الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو حط عن المولي ) بكسر اللام من البائع ، أو وارثه ، أو وكيله كما أفهمه بناؤه هنا للمفعول فقوله في الروضة : ولو حط البائع للغالب لا للتقييد خلافا للأذرعي نعم الظاهر أنه لا عبرة بحط موصى له بالثمن [ ص: 426 ] ومحتال ؛ لأنهما أجنبيان عن العقد بكل تقدير ، وبه يعلم رد ما قيل : التعبير بالسقوط أولى ليشمل إرثه للثمن ، ووجه رده أن التعبير به كالحط يرد عليه حط ذينك فإنه سقط وحط عنه ، ولم يسقط عن المتولي فكل من التعبيرين مدخول ( بعض الثمن ) بعد التولية ، أو قبلها بعد اللزوم ، أو قبله ( انحط عن المولى ) بفتحها ؛ إذ خاصة التولية ، وإن كانت بيعا جديدا التنزيل على الثمن الأول ، أو جميعه انحط أيضا إن كان بعد لزوم التولية ، وإلا بطلت ؛ لأنها حينئذ بيع بلا ثمن ، ومن ثم لو تقايلا بعد حطه بعد اللزوم لم يرجع المشتري على البائع بشيء والأوجه أن للمولي بالكسر مطالبة المولى ، وإن لم يطالبه بائعه ؛ لأن الأصل عدم الحط ، وأنه ليس للبائع مطالبة المولى بالفتح ؛ إذ لا معاملة بينهما وسيأتي في الإجارة صحة الإبراء من جميع الأجرة ، ولو في مجلس العقد مع الفرق بينها وبين البيع [ ص: 427 ] وحينئذ فلا يلحق ذلك المتولي

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : ووجه رده إلخ ) أقول : فيه نظر واضح ؛ لأن اشتراك التعبيرين في ورود ذينك عليهما لا ينافي مدعي هذا القيل من أولوية السقوط لمزيته بشموله دون الحط إرثه للثمن فتأمله فإنه في غاية الظهور فهذا الوجه مما لا استقامة له ( قوله : بعد اللزوم ، أو قبله ) أي لكل من البيع والتولية ، أو لأحدهما كما هو ظاهر ، وهذا بخلافه في الأخذ بالشفعة ؛ لأنه قهري ( قوله : أو جميعه انحط أيضا ) ومعلوم أن حط جميعه قبل لزوم البيع يبطله

                                                                                                                              ( قوله : وسيأتي في الإجارة صحة الإبراء إلخ ) - [ ص: 427 ] عبارته هناك ما نصه وقضية ملكها حالا ، ولو مؤجلة صحة الإبراء منها ، ولو في مجلس العقد ؛ لأنه لا خيار فيها فكان كالإبراء من الثمن بعد لزومه بخلافه قبله ؛ لأن زمن الخيار كزمن العقد فكأنه باع بلا ثمن ا هـ واعلم أن فيما ذكره هنا من قوله وحينئذ فلا يلحق ذلك المتولي حكما وتفريعا على ما قبله واضحا ، ولم يظهر لهذا الحكم أعني أن الحط لا يلحق المتولي ، ولا لتفريعه على ما قبله وجه صحة وكان م ر تبعه في شرحه على قوله وسيأتي في الإجارة إلى قوله وحينئذ فلا يلحق ذلك المتولي فأمرت أصحابنا لإرادتي غيبتي عن ذلك المجلس بإيراد ذلك عليه فضرب على جميع ذلك ، ووافق على أن الوجه خلاف ذلك ، وفي شرح الشارح للإرشاد وبما تقرر يعلم أن الأوجه الإبراء كالحط ، وإن قلنا : إنه تمليك ، وقول الطبري ليس كالحط ضعيف ، ولو عبر بالسقوط لشمل إرث المولي الثمن ، أو بعضه فإن الزركشي بحث أنه يسقط عن المتولي كما يسقط بالبراءة ، وعليه لو ورث الكل قبل التولية ، أو بعدها وقبل اللزوم لم يصح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وحينئذ فلا يلحق ذلك المتولي ) قد يقتضي صحة التولية ، ولو بعد الحط ولعله غير مراد



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : من البائع إلخ ) متعلق بحط رشيدي ( قوله : أو وارثه إلخ ) أي : أو السيد بعد تعجيز المكاتب نفسه ، أو موكل البائع ا هـ نهاية قال ع ش قوله : بعد تعجيز المكاتب أي : إن كان البائع مكاتبا ، ومثله سيد العبد المأذون له في التجارة سواء كان الحط بعد الحجر عليه أو قبله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو وكيله ) أي : في الحط إذ الوكيل في البيع ليس له ذلك بغير إذن موكله ع ش ورشيدي ( قوله : بحط موصى له إلخ ) أي : بأن أوصى البائع - [ ص: 426 ] بالثمن لواحد ، أو أحال واحدا عليه ثم حط واحد منهما بعض الثمن عن المشتري و ( قوله : ومحتال ) عطف على موصى له يعني لا عبرة بحطهما فيردان على المصنف ا هـ كردي ( قوله : بكل تقدير ) أي : تقدير كون حطهما عاما ، أو خاصا ا هـ كردي ، ويظهر أن المراد سواء كان البائع في كلام الروضة للغالب ، أو للتقييد ( قوله : إرثه ) أي المولي بالكسر ( للثمن ) أي : وما لو أوصى له به ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : كالحط ) أي : كالتعبير به ( قوله : حط ذينك ) أي : الموصى له بالثمن والمحتال به ( قوله : فإنه ) أي : الثمن الذي أسقطه الموصى له به ، أو المحتال به ( قوله فكل من التعبيرين مدخول ) فيه نظر واضح ؛ لأن التعبير بالسقوط جامع ، وإن لم يكن مانعا ، والتعبير بالحط ليس بجامع ، ولا مانع سم وسيد عمر وكردي ( قوله : بعد التولية ) إلى قوله : إذ لا معاملة في النهاية والمغني إلا قوله : لأن الأصل عدم الحط ( قوله : بعد التولية ، أو قبلها إلخ ) حق العبارة قبل التولية أو بعدها إلخ فتأمل ا هـ رشيدي ( قوله : بعد اللزوم ، أو قبله ) أي : لكل من البيع والتولية ، أو لأحدهما كما هو ظاهر وهذا بخلافه في الأخذ بالشفعة ؛ لأنه قهري ا هـ سم ( قوله : إذ خاصة التولية ) أي : فائدتها ( قوله : أو جميعه ) عطف على قول المتن بعض الثمن ( قوله : إن حط أيضا ) شمل إطلاقه ما لو كان الحط بعد قبض المولي بالكسر جميع الثمن من المولى بالفتح فيرجع المولي بعد الحط على المولى بقدر ما حط من الثمن كلا كان أو بعضا ؛ لأنه بالحط تبين أن اللازم للمتولي ما استقر عليه العقد بعد التولية ، وأما لو قبض البائع الثمن من المولي بالكسر ثم دفع إليه بعضا منه أو كله هبة فلا يسقط بسبب ذلك عن المتولي شيء ؛ لأن الهبة لا دخل لعقد البيع الأول فيها حتى يسري منه إلى عقد التولية ا هـ ع ش ( قوله : وإلا ) أي : بأن حط الجميع قبل لزوم التولية ، ولو بعد لزوم البيع .

                                                                                                                              ( قوله : لأنها حينئذ بيع إلخ ) قال الدميري : حادثة : وقع في الفتاوى أن رجلا باع ولده دارا بثمن معلوم ثم أسقط عنه جميع الثمن قبل التفرق من المجلس فأجيب فيها بأنه يصير كمن باع بلا ثمن ، وهو غير صحيح فيستمر على ملك الوالد ا هـ وما قاله هو الموافق لكلام الشيخين ا هـ مغني ومثله في النهاية وأراد بكلامهما ما ذكره قبيل ذلك ، وهو ما نصه ، ولو حط جميع الثمن في مدة الخيار بطل العقد على الأصح كما لو باع بلا ثمن قاله الشيخان قبيل الاحتكار ا هـ سيد عمر ( قوله : ومن ثم ) أي : من أجل كونها حينئذ بيعا بلا ثمن ا هـ ع ش ( قوله : لو تقايلا ) أي : العاقدان في التولية كردي وع ش ( قوله : بعد حطه ) أي : الجميع ( قوله : بعد اللزوم ) أي : لزوم التولية ( قوله : لم يرجع المشتري ) أي المتولي ( على البائع ) أي : المولي بالكسر ا هـ كردي وفسر ع ش المشتري بالمولي بكسر اللام والبائع بالبائع الأول ، والأول هو الظاهر المتعين ( قوله : ليس للبائع ) أي الأول ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : وسيأتي في الإجارة إلخ ) واعلم أن فيما ذكره هنا من قوله : وحينئذ فلا يلحق ذلك المتولي حكما وتفريعا على ما قبله نظرا واضحا ، ولم يظهر لهذا الحكم أعني أن الحط أي : الإبراء لا يلحق المتولي ، ولا لتفريعه على ما قبله وجه صحة ، وكان م ر تبعه في شرحه على قوله وسيأتي في الإجارة إلخ فأمرت أصحابنا لإرادتي غيبتي عن ذلك المجلس إيراد ذلك عليه أي : م ر فضرب على جميع ذلك ، ووافق على أن الوجه خلاف ذلك ، وفي شرح الشارح للإرشاد ، وبما تقرر تعلم أن الأوجه أن الإبراء كالحط ، وإن قلنا إنه تمليك وقول الطبري - [ ص: 427 ] ليس كالحط ضعيف انتهى ا هـ سم وأقره ع ش ( قوله : وحينئذ فلا يلحق ذلك إلخ ) قد يقتضي صحة التولية ، ولو بعد الحط ، ولعله غير مراد ا هـ سم ( قوله : فلا يلحق ذلك ) أي : صحة الإبراء عن جميع الأجرة ا هـ كردي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية