الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن عجز ) ولو أجير عين على الأوجه ( عن الرمي ) لنحو مرض ويتجه ضبطه هنا بما مر في إسقاطه للقيام في الفرض ، أو جنون ، أو إغماء بأن أيس من القدرة عليه وقته ولو ظنا [ ص: 136 ] ولا ينعزل النائب بطرو إغماء المنيب ، أو جنونه بعد إذنه لمن يرمي عنه ، وهو عاجز آيس بخلاف قادر عادته الإغماء قال لآخر إذا أغمي علي فارم عني فإنه يصح فإذا أغمي عليه لزمه الدم ؛ لأنه لم يأت بالرمي هو ولا نائبه أي : مع تقصيره بتركه الرمي بنفسه إذا كانت عادته طرو الإغماء أثناء وقت الرمي بخلاف اعتياده طروه أول وقته ، وبقاؤه إلى آخره ، فإنه حينئذ لا تقصير منه ألبتة إذ لا يمكنه بنفسه ولا نائبه فلزوم الدم له مشكل إلا أن يجاب بأن هذا نادر في هذا الجنس فألحقوه بالغالب ولحبس ولو بحق اتفاقا كما في المجموع بأن يحبس في قود الصغير حتى يبلغ بخلاف محبوس بدين يقدر على وفائه لعدم عجزه عن الرمي حينئذ ( استناب ) وقت الرمي لا قبله وجوبا ولو بأجرة مثل وجدها فاضلة عما يعتبر في الفطرة فيما يظهر ولو محرما لكن إن رمى عن نفسه [ ص: 137 ] الجمرات الثلاث وإلا وقع له ، وإن نوى مستنيبه ، أو لغا فيما إذا رمى للأولى مثلا أربع عشرة سبعا عنه ثم سبعا عن موكله وذلك كالاستنابة في الحج نعم لا يشترط هنا عجز ينتهي لليأس ؛ لأنه يغتفر في البعض ما لا يغتفر في الكل بل يكفي العجز حالا إذا لم يرج زواله قبل خروج وقت الرمي كما مر ولا يضر زوال العجز عقب رمي النائب على خلاف ظنه ( فرع ) لو أنابه جماعة في الرمي عنهم جاز كما هو ظاهر لكن هل يلزمه الترتيب بينهم بأن لا يرمي عن الثاني مثلا إلا بعد استكمال رمي الأول ، أو لا يلزمه ذلك فله أن يرمي إلى الأولى عن الكل ثم الوسطى كذلك ثم الأخيرة كذلك كل محتمل والأول أقرب قياسا على ما لو استنيب عن آخر وعليه رمي لا يجوز له أن يرمي عن مستنيبه إلا بعد كمال رميه عن نفسه كما تقرر ، فإن قلت ما عليه لازم له فوجب الترتيب فيه بخلاف ما على الأول في مسألتنا قلت قصد الرمي له صيره كأنه ملزوم به فلزمه الترتيب رعاية لذلك

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن ومن عجز إلخ ) انظر أعذار الجمعة والجماعة .

                                                                                                                              ( قوله : ولو أجير عين على الأوجه ) [ ص: 136 ] أفتى به شيخنا الشهاب الرملي ورجع إليه م ر بعد أن كان خالفه .

                                                                                                                              ( قوله : ولا ينعزل النائب بطرو إغماء المنيب إلخ ) قال في شرح العباب أما إغماء النائب فينعزل به على الأوجه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف قادر عادته إلخ ) في شرح العباب فعلم أنه لو أغمي عليه ولم يأذن لغيره في الرمي عنه أو أذن وليس بعاجز آيس لم يجز الرمي عنه اتفاقا لكن يسن لمن معه أن يرمي عنه كما نص عليه وليس ذلك ؛ لأنه يجزئه بل للخروج من خلاف من أوجب ذلك على من معه ومن ثم يلزمه الدم إذا أفاق ؛ لأنه لم يأت بالرمي هو ولا نائبه وبهذا يندفع ما في الخادم فتأمله ا هـ فليتأمل .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه لم يأت بالرمي هو ولا نائبه ) هلا صح رمي الآخر حال الإغماء ؛ لأنه مأذون بالعموم ، وإن فسد الخصوص .

                                                                                                                              ( قوله : ولحبس ) عطف على قوله قبل لنحو مرض وقوله ولو بحق إلخ أي لا فرق بين أن يحبس بحق أو بغير حق وشرط ابن الرفعة أن يحبس بحق وحكي عن النص وغيره وسيأتي في المحصر أنه إذا حبس بحق لا يباح له التحلل قال شيخنا الشهاب الرملي لا مخالفة إذ كلام المجموع في حق عاجز عن أدائه ومفهوم النص وغيره في حق قادر على ذلك شرح م ر ملخصا ( قوله : في المتن استناب ) لو استناب قبل الوقت فينبغي الجواز ما لم يقيد إذنه بالرمي قبل الوقت كما في نظائره كالإذن قبل الوقت في طلب الماء وإذن المحرم في تزويجه .

                                                                                                                              ( قوله : فيما يظهر ) اعتمده م ر .

                                                                                                                              ( قوله : لكن إن رمى عن نفسه ) ظاهره حتى الحاضر ، وإن استنيب في الماضي كأن استنيب في اليوم الثاني في رمي الأول وعليه رمي الثاني فلا يصح الرمي عن المستنيب حتى يرمي اليوم الحاضر عن نفسه ، وهو متجه [ ص: 137 ] فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : الجمرات الثلاث ) هو أحد احتمالين للمهمات وثانيهما أنه لا يتوقف على رمي الجميع بل إن رمى الجمرة الأولى صح أن يرمي عقبه عن المستنيب قبل أن يرمي الجمرتين الباقيتين عن نفسه وفي عبارتهما إشارة إلى ترجيح هذا الثاني وفي الخادم أنه الظاهر كذا في حاشية السيد السمهودي وبسط كلام المهمات والخادم والكلام عليهما ( قوله : وإن نوى مستنيبه ) أي كالحج لكن يخالفه ما مر في الطواف عن الغير إذا كان محرما ، فإنه يقع عن الغير لعل المراد المحمول إذا نواه له ويفرق بأن الطواف لما كان مثل الصلاة أثرت فيه نية الصرف إلى غيره بخلاف الرمي ، فإنه ليس شبيها بالصلاة وقياس السعي أن يكون كالرمي شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله : وإن نوى مستنيبه ) في شرح الجوجري أنه يشترط في الاستنابة أن تقع في الوقت واعلم أن من عليه طواف دخل وقته إذا طاف ناويا طوافا آخر عن نفسه أو عن غيره وقع عن نفسه إلا أن يطوف حاملا وينويه عن ذلك المحمول فيقع لذلك المحمول أو ناويا غير الطواف كلحوق غريم انصرف عن الطواف والحاصل أنه إذا صرف الطواف إلى طواف آخر له أو لغيره لم ينصرف إلا في مسألة المحمول فينصرف له أو إلى غير طواف انصرف والرمي كالطواف في هذا التفصيل ، فإن صرفه إلى رمي آخر لم ينصرف كأن قصد به مستنيبه أو إلى غير الرمي كأن قصد إصابة دابة في المرمى انصرف ولا يظهر في الرمي نظير المحمول في الطواف ليتأتى استثناؤه من الشق الأول فليتأمل أي حاجة إلى ما مر عن م ر من الإشكال والفرق .

                                                                                                                              ( قوله : قبل خروج وقت الرمي ) وكلامهم يفهم أنه لو ظن القدرة في اليوم الثالث وقلنا بالأصح أن أيام التشريق كاليوم الواحد أنه لا يجوز له الاستنابة شرح م ر .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يضر زوال العجز عقب رمي النائب ) أي فلا يلزمه إعادته لكن تسن ويفارق نظيره في الحج بأن الرمي تابع ويجبر بدم ( قوله : والأول أقرب ) فيه نظر واضح والفرق واضح .

                                                                                                                              ( قوله : صيره كأنه ملزوم [ ص: 138 ] إلخ ) يمنع هذا وما فرع عليه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ومن عجز إلخ ) انظر أعذار الجمعة والجماعة سم أقول قياس ما تقدم عن حاشية الإيضاح للشارح وشرحه للرملي من مجيئها في مبيت مزدلفة مجيئها هنا أيضا ( قوله : ولو أجير عين ) إلى الفرع في النهاية والمغني إلا قوله ويتجه إلى أو جنون وقوله بخلاف قادر إلى ولحبس وقوله وقت الرمي لا قبله .

                                                                                                                              ( قوله : ولو أجير عين إلخ ) ظاهره صحة عقد الإجارة مع العجز عنده فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله ويتجه ضبطه إلخ ) قال سم سئلت عن مريض يمكنه ركوب دابة إلى المرمى والرمي عليها أو أن يحمله أحد ويرمي بنفسه أو يستنيب والذي يظهر أن عليه الرمي بنفسه وتمتنع عليه الاستنابة إن لم تلحقه بذلك مشقة لا تحتمل عادة ولاق به حمل الآدمي بحيث لا يخل بحشمته وظاهر كلامهم أنه لا يلزم حضور المستنيب المرمى مطلقا انتهى ا هـ كردي على بافضل .

                                                                                                                              ( قوله : بأن أيس ) متعلق بقول المصنف عجز إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : بأن أيس من القدرة إلخ ) أي بقول طبيب أو بمعرفة نفسه كما في الحاشية ونائي عبارة الكردي على بافضل بمعرفة نفسه أو بإخبار عدل رواية بالطب امتداد المانع إلى آخر أيام التشريق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وقته ) ، وهو أيام التشريق ونائي عبارة النهاية [ ص: 136 ] كلامهم يفهم أنه لو ظن القدرة في اليوم الثالث وقلنا بالأصح أن أيام الرمي كيوم واحد أنه لا تجوز الاستنابة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا ينعزل النائب بطرو إغماء المنيب ) أي كما لا ينعزل عنه وعن الحج بموته وفارق سائر الوكالات بوجوب الإذن هنا أما إغماء النائب فظاهر كلامهم أنه ينعزل به ، وهو القياس أسنى ومغني ونهاية .

                                                                                                                              ( قوله : فإذا أغمي عليه إلخ ) قال في شرح العباب فعلم أنه لو أغمي عليه ولم يأذن لغيره في الرمي عنه أو أذن وليس بعاجز آيس لم يجز الرمي عنه اتفاقا لكن يسن لمن معه أن يرمي عنه كما نص عليه وليس ذلك ؛ لأنه يجزئه بل للخروج من خلاف من أوجب ذلك على من معه ومن ثم يلزمه الدم إذا أفاق ؛ لأنه لم يأت بالرمي هو ولا نائبه وبهذا يندفع ما في الخادم فتأمله انتهى فليتأمل سم عبارة الونائي ولا يرمى عن مغمى عليه لم يأذن قبل إغمائه حال عجزه عن الرمي بمرض مثلا لكن يسن لمن معه الرمي عنه ولا يسقط عنه بدله ، وهو الدم ثم الصوم ومثله في ذلك المجنون والميت نعم للولي الرمي عن المجنون ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا نائبه ) هلا صح رمي الآخر حال الإغماء لأنه مأذون بالعموم ، وإن فسد الخصوص سم وقد يجاب بأن شرط الإذن أن يكون في حالة العجز وما هنا في حالة القدرة .

                                                                                                                              ( قوله : ولحبس ) عطف على قوله لنحو مرض و ( قوله : ولو بحق ) أي لا فرق بين أن يحبس بحق أو بغير حق وشرط ابن الرفعة أن يحبس بحق وحكى عن النص وغيره وسيأتي في المحصر أنه إذا حبس بحق لا يباح له التحلل قال شيخنا الشهاب الرملي لا مخالفة إذ كلام المجموع في حق عاجز عن أدائه ومفهوم النص وغيره في حق قادر على ذلك شرح م ر ملخصا ا هـ سم ( قوله : بأن يحبس إلخ ) صنيعه يوهم حصره في هذه الصورة وفيه نظر بصري عبارة المغني والنهاية قال الإسنوي وصورة المحبوس أنه يجب عليه قود الصغير ، فإنه يحبس حتى يبلغ وما أشبه هذه الصورة إلخ ا هـ قال ع ش أي كأن حبست الحامل لقود حتى تضع ا هـ قول المتن ( استناب ) أي مكلفا ولو سفيها لا مميزا إلا بإذن الولي ونائي وظاهره عدم وقوع رمي غير المميز عن مستنيبه إلا بإذن وليه وفيه وقفة ولو قيل إن الإذن إنما هو شرط إباحة الإنابة فقط دون الوقوع عن المنيب لم يبعد فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : وأقت الرمي إلخ ) ولو استناب قبل الوقت فينبغي الجواز ما لم يقيد إذنه بالرمي قبل الوقت كما في نظائره كالإذن قبل الوقت في طلب الماء وإذن المحرم في تزويجه سم .

                                                                                                                              ( قوله : لا قبله ) أي فلا يستنيب في رمي التشريق إلا بعد زوال يوم فيوم إلى آخر الأيام ونائي .

                                                                                                                              ( قوله : ولو محرما إلخ ) وإذا استناب عنه من رمى أو حلالا سن له أن يناوله الحصى ويكبر كذلك إن أمكنه وإلا تناولها النائب وكبر بنفسه نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : لكن إن رمى عن نفسه إلخ ) ظاهره حتى الحاضر ، وإن استنيب في الماضي كأن استنيب في اليوم الثاني في رمي الأول وعليه رمي الثاني فلا يصح الرمي عن المستنيب حتى يرمي اليوم الحاضر عن نفسه ، وهو متجه فليراجع سم .

                                                                                                                              ( قوله : لكن إن إلخ ) أي فيقع رمي النائب عن [ ص: 137 ] مستنيبه لكن إلخ عبارة البصري هذا ليس قيدا لصحة الإنابة بل لوقوع رمي النائب عن المنيب كما يصرح به السياق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : الجمرات الثلاث ) هو أحد احتمالين للمهمات وثانيهما أنه لا يتوقف على رمي الجميع بل إن رمى الجمرة الأولى صح أن يرمي عقبه عن المستنيب قبل أن يرمي الجمرتين الباقيتين عن نفسه وفي عبارتهما إشارة إلى ترجيح هذا الثاني وفي الخادم أنه الظاهر كذا في حاشية السيد السمهودي وبسط كلام المهمات والخادم والكلام عليهما سم .

                                                                                                                              ( قوله : وإلا إلخ ) أي ، وإن كان النائب لم يرم عن نفسه ولو بعض الجمرات فرمى وقع عن نفسه دون المستنيب نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : وقع له ) أي فيما إذا اقتصر في رمي كل من الثلاث على سبع من المرات .

                                                                                                                              ( قوله : أو لغا إلخ ) الأولى الواو .

                                                                                                                              ( قوله : وإن نوى مستنيبه ) وقع السؤال عما لو رمى ثانيا ونوى به نفسه بظن أن الأول وقع عن المستنيب فهل يقع هذا الثاني عن المستنيب أو لا يقع أو يفصل بين أن يكون أجيرا فيقع ؛ لأن الإتيان به واجب عليه ولا يضر الصرف ، فإنه ليس صرفا عن الحقيقة الشرعية أو متبرعا فلا يقع محل تأمل بصري والأقرب الثاني كما قد يفيده قول ع ش قوله م ر وقع عن نفسه أي فيرمي عن المستنيب بعد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : قبل خروج وقت إلخ ) أي قبل مضي أيام التشريق ونائي وكردي على بافضل .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يضر زوال العجز إلخ ) أي ولا تلزمه الإعادة لكنها تسن نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله : عقب رمي النائب ) أي ، فإن بقي شيء رماه بنفسه ونائي .

                                                                                                                              ( قوله : والأول أقرب ) فيه نظر واضح والفرق واضح سم .

                                                                                                                              ( قوله : صيره كأنه ملزوم إلخ ) يمنع هذا وما فرع عليه سم .

                                                                                                                              ( قوله : لا يجوز له أن يرمي إلخ ) تقدم عن سم عن السيد السمهودي أن هذا أحد احتمالين للمهمات وثانيهما الجواز واستظهره في الخادم وفي عبارة الشيخين إشارة إلى ترجيحه وقياسه عدم لزوم الترتيب هنا بالأولى




                                                                                                                              الخدمات العلمية