الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              وشرطه كالغسل ماء مطلق وظن أنه مطلق أي عند الاشتباه وعدم نحو حيض في غير نحو أغسال الحج وأن لا يكون على العضو ما يغير الماء [ ص: 187 ] تغيرا ضارا أو جرم كثيف يمنع وصوله للبشرة لا نحو خضاب ودهن مائع وقول القفال تراكم الوسخ على العضو لا يمنع صحة الوضوء ولا النقض بلمسه يتعين فرضه فيما إذا صار جزءا من البدن لا يمكن فصله عنه كما مر ولا يضر اختلاط الخضاب بالنشادر ؛ لأن الأصل فيه الطهارة فقد أخبرني بعض الخبراء أنه ينعقد من الهباب من غير إيقاد عليه بالنجاسة فغايته أنه نوعان وعند الشك لا نجاسة [ ص: 188 ] على أن الأول منه ما مادته طاهرة ، وهي التبن ونحوه ولا يضر الوقود عليه بالنجاسة وتخيل أن رأس إنائه منعقد من دخانها مع الهباب ؛ لأن هذا غير محقق لاحتمال أنه منعقد من الهباب وحده ، وأن دخانها سبب لذلك العقد ، وإن لم يكن من عينه وبهذا يعلم استرواح من جزم بنجاسة النشادر حيث وجد ولا يضر في الخضاب تنقيطه للجلد وتربيته القشرة عليه ؛ لأن تلك القشرة من عين الجلد لا من جرم الخضاب كما هو واضح وجري الماء عليه وإزالة النجاسة على تفصيل يأتي وتحقق المقتضي إن بان الحال وإلا فطهر الاحتياط بأن تيقن الطهر وشك في الحدث فتوضأ من غير ناقض صحيح إذا لم يبن الحال ولا يكلف النقض قبله لما فيه من نوع مشقة لكن الأولى فعله خروجا من الخلاف ، وإنما صح وضوء الشاك في طهره بعد تيقن حدثه مع تردده ، وإن بان الحال ؛ لأن الأصل بقاء الحدث بل لو نوى في هذه إن كان محدثا وإلا فتجديد صح ، وإن تذكر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 186 ] قوله وشرطه كالغسل ماء مطلق ) قال في شرح العباب وجعل الماء شرطا هو ما صوبه في المجموع وقد يستشكل بجعلهم التراب في التيمم من الأركان إلى أن قال والزركشي نقل أن كلا شرط ثم قال وعلى الأول فقد يجاب بأن الماء لما لم يكن خاصا بالوضوء والغسل بل يعمهما والخبث كان بالشروط أشبه بخلاف التراب فإنه خاص بغير الخبث وهو في المغلظة غير مطهر بل المطهر الماء بشرط مزجه به فكان بالأركان أشبه انتهى ولا يخفى ما فيه واستشكل بعضهم جعل التراب ركنا في التيمم بأن التيمم من قبيل العرض ؛ لأنه فعل والتراب من قبيل الجوهر ؛ لأنه جسم فكيف يتصور أن يكون الجسم جزءا من العرض انتهى وأقول هو إشكال ساقط لوجوه منها أن هذا نظير عدهم العاقد ركنا للبيع مع أن البيع هو العقد ولا يتصور أن يكون العاقد جزءا من العقد .

                                                                                                                              وقد أجاب ابن الصلاح وغيره هناك بما يأتي نظيره هنا ومنها أنه ليس المراد بكون التراب ركنا أو شرطا أن ذاته هي الركن أو الشرط ضرورة أن كلا من الركن والشرط متعلق الوجوب والوجوب لا يتعلق بالذوات بل بالأفعال بل المراد بالركن أو الشرط هو استعمال الماء أو التراب أو يقال كون المسح بالتراب والغسل بالماء ومنها أن جعله ركنا لا يقتضي كونه جزءا من الفعل ؛ لأن التيمم على هذا التقدير مجموع أمور منها المسح ومنها التراب فكونه ركنا إنما يقتضي كونه جزءا من هذا المجموع لا من الفعل الذي هو جزء هذا المجموع فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : وظن أنه مطلق ) قد ينظر في اشتراطه [ ص: 187 ] الظن بأنه قد يجوز التطهير به ، وإن لم يظن الإطلاق أو ظن عدمه فالوجه أن يقال ظن أنه مطلق أو استصحاب الإطلاق حال عدم التلبس بمتنجس ( قوله : لا نحو خضاب ) في شرح العباب عن البلقيني أن ما يغطي جرم البشرة إن أمكن زواله عند التطهر الواجب لم يمتنع وإلا حرم قبل الوقت وبعده وهو قريب من منع المكلف من تعمد تنجيس بدنه بما لا يعفى عنه قبل دخوله وبعده مع فقد الماء بخلاف تعمد الحدث الأصغر أو الأكبر ولو بعد دخول الوقت ولو مع فقد الماء أو التراب ؛ لأنه مما يطرق المكلف غالبا فطرد الباب فيه بخلاف التضمخ بالنجاسة انتهى فليتنبه لقوله وإلا حرم قبل الوقت وبعده وليتأمل ما أفاده كلامه من جواز تعمد الحدث من غير حاجة بعد دخول الوقت مع فقد الماء والتراب فإنه مشكل مع نحو قولهم بعصيان من أتلف الماء عبثا بعد دخول الوقت وإيجابهم مسح الخف لمن كان لابسه بشرطه ومعه ماء لا يكفيه لو غسل ، ويكفيه لو مسح فإنه لا سبب للعصيان المذكور إلا تفويت الطهارة ولا للإيجاب المذكور إلا المحافظة على بقاء الطهارة فليتأمل .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              وقعت شوكة في عضوه ، فإن ظهر بعضها لم يصح الوضوء قبل قلعها ؛ لأن ما وصلت إليه صار في حكم الظاهر ، وإن غاصت في اللحم واستترت به صح الوضوء قال في الخادم ولم تصح الصلاة لتنجسها بالدم فهي كالوشم انتهى ونازعه السيد بأن الظاهر جريان التفصيل المذكور في العفو عن قليل الدم وكثيره في ذلك ثم فرق بينها وبين الوشم بأنه بفعله وعدوانه لحرمته بخلافها فإنها في محل الحاجة سيما في حق من يكثر مشيه ( قوله : كما مر ) كأنه يريد قوله في شرح قول المصنف في أسباب الحدث الثالث التقاء بشرتي الرجل والمرأة [ ص: 188 ] إلخ ما نصه وعلم من الالتقاء أنه لا نقض باللمس من وراء حائل ، وإن رق ومنه ما تجمد من غبار يمكن فصله أي من غير خشية مبيح تيمم فيما يظهر أخذا مما يأتي في الوشم لوجوب إزالته لا من نحو عرق حتى صار كالجزء من الجلد ا هـ لكن هذا لا يقتضي أن يقول كما مر بل أن يقول كما علم مما مر



                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : من غير ناقض صحيح ) قضيته أنه غير صحيح إذا بان الحال وقضية ذلك وجوب إعادة ما صلاه به قبل بيان الحال ؛ لأنه تبين أنه صلى محدثا ( قوله : إذا لم يبن الحال ) في الروض ولو توضأ الشاك احتياطا فبان محدثا لم يجز ا هـ .

                                                                                                                              وفي شرح العباب بخلاف ما إذا بان محدثا ، وإن كان قال إن كان محدثا وإلا فتجديد ( قوله : بل لو نوى في هذه إلخ ) انظر لو لم ينو ذلك وبان متطهرا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وشرطه ) مفرد مضاف إلى معرفة فيعم وعبر النهاية والمغني بشروطه ( قوله : وظن أنه مطلق ) قد ينظر في اشتراط الظن بأنه قد يجوز التطهر به ، وإن لم يظن الإطلاق أو ظن عدمه فالوجه أن يقال ظن أنه مطلق أو استصحاب الإطلاق حال عدم التباس بمتنجس سم ودفع الشارح هذا الإشكال بزيادة أي عند الاشتباه وفي الكردي عن حاشية فتح الجواد ما نصه ولا يحتاج لظن الطهارة إلا عند وجود معارض وهو الاشتباه فيما إذا اشتبه عليه طاهر بنجس فيمتنع عليه التوضؤ من أحدهما إلا بعد أن يجتهد ما يظن طهارة واحد ظنا مؤكدا ناشئا عن الاجتهاد وخرج بذلك ما لو رأى ماء ولم يظن فيه طهارة فله التطهر به استنادا لأصل طهارته ، وإن غلب على ظنه تنجسه بوقوع ما الغالب في جنسه النجاسة ، وإنما لم يلتفت لهذا الظن ؛ لأن الشارع ألغاه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أي عند الاشتباه ) وإلا فلو شك في تنجس الماء المتيقن الطهارة جاز الطهر به لترجح طرف الطهارة واعتضاده باليقين فيمكن إبقاء كلامهم على عمومه نظرا لما ذكر بصري عبارة ع ش عقب ما مر عن سم آنفا نصها قلت أو يقال إن استصحاب الطهارة محصل للظن فيجوز أن يراد بظن أنه مطلق الأعم من ظن سببه الاجتهاد أو استصحاب الطهارة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : نحو حيض إلخ ) كالنفاس عبارة الخطيب وعدم المنافي من نحو حيض ونفاس في غير إلخ ومس ذكر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : في غير نحو أغسال الحج ) أي في الوضوء لغير إلخ أما الوضوء لها فلا يشترط فيه عدم المنافي ع ش ( قوله نحو أغسال [ ص: 187 ] الحج ) كالغسل لدخول مكة لغير حاج ومعتمر وكغسل العيدين بجيرمي ( قوله : تغيرا ضارا ) قال في الأمداد ومنه الطيب الذي يحسن به الشعر على أنه قد ينشف فيمنع وصول الماء للباطن فيجب إزالته ا هـ وهذا هو الراجح من الخلاف في ذلك كردي .

                                                                                                                              ( قوله : أو جرم كثيف ) كدهن جامد وكوسخ تحت الأظفار نهاية زاد شرح بافضل خلافا للغزالي ا هـ .

                                                                                                                              قال الكردي عليه قال الزيادي في شرح المحرر وهذه المسألة مما تعم بها البلوى فقل من يسلم من وسخ تحت أظفار يديه أو رجليه فليتفطن لذلك انتهى وقال الشارح في حاشية التحفة وفي زيادات العبادي وسخ الأظفار لا يمنع جواز الطهارة ؛ لأنه تشق إزالته بخلاف نحو العجين تجب إزالته قطعا ؛ لأنه نادر ولا يشق الاحتراز عنه واختار في الإحياء والذخائر هذا فقال يعفى عنه ، وإن منع وصول الماء لما تحته واستدل هو وغيره { بأنه صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتقليم الأظفار ورمي ما تحتها } ولم يأمرهم بإعادة الصلاة انتهى ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله : يمنع وصوله للبشرة ) .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              وقعت شوكة في عضوه ، فإن ظهر بعضها لم يصح الوضوء قبل قلعها ؛ لأن ما وصلت إليه صار في حكم الظاهر ، وإن غاصت في اللحم واستترت به صح الوضوء سم ، ويأتي ما يتعلق بذلك بتفصيل ( قوله : لا نحو خضاب إلخ ) في شرح العباب عن البلقيني أن ما يغطي جرمه البشرة إن أمكن زواله عند الطهر الواجب لم يمتنع وإلا حرم قبل الوقت وبعده وهو قريب من منع المكلف من تعمد تنجيس بدنه بما لا يعفى عنه قبل دخوله وبعده مع فقد الماء بخلاف تعمد الحدث الأصغر أو الأكبر ولو بعد دخول الوقت ولو مع فقد الماء والتراب ؛ لأنه مما يطرق المكلف غالبا فطرد الباب فيه بخلاف التضمخ بالنجاسة انتهى فليتنبه لقوله وإلا حرم إلخ وليتأمل ما أفاده كلامه من جواز تعمد الحدث من غير حاجة بعد دخول الوقت مع فقد الماء والتراب فإنه مشكل مع نحو قولهم بعصيان من أتلف الماء عبثا بعد دخول الوقت فإنه لا سبب للعصيان المذكور إلا المحافظة على بقاء الطهارة سم أقول والإشكال المذكور دفعه الشارح بقوله ؛ لأنه مما يطرق إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : ودهن مائع ) قال الشارح في حاشية التحفة وفي المجموع والروضة ولو كان على أعضائه أثر دهن مائع فتوضأ وأمس الماء البشرة وجرى عليها ولم يثبت صح وضوءه ؛ لأن ثبوت الماء ليس بشرط وفي الخادم بعد ذكر هذا ، ويجب حمله على ما إذا أصاب العضو بحيث يسمى غسلا فلو جرى عليه فتقطع بحيث يظهر عدم إصابته لذلك العضو لم يكف كردي ( قوله : لا يمكن فصله عنه ) أي بحيث يخشى من فصله عنه محظور تيمم ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : كما مر ) أي في أسباب الحدث في شرح الثالث التقاء بشرتي الرجل والمرأة مما نصه وعلم من الالتقاء أنه لا نقض باللمس من وراء حائل ، وإن دق ومنه ما تجمد من غبار يمكن فصله أي من غير خشية مبيح [ ص: 188 ] تيمم فيما يظهر أخذا مما يأتي في الوشم لوجوب إزالته لا من نحو عرق حتى صار كالجزء من الجلد انتهى ا هـ سم ( قوله على أن الأول ) أي ما أوقد عليه بالنجاسة وقوله منه أي من الأول مبتدأ وقوله ما مادته إلخ خبره والجملة خبر أن ( قوله : وتخيل إلخ ) عطف على الوقود ( قوله ؛ لأن هذا ) أي الانعقاد المذكور ( قوله : وإن لم يكن إلخ ) الواو حالية وقوله من عينه أي عين دخان النجاسة ( قوله : حيث وجد ) أي مطلقا ( قوله ولا يضر في الخضاب إلخ ) ومنه أي مما لا يمنع وصول الماء للبشرة الخضاب بالعفص ولا نظر لتنقيط الجسم من حرارته ؛ لأن ذلك الجرم حينئذ من نفس البدن إمداد ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله : وجري الماء ) إلى قوله وتحقق المقتضي في النهاية وإلى قوله وإلا في المغني ( قوله : وجري الماء عليه ) يعني على العضو محل تأمل ؛ لأن كلامه في الشروط الخارجة عن حقيقة الوضوء وماهيته وجري الماء داخل في حقيقة الغسل ؛ لأنه سيلان الماء على العضو وغسل الأعضاء المخصوصة داخل في حقيقة الوضوء وماهيته فتدبر بصري ودفع النهاية والإمداد هذا الإشكال بما نصه ولا يمنع من عد هذا شرطا كونه معلوما من مفهوم الغسل ؛ لأنه قد يراد به ما يعم النضح ا هـ لكن الإشكال أقوى ( قوله : وإزالة النجاسة إلخ ) أي العينية شرح بافضل أي ولو بغسلة واحدة لكن يشترط أن تزيل الغسلة عينه وأوصافه إلا ما عسر من لون أو ريح وأن يكون الماء واردا على النجس إن كان دون القلتين وأن لا تتغير الغسالة ولا يزيد وزنها بعد اعتبار ما يتشربه المغسول ويعطيه من الوسخ الطاهر ، وإنما قيدها بالعينية ؛ لأنها التي تحتاج إزالتها إلى هذه الشروط فاحتاج إلى التنبيه على إزالتها وأما النجس الحكمي فالغسلة الواحدة تكفي فيه عن الحدث والخبث حيث كان الماء القليل واردا وعم موضع النجاسة بلا تفصيل كردي .

                                                                                                                              ( قوله : وتحقق المقتضي إلخ ) وكذا عده الشارح من الشروط في الإيعاب والخطيب ورده النهاية والإمداد بأنه بالأركان أشبه كردي ( قوله : إن بان الحال ) فلو شك هل أحدث أو لا فتوضأ ثم بان أنه كان محدثا لم يصح وضوءه على الأصح مغني نهاية وأسنى ( قوله صحيح إلخ ) قضيته أنه غير صحيح إذا بان الحال وقضية ذلك وجوب إعادة ما صلاه به قبل بيان الحال ؛ لأنه تبين أنه صلى محدثا سم .

                                                                                                                              ( قوله : وإن بان الحال ) أي تبين أنه كان محدثا ( قوله : بل لو نوى في هذه إلخ ) انظر لو لم ينو ذلك وبان متطهرا سم أي فهل يحصل التجديد أم لا أقول الأقرب حصوله كما يفيده قول السيد عمر البصري قوله : صح يؤخذ منه أن ما مر من أن تحقق المقتضي إن بان الحال شرط محله في غير التجديد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإن تذكر ) أي أنه كان محدثا




                                                                                                                              الخدمات العلمية