الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والمضي في فاسده ) لإفتاء جمع من الصحابة رضي الله عنهم به ولا يعرف لهم مخالف فيأتي بما كان يأتي به قبل الجماع ويجتنب ما كان يجتنبه قبله فلو فعل فيه محظورا لزمته فديته [ ص: 177 ] ( والقضاء ) لذلك فإن أفسده لم يقضه بل الأول إذ المقضي واحد ، ووصف ذلك بالقضاء مع أن النسك لا آخر لوقته لتضييق وقته بالإحرام بناء على نظيره في الصلاة لكنه ضعيف كما مر فالأولى الجواب بأن المراد به القضاء اللغوي ( وإن كان نسكه تطوعا ) ككونه من صبي مميز أو قن ؛ لأنه يلزم بالشروع فيه ومن عبر بأنه يصير بالشروع فيه فرضا مراده أنه يتعين إتمامه كالفرض ويتأدى بالقضاء ما كان يتأدى بالأداء لولا الفساد من فرض أو غيره ويلزمه أن يحرم فيه مما أحرم منه بالأداء من ميقات أو قبله وكذا من ميقات جاوزه ولو غير مريد للنسك ، والمراد مثل مسافة ذلك ولا يلزمه رعاية زمن الأداء قيل وكان الفرق بينه وبين قول القاضي يلزم الأجير رعاية زمن الأداء أن هذا حق آدمي ورد بأن هذا مبني على وقوع القضاء للميت والمعتمد أنه للأجير لانفساخ العينية بالإفساد وبقاء الذمية في الذمة ، وإذا كان القضاء عن نفسه لم يلزمه رعاية زمن الأداء كما في الروضة خلافا لجمع لكن في المجموع ما يوافقهم ( والأصح أنه ) [ ص: 178 ] أي القضاء ( على الفور ) لتعديه بسببه وهو في العمرة ظاهر وفي الحج يتصور في سنة الفساد بأن يحصر قبل الجماع أو بعده ويتعذر المضي فيتحلل ثم يزول والوقت باق فإن لم يمكن في سنة الإفساد تعين في التي تليها وهكذا ولو جامع مميز أو قن أجزأه القضاء في الصبا والرق .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إذ المقضى واحد ) حتى لو أحرم بالقضاء عشر مرات ، وأفسد الجميع لزمه قضاء واحد عن الأول ، وكفارة لكل واحد من العشر م ر ( قوله : ككونه من صبي مميز ) قال ابن الصلاح ، وإيجابه عليه ليس إيجاب تكليف بل معناه ترتبه في ذمته كغرامة ما أتلفه شرح م ر ( قوله : ويلزمه أن يحرم فيه مما أحرم منه بالأداء إلخ ) وعلم من ذلك أنه لو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها كفاه أن يحرم في قضائها من أدنى الحل شرح م ر وشرح الروض ( قوله : يلزم الأجير ) أي في قضاء ما أفسده .

                                                                                                                              ( فرع ) قال في الروض في أوائل الباب : فرع جماع الأجير [ ص: 178 ] مفسد للحج وتنفسخ به إجارة العين لا إجارة الذمة لكن ينقلب الحج فيهما للأجير كمطيع المعضوب وكذا قضاؤه أي الحج الذي أفسده يلزمه ويقع له إلخ قال في شرحه وعليه في إجارة الذمة أن يأتي بعد القضاء عن نفسه بحج آخر للمستأجر في عام آخر إلخ . ( قوله : ثم يزول ) أي الحصر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( في فاسده ) أي المذكور من حج أو عمرة بخلاف سائر العبادات لا يلزمه المضي في فاسدها للخروج منها بالفساد إذ لا حرمة لها بعده ، نعم يجب إمساك بقية النهار في صوم رمضان لحرمة زمانه كما مر مغني ونهاية ( قوله : لإفتاء ) إلى قوله قبل في النهاية والمغني إلا قوله بناء إلى فالأولى ( قوله : لإفتاء جميع إلخ ) [ ص: 177 ] أي ولإطلاق قوله تعالى { وأتموا الحج والعمرة } فإنه لم يفصل بين الصحيح والفاسد أما ما فسد بالردة فلا يجب إتمامه ، وإن أسلم فورا ؛ لأنها أحبطته بالكلية ولذلك لم تجب فيها كفارة نهاية ومغني ( قوله : لذلك ) أي لفتوى الصحابة بذلك من غير مخالف نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : فإن أفسده إلخ ) الأولى إبدال الفاء بالواو ( قوله : إذ المقضي واحد ) أي فلو أحرم بالقضاء عشر مرات ، وأفسد الجميع لزمه قضاء واحد عن الأول وبدنة لكل واحد من العشرة نهاية ومغني ( قوله : لتضييق وقته إلخ ) أي ابتداء وانتهاء فإنه ينتهي بوقت الفوات فكان فعله في السنة الثانية خارج وقته فصح وصفه بالقضاء نهاية ومغني ( قوله : لكنه ) أي نظيره في الصلاة ( قوله : ضعيف ) أي إذ المعتمد أن من أفسد الصلاة ثم أعادها في الوقت كانت أداء لا قضاء لوقوعها في وقتها الأصلي خلافا للقاضي مغني ( قوله : لكونه من صبي مميز ) قال ابن الصلاح ، وإيجابه أي القضاء عليه أي الصبي ليس إيجاب تكليف بل معناه ترتبه في ذمته كغرامة ما أتلفه شرح م ر ا هـ سم ( قوله : ويتأدى بالقضاء إلخ ) هذا في غير الأجير أما هو فينقلب له ويتمه ويكفر ويقضي عن نفسه وتنفسخ إجارة العين لا الذمة ويتخير المستأجر فإن أجاز فيحج مثلا عنه بعد سنة القضاء أو يستأجر من يحج فيها ونائي وشرح الروض عبارة فتح القدير للكردي ولا تنفسخ الإجارة الذمية بإفساد الأجير النسك ولا بتحلله بالإحصار ولا بفوات الحج ولا بنذر الأجير النسك قبل الوقوف أو الطواف في العمرة لكن حيث لزم من ذلك تأخير النسك تخير المستأجر بين الفسخ وعدمه ويكون خياره على التراخي ويستقل به من غير رفع لقاض ، وإن استأجره ولي ميت بمال الميت فسخ أو ترك بالمصلحة فإن كانت في الفسخ ولم يفعله ضمن لتقصيره وحيث لم يحصل التأخير امتنعت الإقالة ؛ لأن العقد يقع للميت فلم يملك أحد إبطاله إلا إن كان في الإقالة مصلحة كأن عجز الأجير أو خيف حبسه أو فلسه أو قلة ديانته . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من فرض أو غيره ) أي فإن كان الفاسد فرضا وقع القضاء فرضا أو تطوعا فتطوعا فلو أفسد التطوع ثم نذر حجا ، وأراد تحصيل المنذور بحجة القضاء لم يحصل له ذلك أسنى ( قوله : ويلزمه أن يحرم مما أحرم إلخ ) علم من ذلك أنه لو أفرد الحج ثم أحرم بالعمرة من أدنى الحل ثم أفسدها كفاه أن يحرم في قضائها من أدنى الحل شرح م ر أي والخطيب وشرح الروض ا هـ سم ( قوله : أو قبله ) أي من دويرة أهله أو غيرها نهاية ومغني ( قوله : والمراد مثل مسافة ذلك ) علم من ذلك أنه لا يتعين عليه سلوك طريق الأداء لكن يشترط أن يحرم من قدر مسافته أسنى ونهاية ومغني ( قوله : ولا يلزمه رعاية زمن الأداء ) أي بل له التأخير عنه والتقديم عليه في الوقت الذي يجوز الإحرام فيه وفارق المكان فإنه ينضبط بخلاف الزمان نهاية ومغني ( قوله : يلزم الأجير ) أي في قضاء ما أفسده سم ( قوله : ورد ) أي القيل المذكور ( بأن هذا ) أي قول القاضي المذكور .

                                                                                                                              قول المتن ( والأصح أنه على الفور ) ولو خرجت المرأة لقضاء نسكها أي الذي أفسده الزوج بوطئه لزم الزوج زيادة نفقة السفر من زاد وراحلة ذهابا ، وإيابا ؛ لأنها غرامة تتعلق بالجماع فلزمته كالكفارة ولو عضبت أي أو ماتت لزمه الإنابة عنها من ماله ومؤنة الموطوءة بزنا أو شبهة عليها ، وأما نفقة الحضر فلا تلزم الزوج إلا أن يكون معها ويسن افتراقهما من حين الإحرام إلى أن يفرغ التحللان وافتراقهما في مكان الجماع أي المفسد للحج الأول آكد للخلاف في وجوبه ولو أفسد مفرد نسكه فتمتع في القضاء أو قرن جاز وكذا عكسه ، ولو أفسد القارن نسكه لزمه بدنة واحدة لانغمار العمرة في الحج ولزمه دم للقران الذي أفسده ؛ لأنه لزم بالشروع فلا يسقط بالإفساد ولزمه دم آخر للقران الذي التزمه بالإفساد في القضاء ، ولو أفرده ؛ لأنه متبرع بالإفراد ولو فات [ ص: 178 ] القارن الحج لفوات الوقوف فاتت العمرة تبعا له ولزمه دمان دم للفوات ودم لأجل القران وفي القضاء دم ثالث نهاية ومغني وشرح الروض قال ع ش قوله : لأنها غرامة إلخ يؤخذ من هذا جواب ما توقف فيه سم مما حاصله أنها إن كانت مختارة فهي مقصرة فلا شيء على الزوج ، وإن كانت مكرهة لم يفسد حجها .

                                                                                                                              وحاصل الجواب أن نختار الأول ونقول هذه الغرامة لما نشأت من الجماع الذي هو فعله لزمته وهذا قريب من لزوم الزوج ماء غسلها عن الجنابة حيث حصلت بجماعه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أي القضاء ) أي قضاء الفاسد مغني ( قوله : لتعديه إلخ ) أي ولقول جمع من الصحابة بذلك من غير مخالف نهاية ( قوله : وهو في العمرة ) إلى المتن في المغني والنهاية ( قوله : ظاهر ) أي فيأتي بالعمرة عقب التحلل وتوابعه نهاية ( قوله : بأن يحصر إلخ ) أي وبأن يرتد بعده ثم يسلم أو يتحلل كذلك لمرض شرط التحلل به ثم يشفى والوقت باق أي في الجميع بحيث يمكنه الإحرام بالحج ، وإدراك الوقوف فيشتغل بالقضاء نهاية ومغني وونائي ( قوله : ثم يزول ) أي الحصر سم ( قوله : أجزأه القضاء إلخ ) ولا يلزم السيد الآذن في الأداء إذن في القضاء ونائي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية