الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( الثالث غسل يديه ) من كفيه وذراعيه واليد مؤنثة ( مع مرفقيه ) بكسر ثم فتح أفصح من عكسه ودل على دخولهما الاتباع والإجماع بل والآية أيضا بجعل إلى غاية للترك المقدر بناء على أن اليد حقيقة إلى المنكب كما هو الأشهر لغة ، ويجب غسل جميع ما في محل الفرض من نحو شق وغوره الذي لم يستتر ومحل شوكة لم تغص في الباطن [ ص: 208 ] حتى استترت والأصح الوضوء وكذا الصلاة على الأوجه إذ لا حكم لما في الباطن ولا يرد التصاق العضو بعد إبانته بالكلية بحرارة الدم ؛ لأن ما بان صار ظاهرا وسلعة ، وإن خرجت عنه وظفر ، وإن طال ولا يتسامح بشيء مما تحته على الأصح وشعر ، وإن كتف وطال ، ويد ، وإن زادت وخرجت عن المحاذاة وما تحاذيه فقط من نحو يد نابتة خارجة وبعد قطع الأصلية تستصحب تلك المحاذاة على الأوجه وبه يعلم أن ما جاوز أصابع الأصلية لا يجب غسله وبه صرح جمع متأخرون وقول بعضهم يجب غسل الجميع وقولهم المحاذي جري على الغالب ضعيف وجلدة متدلية إليه ولو اشتبهت الأصلية بالزائدة وجب غسلهما احتياطا ولو تجافت جلدة التحمت بالذراع عنه لزمه غسل ما تحتها لندرته وإلا لم يلزمه بل لم يجز له فتقها [ ص: 209 ] نعم إن زال التحامها لزمه غسل ما ظهر من تحتها لزوال الضرورة وبه فارق خلق اللحية ( فإن قطع بعضه ) أي المذكور من اليدين ( وجب ) غسل ( ما بقي ) منه ؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور ( أو ) قطع ( من مرفقيه ) بأن فك عظم الذراع من عظم العضد وبقي العظمان المسميان برأس العضد ( فرأس عظم العضد ) يجب غسله ( على المشهور ) ؛ لأنه من المرفق إذ هو مجموع العظام الثلاث ( أو ) قطع من ( فوقه ندب ) غسل ( باقي عضده ) محافظة على التحجيل الآتي

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : يجعل إلى غاية للترك المقدر ) وهذا [ ص: 208 ] يحتاج لقرينة ( قوله وبعد قطع الأصلية ) إذ في شرح العباب ، فإن تدلت الزائدة بعد قطع الأصلية فالذي يظهر أنه لا يجب غسله أي المحاذي مطلقا ويحتمل خلافه ( قوله : تستصحب تلك المحاذاة ) هو المتجه بل لو لم تنبت الزائدة إلا بعد قطع الأصلية فقد يتجه وجوب غسل ما يحاذي منها الأصلية لو بقيت نظرا للمحاذاة باعتبار ما من شأنه م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : من كفيه ) إلى قوله ، ويجب في المغني ( قوله الاتباع ) أي المتبع من فعله صلى الله عليه وسلم ( قوله : بل والآية أيضا إلخ ) عبارة المغني ولقوله تعالى { وأيديكم إلى المرافق } وجه دلالة الآية على ذلك أن تجعل اليد التي هي حقيقة إلى المنكب على الأصح مجازا إلى المرافق مع جعل إلى غاية للغسل الداخلة هنا في المغيا بقرينتي الإجماع والاحتياط للعبادة والمعنى اغسلوا أيديكم من رءوس أصابعها إلى المرافق أو للمعية كما في قوله { من أنصاري إلى الله } { ، ويزدكم قوة إلى قوتكم } أو تجعل باقية على حقيقتها إلى المنكب مع جعل إلى غاية للترك المقدر فتخرج الغاية والمعنى اغسلوا أيديكم واتركوا منها إلى المرافق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بجعل إلى غاية إلخ ) وذلك بأن يجعل التقدير هنا اغسلوا أيديكم من الأصابع واتركوا من أعلاها إلى المرافق والدليل على أن المراد الغسل من الأصابع الحمل على ما هو الغالب في غسل الأيدي أنه من الأصابع ومن لازمه أن يكون الترك من الأعلى وبين ذلك فعله صلى الله عليه وسلم ع ش وفيه ما لا يخفى من التكلف ( قوله للترك المقدر ) هذا يحتاج لقرينة سم ( قوله : ويجب ) إلى المتن في المغني إلا قوله وغوره إلى وسلعة وقوله وبه صرح إلى وجلدة وكذا في النهاية أنه اضطرب في غسل ما جاوز أصابع الأصلية فأول كلامه يفيد وجوبه وفاقا للشارح والمغني وآخره يفيد عدمه ( قوله : نحو شق وغوره إلخ ) عبارة النهاية والمغني وشرح بافضل باطن ثقب أو شق فيه نعم إن كان لهما غور في اللحم لو يجب إلا غسل ما ظهر منهما وكذا يقال في بقية الأعضاء ا هـ قال الكردي اعلم أن الذي ظهر لي من كلامهم أنهما حيث كانا في الجلد ولم يصلا إلى اللحم الذي وراء الجلد يجب غسلهما حيث لم يخش منه ضررا وإلا تيمم عنهما وحيث جاوز الجلد إلى اللحم لم يجب غسلهما ، وإن لم يستترا إلا إن ظهر الضوء من الجهة الأخرى فيجب الغسل حينئذ إلا أن خشي منه ضررا إذا تقرر ذلك فاحمل على هذا ما تراه في كلامهم مما يوهم خلافه فقول التحفة وغوره الذي لم يستتر أي بأن [ ص: 208 ] ظهر الضوء من الجانب الآخر ، فإن لم يظهر الضوء فهو مستتر أو المراد بالذي لم يستتر الذي لم يصل لحد الباطن الذي هو اللحم ، فإن قلت ما المحوج إلى هذا الحمل ، وهو خلاف الظاهر من عبارته قلت الحامل عليه كلامه في غير التحفة ثم قال بعد وعبارة الإيعاب وحاشية فتح الجواد ، وهي نص فيما قلته فتأمل بإنصاف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : حتى استترت ) ليس بقيد فقد قال في الإيعاب بعد ذكر قول البغوي في فتاويه شوكة دخلت أصبعه يصح وضوءه ، وإن كان رأسها ظاهرا ؛ لأن ما حواليه يجب غسله وهو ظاهر وما سترته الشوكة فهو باطن ، فإن كان بحيث لو نقش الشوكة بقي ثقبة حينئذ لا يصح وضوءه إن كان رأس الشوكة خارجا حتى ينزعه ا هـ .

                                                                                                                              ما نصه يتعين حمل الشق الأول على ما إذا جاوزت الجلد إلى اللحم وغاصت فيه فلا يضر ظهور رأسها حينئذ ؛ لأنها في الباطن والثاني على ما إذا ستر رأسها جزء من ظاهر الجلد إلى اللحم وغاصت فيه فلا يضر ظهور رأسها حينئذ لأنها في الباطن والثاني على ما إذا ستر رأسها جزءا من ظاهر الجلد بأن بقي جزء منها ا هـ فيحمل قول التحفة استترت على دخولها عن حد الظاهر إلى حد الباطن واعتمد الجمال الرملي الشق الثاني من كلام البغوي فعنده إن كانت بحيث لو نقشت بقي موضعها ثقبة وجب عليه قلعها ليصح وضوءه وإلا فلا ورأيت في فتاويهم ر أنه عند الشك في كون محلها بعد القلع يبقى مجوفا أو لا الأصل عدم التجوف وعدم وجوب غسل ما عدا الظاهر ا هـ كردي عبارة شيخنا والبجيرمي ، ويجب غسل موضع شوكة بقي مفتوحا بعد قلعها ولا يصح الوضوء مع بقائها إذا كانت بحيث لو أزيلت بقي محلها مفتوحا والأصح الوضوء مع بقائها لكن إن غارت في اللحم واختلطت بالدم الكثير لم تصح الصلاة معها ، وإن صح الوضوء وكل هذا فيما إذا كانت رأسها ظاهرة ، فإن استتر جميعها لم تضر لا في الوضوء ولا في الصلاة على المعتمد ؛ لأنها في حكم الباطن ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يرد ) أي على قوله إذ لا حكم إلخ ( التصاق العضو إلخ ) أي حيث لا تصح الصلاة معه فتجب إزالته وغسل ما تحته ( قوله : وسلعة إلخ ) عطف على نحو شق وهي كما يأتي في الصيال بكسر السين ما يخرج بين الجلد واللحم من الحمصة إلى البطيخة ا هـ .

                                                                                                                              وفي القاموس أنها تتحرك إذا حركت عبارة شيخنا وسلعة بكسر السين عدة تخرج إلخ وأما بالفتح فهي أمتعة البائع كما قاله ابن حجر في الزواجر والمشهور أن سلعة المتاع بالكسر أيضا وأما بالفتح فالشجة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولا يتسامح بشيء إلخ ) قال شيخنا ويعفى عن القليل في حق من ابتلي به وعندنا قول بالعفو عنه مطلقا ا هـ ( قوله : وشعر ) أي ظاهرا وباطنا مغني ( قوله : وطال ) أي وخرج عن حدها ع ش وشيخنا ( قوله : وما يحاذيه ) أي محل الفرض والمراد بالمحاذاة المسامتة لمحل الفرض كردي وبجيرمي ( قوله : نابتة خارجه ) أي خارج محل الفرض كأن نبتت في العضد وتدلت للذراع بجيرمي ( قوله تستصحب تلك المحاذاة إلخ ) هذا هو المتجه بل لو لم تنبت الزائدة إلا بعد قطع الأصلية فقد يتجه وجوب غسل ما يحاذي منها الأصلية لو بقيت نظرا للمحاذاة باعتبار ما من شأنه م ر ا هـ سم و ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : أن ما جاوز إلخ ) أي : مما نبتت في غير محل الفرض مغني ( قوله : لا يجب غسله ) وفاقا للمغني وللنهاية أولا ومخالفا له ثانيا كما مر ( قوله وقولهم إلخ ) عطف على يجب إلخ وقوله ضعيف خبر وقول بعضهم إلخ ( قوله : وجلدة إلخ ) عطف على نحو شق ( قوله : متدلية إليه ) أي منتهية إلى محل الفرض كردي عبارة النهاية والمغني ، وإن تدلت جلدة العضد منه لم يجب غسل شيء منها لا المحاذي ولا غيره ؛ لأن اسم اليد لا يقع عليها مع خروجها عن محل الفرض أو تقلصت جلدة الذراع منه وجب غسلها ؛ لأنها منه ، وإن تدلت جلدة أحدهما من الآخر بأن تقلعت من أحدهما وبلغ التقلع إلى الآخر ثم تدلت منه فالاعتبار بما انتهى إليه تقلعها لا بما منه تقلعها فيجب غسلها فيما إذا بلغ تقلعها من العضد إلى الذراع دون ما إذا بلغ من الذراع إلى العضد ؛ لأنها صارت جزءا من محل الفرض في الأول دون الثاني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولو اشتبهت ) إلى قوله ولو تجافت حقه أن يقدم على قوله وجلدة ( قوله وجب غسلهما ) سواء أخرجتا من المنكب أم من غيره مغني ( قوله : ولو تجافت إلخ ) عبارة المغني والنهاية ولو التصقت بعد تقلعها من أحدهما بالآخر وجب غسل محاذي الفرض منها دون غيره ثم إن تجافت عنه لزمه غسل ما تحتها [ ص: 209 ] أيضا لندرته ، وإن سترته اكتفى بغسل ظاهرها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : نعم إن زال إلخ ) ولو توضأ فقطعت يده أو تثقبت لم يجب غسل ما ظهر إلا لحدث فيجب غسله كالظاهر أصالة ولو عجز عن الوضوء لقطع يده مثلا وجب عليه أن يحصل من يوضئه ولو بأجرة مثل والنية من الآذن ، فإن تعذر عليه ذلك تيمم وصلى وأعاد لندرة ذلك مغني زاد شيخنا على المسألة الأولى ما نصه ولو كان فاقد اليدين فمسح رأسه بعد غسل وجهه وتمم وضوءه ثم نبت له يدان بدل المفقودتين لم يجب غسلهما ؛ لأنه لم يخاطب به حين الوضوء لفقدهما حينه فمسح الرأس وقع معتدا به فلا يبطله ما عرض من نبات اليدين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لزمه غسل ما ظهر إلخ ) أي وإعادة ما بعده سم ( قوله : لزوال الضرورة وبه إلخ ) عبارة النهاية بخلاف ما لو حلق لحيته الكثة ؛ لأن الاقتصار على غسل ظاهر الملتصقة كان للضرورة وقد زالت ولا كذلك اللحية لتمكنه من غسل باطنها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أي المذكور إلخ ) عبارة المغني أي بعض ما يجب غسله من اليدين ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأن الميسور إلخ ) ولقوله صلى الله عليه وسلم إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم مغني ونهاية قول المتن ( أو من مرفقه إلخ ) ، وإن قطع من منكبه ندب غسل محل القطع بالماء كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه مغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية