الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويزكي ماله ) وبدنه فورا وجوبا إن كان مذهبه ذلك وافق مذهب المولى أم لا ؛ لأنه قائم مقامه فإن لم يكن ذلك مذهبه فالاحتياط كما أفتى به القفال أن يحسب زكاته حتى يبلغ فيخبره بها أو يرفع الأمر لقاض يرى وجوبها فيلزمه بها حتى لا يرفع بعد لحنفي يغرمه إياها وظاهر كلامهم أنه لا يرفع لحنفي في الحالة الأولى وهي ما إذا رأى الوجوب وهو بعيد لما فيه من الحظر عليه فالذي يظهر أنه فيها مخير بين الإخراج وإن كان فيه خطر التضمين وبين الرفع لمن يلزمه به أو بعدمه ويخرج عنه أيضا أجرة تعليمه وتأديبه كما مر أوائل الصلاة وما لزمه من الأموال بنحو كفارة ويؤدي أرش جنايته وإن لم يطلب وأفتى بعضهم بأن للولي الصلح على بعض دين الولي إذا تعين ذلك طريقا لتخليص ذلك البعض كما أن له أن يلزمه دفع بعض ماله لسلامة باقيه [ ص: 185 ] قوله أن لا يقال كذا بخط الشيخ رحمه الله ولعل القلم سها بلا والله أعلم ا هـ مصححه وفيه نظر ؛ إذ لا بد في صحة الصلح من الإقرار اللهم إلا أن يفرض خشية ضياع البعض ولو مع الإقرار ويتعين الصلح لتخليص الباقي ( وينفق عليه وعلى ممونه ) أي يمونهم نفقة وكسوة وخدمة وغيرها مما لا بد منه ( بالمعروف ) مما يليق بيساره وإعساره قال شارح ويرجع في صفة ملبوسه إلى ملبوس أبيه ا هـ وفيه نظر لما تقرر أن النظر لما يليق بيساره وقد يكون موسرا وأبوه معسرا وعكسه وقد يكون أبوه يزري بنفسه فلا يكلف الولد ذلك .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 186 ] قوله فالاحتياط يفهم جواز الإخراج ولعله إذا كان مذهب المولى .

                                                                                                                              ( قول المصنف [ ص: 185 ] على الوصي والأمين ) ومثلهما القاضي مطلقا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويزكي ماله ) أي : الصبي ومثله المجنون والسفيه نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله مذهبه ذلك ) أي : مذهب الولي وجوب الزكاة ( قوله مذهب المولى ) كيف يتصور في الصبي أن يكون له مذهب فليتأمل إلا أن يقال بالتمييز يصح التقليد وإن لم يصح الإسلام وأحسن منه أن يقال محله في غير الصبي ممن بلغ سفيها ولم يثبت له رشد وفيمن جن فإن الظاهر أن الجنون لا يبطل التقليد ، وقول الشارح الآتي حتى يبلغ يشعر بأن للصبي مذهبا ا هـ سيد عمر ولا يبعدان لا يقال : إن مذهب الصبي مذهب والده بالتبعية كإسلامه .

                                                                                                                              ( قوله : لأنه إلخ ) تعليل للمتن ( قوله فالاحتياط إلخ ) يفهم جواز الإخراج ولعله إذا كان أي : الوجوب مذهب المولى ا هـ سم وهو بعيد ؛ لأنه إذا لم يكن مذهبه أي : الولي الوجوب فما وجه الاحتياط فليتأمل ا هـ سيد عمر عبارة ع ش قضية التعبير بالاحتياط جواز الإخراج حالا وفيه نظر فإنه كيف يضيع ماله فيما لا يرى أي : الولي وجوبه عليه أي : على المولى فلعل المراد بالاحتياط وجوب ذلك حفظا لمال المولى عليه ا هـ أقول وينافي المراد المذكور قول الشارح أو يرفع إلخ ولعل الأولى في التخلص عن الاعتراض صرف عبارة الشارح عن ظاهرها بجعل الضمير في قوله مذهبه للمولى وفرض أن مذهب الولي الوجوب وإن كان الاحتياط المذكور على هذا الجعل والفرض قد ينافي مفاد أول كلامه على ما قدمنا من أن ضمير مذهبه الأول للولي ولو جعل هو كضمير مذهبه الثاني للمولى كما جرى عليه السيد عمر فلا إشكال أصلا ولكن كان ينبغي للشارح حينئذ أن يقول وافق مذهب الولي إلخ بحذف الميم كما يؤيده التعليل بقوله ؛ لأنه قائم إلخ ويحتمل أن الميم من الكتبة .

                                                                                                                              ( قوله أو يرفع إلخ ) عطف على يحسب ( قوله القاضي يرى إلخ ) كالشافعي ( قوله يلزمه به ) أي : يلزم القاضي الولي بالإخراج ( قوله حتى لا يرفع بعد ) أي : لا يرفع الصبي بعد البلوغ ( قوله أنه لا يرفع إلخ ) أي : لا يجوز له الرفع ( قوله إذا رأى ) أي : الولي ( قوله لما فيه من الخطر ) أي : في الإخراج من خطر التضمين بالرفع بعد البلوغ لحنفي ( قوله فيها ) أي : في الحالة الأولى ( مخير إلخ ) عبارة البجيرمي والأولى للولي مطلقا أي : سواء كانا شافعيين أو أحدهما شافعيا فقط رفع الأمر لحاكم يلزمه بالإخراج أو عدمه حتى لا يطالبه المولى عليه بعد كماله وإذا لم يخرجها أخبره بها بعد كماله قليوبي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وما لزمه ) عطف على أجرة إلخ ( قوله وإن لم يطلب ) أي : الأرش منه ولا ينافيه ما مر في المفلس من أن الدين الحال لا يجب وفاؤه إلا بعد الطلب مع أن الأرش دين ؛ لأن ذلك ثبت بالاختيار فتوقف وجوب أدائه على طلبه بخلاف ما هنا نهاية ومغني .

                                                                                                                              قال ع ش قوله : لأن ذلك ثبت بالاختيار إلخ يؤخذ من هذا أن من أتلف مالا لغيره أو تعدى باستعماله وجب عليه دفع بدل ما أتلفه وأجرة ما استعمله ونحو ذلك وإن لم يطلبه صاحبه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأفتى بعضهم بأن للمولى الصلح إلخ ) يؤخذ منه بعد التأمل أن المراد جواز إقدام الولي على ذلك للضرورة لا صحة الصلح المذكور في نفس الأمر فإنها مسكوت عنها وحينئذ فلا فرق بين الإقرار وعدمه ولا يرد قول الشارح وفيه نظر إلخ وأن بقية ماله باق بذمة المدين باطنا بل وظاهرا إذا زال المانع وتيسر [ ص: 185 ] استيفاء الحق منه كما في المسألة المنظر بها وهي دفع بعض ماله لسلامة باقيه فإنه يجوز للولي الإقدام عليه لا أنه عقد صحيح يملكه به الآخذ بل هو ضامن له مطلقا على ما تقرر والله أعلم ا هـ سيد عمر وهذا فهم دقيق لا معدل عنه ( قوله : إذ لا بد في صحة الصلح من الإقرار ) فمتى أقر المدين فلا حاجة إلى الصلح على البعض بل الانتظار إلى كمال المحجور أولى لإمكان أخذ جميع دينه حينئذ ا هـ كردي ( قوله ويتعين إلخ ) بالنصب بأن المضمرة عطفا على خشية إلخ ( قوله ضياع البعض ) لعل حق المقام هنا ضياع الكل وفي قوله الآتي لتخليص الباقي لتخليص البعض ( قوله أي يمونهم ) إلى قوله قال في النهاية والمغني ( قوله مما لا بد منه إلخ ) أي : باعتبار ما جرت به العادة لمثله وإن زاد على الحاجة وتعدد من نوع أو أنواع ومنه ما يقع من التوسعة في شهر رمضان والأعياد ونحوها من مطعم وملبس ا هـ ع ش ( قوله مما يليق إلخ ) فإن قصر أثم أو أسرف ضمن وأثم نهاية ومغني ( قوله قال شارح يرجع في صفة إلخ ) يجوز أن يكون مراد الشارح المشار إليه بالصفة الهيئة لا الارتفاع والحسن فيلبس ولد الفقيه ما يناسبه وكذا ولد الجندي وإن اختلف فرد الهيئة المناسبة باليسار والإعسار من حيث النفاسة وضدها وحمله على هذا أولى من استشكاله المؤدي إلى تضعيفه ا هـ سيد عمر .




                                                                                                                              الخدمات العلمية