الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن صالح من دين على بعضه ) كنصفه ( فهو إبراء عن باقيه ) فيغلب فيه معنى الإسقاط وإن قلنا : إنه تمليك حتى لا يشترط القبول ولا قبض الباقي [ ص: 192 ] في المجلس ولا يؤثر في ذلك امتناعه من أداء البعض ( ويصح بلفظ الإبراء والحط ونحوهما ) كالإسقاط والوضع نحو أبرأتك من نصف الألف الذي لي عليك وصالحتك على الباقي أو صالحتك منه على نصفه وأبرأتك من باقيه ( و ) يصح ( بلفظ الصلح ) وحده ( في الأصح ) كصالحتك منه على نصفه لكن يشترط هنا القبول ؛ لأن اللفظ يقتضيه بوضعه ورعايته في العقود أكثر من رعاية معناها ولا يصح بلفظ البيع نظير ما مر في الصلح على بعض العين وهذا أعني الصلح على بعض العين وبعض الدين يسمى صلح حطيطة وما عداهما من سائر الأقسام السابقة غير صلح الإعارة يسمى صلح معاوضة ، وخرج بقوله على بعضه ما لو صالح من ألف على خمسمائة معينة واتحد جنسهما الربوي فلا يصح على ما قاله جمع متقدمون واعتمده السبكي والإسنوي لاقتضاء التعيين العوضية فأشبه بيع الألف بخمسمائة وقضية كلام الشيخين الصحة وجرى عليها جمع متقدمون وهو المعتمد نظرا للمعنى فإنه في الحقيقة استيفاء للبعض وإسقاط للبعض .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله حتى لا يشترط القبول ) في إطلاق ذلك مع قوله [ ص: 192 ] الآتي لكن يشترط هنا القبول ما لا يخفى ( قوله ولا يؤثر في ذلك امتناعه ) فلا يعود الدين بامتناعه وهذا أصح الوجهين م ر .

                                                                                                                              ( قوله وأبرأتك من باقيه ) ولا يشترط في ذلك القبول فإن أسقط وأبرأتك فهو من محل الخلاف الآتي .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله فيغلب فيه ) أي : في الصلح المذكور ( قوله أنه إلخ ) أي الإبراء ( قوله حتى لا يشترط القبول ) أي : في الصلح من دين على بعضه أي : إذا كان بغير لفظ الصلح كما يأتي ( قوله [ ص: 192 ] ولا يؤثر في ذلك ) أي : في صحة الإبراء والصلح عبارة النهاية والمغني وهل يعود الدين إذا امتنع المبرأ من أداء الباقي أو لا وجهان أصحهما عدم العود ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله من أداء الباقي أي حالا أو مآلا ا هـ قول المتن ( ويصح ) أي : الصلح من دين على بعضه وكذا ما يأتي في المتن والشرح ( قوله كالإسقاط إلخ ) أي والهبة والترك والإحلال والتحليل والعفو ولا يشترط حينئذ القبول على المذهب نهاية ومغني ( قوله وأبرأتك من باقيه ) ولا يشترط في ذلك القبول فإن أسقط وأبرأتك فهو من محل الخلاف الآتي ا هـ سم ( قوله وحده ) احتراز عن اجتماع لفظه مع لفظ الإبراء مثلا كما مر ( قوله هنا ) في حالة الاقتصار على لفظ الصلح كالمثال المذكور ( قوله ولا يصح إلخ ) يؤخذ من قوله كغيره نظير ما مر إلخ أنه لو نواه به أي : الإبراء بلفظ البيع صح بناء على ما مر والله أعلم ا هـ سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله وهذا إلخ ) عبارة النهاية والمغني وقد علم مما قررناه انقسام الصلح إلى ستة أقسام بيع وإجارة وعارية وهبة وسلم وإبراء ويزاد على ذلك أن يكون خلعا كصالحتك من كذا على أن تطلقني طلقة ومعاوضة من دم العمد كصالحتك من كذا على ما تستحقه علي من قصاص وجعالة كصالحتك من كذا على رد عبدي وفداء كقوله لحربي صالحتك من كذا على إطلاق هذا الأسير وفسخا كأن صالح من المسلم فيه على رأس المال ا هـ قال ع ش والقياس صحة كونه حوالة أيضا بأن يقول المدعى عليه للمدعي صالحتك من العين التي تدعيها علي على كذا حوالة على زيد مثلا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وخرج بقوله على بعضه إلخ ) ؛ إذ المتبادر منه عدم تعيين المصالح به ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فإنه في الحقيقة ) أي : الصلح من الألف على بعضه ( استيفاء للبعض إلخ ) أي : فلا فرق بين المعين وغيره نهاية ومغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية