الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 88 ] ( وليدع ) ندبا ( بما شاء ) من كل دعاء جائز له ولغيره ، والأفضل الاقتصار على ما يتعلق بالآخرة ( ومأثور الدعاء ) الشامل للذكر ؛ لأن كلا قد يطلق ويراد به ما يعم الآخر في الطواف بأنواعه السابقة ، وهو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن أحد من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وبقي منه غير ما ذكر أشياء ذكرت أكثرها مع بيان سندها في الحاشية والحاصل أنه لم يصح منها عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا { ربنا آتنا } إلى آخره { واللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف علي كل غائبة لي منك بخير } ، فإن قلت روى ابن ماجه خبرا فيه فضل عظيم لمن طاف أسبوعا ولم يتكلم فيه إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فلم لم يتعرض الأصحاب لندب هذه الكلمات في الطواف قلت قد صرحوا به في قولهم : ومأثور الدعاء أفضل وأشاروا إليه أيضا بذكر حديثه في هذا المبحث .

                                                                                                                              فإن قلت يلزم عليه أنه لا يأتي بشيء من الأذكار ؛ لأنه شرط فيه أن لا يتكلم في طوافه بغير تلك الكلمات وهذا مناف لندبهم جميع ما مر في محاله قلت لا يلزم عليه ذلك ، وإنما الذي يلزم عليه أنه مع تحصيله بتلك الكلمات التي لم يأت فيه بغيرها مفضول بالنسبة للإتيان بالأذكار في محالها وأفضل من القراءة ولا محذور في ذلك ( أفضل من القراءة ) أي الاشتغال به أفضل من الاشتغال بها ولو لنحو { قل هو الله أحد } على ما اقتضاه إطلاقهم خلافا لمن فصل ويوجه بأنها لم تحفظ عنه صلى الله عليه وسلم فيه ، وحفظ عنه غيرها فدل على أنه ليس في محلها بطريق الأصالة بل منعها فيه بعضهم فمن ثم اكتفي في تفضيل الاشتغال بغيرها عليها بالنسبة لهذا المحل بخصوصه بأدنى مرجح لوروده عن صحابي ولو من طريق ضعيف على ما اقتضاه إطلاقهم ( وهي أفضل من غير مأثور ) ؛ لأنها أفضل الذكر وجاء بسند حسن { من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على سائر خلقه } .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وأفضل من القراءة ) هل فيه مخالفة لقول المتن ومأثور الدعاء إلخ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن [ ص: 88 ] وليدع بما شاء ) أي في جميع طوافه فهو سنة مأثورا كان أو غيره ، وإن كان أفضل كما قال ( ومأثور الدعاء ) بالمثلثة أي المنقول من الدعاء في الطواف نهاية ومغني ( قوله : من كل دعاء جائز إلخ ) مقتضى كلامه هنا أن الدعاء بدنيوي مندوب وأن الأفضل الاقتصار على الأخروي وفي الحاشية أن الدنيوي جائز لا مندوب فليحرر بصري ( قوله : له إلخ ) متعلق بليدع ( قوله : ؛ لأن كلا ) أي من لفظي الدعاء والذكر ( قوله : في الطواف ) متعلق بالمأثور ( قوله : وهو ما ورد إلخ ) أي ولو ضعيفا ونائي ( قوله : وبقي منه ) أي من المأثور ( قوله : { واللهم قنعني } إلخ ) يقوله بين اليمانيين أيضا شرح بافضل وونائي .

                                                                                                                              ( قوله : { واخلف على كل غائبة } إلخ ) أي كن خلفا على كل نفس غائبة لي ملابسا بخير أو اجعل خلفا على كل غائبة لي خيرا وتشديد علي ، تصحيفه ونائي عبارة الكردي على بافضل المشهور تشديد الياء من على لكن قال الملا علي القاري الحنفي في شرح الحصن الحصين واخلف بهمزة وصل وضم لامه أي كن خلفا على كل غائبة أي نفس غائبة لي بخير أي ملابسا له أو اجعل خلفا على كل غائبة لي خيرا فالباء للتعدية وأما ما لهج به بعض العامة من قوله علي بتشديد الياء فهو تصحيف في المبنى وتحريف في المعنى كما لا يخفى ا هـ فراجعه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : يلزم عليه ) أي على العمل بذلك الخبر ( قوله : شرط فيه ) أي في الخبر المذكور ( قوله : وإنما الذي يلزمه أنه إلخ ) محل تأمل ( قوله : أنه مع تحصيله إلخ ) أي أن الطائف مع إتيانه بتلك الكلمات إلخ واقتصاره في الطواف عليها أو أن الطواف مع اشتماله بتلك الكلمات واقتصاره عليها ( قوله : مفضول بالنسبة للإتيان إلخ ) يعني أن كلا من المذكورين أفضل من غيره ، وإن كان سبحان الله إلخ ، والاقتصار عليه مفضولا بالنسبة لإتيان الأذكار المارة في محلها ( قوله : وأفضل إلخ ) عطف على مفضول ( قوله : بأنها ) أي القراءة و ( قوله : فيه ) أي الطواف ( قوله : ومن ثم ) أي من أجل أن الطواف ليس محل القراءة بطريق الأصالة ( قوله : ؛ لأنها ) إلى قوله لا ينافيه في النهاية والمغني ( قوله : ؛ لأنها أفضل إلخ ) يعني أن الموضع موضع ذكر والقرآن أفضل الذكر نهاية ومغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية