الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وأفضل بقاع الحل ) لمريد الاعتمار ( الجعرانة ) بإسكان العين وتخفيف الراء على الأفصح ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم { اعتمر منها ليلا ثم أصبح كبائت رجوعه من حنين سنة ثمان فتح مكة } متفق عليه وحكى الأذرعي عن الجندي في فضائل مكة أنه اعتمر منها ثلثمائة نبي وبينها وبين مكة اثنا عشر ميلا وقيل ثمانية عشر وجزم به جمع ، وهو مردود بناء على الأصح أن الميل ما مر في صلاة مسافر ( ثم التنعيم ) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم { أمر عائشة بالاعتمار منه } كما مر ، وهو المسمى الآن بمساجد عائشة بينه وبين مكة ثلاثة أميال والمعتبر في حده ما بالأرض لا ما بأعلى الجبل ( ثم الحديبية ) بتخفيف الياء أفصح من تشديدها بئر قريب حده بالمهملة بينها وبين مكة ما مر في الجعرانة ؛ لأنه { صلى الله عليه وسلم صلى بها وأراد الدخول لعمرته منها } ومن قال هم بالاعتمار منها فقد وهم ؛ لأنه لما أحرم من ذي الحليفة كما مر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله [ ص: 50 ] لأنه { صلى الله عليه وسلم صلى بها وأراد الدخول لعمرته منها } ) أي فصلاته بها وإرادته الدخول منها دالا على شرف لها ومزية على بقية بقاع الحل مما لم يدل الدليل على مزيته عليها ففضل الإحرام منها على الإحرام من غيرها مما ذكر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : على الأفصح ) أي : ويجوز كسر العين وتثقيل الراء ، وهي في طريق الطائف على ستة فراسخ من مكة نهاية ومغني زاد الونائي وبها ماء شديد العذوبة فقد قيل { إنه صلى الله عليه وسلم حفر موضعه بيده الشريفة المباركة فانبجس وشرب منه وسقى الناس أو غرز رمحه فنبع } ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : اعتمر منها ) أي : من الجعرانة قال الواقدي إنه صلى الله عليه وسلم أحرم منها من المسجد الأقصى الذي تحت الوادي بالعدوة القصوى في ليلة الأربعاء لثنتي عشرة بقيت من ذي القعدة انتهى ا هـ ونائي .

                                                                                                                              ( قوله : ثم أصبح ) أي : ثم عاد بعد الاعتمار إلى الجعرانة فأصبح فيها فكأنه بات فيها ولم يخرج منها .

                                                                                                                              ( قوله : رجوعه إلخ ) أي : حين رجوعه ( وقوله فتح مكة ) بالجر بدلا من ثمان كردي .

                                                                                                                              ( قوله : وجزم به جمع ) يوافقه ما مر النهاية والمغني والونائي ( قوله { أمر عائشة بالاعتمار منه } ) وقدمه على الجعرانة لضيق الوقت أو لبيان الجواز سمي بذلك ؛ لأن على يمينه جبلا يقال له نعيم وعلى يساره جبلا يقال ناعم والوادي نعمات نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : ثلاثة أميال ) أي : فرسخ فهو أقرب أطراف الحل إلى مكة نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : بئر إلخ ) عبارة المغني ، وهي اسم لبئر بين طريق جدة وطريق المدينة بين جبلين على ستة فراسخ من مكة ا هـ وعبارة البصري بين جبلين يقال لها بئر شميس عند مسجد الشجرة انتهى مختصر الإيضاح للبكري وفي الأسنى بينهما وبين مكة ستة فراسخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بالمهملة ) أي بالحاء المهملة المكسورة والدال المهملة المشددة كذا في هامش الونائي من منهواته لكن الذي في القاموس أنه بفتح الحاء ، وهو المعروف في الألسنة .

                                                                                                                              ( قوله : ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى بها بها وأراد الدخول إلخ ) أي : فصلاته بها وإرادته الدخول منها دلا على شرف ولها مزية على بقية بقاع الحل مما لم يدل الدليل على مزيته عليها ففضل الإحرام منها على الإحرام من غيرها مما ذكر سم .

                                                                                                                              ( قوله : لعمرته ) أي التي أحرم بها من ذي الحليفة حاشية الإيضاح .

                                                                                                                              ( قوله : ومن قال إلخ ) هو الغزالي نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : فقدوهم إلخ ) ويجاب بإمكان الجمع بينهما بأنه هم أولا بالاعتمار منها ثم بعد إحرامه هم بالدخول منها كذا في النهاية وقد يقال يبعد ما ذكره قول الغزالي أثرهم بالاعتمار فصده الكفار ولم يصدوه عن الاعتمار بل عن الدخول بصري .

                                                                                                                              ( قوله : وأراد الدخول منها ) أي : فقدم فعله ثم أمره ثم همه ، وإن زادت مسافة المفضول على الفاضل نهاية ومغني قال ع ش قوله فقدم فعله إلخ ظاهره أن جميع إحراماته بالعمرة كان من الجعرانة فليراجع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كما مر ) أي : في شرح ، وهو الموافق للأحاديث ( خاتمة ) يندب لمن لم يحرم من أحد هذه الثلاثة أن يجعل بينه وبين الحرم بطن واد ثم يحرم ويسن الخروج عقب الإحرام من أي محل كان من غير مكث بعده نهاية ومغني قال ع ش قوله بطن واد أي أي واد كان ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية