الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو وطئ المرتهن ) الأمة ( المرهونة بلا شبهة فزان ) الأصل في جواب لو كان زانيا أو نحوه وعدل عنه كالفقهاء اختصارا أو إجراء لها مجرى أن أي فهو زان فيحد ويلزمه المهر إن لم تطاوعه أو جهلت التحريم وعذرت فيه ( ولا يقبل قوله جهلت تحريمه ) أي الزنا أو وطء المرهونة لظنه الارتهان مبيحا للوطء ( إلا أن يقرب إسلامه ) ولم يكن مخالطا لنا بحيث لا يخفى عليه ذلك كما هو ظاهر ( أو ينشأ ببادية بعيدة عن العلماء ) بذلك فيقبل قوله لدفع الحد ويلزمه المهر إن عذرت كما لو وطئها بشبهة كأن ظنها حليلته ( وإن وطئ بإذن الراهن ) المالك ( قبل دعواه جهل التحريم ) [ ص: 92 ] إن أمكن كون مثله يجهل ذلك كما هو ظاهر ( في الأصح ) ؛ لأن هذا قد يخفى أما إذن راهن مستعير أو ولي راهن فكالعدم وإذا قبل ( فلا حد ) عليه بخلاف ما لو علم التحريم ولا يغتر بما نقل عن عطاء لما مر أنه مكذوب عليه وبفرض صحته فهي شبهة ضعيفة جدا فلا ينظر إليها ( ويجب المهر إن أكرهها ) أو عذرت بنحو نوم أو جهل ؛ لأنه لحق الشرع فلم يؤثر فيه الإذن ومن ثم وجب للمفوضة بالدخول أما إذا طاوعته غير معذورة فلا مهر لها ( والولد ) عند قبول قوله في جميع ما مر ( حر نسيب ) للشبهة ( وعليه قيمته للراهن ) المالك وإلا فللمالك لأنه فوت رقه عليه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أي فهو زان ) ؛ لأن جواب أن لا يكون إلا جملة ( قول المصنف إلا أن يقرب إسلامه إلخ ) قال في شرح الروض قال الأذرعي وينبغي أن يراد عليهما أو كانت المرهونة لأبيه أو أمه فادعى أنه جهل تحريم وطئها عليه كما نص عليه الشافعي في الأم والأصحاب في الحدود ولا يصدق في غير ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المصنف جهل التحريم ) قال في شرح الروض وإن نشأ بين العلماء [ ص: 92 ] قوله أما إذن راهن ) لو ظنه مالكا فينبغي أن حكمه حكم المالك .

                                                                                                                              ( قول المصنف ويجب المهر ) قال الشارح في شرح الإرشاد وقضيته كلامه كأصله أنه يجب في البكر مهر بكر وهو ما اعتمده الأذرعي ؛ لأنه استمتع ببكر واستبعد وجوب الأرش للبكارة مع ذلك لأن إزالتها مأذون له فيها وتحصل غالبا كمال الوطء والذي يتجه وجوبه مع عدم الإذن لا مع وجوده لأن سبب وجوبه الإتلاف وإنما يسقط أثره بالإذن بخلاف المهر فإنه للاستمتاع وهو حاصل ولو من الإذن هـ ( قوله أو جهل ) يتناول ما إذا اعتقدت وجوب طاعة الأمر ( قول المصنف وعليه قيمته ) أي وإن كان يعتق على الراهن خلافا للزركشي كما قاله شيخنا الشهاب الرملي



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو وطئ المرتهن المرهونة ) أي من غير إذن المالك نهاية ومغني أي وإلا فيقبل دعواه الجهل كما يأتي آنفا ( قوله كان زانيا إلخ ) أي جملة فعلية ماضوية غير مقرونة بالفاء ( قوله أو إجراء لها ) أي للفظة لو ( مجرى أن ) أي مجردة عن الزمان فلا يرد أن " لو " شرط للمضي " وإن " شرط للاستقبال فهي ضدها فلا يصح إجراؤها مجراها ( قوله أي فهو زان ) أي لأن جواب أن لا يكون إلا جملة نهاية ومغني وسم ( قوله إن لم تطاوعه ) أي بأن أكرهها أو كانت نائمة أو نحوها أو لم تعلم أنه أجنبي ( قوله وعذرت فيه ) أي كأعجمية لا تعقل ( قوله أي الزنا إلخ ) اقتصر النهاية والمغني على التفسير بالوطء ثم قالا وظاهر كلامهم أن المراد جهل وطء المرهونة كأن قال ظننت أن الارتهان يبيح الوطء وإلا فكدعوى جهل تحريم الزنا ا هـ قال ع ش قوله وإلا فكدعوى جهل إلخ قضيته الفرق بين ما لو ادعى جهل تحريم الزنا وما لو ادعى جهل تحريم وطء المرهونة وقد سوى حج بينهما في الحكم وهو أنه إن قرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء قبل وإلا فلا .

                                                                                                                              والأقرب ما قاله حج سيما إن كان من أهل البوادي الذين لا يخالطون من يبحث عن الحرام والحلال فإنهم قد يعتقدون إباحة الزنا لعدم بحثهم عن الحلال والحرام حتى فيما بينهم وإن كان الزنا لم يبح في ملة من الملل ا هـ قول المتن ( إلا أن يقرب إسلامه إلخ ) قال في شرح الروض قال الأذرعي وينبغي أن يزاد عليهما أو كانت المرهونة لأبيه أو أمه فادعى أنه جهل تحريم وطئها عليه كما نص عليه الشافعي في الأم والأصحاب في الحدود ولا يصدق في غير ذلك ا هـ سم على حج ومن الغير ما لو وطئ أمة زوجته وادعى ظن جوازه فيحد ؛ لأنه لا شبهة له في مال زوجته وقوله وينبغي أن يزاد عليهما أي في سقوط الحد وقوله أو كانت المرهونة إلخ إنما قيد بالمرهونة لكون الكلام فيه وإلا فالأقرب أنه لا فرق بين المرهونة وغيرها ا هـع ش وقول سم وينبغي إلى قوله والأصحاب في المغني مثله ( قوله بذلك ) أي بالتحريم يعني أن الاعتبار بالعلماء هنا من يعلم تحريم وطء المرهونة ا هـ كردي .

                                                                                                                              ( قوله إن عذرت ) أي بنحو الإكراه ( قوله كما لو وطئها إلخ ) راجع للمعطوف والكاف للقياس عبارة النهاية والمغني واحترز بقوله بلا شبهة عما إذا ظنها زوجته أو أمته فإنه لا حد عليه ويجب المهر ا هـ قول المتن ( قبل دعواه جهل التحريم ) أي للوطء مطلقا نهاية ومغني أي قرب عهده بالإسلام أم بعد ونشأ بعيدا عن [ ص: 92 ] العلماء بالتحريم أم لا ع ش ( قوله إن أمكن ) إلى المتن في النهاية ( قوله إن أمكن إلخ ) أي بأن لم يكن مشتغلا بالعلم وإن كان بين أظهر المسلمين فلا تنافي بينه وبين قوله م ر مطلقا السابق ا هـ ع ش ( قوله لأن هذا قد يخفى ) أي التحريم مع الإذن عبارة المغني ؛ لأن التحريم بعد الإذن لما خفي على عطاء مع أنه من العلماء التابعين لا يبعد خفاؤه على العوام ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فكالعدم ) أي فلا تقبل دعواه جهل التحريم مع إذنهما إلا حيث قرب عهده بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء وينبغي أن محل ذلك حيث علم أن الآذن مستعير أو ولي فإن ظنه مالكا قبل دعواه جهل التحريم حيث خفي على مثله ع ش وسم قول المتن ( فلا حد ) أفهم كلامه أنه لو لم يدع الجهل يحد وهو كذلك مغني ونهاية .

                                                                                                                              ( قوله بما نقل عن عطاء ) أي من إباحة الجواري للوطء ا هـ ع ش ( قوله لما مر ) أي في القرض في شرح لا الجارية التي تحل للمقترض ا هـ كردي قول المتن ( ويجب المهر ) قال شيخنا الزيادي ويجب في بكر مهر بكر ويتجه وجوب أرش البكارة مع عدم الإذن لا مع وجوده ؛ لأن سبب وجوبه الإتلاف وإنما يسقط أثره بالإذن وهذا معتمد انتهى وفي سم على حج ما يوافقه ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله أو جهل ) كأعجمية لا تعقل نهاية ومغني عبارة سم قوله أو جهل يتناول ما إذا اعتقدت وجوب طاعة الآمر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأنه إلخ ) أي وجوب المهر ( قوله أما إذا طاوعته إلخ ) محترز إن أكرهها إلخ ( قوله في جميع ما مر ) أي من قرب الإسلام ونشئه بعيدا عن العلماء وإذن الرهن ، عبارة النهاية والمغني هنا وفي صورتي انتفاء الحد السابقتين ا هـ ( قوله للشبهة ) عبارة النهاية والمغني لأن الشبهة كما تدرأ الحد تثبت النسب والحرية ا هـ قول المتن ( وعليه قيمته للراهن ) وإذا ملك المرتهن هذه الأمة لم تصر أم ولد ؛ لأنها علقت به في غير ملكه نعم لو كان أي الواطئ أبا للراهن صارت أم ولد بالإيلاد كما هو معلوم في النكاح ولو ادعى بعد الوطء أنه كان ملكها فأنكر الراهن وحلف فالولد رقيق له كأمه فإن نكل الراهن فحلف المرتهن أو ملكها صارت أم ولد له والولد حر لإقراره كما لو أقر بحرية عبد غيره ثم ملكه مغني ونهاية قال ع ش قوله ولو ادعى إلخ أي ولا حد عليه لاحتمال ما يدعيه والحد يسقط بالشبهة ا هـ قول المتن ( وعليه قيمته ) أي وإن كان يعتق على الراهن خلافا للزركشي كما قاله شيخنا الشهاب الرملي ا هـ سم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية