قوله عازما على العود ) أي : من أجل الاعتكاف شرح م ر [ ص: 472 ]

                                                                                                                              ( قوله فلا يحتاج ) لا يقال لا بد من عدم المنافي حال خروجه كما هو ظاهر ولهذا قال في المنهج فيما سيأتي وينقطع أي : الاعتكاف كتتابعه بردة وسكر ونحو حيض تخلو مدة اعتكاف عنه غالبا وجنابة مفطرة ا هـ قال في شرحه وإن طرأ شيء من ذلك خارج المسجد لتبرز أو نحوه لمنافاة كل منهما العبادة البدنية ا هـ وكتب شيخنا الشهاب البرلسي بهامشه ما نصه قوله وإن طرأ شيء إلخ قال في المهمات سواء قلنا إنه حال خروجه معتكف أم لا ا هـ ؛ لأنا نقول لا نسلم أنه لا بد من ذلك وكلام المنهج وشرحه لا يدل له ؛ إذ لا يلزم من انقطاع الاعتكاف انقطاع النية المتعلقة بالمستقبل ومما يدل على أنه لا يشترط انتفاء المنافي حال الخروج أن الزركشي وابن العماد نازعا في الاكتفاء بنية العود عند الخروج وأن ذلك بمنزلة المدتين ابتداء بأن قضيته حرمة جماعه في خروجه ؛ لأنه معتكف وهو بعيد وأجاب الشارح في شرح العباب بمنع أن قضيته ذلك ؛ إذ استصحاب الاعتكاف عليه من جهة النية لا يقتضي استصحابه مطلقا ا هـ فتأمل نعم هذا في منافي الاعتكاف أما منافي النية كالردة فالوجه أنه لا بد من انتفائه فليتأمل ( قوله : لأن نية الزيادة وجدت قبل الخروج مع قوله كما قالوه إلى قوله ثم نوى قبل السلام ركعتين ) كالصريح في أنه لا يشترط مقارنة العزم للخروج بل يكفي تقدمه عليه وقوله فكانت كنية المدتين معا قد يدل على أنه يصح نية اعتكاف هذا اليوم وثالثه مثلا بجامع نية زمنين مفترقين وقد يفرق فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وإذا أطلق الاعتكاف ) شامل للواجب كأن نذر أن يعتكف وأطلق ثم أطلق نيته سم .

                                                                                                                              ( قوله الاعتكاف ) أي نية الاعتكاف نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله أي الاعتكاف ) أي : مطلق الاعتكاف قول المتن ( وإن طال مكثه ) ويخرج عن عهدة النذر بلحظة وما زاد عليها في وقوعه واجبا أو مندوبا ما قدمناه والأحوط في حقه أن يقول في نذره لله علي أن أعتكف في هذا المسجد ما دمت فيه ثم ينوي الاعتكاف المنذور فيكون متعلق النية جميع المدة التي يمكثها ع ش أقول قولهم لشمول النية المطلقة لذلك كالصريح في الأول ( قوله ولو لقضاء الحاجة ) كان الأولى تقديمه على قول المتن وعاد إلخ ( قوله أما إذا خرج عازما إلخ ) ولو نوى بعد خروجه والحالة هذه قطع الاعتكاف فهل ينقطع وإن لم ينقطع الاعتكاف بنية القطع ؛ لأنه هنا غير معتكف حال خروجه يتجه الانقطاع ثم تذكرت أن رفض نية الصوم قبل الفجر يبطلها وهذا يدل على الانقطاع هنا بجامع تقدم النية على العبادة فيهما ورفضها قبل التلبس بها سم ( قوله على العود ) أي : من أجل الاعتكاف نهاية أي : بخلاف العزم على العود بدون ملاحظة الاعتكاف فلا [ ص: 472 ] يكفي سم .

                                                                                                                              ( قوله فلا يحتاج إلخ ) أي : وإن وجد منه منافي الاعتكاف حال خروجه كما هو ظاهر وصرح به شرح المنهج أما منافي النية كالردة فالوجه أنه لا بد من انتفائه فليتأمل سم عبارة الكردي على بافضل قوله إن طال إلخ وفي شرحي الإيضاح للجمال الرملي وابن علان وإن صدر منه ما ينافي الاعتكاف لا ما ينافي النية انتهى ا هـ وعبارة البصري قد يقال ظاهر إطلاقهم أنه يجزئه نية العود وإن كان غافلا عن حقيقة الاعتكاف بأن أطلق نية العود بل إطلاقهم صادق بما إذا نوى العود لنحو أخذ متاع له به أي فتجزئه هذه النية أيضا وقياس الزيادة في صلاة النفل أنه لا بد في نية العود من استحضار حقيقة الاعتكاف فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأن نية الزيادة إلخ ) مع قوله كما قالوه إلى المتن كالصريح في أنه لا يشترط مقارنته للخروج بل يكفي تقدمه عليه سم .

                                                                                                                              ( قوله فكانت كنية المدتين معا ) قد يدل على أنه يصح نية اعتكاف هذا اليوم وثالثه مثلا بجامع نية زمنين مفترقين وقد يفرق فليتأمل سم عبارة ع ش قوله كنية المدتين أي : مدة ما قبل الخروج وما بعد العود وهذا يفيد أنه لو نوى اعتكاف يوم الخميس ويوم الجمعة دون الليل صح فلا يحتاج إذا خرج من المسجد ليلا لنية اعتكاف يوم الجمعة إذا رجع إلى المسجد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كما قالوه فيمن نوى في النفل المطلق إلخ ) ولا نظر لكون الصلاة لم يتخلل فيها بين المزيد والمزيد عليه ما ينافيها وهنا تخلل الخروج المنافي لمطلق الاعتكاف ؛ لأن تخلل المنافي هنا مغتفر حيث استثنى زمنه في النية ونية العود فيما نحن فيه صيرت ما بعد الخروج مع ما قبله كاعتكاف واحد استثنى زمن المنافي فيه وهو الخروج نهاية .




                                                                                                                              الخدمات العلمية