الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو باع ) نخلة من بستان ، أو ( نخلات بستان مطلعة ) بكسر اللام أي : خرج طلعها ( وبعضها ) من حيث طلعها ( مؤبر ) وبعضها غير مؤبر ، ومؤبر هنا بمعنى متأبر كما علم مما قدمه ( فللبائع ) جميعها المؤبر وغيره وإن اختلف النوع لعسر التبع كما مر ( فإن أفرد ) بالبيع ( ما لم يؤبر ) من بستان واحد ( فللمشتري في الأصح ) لما مر قيل قضية قوله مطلعة أن غير المؤبر لا يتبع إلا بعد وجود الطلع والأصح أنه يتبع مطلقا متى كان من ثمر ذلك العام فحذف مطلعة بل المسألة من أصلها للعلم بها مما قدمه أحسن ا هـ ويرد بأن هذا تفصيل لإطلاق قوله السابق فإن لم يتأبر منها شيء إلخ وذاك لم يتعرض فيه للإطلاق فأفهم أنه غير شرط وفائدة ذكره بيان أن الاطلاع لا يستلزم التأبير ( ولو كانت ) النخلات المذكورة ( في بستانين ) المؤبرة بواحد وغيرها بآخر ( فالأصح إفراد كل بستان بحكمه ) وإن تقاربا ؛ لأن من شأن اختلاف البقاع اختلاف وقت التأبير ، وكذا لا تبعية إن اختلف العقد ، أو الحمل ، أو الجنس والحاصل أن شرط التبعية اتحاد [ ص: 458 ] بستان وجنس وعقد وحمل زاد شارح ومالك ، وهو غير محتاج إليه ؛ إذ يلزم من اختلافه في الصورة التي ذكرها ، وهي أن يبيع نخله ، أو بستانه المؤبر مع نخل ، أو بستان لغيره لم يتأبر تفصيل الثمن ، وهو مقتض لتعدد العقد ويستثنى الورد فلا يتبع ما لم يظهر منه الظاهر ، وإن اتحدا فيما ذكر ؛ لأن ما ظهر منه يجنى حالا فلا يخاف اختلاطه ومر أن التين والعنب على ما مر فيه مثله في ذلك وألحق به الياسمين أي : ونحوه

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : بمعنى متأبر ) قد يدل على اختلاف حكمهما ، وفيه نظر .

                                                                                                                              ( فرع ) لو باع نخلة وبقيت ثمرتها للبائع ثم خرج طلع آخر كان له أيضا كما صرحا به وعللاه بأنه من ثمرة العام ، وهذا بخلاف ما لو اشترى ثمرة نخلة دونها ثم خرج طلع آخر فلا يكون له بل هو للبائع كما هو ظاهر ؛ لأن العقد لم يتناوله والشجر غير مملوك له ( قوله : بعد وجود الطلع ) أي : لذلك أو لغيره ( قوله : مما قدمه ) أي : في قوله وإلا فللبائع ، ولا يخفى أن ما سبق لا يستفاد منه الخلاف في قوله فإن أفرد إلخ ويتوهم منه خلاف الحكم ، وأن ما لم يؤبر وإن أفرد يتبع المؤبر ( قوله : وإن تقاربا ) وفي شرح الروض ، ولو متلاصقين ا هـ فلو كان بينهما حاجز مثلا فأزاله بقصد أن يجعلهما واحدا فينبغي أن يصيرا واحدا فيثبت لهما حكم الواحد ، أو أحدث حاجزا في بستان واحد ليصير اثنين فينبغي اعتبار ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أو الحمل ) هذا مشكل في النخل مع اختلاف الحمل فقد دل كلامه السابق على التبعية فيه مع اختلاف الحمل وذلك ؛ لأنه قال وإلا بأن تأبر بعضها وإن قل فللبائع جميعها المتأبر وغيره حتى الطلع الحادث ا هـ فقد صرح في هذا الكلام بأن الطلع الحادث يتبع المؤبر ولو بعضا ، ثم قال فإن فرض تحقق حمل ثان ألحق النادر بالأعم الأغلب ا هـ فصرح في هذا الكلام بأن الحمل الثاني يتبع الأول ؛ لأنه جعل تعدد الحمل [ ص: 458 ] الذي هو نادر كاتحاده الذي هو غالب ومع اتحاده يتبع الحادث الموجود كما تقدم فإن قلت كلامه باعتبار غير النخل قلت السياق ظاهر في تناول النخل سيما عبارة شرح الإرشاد .

                                                                                                                              ( قوله ويستثنى الورد فلا يتبع ما لم يظهر منه الظاهر إلخ ) المراد بالظاهر المنفتح كما أفاده قول الروض ما نصه وتشقق جوز عطب أي : قطن يبقى سنين لا تشقق ورد ، كتأبير النخل قال في شرحه فيتبع المشتري غيره إن اتحد فيهما ما ذكر أي : البستان والعقد والجنس بخلاف تشقق الورد ؛ لأن ما يظهر منه يجنى في الحال فلا يخاف اختلاطه نقله الأصل عن التهذيب ، والذي في التنبيه وأقره عليه النووي في تصحيحه أن الجميع للبائع كالجوز وغيره ، وقد تبعه المصنف في نسخة فقال بدل لا تشقق ورد ، وكذا تفتح ورد كما في التنبيه وكالورد في ذلك الياسمين ونحوه ا هـ وعبارة التنبيه فإن كان له أي : للغراس حمل فإن كان ثمره تتشقق كالنخل ، أو نورا يتفتح كالورد والياسمين فإن كان قد ظهر ذلك ، أو بعضه فالجميع للبائع ، وإن لم يظهر منه شيء فهو للمشتري ا هـ وقوله : فإن كان قد ظهر ذلك ، أو بعضه قال ابن النقيب أي ظهر الطلع من كوزه والورد من كمامه والياسمين من الشجر ا هـ فعلم أن الظهور تارة بتشقق وتارة بتفتح وتارة بالخروج من الشجر وتارة بتناثر النور .

                                                                                                                              ( قوله : ومر أن التين والعنب على ما مر فيه مثله في ذلك ) هذا [ ص: 459 ] يقتضي أنه لا فرق في ذلك بين اتحاد الحمل وتعدده وأن السبب في هذا الحكم أمن الاختلاط لكن الفرق الذي ذكره فيما مر بقوله وفارق النخل إلخ يقتضي أن السبب في ذلك ليس إلا تعدد الحمل فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : نخلة من بستان ) هذا مكرر مع قول المتن سابقا ، وإلا فللبائع عبارة الرشيدي قوله : نخلة من بستان انظر كيف يتنزل عليه كلام المتن الآتي ا هـ ولعل لهذا أسقطه المغني ( قوله : من حيث طلعه ) كما قاله الشارح مبينا به ما في كلام المصنف من التسامح ؛ إذ ظاهر كلامه أن بعض النخلات مؤبر مع أن المؤبر إنما هو طلعها ا هـ نهاية ( قوله : من حيث طلعه ) خرج به اختلاف النوع واختلاف الجنس فإن الأول يتبع على الأصح والثاني لا يتبع جزما ا هـ مغني قوله : ( بمعنى متأبر ) أي : بنفسه ، أو بفعل فاعل ا هـ ع ش ( قوله : مما قدمته ) وهو قوله : واصطلاحا تشقق الطلع ، ولو بنفسه ( قوله : كما مر ) أي : في قوله وألحق غير المؤبر به إلخ ( قوله : لما مر ) يعني قوله ومفهومه على أن غير المؤبرة للمشتري إلخ ( قوله : إلا بعد وجود الطلع ) أي : لغير المؤبر ا هـ سم و ع ش عبارة الرشيدي يعني لا يتبع إلا إن كان مطلعا عند العقد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : والأصح أنه يتبع إلخ ) ولو باع نخلة وبقيت ثمرتها للبائع ثم خرج طلع آخر كان له أيضا كما صرحا به قالا ؛ لأنه من ثمرة العام قال شيخنا قلت وإلحاقا للنادر بالأعم الأغلب مغني ونهاية قال سم وأقره ع ش ، وهذا بخلاف ما لو اشترى ثمرة نخلة دونها ثم خرج طلع آخر فلا يكون له بل هو للبائع كما هو ظاهر ؛ لأن العقد لم يتناوله والشجر غير مملوك له ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مما قدمه ) أي : في قوله ، وإلا فللبائع ، ولا يخفى أن ما سبق لا يستفاد منه الخلاف في قوله فإن أفرد ويتوهم منه خلاف الحكم وأن ما لم يؤبر ، وإن أفرد يتبع المؤبر ا هـ سم أقول قد يرد على جواب الشارح أن قوله المتقدم وثمرة النخل المراد منه كما هو ظاهر الثمرة الموجودة حالة البيع فيمنع به ، قوله : وذاك لم يتعرض إلخ وعلى جواب سم أن مراد القيل الأحسن حذف ما قبل قوله فإن أفرد إلخ وذكر قوله : المذكور عقب ما قدمه ( قوله : ويرد إلخ ) أي : ما قيل من أحسنية الحذف ( قوله : المؤبرة بواحد إلخ ) أي : الثمرة المؤبرة في أحد البستانين وغيرها في البستان الآخر ( قوله : وإن تقاربا ) عبارة المغني سواء أتباعدا أم تلاصقا ا هـ ، وفي سم بعد ذكر مثلها عن شرح الروض ما نصه فلو كان بينهما حاجز مثلا فأزاله بقصد أن يجعلهما واحدا فينبغي أن يصيرا واحدا فيثبت لهما حكم الواحد ، أو أحدث حاجزا في بستان واحد ليصير اثنين فينبغي اعتبار ذلك ا هـ قوله : فأزاله إلخ أي : قبل العقد كما هو ظاهر فلا تأثير لما يفعل بعده ( قوله : أو الحمل ) أي : كالتين ونحوه على ما مر فيه ، وليس منه النخل ، وإن دل عليه [ ص: 458 ] السياق لئلا ينافي ما مر رشيدي و سم عبارة السيد عمر قوله : وحمل أي : بما يتكرر حمله في العام كالتين لا فيما لا يتكرر عادة كالنخل ، وإن تكرر على الندرة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وجنس ) أي : لا نوع ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : زاد شارح ومالك ) وكذا زاده المغني ، وفي البجيرمي عن الشوبري قال الناشري في نكته ، وقد يتصور اتحاد العقد مع تعدد المالك وذلك بالوكالة بناء على تصحيحهم أن المعتبر الوكيل ا هـ لكن يرد عليه أيضا ما أورده الشارح تأمل ( قوله : من اختلافه ) أي : المالك ( قوله ذكرها ) أي : ذكر ذلك الشارح تلك الصورة ( قوله : ويستثنى إلخ ) كتب سم أولا على قول الشارح السابق ، ولو ظهر بعض التين إلخ ما نصه كالتين في هذا الحكم الورد والياسمين والقثاء والبطيخ والجميز ونحوه كما في الروض وشرحه مفرقا ثم رأيت ما سيأتي في كلام الشارح ا هـ ثم كتب هنا بعد سرد عبارة شرح الروض الموافقة لما في الشرح هنا ما نصه والذي في التنبيه وأقره النووي في تصحيحه أن الجميع للبائع وعبارة التنبيه فإن كان له أي : للغراس حمل فإن كان ثمرة تتشقق كالنخل ، أو نورا يتفتح كالورد والياسمين فإن كان قد ظهر ذلك ، أو بعضه فالجميع للبائع ، وإن لم يظهر منه شيء فهو للمشتري انتهت ، قوله : فإن كان قد ظهر ذلك ، أو بعضه قال ابن النقيب أي : ظهر الطلع من كوزه والورد من كمامه والياسمين من الشجر ا هـ فعلم أن الظهور تارة بتشقق وتارة بتفتح وتارة بالخروج من الشجر وتارة بتناثر النور ا هـ ، واعتمد النهاية والمغني ما في التنبيه .

                                                                                                                              ( قوله : الظاهر ) المراد بالظاهر المنفتح كما أفاده الروض ا هـ سم ( قوله : فيما ذكر ) أي : في الحاصل ( قوله : ومر إلخ ) أي : في شرح كتين وعنب وقوله : ( على ما مر فيه ) أي : في العنب قوله : ( مثله ) أي : الورد ( في ذلك ) أي : في أنه لا يتبع ما لم يظهر منه الظاهر قوله : ( مثله في ذلك ) هذا يقتضي أنه لا فرق في ذلك بين اتحاد الحمل وتعدده وأن السبب في هذا الحكم أمن الاختلاط لكن الفرق الذي ذكره فيما مر بقوله : وفارق النخل إلخ يقتضي أن السبب في ذلك ليس إلا تعدد الحمل فليتأمل ا هـ سم ( قوله : أي ونحوه ) مر عن سم بيانه




                                                                                                                              الخدمات العلمية