الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( الرابع مسمى مسح ) بيد أو غيرها ( لبشرة رأسه ) ، وإن قل حتى البياض المحاذي لا على الدائر حول الأذن كما بينته في شرح الإرشاد الصغير وحتى عظمه إذا ظهر دون باطن مأمومة كما قاله بعضهم وكأنه لحظ أن الأول يسمى رأسا بخلاف الثاني ( أو ) مسمى مسح لبعض ( شعر ) أو شعرة واحدة ( في حده ) أي الرأس بأن لا يخرج بالمد عنه من جهة نزوله واسترساله ، فإن خرج منها ولم يخرج من غيرها مسح غير الخارج ، وإنما أجزأ تقصيره في النسك مطلقا ؛ لأنه ثم مقصود لذاته ، وهنا تابع للبشرة والخارج غير تابع لها ولو وضع يده المبتلة على خرقة على رأس فوصل إليه البلل أجزأ قيل المتجه تفصيل الجرموق ا هـ ، ويرد بما مر أنه حيث حصل الغسل بفعله بعد النية لم يشترط تذكرها عنده والمسح مثله ويفرق بينه وبين الجرموق بأن ثم صارفا ، وهو مماثلة غير الممسوح عليه له فاحتيج لقصد مميز ولا كذلك هنا [ ص: 210 ] وذلك للآية مع فعله صلى الله عليه وسلم فإنه اقتصر على مسح الناصية ، وهي ما بين النزعتين وهو دون الربع بل دون نصفه وليس الأذنان منه وخبر { الأذنان من الرأس } ضعيف ، وإنما وجب تعميم الوجه في التيمم ؛ لأنه بدل فأعطي حكم مبدله ولا يرد مسح الخف لجوازه مع القدرة على الأصل فلم تتحقق فيه البدلية ( والأصح جواز غسله ) بلا كراهة ؛ لأنه محصل لمقصود المسح من وصول البلل للرأس وزيادة وهذا مراد من عبر بأنه مسح وزيادة فلا يقال المسح ضد الغسل فكيف يحصله مع زيادة .

                                                                                                                              ( تنبيه )

                                                                                                                              عللوا هنا عدم كراهة الغسل بأنه الأصل وفرقوا بين وجوب التعميم في المسح في التيمم لا هنا بأنه ثم بدل وهنا أصل فنتج أن كلا من الغسل والمسح أصل وحينئذ فقياسه أن الغسل أحد ما صدقات الواجب المخير فكيف يقولون بإباحته ، وأنه غير مطلوب وقد ذكرت الجواب عنه في شرح الإرشاد الصغير وقد يجاب أيضا بأن في الغسل حيثيتين حصول البلل المقصود من المسح والزيادة على ذلك فهو من الحيثية الأولى أصلي وواجب ومن الحيثية الثانية لا ولا بل مباح فلا تنافي ( تنبيه آخر )

                                                                                                                              قد يقال يعارض ما ذكر من إجزاء نحو الغسل القاعدة الأصولية أنه لا يجوز أن يستنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال ويجاب بأن هذا ليس من تلك بل من قاعدة أنه يستنبط من النص معنى يعممه ، وهو هنا بناء على أنه معقول المعنى الرخصة في هذا العضو لستره غالبا كما مر وحينئذ فيلزم من الاكتفاء فيه بالأقل الاكتفاء فيه بالأكمل حملا للمسح على وصول البلل الصادق بحقيقة المسح وحقيقة الغسل فتأمله ؛ وبهذا يعلم ورود السؤال على القائلين بالتعبد إلا أن يكونوا قائلين بتعيين المسح ( و ) جواز ( وضع اليد ) عليه ( بلا مد ) لحصول المقصود المذكور به

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 209 ] ( قوله : إذا ظهر ) هل المراد بظهوره مشاهدته أو بحيث يكون إيضاحا ، وإن لم يشاهد فيه نظر ويحتمل أن [ ص: 210 ] يضبط بما يجب غسله في الغسل ( قوله : بأن ثم صارفا ) قد يقال وهنا أيضا صارف ، وهو كون الممسوح عليه ليس من الرأس وكفى بذلك صارفا ( قوله : فقياسه أن الغسل أحد ما صدقات الواجب المخير ) يمكن أن يجاب بأن [ ص: 211 ] الواجب المخير هو القدر المشترك بين الخصال كما تقرر في الأصول وهذا لا ينافي أن يتصف بعض الخصال بالإباحة أو غيرها من حيث خصوصه فليتأمل ؛ وبأن المراد بكون الغسل أصلا أنه القياس لا أنه واجب أولا [ ص: 212 ] وبكون المسح أصلا أنه وجب غير بدل عن شيء آخر كان واجبا فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( مسمى مسح ) المراد به الانمساح ، وإن لم يكن بفعله كما علم مما مر لبشرة رأسه ولو الجزء الذي يجب غسله مع الوجه تبعا ثم ظاهره أنه يكفي المسح على البشرة ولو خرجت عن حد الرأس كسلعة نبتت فيه وخرجت عنه وبه قال الأجهوري وقال الشبراملسي لا يكفي المسح على البشرة الخارجة عن حد الرأس كالشعر الخارج عن حده ففيها تفصيل الشعر واستوجهه بعضهم بأن الرأس اسم لما رأس وعلا فلا يصدق بذلك شيخنا .

                                                                                                                              ( قوله : وإن قل ) أي مسمى المسح ويحتمل أن الضمير للبشرة ، وهو أحسن معنى وعليه فالتذكير بتأويل الجلد أو لما تقرر في محله أن ما لا يستعمل إلا بالتاء كالمعرفة والنكرة يجوز تذكيره وتأنيثه ( قوله : حتى البياض المحاذي إلخ ) أي البياض الذي وراء الأذن نهاية ( قوله : وحتى عظمه ) إلى المتن ذكره ع ش وأقره قول المتن ( أو شعر إلخ ) ولو مسح شعر رأسه ثم حلقه لم تجب إعادة المسح كما تقدم مغني وشيخنا .

                                                                                                                              ( قوله إن الأول ) أي عظم الرأس وقوله بخلاف الثاني أي باطن المأمومة ( قوله : لبعض شعر ) أي ولو كان ذلك البعض مما وجب غسله مع الوجه من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فيكفي مسحه ؛ لأنه من الرأس وغسله أو لا كان ليتحقق به غسل الوجه لا لكونه فرضا من فروض الوضوء ع ش وبجيرمي ( قوله أي الرأس ) إلى قوله ، وإنما أجزأ في المغني والنهاية ( قوله : بأن لا يخرج بالمد إلخ ) أي ولو تقديرا بأن كان معقودا أو متجعدا غير أنه بحيث لو مد محل المسح منه خرج عن الرأس نهاية ومغني وشيخنا ( قوله : من جهة نزوله ) فشعر الناصية جهة نزوله الوجه وشعر القرنين جهة نزولهما المنكبان وشعر القذال أي مؤخر الرأس جهة نزوله القفا قاله الزيادي في شرح المحرر كردي ( قوله : واسترساله ) عطف تفسير لنزوله هو في النهاية بأو بدل الواو وقال ع ش هو معطوف على المد وزاد الرشيدي وحاصله أنه يشترط أن لا يخرج عن حده بنفسه ولا بفعل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولم يخرج إلخ ) ، وإن لم يخرج إلخ ( قوله : وهنا تابع إلخ ) والأصح أن كلا من البشرة والشعر هنا أصل ؛ لأن الرأس لما رأس وعلا وكل منهما عال نهاية زاد المغني ، فإن قيل هلا اكتفى بالمسح على النازل عن حد الرأس كما اكتفي بذلك للتقصير في النسك أجيب بأن الماسح عليه غير ماسح على الرأس والمأمور به في التقصير إنما هو شعر الرأس وهو صادق بالنازل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مطلقا ) أي خرج عن حد الرأس أو لا ( قوله : قيل المتجه تفصيل الجرموق ) وهو الوجه ولا يتجه فرق بينهما فتأمل م ر سم على البهجة ا هـ ع ش .

                                                                                                                              عبارة شيخنا والمدار على وصول الماء لما يجزئ مسحه بيد أو غيره ولو من وراء حائل لكن فيه حينئذ تفصيل الجرموق على المعتمد خلافا لابن حج حيث قال بأنه يكتفي مطلقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويرد بما مر إلخ ) قد يقال ما أشار إليه مما مر مفروض حيث لم يكن ثم ما يقبل الصرف إليه وإلا اشترطت النية ألا ترى أنه لو عرضت له نية التبرد في أثناء العضو فلا بد من استحضار النية معها ذكرا وإلا لم يعتد بذلك الفعل والحاصل أن قياسه على الجرموق واضح بصري .

                                                                                                                              ( قوله : بأن ثم صارفا إلخ ) قد يقال وهنا أيضا صارف ، وهو كون الممسوح عليه ليس من الرأس وكفى [ ص: 210 ] بذلك صارفا سم ( قوله : وذلك للآية إلخ ) عبارة المغني قال تعالى { وامسحوا برءوسكم } وروى مسلم { أنه صلى الله عليه وسلم مسح بناصيته وعلى عمامته } واكتفى بمسح البعض فيما ذكر ؛ لأنه المفهوم من المسح عند إطلاقه ولم يقل أحد بوجوب خصوص الناصية والاكتفاء بها يمنع وجوب الاستيعاب ، ويمنع وجوب التقدير بالربع أو أكثر ؛ لأنها دونه والياء إذا دخلت على متعد كما في الآية تكون للتبعيض أو على غيره كما في قوله تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } تكون للإلصاق ا هـ .

                                                                                                                              وفي النهاية نحوها إلا أنه قال بدل والباء إذا دخلت إلخ ؛ ولأن الباء الداخلة في حيز متعد إلخ ( قوله : بل دون نصفه ) أي نصف الربع ( قوله : ؛ لأنه بدل إلخ ) أي ومسح الرأس أصل فاعتبر لفظه مغني ( قوله : ولا يرد مسح إلخ ) عبارة المغني ، فإن قيل المسح على الخف بدل فهلا وجب تعميمه كمبدله أجيب بقيام الإجماع على عدم وجوبه وبأن التعميم يفسده مع أن مسحه مبني على التخفيف لجوازه مع القدرة على الغسل بخلاف التيمم إنما جاز للضرورة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بلا كراهة ) عبارة النهاية والمغني وأشار بالجواز إلى نفي كل من استحبابه وكراهته ا هـ وعبارة شيخنا وأشعر تعبيره بالجواز أن المسح أفضل كما قاله في شرح الحاوي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فنتج ) أي مجموع ما تضمنه التعليل والفرق ( قوله : فقياسه ) أي مقتضى أصالة كل منهما ( قوله : في شرح الإرشاد إلخ ) قال فيه ، فإن قلت كيف هذا أي تعليل عدم كراهة الغسل بأنه الأصل مع أنه مر أن المسح أصل قلت الأصالة ثم إنما هي بالنسبة لمسح البعض وهذا لا ينافي أصالة الغسل أو هي ثم بالنسبة لما بعد التخفيف وهذا بالنسبة لما قبله فتأمله ا هـ وما ذكره أخيرا هو الأظهر بصري أقول ما ذكره أولا لا يظهر وجهه وكذا ما ذكره أخيرا إلا أن يراد به ما أجاب به سم من أنه يمكن أن المراد بكون الغسل أصلا أنه القياس لا أنه وجب أولا ، ويكون المسح أصلا أنه وجب غير بدل عن شيء آخر كان واجبا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فهو من الحيثية الأولى أصلي إلخ ) وقد يقال إنه من هذه الحيثية من ما صدقات المسح لا أصل آخر ( قوله : من تلك ) يعني من المنفيات بتلك القاعدة الأصولية ( قوله : معنى يعود إلخ ) ، وهو هنا كون المقصود حصول البلل ( قوله : وهو إلخ ) أي المعنى المستنبط من النص ( قوله : بناء على أنه إلخ ) أي بناء على الراجح من أن الوضوء معقول الحكمة وقوله الرخصة خبر قوله ، وهو ( قوله : كما مر ) أي في أول الباب ( قوله : من الاكتفاء فيه ) أي الرأس وقوله بالأقل أي المسح وقوله بالأكمل أي الغسل ( قوله : حملا للمسح ) أي في الآية ( قوله : وبهذا إلخ ) أي الجواب المذكور وقوله ورود السؤال أي ورود السؤال المتقدم بلا جواب عنه وقوله على القائلين إلخ أي الجواب المذكور وقوله ورود السؤال أي ورود السؤال المتقدم بلا جواب عنه وقوله على القائلين إلخ أي الإمام ومن تبعه




                                                                                                                              الخدمات العلمية