الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو جمع ) العاقد أو العقد ( في صفقة مختلفي الحكم كإجارة وبيع ) كبعتك هذا وأجرتك هذه سنة بألف ووجه اختلافهما اشتراط التأقيت فيها وبطلانه به وانفساخها بالتلف بعد القبض دونه ( أو ) إجارة ( وسلم ) كأجرتك هذه وبعتك كذا في ذمتي سلما بدينار لاشتراط قبض العوض في المجلس في سائر أنواعه بخلافها ( صحا في الأظهر ) كل منهما بقسطه من المسمى إذا وزع على قيمة المبيع أو المسلم فيه وأجرة الدار كما قال ( ويوزع المسمى على قيمتهما ) وتسمية الأجرة قيمة صحيح لأنها في الحقيقة قيمة المنفعة ووجه [ ص: 329 ] صحتهما أن كلا يصح منفردا فلا يضر الجمع ولا أثر لما قد يعرض لاختلاف حكمهما باختلاف أسباب الفسخ والانفساخ المحوجين إلى التوزيع المستلزم للجهل عند العقد بما يخص كلا من العوض لأنه غير ضار كبيع ثوب وشقص صفقة وإن اختلفا في الشفعة واحتيج للتوزيع المستلزم لما ذكر فعلم أنه ليس المراد باختلاف الأحكام هنا مطلق اختلافها بل اختلافها فيما يرجع للفسخ والانفساخ مع عدم دخولهما تحت عقد واحد فلا ترد مسألة الشقص المذكورة لأنه والثوب دخلا تحت عقد واحد هو البيع ولا يختلفان في ذلك نعم أورد عليه بيع عبدين بشرط الخيار في أحدهما على الإبهام أكثر من الآخر فإنه يبطل فيهما مع أنه من القاعدة ومع شمول كلامه له حيث عبر بمختلفي الحكم ولم يقل كأصله وغيره : عقدين مختلفي الحكم .

                                                                                                                              ويجاب بأنا لو سلمنا أنه منها كان البطلان للشرط المفسد المقارن للعقد لا لاختلاف الحكم على أن حذفه لعقدين إنما هو لإغناء مثاله عنه والتقييد بمختلفي الحكم لبيان محل الخلاف فلو جمع بين متفقين كشركة وقراض كأن خلط ألفين له بألف لغيره وقال شاركتك على أحدهما وقارضتك على الآخر فقبل صح جزما [ ص: 330 ] لرجوعهما إلى الإذن في التصرف بخلاف ما لو كان أحدهما جائزا كالبيع والجعالة فإنه لا يصح قطعا لتعذر الجمع بينهما ( أو ) نحو ( بيع ونكاح ) كزوجتك بنتي وبعتك عبدها بألف ( صح النكاح ) لأنه لا يتأثر بفساد الصداق بل ولا بأكثر الشروط الفاسدة ( وفي البيع والصداق القولان ) فيصح البيع بحصة العبد من الألف والصداق بحصة مهر المثل منها كما سيذكره في بابه مع قيده .

                                                                                                                              ( تنبيه ) أعدت ضمير جمع على أحد ذينك لأن كلا منهما يدل عليه السياق لكن في الثاني ركة لأن الصفقة إن حملت على العقد كما هو اصطلاح الفقهاء كان التقدير ولو جمع عقد في عقد عقدين مختلفي الحكم وإن حملت على الألفاظ الواقعة بين المتعاقدين لغرضين فأكثر والتقدير وإن جمع العقد في ألفاظ واقعة من اثنين عقدين مختلفي الحكم صح لكن إطلاق الصفقة على ذلك بعيد من اصطلاحهم إلا أن توقف صحة التئام المتن عليه بتقدير أنه المراد أوجب المصير إليه والحاصل أن المغايرة الاعتبارية كافية في صحة الحمل كأنا أبو النجم

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قول المصنف كإجارة ) عبارة الروض كبيع وإجارة أو سلم أو نكاح - [ ص: 329 ] قوله : للجهل عند العقد إلخ ) قد يقال الجهل المذكور موجود قطعا عند العقد وإن لم يعرض ما ذكر إلا أن يقال هذا الجهل إنما يلتفت إليه حتى احتيج للاعتذار عنه إذا بقي أحدهما وسقط الآخر لأنه حينئذ يصير المقصود الباقي دون الساقط فينظر للتوزيع بخلاف ما إذا بقيا فإن المقصود المجموع فلا حاجة إلى التوزيع المترتب عليه الجهل المذكور حتى يلتفت إليه ( قوله : فعلم ) أي من قوله ولا أثر إلخ ( قوله : ولا يختلفان ) فخرجت بجهتين .

                                                                                                                              ( قوله : إنما هو لا غناء مثاله عنه ) قد يقال المثال لا يخصص وكلامه شامل للعقد الواحد فيرد الاعتراض إلا أن يكون قوله كإجارة وبيع إلخ لا لمحض التمثيل بل قيد كأن يعرب حالا وفيه أنه لا قرينة على ذلك مع مخالفة الظاهر وكتب شيخنا البرلسي بهامش شرح البهجة ما نصه لم يذكر محترز العقدين وقال غيره في شرح الإرشاد يخرج به ما لو جمع عقد واحد مختلفي الحكم كما لو باع صاعا من الشعير وثوبا بصاع حنطة فإن ما يقابل الحنطة من الشعير يشترط قبضه في المجلس وما يقابل الثوب لا يشترط قبضه في المجلس قال وقضية كلامه يعني الإرشاد أن ذلك ليس من تفريق الصفقة في الأحكام وقد صرح الرافعي بجريان قولي التفريق فيه وكذا لو باع وشرط الخيار في أحدهما دون الآخر أو في أحدهما الخيار يومين وفي الآخر ثلاثا فكل ذلك من تفريق الصفقة في الأحكام فلو حذف قوله عقدين لتناول ذلك ا هـ ما كتبه شيخنا وقال الشارح في شرح الإرشاد ما نصه ولا يرد على تقييده بالعقدين ما لو باع عبدين بشرط الخيار في أحدهما بعينه أو أكثر من الآخر فإنه وإن كان من صور تفريق الصفقة في الحكم مع كونه عقدا واحدا إلا أن الاختلاف هنا في الأمر التابع [ ص: 330 ] دون المقصود الذي الكلام فيه وكذا يقال فيما لو باع صاع شعير وثوبا بصاع بر فإن اشتراط قبض ما يقابل الحنطة من الشعير أمر تابع أيضا انتهى فليتأمل ( قوله : بخلاف ما لو كان أحدهما جائزا ) قيل ليس السبب في المنع جواز أحدهما بل تنافي أحكامهما وقد يرده جواز الجمع بين البيع والسلم مع تنافي أحكامهما بنحو اشتراط قبض رأس المال في المجلس في السلم دون البيع فليتأمل وقال م ر عن والده العلة مجموع الاختلاف جوازا ولزوما وأحكاما وعبارة شرحه : بخلاف ما لو كان أحدهما جائزا كبيع يشترط قبض العوضين فيه وجعالة أو إجارة ذمة أو سلم وجعالة بخلاف الجمع بين البيع والجعالة فإنه لا يشترط القبض في المجلس كذا أفاده بعض المتأخرين انتهى ( قوله : والصداق بحصة مهر المثل منها ) قال في شرح الروض ثم شرط التوزيع في زوجتك بنتي وبعتك عبدها أن تكون حصة النكاح مهر المثل فأكثر فإن كانت أقل وجب مهر المثل كما ذكره في المجموع نعم إن أذنت الرشيدة في قدر المسمى فظاهر أنه يعتبر التوزيع مطلقا ا هـ وظاهر أن شرط التوزيع [ ص: 331 ] أيضا أن تكون حصة العبد ثمن المثل أو أكثر إلا أن تكون رشيدة وتأذن في قدر المسمى فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو جمع إلخ ) شروع في القسم الثالث أي التفريق في الأحكام ( قوله : العاقد ) إلى التنبيه في النهاية والمغني إلا قوله نعم إلى قوله والتقييد .

                                                                                                                              ( قوله : العاقد ) هو الأولى للمغايرة بين الفاعل ومحل الجمع بخلاف العقد فإن التقدير عليه ولو جمع عقد في عقد مختلفي إلخ فيتحد الفاعل للجمع ومحله ثم رأيت حج صرح بذلك وأطال فيه ا هـ ع ش . قول المتن ( كإجارة إلخ ) عبارة الروض كبيع وإجارة أو سلم أو نكاح انتهى ا هـ سم أي بحذف الواو والاقتصار على أو والمراد بالإجارة التي مع البيع مطلق الإجارة وردت على العين أو الذمة وبالتي مع السلم إجارة العين فإن إجارة الذمة يشترط فيها القبض كالسلم كذا في النهاية والمغني أي فليس إجارة الذمة والسلم مختلفي الحكم ( قوله : اشتراط التأقيت فيها ) أي غالبا ا هـ نهاية أي وقد لا يشترط كأن قدرت على المنفعة بمحل العمل ع ش ( قوله : اشتراط التأقيت فيها وبطلانه به ) لا يناسب قوله الآتي فعلم أنه ليس المراد إلخ ا هـ رشيدي ( قوله : وانفساخها ) عطف على اشتراط إلخ فهو توجيه ثان للاختلاف ا هـ ع ش ( قوله : أو إجارة ) أي عين ا هـ نهاية ( قوله : كآجرتك هذه ) أي داري شهرا ا هـ نهاية .

                                                                                                                              ( قوله : بخلافها ) أي الإجارة ا هـ ع ش قول المتن ( ويوزع المسمى على قيمتهما ) أي إن احتيج إلى التوزيع بأن حصل فسخ أو انفساخ للإجارة أو البيع أو السلم بأن تلفت العين المؤجرة أو تعيبت واستمر ما معها صحيحا أو تلف المبيع قبل قبضه أو انقطع المسلم فيه عند حلول الأجل وبقيت الإجارة على الصحة فيحتاج إلى التوزيع حينئذ فإذا كانت قيمة المبيع عشرة وأجرة العين المؤجرة تلك المدة خمسة والمسمى اثني عشر فحصة المبيع منه ثمانية والعين المؤجرة أربعة .

                                                                                                                              ( قوله : ووجه صحتهما إلخ ) هذا - [ ص: 329 ] موجود في كل العقود فيقتضي أن كل عقدين كذلك من غير استثناء ا هـ رشيدي ( قوله : ولا أثر إلخ ) رد لدليل مقابل الأظهر القائل بالبطلان فيهما ( قوله : لما قد يعرض إلخ ) ما واقعة على الفسخ والانفساخ المعلومين من المقام ( وقوله : لاختلاف حكمها ) تعليل لقوله يعرض ا هـ رشيدي ( قوله : للجهل عند العقد ) قد يقال الجهل موجود عند العقد قطعا وإن لم يعرض ما ذكر إلا أن يقال هو وإن كان موجودا عند العقد لكن لا ينظر إليه إلا حين بقاء أحدهما وسقوط الآخر أما إذا بقيا فالمقصود المجموع فلا حاجة إلى التوزيع المترتب عليه الجهل سلطان وسم ( قوله : لأنه إلخ ) علة لقوله ولا أثر إلخ ( قوله : غير ضار إلخ ) أي لاغتفارهم له في غير ذلك كمسألة الشقص المذكورة ا هـ ع ش ( قوله : فعلم ) أي من قوله ولا أثر إلخ سم و ع ش ( قوله : مع عدم دخولهما ) أي العينين اللذين اختلفت أحكامهما ا هـ ع ش ( قوله : ولا يختلفان ) فخرجت بجهتين ا هـ سم ( قوله : في ذلك ) أي فيما يرجع للفسخ والانفساخ ( قوله : أورد عليه ) أي على ما في الضابط من قوله مع عدم دخولهما تحت عقد واحد ا هـ رشيدي ويجوز إرجاع الضمير لقول المصنف ولو جمع في صفقة إلخ ( قوله : على الإبهام ) أي وأما إذا كان معينا فيصح العقد فيهما قطعا ع ش ورشيدي ( قوله : من القاعدة ) أي التي جرى في صحة البيع فيها القولان السابقان ا هـ ع ش ( قوله : ومع شمول كلامه إلخ ) عطف تفسير ( قوله : لإغناء مثاله عنه ) قد يقال المثال لا يخصص وكلامه شامل للعقد الواحد فيرد الاعتراض إلا أن لا يكون قوله : كإجارة وبيع إلخ لمحض التمثيل بل قيدا كأن يعرب حالا وفيه أنه لا قرينة على ذلك مع مخالفة الظاهر وكتب شيخنا البرلسي بهامش شرح البهجة ما نصه لم يذكر محترز العقدين وقال غيره في شرح الإرشاد يخرج به ما لو جمع عقد واحد مختلفي الحكم كما لو باع صاعا من الشعير وثوبا بصاع حنطة فإن ما يقابل الحنطة من الشعير يشترط قبضه في المجلس وما يقابل الثوب لا يشترط قبضه في المجلس قال وقضية كلامه يعني الإرشاد أن ذلك ليس من تفريق الصفقة في الأحكام فلو حذف قوله عقدين لتناول ذلك انتهى ما كتبه شيخنا وقال الشارح في شرح الإرشاد ما نصه ولا يرد على تقييده بالعقدين ما لو باع عبدين بشرط الخيار في أحدهما بعينه أو أكثر من الآخر فإنه وإن كان من صور تفريق الصفقة في الحكم مع كونه عقدا واحدا إلا أن الاختلاف هنا في الأثر التابع دون المقصود الذي الكلام فيه وكذا يقال فيما لو باع صاع شعير وثوبا بصاع بر فإن اشتراط قبض ما يقابل الحنطة من الشعير أمر تابع أيضا انتهى فليتأمل ا هـ سم عبارة النهاية والمغني وشمل كلام المصنف أي في الصحة ما لو اشتمل العقد على ما يشترط فيه التقابض وما لا يشترط كصاع بر وثوب [ ص: 330 ] بصاع شعير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لرجوعهما ) أي العقدين .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف ما لو كان أحدهما جائزا ) انظر هذا محترز أي شيء في المتن عبارة المغني ويؤخذ مما مثل به أن محل الخلاف أن يكون العقدان لازمين فلو جمع بين لازم وجائز كبيع وجعالة لم يصح قطعا كما ذكر الرافعي في المسابقة أو كان العقدان جائزين كشركة وقراض صح قطعا لأن العقود الجائزة بابها واسع ا هـ فاحترز عنها بالمثال وعبارة شرح الروض ويستثنى من ذلك ما لو كان أحد العقدين جائزا إلخ ( قوله : كالبيع ) أي الذي يشترط فيه قبض العوضين ا هـ نهاية أي بأن كان المعقود عليه ربويا كما ذكره بعد بقوله م ر ومن جهة الصرف ع ش ( قوله : لتعذر الجمع بينهما ) أي إذ الجمع بين جعالة لا تلزم وبيع يلزم في صفقة واحدة غير ممكن لما فيه من تناقض الأحكام لأن العوض في الجعالة لا يلزم تسليمه إلا بفراغ العمل ومن جهة الصرف يجب تسليمه في المجلس ليتوصل إلى قبض ما يخص الصرف منها وتنافي اللوازم يقتضي تنافي الملزومات كما علم ويقاس بذلك ما إذا جمع بين إجارة ذمة أو سلم وجعالة ا هـ نهاية قال ع ش قوله : وتنافي اللوازم وهي فيما نحن فيه لزوم قبض العوض في أحدهما وعدم استحقاقه في الآخر وقوله : تنافي الملزومات أي من الجواز واللزوم أي فيحكم ببطلان العقدين لتنافيهما ا هـ .

                                                                                                                              قول المتن ( أو بيع ونكاح ) أي ومستحق الثمن والمهر واحد أما إذا اختلف المستحق كقوله زوجتك بنتي وبعتك عبدي بكذا لم يصح البيع ولا الصداق ويصح النكاح بمهر المثل ولو جمع بين بيع وخلع صح الخلع وفي البيع والمسمى القولان نهاية ومغني ( قوله : كزوجتك بنتي إلخ ) أي وهي في ولايته أو زوجتك أمتي وبعتك ثوبي نهاية ومغني . قول المتن ( القولان ) أي السابقان أظهرهما صحتهما ويوزع المسمى على قيمة المبيع ومهر المثل نهاية ومغني ( قوله : فيصح البيع إلخ ) أي على الأظهر نهاية ومغني ( قوله : بقيده ) عبارة النهاية والمغني وشرط التوزيع في كلام المصنف أن تكون حصة النكاح مهر المثل فأكثر فإن كان أقل وجب مهر المثل كما في المجموع ما لم تأذن الرشيدة في قدر المسمى فيعتبر التوزيع مطلقا ا هـ أي سواء كان قدر مهر المثل أو أقل ع ش عبارة سم قال في شرح الروض وظاهر أن شرط التوزيع أيضا أن تكون حصة العبد ثمن المثل أو أكثر إلا أن تكون رشيدة وتأذن في قدر المسمى فليتأمل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كان التقدير إلخ ) أي فيتحد فاعل الجمع ومحل الجمع ( قوله : على ذلك ) أي على الألفاظ المذكورة ( قوله : عليه ) أي الإطلاق المذكور ( قوله : بتقدير أنه ) أي العقد ( المراد ) أي بضمير جمع ( قوله : كافية في صحة الحمل إلخ ) أي فتكفي في مغايرة فاعل الفعل ومحله ( قوله : كأنا أبو النجم ) أي وشعري شعري أي شعري الآن كشعري فيما مضى أو شعري هو الشعر المعروف بالبلاغة




                                                                                                                              الخدمات العلمية