الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويبدأ ) بعد تفريغ نفسه من أعذارها إلا نحو كراء بيت متيسر بعد وتغيير ثياب لم يشك في طهرها ( بطواف القدوم ) للاتباع متفق عليه ولأنه تحية البيت إلا لعارض كأن كان عليه فائتة فرض أي لم يلزمه الفور في قضائها وإلا وجب تقديمها ولم تكثر بحيث يفوت بها فورية الطواف عرفا [ ص: 69 ] وإلا قدم الطواف فيما يظهر وكخشية فوت راتبة أو سنة مؤكدة أو مكتوبة أو جماعة تسن له معهم ، فإن أقيمت فيه جماعة مكتوبة لا غيرها قطعه وصلى وتؤخر جميلة وغير برزة الطواف إلى الليل ما لم تخش طرو حيض يطول ولو منعه الناس صلى التحية كما لو دخل ولم يرده

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ويبدأ بطواف القدوم ) قال في العباب ولا يبدأ بتحية المسجد إذ تحصل بركعتيه قال في شرحه غالبا قال وقضيته أن من لم يصل ركعتي الطواف لا تحصل له التحية ، وهو كذلك بالنسبة لتحية المسجد أما تحية البيت فهي الطواف ثم قال في عبارة عن بعضهم وتقوم ركعتا الطواف مقامها أي التحية صرح به القاضي أبو الطيب وابن الرفعة قال في المهمات ومقتضاه أنه لو أخرهما فقد فوت هذه التحية ولو اشتغل قبل الطواف بصلاة لنحو خوف فوت لم يخاطب بتحية المسجد أي لاندراجها فيها انتهت ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولأنه تحية البيت ) عبارة الروضة طواف القدوم يسمى التحية ؛ لأنه تحية البقعة قال في شرح العباب أي الكعبة لا المسجد كما في المهمات إلخ ا هـ قال في العباب ويحصل أي طواف القدوم بطواف نذر ا هـ ولا يفوت بالجلوس في المسجد وتشبيه ذلك بتحية المسجد بالنسبة لبعض صورها شرح م ر ولو جلس أي عمدا بعد الطواف ثم صلى ركعتيه فاتت تحية المسجد ؛ لأنها تفوت بالجلوس عمدا ، وإن قصر م ر وقياس ذلك أنه لو تعمد عند دخوله المسجد تأخير الطواف حتى طال الفصل ، وإن لم يجلس فاتت تحية المسجد ؛ لأنها تفوت بطول الفصل ولو مع القيام غير أنه اغتفر اشتغاله عنها بالطواف فإذا أخر الاشتغال به حتى طال الفصل فاتت وكذا تفوت تحية المسجد فلا يثاب عليها إذا صرف ركعتي الطواف عنها بأن نوى بهما ركعتي الطواف دون ثواب التحية بخلاف [ ص: 69 ] ما إذا نواهما أيضا أو أطلق فظاهر إطلاقهم هنا حصول ثواب التحية بركعتي الطواف إذا أطلق ، وإن قلنا بخلاف ذلك إذا أطلق فصلى فرضا أو نفلا آخر في غير ذلك م ر ( قوله : وإلا قدم الطواف ) لا يقال ظاهره ، وإن وجب قضاؤها فورا لأنا نمنع أن ظاهره ذلك فتأمله ( قوله : أو مكتوبة ) ينبغي أن محله ما لم يعلم أو يظن فوت المكتوبة لو بدأ به وإلا وجب تقديمها ( قوله : أو جماعة تسن له معهم ) شامل جماعة النافلة ، وهو مع قوله ، فإن أقيمت فيه جماعة مكتوبة المخرج الجماعة النافلة يقتضي الفرق في جماعة النافلة بين الابتداء والأثناء ( قوله : أو جماعة ) أي ولو في نافلة تسن فيها الجماعة على الظاهر في شرح العباب ( قوله : فإن أقيمت فيه جماعة ) قال في شرح العباب ولو على جنازة وقال فيه ولو قال وكذا لو عرض ذلك في أثنائه لكان أعم إذا تذكر الفائتة وضيق وقت المؤداة إذا عرض له في أثنائه يقطعه له أيضا ا هـ .

                                                                                                                              وفي حاشية الإيضاح وسيأتي أن الطواف المندوب يقطع للفرض كصلاة الجنازة ولما قال الروض أنه يبدأ بطواف القدوم ثم قال هذا إن لم تقم جماعة الفريضة ولم يضق وقت سنة مؤكدة قال في شرحه أو راتبة أو فريضة ، فإن كان شيء من ذلك قدمه على الطواف ولو كان في أثنائه ؛ لأن ذلك يفوت والطواف لا يفوت ا هـ فالحاصل أنه يقدم عليه ابتداء ودواما جماعة الفريضة وما ضاق [ ص: 70 ] وقته مما ذكر لا ما لم يضق وقته وانظر حكم هذا التقديم بالنسبة لطواف الفرض .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويبدأ ) أي ندبا أول دخوله المسجد مغني ونهاية عبارة الونائي عند دخول مكة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إلا نحو كراء بيت إلخ ) أي كسقي دوابه وحط رحله إذا أمن على أمتعته مغني .

                                                                                                                              ( قوله : وتغيير إلخ ) بالجر عطف على الكراء ( قوله : لم يشك في طهرها ) أي ولم يكن بها ريح كريه يتأذى به فيما يظهر بصري قول المتن ( بطواف القدوم ) أي لا بتحية المسجد إذ تحصل بركعتيه ولو جلس عمدا قبلهما أو لم يصلهما أو أخرهما أو أخر الطواف حتى طال الفصل ، وإن لم يجلس فاتت تحية المسجد ؛ لأنها تفوت بطول الفصل ولو مع القيام غير أنه اغتفر اشتغاله عنها بالطواف فإذا أخر الاشتغال به حتى طال الفصل فاتت وكذا تفوت تحية المسجد فلا يثاب عليها إذا صرف ركعتي الطواف عنها بأن نوى بهما ركعتي الطواف دون ثواب التحية بخلاف ما إذا نواهما أيضا أو أطلق فظاهر إطلاقهم هنا حصول ثواب التحية بركعتي الطواف إذا أطلق ، وإن قلنا بخلاف ذلك إذا أطلق فصلى فرضا أو نفلا آخر م ر ا هـ سم باختصار وعبارة الونائي وحيث قدم الطواف الذي هو تحية البيت اندرجت تحية بقية المسجد في ركعتيه أي سقط طلبها وأنيب إن نواها معهما ا هـ وعبارة الكردي على بافضل ووقع للجمال الرملي في شرح الدلجية هنا موافقة الشارح في سقوط الطلب فقط حيث لم ينو ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : للاتباع ) إلى المتن في المغني إلا قوله أي لم يلزمه إلى وكخشية إلخ وقوله مكتوبة لا غيرها وكذا في النهاية إلا قوله ولو منعه إلخ ( قوله : فائتة فرض ) أي ولو بالنذر ونائي ( قوله : ولم تكثر إلخ ) محل تأمل فالأوجه ما اقتضاه [ ص: 69 ] إطلاقهم لما فيه من براءة الذمة من الواجب بصري ( قوله : وإلا قدم الطواف ) لا يقال ظاهره ، وإن وجب قضاؤها فورا ؛ لأنا نمنع أن ظاهره ذلك فتأمله سم ( قوله : أو مكتوبة ) ينبغي أن محله ما لم يعلم أو يظن فوت المكتوبة لو بدأ به وإلا وجب تقديمها سم ( قوله : أو جماعة إلخ ) أي ولو في نافلة سم عبارة الونائي ولم تقم الجماعة المشروعة ولو في نفل ولم تقرب إقامتها بحيث لا يفرغ قبلها وحينئذ يصلي تحية المسجد إن كان يفرغ منها قبل الإقامة وإلا انتظرها قائما ا هـ وعبارة الكردي على بافضل والمراد الجماعة المطلوبة بأن يصلي مؤداة خلف مؤداة أو مقضية خلف مقضية مثلها نقله ابن الجمال عن الإيعاب وفي الإيعاب أيضا نعم إن تيقن حصول جماعة أخرى مساوية لتلك في سائر صفات الكمال اتجه أن البداءة بالطواف حينئذ أولى لما فيه من تحصيل فضيلتين تحية البيت والجماعة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإن أقيمت فيه ) أي في أثناء الطواف ( قوله : جماعة إلخ ) قال في شرح العباب ولو على جنازة ولو قال وكذا لو عرض ذلك في أثنائه لكان أعم إذا تذكر الفائتة وضيق وقت المؤداة إذا عرض له في أثنائه يقطعه له أيضا ا هـ .

                                                                                                                              وفي حاشيته للإيضاح أي والمغني أن الطواف المندوب يقطع للفرض كصلاة الجنازة ا هـ قال الروض وشرحه هذا أي البدء بطواف القدوم إن لم تقم جماعة الفريضة ولم يضق وقت سنة مؤكدة أو راتبة أو فريضة ، فإن كان شيء من ذلك قدمه على الطواف ولو كان في أثنائه ا هـ فالحاصل أنه يقدم عليه ابتداء ودواما جماعة الفريضة وما ضاق وقته مما ذكر لا ما لم يضق وقته وانظر حكم هذا التقديم بالنسبة لطواف الفرض سم وقوله فالحاصل إلخ في النهاية والوناء ما يوافقه وقوله وانظر إلخ عبارة والونائي ويكره تفريق الطواف كالسعي بلا عذر له وإلا فلا كراهة ولا خلاف الأولى والعذر كإقامة جماعة مكتوبة مؤداة ، وإن لم يخش فوت الجماعة وعروض ما لا بد منه كشرب من ذهب خشوعه بعطشه وسجود تلاوة لا جنازة لم تتعين عليه وراتبة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وتؤخر ) أي ندبا ( جميلة ) أي من النساء والخناثى ونائي ( قوله : وغير برزة ) أي والتي لا تبرز للرجال وجرى المنح والإيعاب وشرحا الإيضاح للجمال الرملي وابن علان على أنه لا فرق بين ذات الهيئة والبرزة فيندب التأخير مطلقا لكنه يتأكد ذلك للجميلة والشريفة أكثر من غيرهما ا هـ كردي على بافضل ( قوله : ولو منعه إلخ ) أي لو منع من الطواف الناس الداخل المريد للطواف لنحو زحمة كنجاسة ونائي




                                                                                                                              الخدمات العلمية