الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو سكن بيتا ) أو لم يسكنه ( ومنع المالك منه دون باقي الدار فغاصب للبيت فقط ) ؛ لأنه الذي استولى عليه ( ولو دخل بقصد الاستيلاء وليس المالك فيها ) ولا من يخلفه من أهل ومستأجر ومستعير ( فغاصب ) ، وإن ضعف الداخل وقوي المالك حتى لو انهدمت حينئذ ضمنها ؛ لأن قوته إنما تسهل النزع منه حالا ولا تمنع استيلاءه فعلم خطأ من أفتى فيمن ادعى عليه غصب عقار فأقام بينة بضعفه بأنها تسمع ويبطل عنه حكم الغصب ، وإن ثبت بالبينة أما إذا لم يقصد الاستيلاء كأن دخل لتفرج لم يكن غاصبا وإنما ضمن منقولا رفعه لذلك ؛ لأن يده عليه حقيقية واليد على العقار حكمية فتوقفت على قصد الاستيلاء كما مر

                                                                                                                              ( وإن كان ) المالك أو نحوه فيها وقد دخل بقصد الاستيلاء بخلاف نحو التفرج ( ولم يزعجه عنها فغاصب لنصف الدار ) لاجتماع يدهما فيكون الاستيلاء لهما معا وبه يعلم أن مالك الدار لو تعدد كان غاصبا لحصته بعدد الرءوس وعكسه ( إلا أن يكون ضعيفا لا يعد مستوليا على صاحب الدار ) فلا يكون غاصبا لشيء منها لتعذر قصد ما لا يمكن تحققه وأخذ منه السبكي وتبعه الإسنوي أنه لو ضعف المالك بحيث لا يعد له مع قوة الداخل استيلاء يكون غاصبا لجميعها إذا قصد الاستيلاء عليها واعترضه الأذرعي بأن يد المالك باقية لم تزل فهي قوية لاستنادها للملك ورد بأنه قد يعارض بمثله في الداخل الضعيف بقصد الاستيلاء ويرد بوضوح الفرق بأن يد المالك الحسية منتفية ثم فأثر قصد الاستيلاء وموجودة هنا فلم يؤثر قصده معها في دفعها من أصلها وإن ضعفت وحيث لم يجعل غاصبا لم تلزمه أجرة على ما أفتى به القاضي في سارق تعذر خروجه فتخبأ في الدار ليلة لكن قال الأذرعي إنه مشكل لا يوافق عليه وهو ظاهر [ ص: 9 ] إلا أن يكون القاضي نظر إلى أن الليلة لا أجرة لها غالبا فيصح كلامه حينئذ ، ولو استولى على أم أو هادي الغنم فتبعه الولد أو الغنم لم يضمن غير ما استولى عليه لكن بحث ابن الرفعة أنه لو غصب أم النحل فتبعها النحل ضمن قطعا لاطراد العادة بتبعيته لها قيل : وكذا الرمكة لذلك . ا هـ

                                                                                                                              وقضيته أنه لو غصب الولد فتبعته أمه ضمنها لاطراد العادة بذلك فيها ، وفي جميع ذلك نظر ومخالفة لإطلاقهم أنه لا يضمن إلا ما استولى عليه واستشهاد ابن الرفعة لضمان الولد والقطيع الذي اختاره بقولهم لو كان بيده دابة خلفها ولدها ضمن إتلافه كأمه مردود بجواز حمله على ما إذا وضع يده عليه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله من أهل ومستأجر ومستعير ) ينبغي وغيرهم كحارس لها ( قوله أما إذا لم يقصد الاستيلاء إلخ ) شمل ما إذا لم يقصد شيئا ( قوله وبه يعلم أن مالك الدار إلخ ) اعتمده م ر قال في شرحه وأما عيال المالك فلا يدخلون في التقسيط فقد قال الكيكيلوني في شرح الحاوي إذا ساكن الداخل الساكن بالحق لا فرق بين أن يكون مع الداخل أهل مساوون لأهل الساكن أو لا حتى لو دخل غاصب ومع الساكن من أهله عشرة لزمه النصف ، ولو كان الساكن بالحق اثنين كان ضامنا للثلث ، وإن كان معه عشرة من أهله . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله قد يعارض بمثله في الداخل إلخ ) أي وليس المالك فيها أي يلزم أن المغصوب هنا النصف فقط لبقاء يد المالك أيضا ( قوله ويرد إلخ ) اعتمده م ر ( قوله ثم ) أي في الداخل الضعيف وقوله هنا أي فيما لو ضعف المالك ش ( قوله وهو ظاهر ) وافق عليه م ر والضمير يرجع لقول الأذرعي [ ص: 9 ]

                                                                                                                              ( قوله ولو استولى على أم أو هادي الغنم إلخ ) عبارة شرح م ر ولو ساق حيوانا فتبعه ولده الذي من شأنه أن يتبعه أو هادي الغنم فتبعه الغنم لم يضمن التابع في الأصح لانتفاء استيلائه عليه ، وكذا لو غصب أم النحل فتبعها النحل لا يضمنه إلا إن استولى عليه خلافا لابن الرفعة ا هـ .

                                                                                                                              وفي الروض فصل يضمن أي ذو اليد العادية الأصل وزوائده المنفصلة أي كالولد والثمرة والمتصلة كالسمن ، وتعلم الصنعة بإثبات اليد عدوانا على الأصل قال في شرحه مباشرة وعلى الزيادة تسببا إذ إثباتها على الأصل سبب لإثباتها على زوائده . ا هـ وقضيته أن الغاصب يضمن نحو ولد المغصوبة الحادث عنده ، وإن لم يضع يده عليه حقيقة ويفرق بينه وبين مسألة أم الغنم التي ذكرها الشارح بأن الولد فيها وجد وانفصل قبل وضع اليد على الأم فلا يكون وضع اليد عليها وضعا لها عليه بخلاف الولد في مسألة الروض فإنه إنما وجد بعد التعدي على الأم بوضع اليد عليها فيشمله التعدي تبعا .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ولا من يخلفه ) إلى قوله وبه يعلم في النهاية والمغني إلا قوله فعلم إلى أما إذا ( قوله من أهل ومستأجر ومستعير ) ينبغي وغيرهم كحارس لها سم ورشيدي ( قوله : لأن قوته إلخ ) تعليل للغاية ( قوله ادعي ) ببناء المفعول ( قوله بأنها إلخ ) متعلق بقوله أفتى إلخ ( قوله أما إذا لم يقصد الاستيلاء إلخ ) شمل ما إذا لم يقصد شيئا سم وسيد عمر وحلبي وزيادي ( قوله كأن دخل لتفرج ) عبارة المغني بل ينظر هل تصلح له أو ليأخذ مثلها أو ليبني مثلها أو نحو ذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتفرج ) أي أو لسرقة شيء من أجزاء الدار و ( قوله لم يكن غاصبا ) أي ، وإن منع وأمر بالخروج . ا هـ ع ش ( قوله لذلك ) أي للتفرج ( قوله فتوقفت ) أي اليد على العقار أي تأثيرها ( قوله كما مر ) أي في شرح فغاصب ، وإن لم ينقل بقوله إلا أن يفرق إلخ ( قوله وقد دخل بقصد الاستيلاء ) أي على جميع الدار كما هو واضح أما لو قصد الاستيلاء على البعض فقط فظاهر أنه يكون شريكا في النصف ما لم يمنع المالك منها ، وإلا فيكون غاصبا لجميعها . ا هـ سيد عمر

                                                                                                                              ( قوله وبه يعلم إلخ ) اعتمده م ر وقال في شرحه وأما عيال المالك فلا يدخلون في التقسيط فقد قال الكوهكيلوني في شرح الحاوي إذا ساكن الداخل الساكن بالحق لا فرق بين أن يكون مع الداخل أهل مساوون لأهل الساكن أم لا حتى لو دخل غاصب ومع الساكن من أهله عشرة لزمه النصف ، ولو كان الساكن بالحق اثنين كان ضامنا للثلث ، وإن كان معه عشرة من أهله انتهى . ا هـ سم ( قوله كان غاصبا ) أي الداخل المذكور . ا هـ ع ش ( قوله وعكسه ) أي بأن تعدد الداخل ( قوله فلا يكون ) إلى قوله لكن بحث في النهاية إلا قوله إلا أن يكون إلى : ولو استولى ، وكذا في المغني إلا قوله ورد إلى وحيث ( قوله لتعذر إلخ ) عبارة النهاية والمغني إذ لا عبرة بقصد ما إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وأخذ منه إلخ ) عبارة النهاية وأخذ السبكي منه إلخ غير صحيح كما رده الأذرعي وتبعه الوالد بأن يد المالك إلخ والمعارضة بمثله إلخ مردودة بوضوح الفرق إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله واعترضه الأذرعي إلخ ) عبارة المغني قال الأذرعي وفيه نظر ؛ لأن يد المالك الضعيف موجودة فلا معنى لإلغائها بمجرد قوة الداخل . انتهى

                                                                                                                              وهذا كما قال شيخي أوجه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله قد يعارض بمثله في الداخل الضعيف إلخ ) أي وليس المالك فيها أي يلزم أن يكون المغصوب فيه النصف فقط لبقاء يد المالك أيضا سم وكردي ( قوله ثم ) أي في الداخل الضعيف و ( قوله هنا ) أي فيما لو ضعف المالك ش . ا هـ سم ( قوله فتخبأ ) أي تستر . ا هـ كردي ( قوله وهو ظاهر ) أي قول الأذرعي . ا هـ سم ؛ لأنه صدق عليه أنه [ ص: 9 ] استمر في دار غيره بغير إذنه ا هـ مغني ( قوله ولو استولى إلخ ) عبارة النهاية والمغني ، ولو غصب حيوانا فتبعه ولده الذي من شأنه أن يتبعه أو هادي الغنم فتبعه الغنم لم يضمن التابع في الأصح لانتفاء استيلائه عليه ، وكذا لو غصب أم النحل فتبعها النحل لا يضمنه إلا إن استولى عليه خلافا لابن الرفعة . ا هـ .

                                                                                                                              وفي سم بعد ذكر مثل ذلك بزيادة عن الروض وشرحه ما نصه وقضيته أن الغاصب يضمن نحو ولد المغصوبة الحادث عنده ، وإن لم يضع يده عليه حقيقة . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله على أم ) بلا تنوين على نية الإضافة إلى الغنم ( قوله أو هادي الغنم ) وهو الذي يمشي أمام القطيع . ا هـ كردي ( قوله الرمكة ) وفي القاموس الرمكة محركة الفرس أو البرذونة تتخذ للنسل . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لذلك ) أي للاطراد ( قوله ضمن إتلافه إلخ ) أي ما تلفه الولد . ا هـ كردي ( قوله يده عليه ) أي على الولد .




                                                                                                                              الخدمات العلمية