الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ثم ) بعد الفسخ ( على المشتري رد المبيع ) [ ص: 480 ] وعلى البائع رد الثمن بزوائده المتصلة دون المنفصلة إن قبضه وبقي بحاله ولم يتعلق به حق لازم ، وإن نفذ الفسخ ظاهرا فقط واستشكله السبكي بأن فيه حكما للظالم ثم أجاب بأن الظالم لما لم يتعين اغتفر ذلك ويؤخذ من أن على كل منهما رد ما قبضه أن عليه مؤنة الرد ، وهو كذلك إذ القاعدة أن من كان ضامنا لعين كانت مؤنة ردها عليه ( فإن كان ) قد تلف شرعا كأن ( وقفه ) المشتري ومثله البائع في الثمن ( أو أعتقه أو باعه ، أو ) حسا كأن ( مات لزمه قيمته ) لقيامها مقامه سواء أزادت على الثمن الذي يدعيه البائع أم لا هذا إن كان متقوما ، وإلا فمثله وقول الماوردي قيمته ؛ لأنه لم يضمنه وقت القبض بالمثل بل بالعوض أطال السبكي في تزييفه ، ولو تلف بعضه رد الباقي وبدل التالف ويرد قيمة الآبق للحيلولة ( وهي ) أي : القيمة حيث وجبت ( قيمة يوم ) أي وقت ( التلف ) الشرعي ، أو الحسي ( في أظهر الأقوال ) لا حين قبضه ، ولا حين العقد ؛ لأن مورد الفسخ العين والقيمة بدلها فتعين النظر لوقت فوات المبدل إذ الفسخ إنما يرفع العقد من حينه لا من أصله ، وهو أولى بذلك من المستام والمعار قيل يحتاج للفرق بين هذا وما لو باع عينا فردت عليه بعيب ، وقد تلف الثمن المتقوم بيد البائع فإنه يضمنه بالأقل من العقد إلى القبض ا هـ وكالرد بالعيب ثم مطلق الفسخ بإقالة ، أو نحوها وكالثمن ثم المبيع لو تلف عند المشتري ففيهما يعتبر الأقل المذكور لا قيمة يوم التلف ويفرق بأن سبب الفسخ هنا حلف العاقد فنزل منزلة إتلافه فتعين النظر ليوم التلف ، وثم الموجب للقيمة هو مجرد ارتفاع العقد من غير نظر لفعل أحد فتعين النظر لقضية العقد وما بعده إلى القبض وعجيب من الرافعي كيف أغفل هذا الفرق مع خفائه ودقته وتعرض لما هو واضح ، وهو الفرق بين اعتبار القيمة هنا بما ذكر وبالأقل فيما مر [ ص: 481 ] بالنسبة للأرش بأن النظر إليها ثم لا لتغرم بل ليعرف بها الأرش ، وهنا لتغرم فاعتبر وقت وجوبها ؛ لأنه الأليق

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 480 ] ( قوله : دون المنفصلة ) أي : كما هو ظاهر إلا أن يكون الملك للآخر فله المنفصلة أيضا كما يعلم من باب الخيار ( قوله : وهو الفرق إلخ ) قضية هذا الفرق أن يعتبر أقل القيم في الأرش الآتي



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ثم بعد الفسخ ) إلى قوله ؛ إذ الفسخ في النهاية إلا قوله : وقول الماوردي إلى ولو تلف ( قوله : ثم بعد الفسخ إلخ ) لو تقارا بعد [ ص: 480 ] الفسخ بأن قالا أبقينا العقد على ما كان عليه ، أو أقررناه عاد العقد بعد فسخه وعاد المبيع لملك المشتري والثمن لملك البائع من غير صيغة بعت واشتريت ، وإن وقع ذلك بعد مجلس الفسخ هكذا بهامش عن الزيادي ثم رأيت الشارح م ر في القراض في أول فصل لكل فسخه إلخ صرح بذلك فراجعه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وعلى البائع ) إلى قوله وقول الماوردي في المغني إلا قوله : وإن نفذ إلى ويؤخذ ( قوله : بزوائده ) أي : كل من المبيع والثمن ( قوله : المتصلة ) بدل من زوائد كل عبارة النهاية والمغني بزوائده المتصلة إلخ على النعتية ، وهي أحسن ( قوله : دون المنفصلة ) قبل الفسخ ، ولو قبل القبض ؛ لأن الفسخ يرفع العقد من حينه لا من أصله نهاية ومغني ( قوله : إن قبضه ) أي : قبض المشتري المبيع والبائع الثمن فهو راجع إلى المتن والشرح معا ، وكذا قوله وبقي بحاله ، ولم يتعلق به إلخ ( قوله : ظاهرا فقط ) أي : بأن فسخه الكاذب منهما ا هـ ع ش ( قوله : فإن كان قد تلف إلخ ) محترز قوله وبقي بحاله قول المتن ( أو باعه ) أو تعلق به حق لازم كأن كاتبه كتابة صحيحة نهاية ومغني ويأتي في الشرح ما يخالفه قول المتن ( لزمه قيمته إلخ ) قد يشكل اعتبار قيمته يوم الموت بأنها تافهة غالبا ويجاب فيما يظهر بأنا نعتبر قيمته حينئذ بفرض كونه سليما ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله : هذا ) أي ما في المتن من لزوم القيمة ( قوله : إن كان ) أي : المبيع ، وكذا الثمن ( قوله : وإلا ) أي : بأن كان المبيع مثليا ( قوله : أطال إلخ ) خبر وقول الماوردي ( قوله : ويرد قيمة الآبق إلخ ) يعني إذا فسخ العقد على الرقيق ، وهو آبق غرم المشتري قيمته للحيلولة لتعذر حصوله فلو رجع الآبق رده واسترد القيمة ا هـ كردي ( قوله : أي وقت التلف ) وتعبيرهم باليوم جرى على الغالب من عدم اختلافه فيه ا هـ نهاية ( قوله : ولا حين العقد ) عبارة النهاية والمغني والثاني قيمة يوم القبض ؛ لأنه يوم دخوله في ضمانه والثالث أقل القيمتين يوم العقد والقبض والرابع أقصى القيم من يوم القبض إلى يوم التلف ا هـ وبه يعلم ما في كلام الشارح المشعر بأن أحد الأقوال هنا اعتبار وقت العقد وبأنها ثلاثة ( قوله : إذ الفسخ إلخ ) تقريبه ليس بظاهر إلا أن يكون المراد أن وقت فوات المبدل أقرب من وقت الفسخ بالنسبة إلى وقتي العقد والقبض ( قوله : وهو ) أي : المتقوم المفسوخ بيعه بعد تلفه أولى بذلك أي : باعتبار قيمته يوم التلف من المستام والمستعار ؛ لأنهما غير مملوكين حلبي ، وهذا كان مملوكا للمشتري قبل الفسخ ولأن الضمان متأصل فيهما ، وقد اعتبرت قيمتهما وقت التلف فهذا أولى شوبري ا هـ بجيرمي ( قوله : من المستعار ) وقد صرحوا فيهما بأن العبرة بقيمة يوم التلف ونقل عن والد الشارح م ر ، وفي فتاويه م ر هو أيضا ما يوافقه ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : بين هذا ) أي المتقوم المفسوخ بيعه بعد تلفه ( قوله فإنه يضمنه ) أي : البائع الثمن ( قوله : وكالرد بالعيب ) خبر مقدم لقوله مطلق الفسخ وقوله : ( ثم ) أي : فيما إذا تلف الثمن المتقوم بيد البائع ( قوله : فكالثمن ) خبر مقدم لقوله المبيع وقوله : ( ثم ) أي في الرد بعيب وقوله : ( لو تلف إلخ ) أي المبيع حاصله أنه لو اشترى بعين فردت عليه بعيب ، وقد تلف المبيع المتقوم بيد المشتري فالمبيع حينئذ كالثمن فيما لو باع عينا فردت إلخ وقوله : ( ففيهما ) أي الثمن والمبيع في الصورتين المشبهتين ( قوله : هنا ) أي : في التحالف ( قوله : وثم ) أي : في نحو الرد بالعيب ( قوله : أغفل هذا الفرق ) أي : لم يذكر الفرق بين ما في المتن وبين نحو الرد بالعيب ، وقد تلف الثمن ، أو المبيع ( قوله : وهو الفرق إلخ ) قضية هذا الفرق أن يعتبر أقل القيم في الأرش الآتي ا هـ سم ( قوله : هنا ) أي : في مسألة المتن ( بما ذكر ) أي بوقت التلف ( بالأقل ) أي : من وقت العقد إلى القبض ( فيما مر ) يعني في الرد [ ص: 481 ] بالعيب ( بالنسبة للأرش ) أي : أرش الثمن ، وقد تعيب عند البائع لا بالنسبة لقيمته وقد تلف والجار متعلق باعتبار القيمة بالأقل فيما مر بأن النظر متعلق بالفرق إليها أي : قيمة الثمن المتعيب عند البائع ثم أي : في الرد بالعيب




                                                                                                                              الخدمات العلمية