الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وتكمل الفدية في ثلاث شعرات أو ثلاثة أظفار ) أو بعض من كل منهما فأكثر إن اتحد محل الإزالة وزمنها عرفا ، وإن كان المزال جميع شعر الرأس والبدن ، وأظفار اليدين والرجلين فلا تتعدد الفدية مع الاتحاد المذكور ؛ لأنه حينئذ يعد فعلا واحدا وذلك لقوله تعالى { ففدية } أي فحلق شعرا له ففدية ، وأقل الشعر ثلاث والاستيعاب غير معتبر هنا إجماعا ، وإذا وجبت مع العذر فمع غيره أولى ومن ثم لزمت هنا كالصيد [ ص: 173 ] نحو ناس وجاهل وولي صبي مميز بخلاف نحو مجنون ومغمى عليه وغير مميز كما في المجموع ؛ لأن هؤلاء لا ينسبون لتقصير بوجه بخلاف أولئك وكأن قضية كون هذا كالصيد من باب الإتلافات أنه لا فرق لكن لما كان فيه حق لله تعالى سومح فيه حيث لا يتصور تقصير وبهذا يندفع استشكال الأذرعي وجواب الغزي عنه بما لا يتضح على أنه يوهم أن المميز كغير المميز ، وليس كذلك كما تقرر أما إذا اختلف محل الإزالة أو زمنها عرفا فيجب في كل شعرة أو بعضها أو ظفر كذلك مد كما يأتي .

                                                                                                                              ( والأظهر أن في الشعرة ) أو الظفر أو بعض كل ( مد طعام وفي الشعرتين ) أو الظفرين أو بعضهما ( مدين ) لعسر تبعيض الدم والشارع قد عدل الحيوان بالطعام في جزاء الصيد وغيره والشعرة أو بعضها النهاية في القلة ، والمد أقل ما وجب في الكفارات فقوبلت به وألحق بها الظفر لما مر هذا إن اختار الدم فإن اختار الصوم فيوم في الشعرة أو الظفر أو بعض أحدهما ويومان في اثنين وهكذا أو الإطعام فصاع في الواحد وصاعان في الاثنين ، وهكذا كذا قاله جمع ، وقال الإسنوي إنه متعين لا محيد عنه ، وخالفه آخرون منهم البلقيني وابن العماد فاعتمدوا ما أطلقه الشيخان كالأصحاب من أنه لا يجزي غير المد في الأولى والمدين في الثانية ، وما ألزم به الأولون من التخيير بين الشيء وهو الصاع وبعضه وهو المد مردود بأن له نظائر كالمسافر يتخير بين القصر والإتمام .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أو بعض كل منهما ) أي من الثلاث شعرات والثلاثة أظفار فصورة المسألة أنه أزال من كل شعرة من الثلاث بعضها أو من كل ظفر من الثلاثة بعضه ، وأما لو أزال شعرة واحدة في ثلاث مرات فينبغي أن يقال إن كان مع اتحاد الزمان والمكان فمد واحد ؛ لأن إزالتها مع اتحادهما كإزالة جميع شعوره مع اتحادهما فكما لا يتعدد الدم هنا لا يزاد على المد هنا ، وإلا فثلاثة أمداد م ر ويبقى الكلام فيما لو أزال ظفرا في ثلاث مرات كل مرة ثلثا مثلا فإن اختلف الزمان والمكان ففي كل مد ، وإلا فهل يجب مد واحد كما في الشعرة أو دم فيه نظر ويؤيد الأول إطلاق قوله الآتي وألحق بها الظفر ( قوله : فلا تتعدد الفدية ) أي بل تجب فدية واحدة للشعور أو للأظفار ( قوله : [ ص: 173 ] بخلاف نحو مجنون ومغمى عليه وغير مميز كما في المجموع ) ومثلهم في ذلك النائم شرح روض وعبارة الحاشية الأصح في المجموع أن المغمى عليه والصبي والمجنون إذا لم يكن لهما نوع تمييز لا فدية عليهم ولا على وليهم .

                                                                                                                              ( قوله : ما أطلقه الشيخان كالأصحاب ) أفتى شيخنا الإمام الشهاب الرملي بأن المعتمد ما أطلقه الشيخان كالأصحاب ( قوله : من أنه لا يجزئ غير المد إلخ ) في هذا الحصر صعوبة بالنظر للصاع والصاعين فتأمله .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( في ثلاث شعرات ) بفتح العين جمع شعرة بسكونها نهاية ومغني ( قوله : أو بعض ) إلى المتن في المغني والنهاية إلا قوله وكان إلى أما إذا ( قوله : أو بعض من كل منها ) أي من الثلاث شعرات أو الثلاثة أظفار فصورة المسألة أنه أزال من كل شعرة من الثلاث بعضها أو من كل ظفر من الثلاثة بعضه ، وأما لو أزال شعرة واحدة في ثلاث مرات فإن اختلف الزمان أو المكان وجب ثلاثة أمداد ، وإن اتحدا فمد م ر ولو أزال ظفرا في ثلاث مرات فالواجب ثلاثة أمداد إن اختلف الزمان أو المكان ، وإلا فهل الواجب مد واحد كما في الشعرة أو دم ؟ . فيه نظر ويؤيد الأول إطلاق قوله الآتي ، وألحق بها الظفر سم أقول بل كلام الشارح الآتي قبيل قول المصنف والأظهر إلخ صريح في الأول ( قوله : محل الإزالة ) أي لا محل الشعر المزال فإنه لا يشترط أن يكون من الرأس وحده مثلا بل لو أزال شعرة من الرأس وشعرة من الإبط وشعرة من بقية الجسد يلزمه دم إذا اتحد زمان الإزالة ومكانها ( قوله : جميع شعر الرأس إلخ ) ظاهره أنه لا تتعدد الفدية في إزالة جميع الشعور مع جميع الأظفار وليس مرادا لتصريحهم بأن الحلق والقلم نوعان متغايران وبأن الفدية تتعدد بتعددهما وحينئذ فيحمل قوله : فلا تتعدد الفدية على أنه بالنسبة إلى كل من القسمين على انفراده وهذا واضح لا غبار عليه ، وإنما نبهنا عليه لئلا يغفل عنه وتحمل عبارته على ما يتبادر منها بصري أي ولو قال ، أو أظفار اليدين إلخ بأو بدل الواو لاتضح المراد ( قوله : وإن كان المزال إلخ ) لا يخفى ما في هذه الغاية عبارة النهاية والمغني وحكم ما فوق الثلاث حكمها كما فهم بالأولى حتى لو حلق شعر رأسه وشعر بدنه ولاء أو أزال أظفار يديه ورجليه كذلك لزمه فدية واحدة . ا هـ . وهي أوضح ، وأسلم .

                                                                                                                              ( قوله : فلا تتعدد الفدية ) أي بل تجب فدية واحدة للشعور وللأظفار سم .

                                                                                                                              ( قوله : ومن ثم ) أي من أجل أنه لا فرق هنا بين المعذور وغيره ( قوله : لزمت هنا إلخ ) أي بخلاف الناسي والجاهل في التمتع باللبس والطيب [ ص: 173 ] والدهن والجماع ومقدماته لاعتبار العلم والقصد فيه وهو منتف فيهما نهاية ومغني ( قوله : نحو ناس إلخ ) أي كمن سكت عن الدفع مع القدرة ( قوله : وجاهل ) أي بالحرمة نهاية ( قوله : بخلاف نحو مجنون إلخ ) أي كالنائم نهاية ومغني ، وأسنى ( قوله : كما في المجموع ) عبارة الحاشية الأصح في المجموع أن المغمى عليه والصبي والمجنون إذا لم يكن لهما نوع تمييز لا فدية عليهم ولا على وليهم . انتهت ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف أولئك ) عبارة النهاية والمغني بخلاف الجاهل والناسي فإنهما يعقلان فعلهما فنسبا إلى تقصير . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إنه لا فرق ) أي بين نحو الناسي ونحو المجنون فتجب الفدية عليهم أيضا نهاية ومغني ( قوله : أما إذا اختلف محل الإزالة ) أي بحيث لم يسمع آخر أذانه من سمع أوله محمد صالح قول المتن ( والأظهر أن في الشعرة إلخ ) ولو أضعف قوة الشعرة بأن شقها نصفين فلا شيء ، وإن حرم ونائي ( قوله : أو الظفر ) إلى قوله : هذا في المغني ، وإلى قول المتن وللمعذور في النهاية ( قوله : وغيره ) أي كشجرالحرم ( قوله : هذا إلخ ) أي وجوب مد أو مدين فيما ذكر عبارة المغني ومحل الخلاف المذكور إذا اختار الدم إلخ ( قوله : إن اختار الدم إلخ ) وفاقا للأسنى والمغني وخلافا للنهاية عبارته ولا فرق في ذلك بين أن يختار دما أو لا كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى خلافا للعمراني فقد بسط الكلام على رد التقييد المذكور جمع من المتأخرين كالبلقيني وابن العماد وتمسكوا بإطلاق الشيخين . ا هـ . قال الرشيدي قوله : م ر خلافا للعمراني أي في تقييده ذلك بما إذا اختار الدم فإن اختار صوما إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهكذا ) يعني أو بعض الاثنين من الشعر أو الظفر ( قوله : قاله ) أي قوله : هذا إن اختار الدم فإن اختار الصوم إلخ ( قوله : ما أطلقه الشيخان كالأصحاب ) أفتى شيخنا الشهاب الرملي بأن المعتمد ما أطلقه الشيخان كالأصحاب سم ( قوله : من أنه لا يجزئ غير المد إلخ ) في هذا الحصر صعوبة بالنظر للصاع والصاعين فتأمله سم وقد يجاب بأن المراد لا يجب غير المد إلخ ( قوله : وما ألزم إلخ ) إشارة إلى اعتراض الآخرين على الأولين بأنه يلزم من قولكم التخيير بين الشيء وبعضه وهو ممتنع فرده بأنه جائز بل واقع ؛ لأن له نظيرا كردي عبارة المغني قال بعضهم وكلام العمراني إن ظهر على قولنا الواجب ثلث دم أي وهو مرجوح لا يظهر على قولنا الواجب مد إذ يرجع حاصله إلى أنه مخير بين المد والصاع والشخص لا يخير بين الشيء وبعضه وجوابه المنع فإن المسافر مخير بين القصر والإتمام وهو تخيير بين الشيء وبعضه ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية