الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 44 ] ( ولو خلط المغصوب ) أو اختلط عنده ( بغيره ) كبر أبيض بأسمر أو بشعير وكغزل سدى نسجه بلحمته لنفسه وشمل كلامهم خلطه أو اختلاطه باختصاص كتراب بزبل ( وأمكن التمييز ) للكل أو للبعض ( لزمه وإن شق ) عليه ليرده كما أخذه ( وإن تعذر ) التمييز كخلط زيت بمثله أو شيرج وبر أبيض بمثله ودراهم بمثلها ( فالمذهب أنه كالتالف ) على إشكالات فيه يعلم ردها مما يأتي ( فله تغريمه ) بدله ، خلطه بمثله أو بأجود أو بأردأ ؛ لأنه لما تعذر رده أبدا أشبه التالف فيملكه الغاصب إن قبل التملك ، وإلا كتراب أرض موقوفة خلطه بزبل وجعله آجرا غرم مثله ورد الآجر للناظر ولا نظر لما فيه من الزبل ؛ لأنه اضمحل بالنار كذا ذكره بعضهم ومع ملكه المذكور يحجر عليه فيه حتى يرد مثله لمالكه على الأوجه ويكفي كما في فتاوى المصنف أن يعزل من المخلوط أي بغير الأردأ قدر حق المغصوب [ ص: 45 ] منه ويتصرف في الباقي كما يأتي .

                                                                                                                              وبهذا يندفع كما يعلم مما يأتي أيضا ما أطال به السبكي من الرد والتشنيع على القول بملكه وإنما قلنا بالشركة في نظير ذلك من المفلس لئلا يحتاج للمضاربة بالثمن وهو إضرار به وهنا الواجب المثل فلا إضرار ومن ثم لو فرض فلس الغاصب أيضا لم يبعد كما في المطلب جعل المغصوب منه أحق بالمختلط من غيره وشمل قوله بغيره خلطه بمال آخر مغصوب أيضا فكذلك كما جزم به ابن المقري واقتضاه كلام الشيخين في غير هذا الكتاب وأصله أيضا وغيرهما .

                                                                                                                              لكن قال البلقيني المعروف عند الشافعية أنه لا يملك شيئا منه ولا يكون كالهالك واعتمده بعضهم لموافقته لما أفتى بهالمصنف وفرق بأنه إنما ملك في الخلط بماله تبعا لماله وهنا لا تبعية وفي فتاوى المصنف غصب من جمع دراهم مثلا وخلطها بحيث لا تتميز ، ثم فرق عليهم المخلوط على قدر حقهم حل لكل أخذ قدر حصته فإن خص أحدهم بحصته لزمه أن يقسم ما أخذه عليه وعلى الباقين بالنسبة إلى قدر أموالهم هذا كله إذا عرف المالك أو الملاك كما تقرر أما لو جهلوا فإن لم يحصل اليأس من معرفتهم وجب إعطاؤها للإمام ليمسكها أو ثمنها لوجود ملاكها وله أن يقترضها لبيت المال ، وإن أيس منها أي عادة كما هو ظاهر صارت من أموال بيت المال فلمتوليه التصرف فيها بالبيع وإعطائها لمستحق شيء من بيت المال وللمستحق أخذها ظفرا ولغيره أخذها ليعطيها للمستحق كما هو ظاهر ، ثم رأيت ابن جماعة وغيره صرحوا بذلك وقد قال ابن عبد السلام عقب قول الإمام وغيره لو عم الحرام قطرا بحيث ندر وجود الحلال فيه جاز أخذ المحتاج إليه ، وإن لم يضطر ولا يتبسط ا هـ هذا إن توقع معرفة أهله ، وإلا فهو لبيت المال كما تقرر فيصرف للمصالح وخرج بخلط أو اختلط عنده الاختلاط حيث لا تعدي [ ص: 46 ] كأن انثال بر على مثله فيشترك مالكاهما بحسبهما فإن استويا قيمة فبقدر كيلهما فإن اختلفا قيمة بيعا وقسم الثمن بينهما بحسب قيمتهما نظير ما يأتي في اختلاط حمام البرجين ولا تجوز قسمة الحب على قدر قيمتيهما للربا سيأتي لذلك مزيد قبيل الأضحية ( وللغاصب أن ) يفرز قدر المغصوب ، ويحل له الباقي كما مر وأن ( يعطيه ) أي المالك ، وإن أبى ( من غير المخلوط ) ؛ لأن الحق قد انتقل إلى ذمته لما تقرر من أن المختلط صار كالهالك ومن المخلوط إن خلط بمثله أو أجود مطلقا أو بأردأ إن رضي .

                                                                                                                              ( تنبيه ) قيل ليس الغاصب بأولى من المالك بملك الكل بل المالك أولى به لعدم تعديه وجوابه منع ذلك ؛ لأن المغصوب لما تعذر رد عينه لمالكه بسبب يقتضي شغل ذمة الغاصب به لتعديه مع تمكين المالك من أخذ بدله حالا جعل كالتالف للضرورة وذلك غير موجود في المالك إذ لا تعدي يقتضي ضمان ما للغاصب فلو ملك الكل لم يلزمه رد شيء وبفرض أنه يلزمه لا يلزمه الفور ففيه حيف أي حيف وقد يوجد الملك بدون الرضا للضرورة كأخذ مضطر طعام غيره قهرا عليه لنفسه أو لبهيمته وليس إباق القن كالخلط حتى يملكه الغاصب ؛ لأنه مرجو العود فيلزمه قيمته للحيلولة لعدم الضرورة المقتضية كونها للفيصولة ، وإنما لم يرجحوا قول الشركة ؛ لأنه صار مشاعا [ ص: 47 ] ففيه تملك كل حق الآخر بغير إذنه أيضا ، ومنع تصرف المالك قبل البيع أو القسمة هنا أيضا بسبب التعدي بل فوات حقه إذ قد يتأخر ذلك فلا يجد مرجعا بخلاف ما إذا علقنا حقه بالذمة فإنه يتصرف فيه حالا بحوالة أو نحوها ومن ثم صوب الزركشي قول الهلاك قال ويندفع المحذور بمنع الغاصب من التصرف فيه وعدم نفوذه منه حتى يعطي البدل كما مر وإذا كان المالك لو ملكه له بعوض لم يتصرف حتى يرضى بذمته فكيف بغير رضاه قيل كيف يستبعد القول بالملك وهو موجود في المذاهب الأربعة بل اتسعت دائرته عند الحنفية [ ص: 48 ] والمالكية .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن وإن تعذر فالمذهب أنه كالتالف ) هذا مع قوله السابق أو اختلط عنده هل يدل على أنه لا فرق هنا في كونه كالتالف بين خلطه واختلاطه وهو ممنوع بل شرطه الخلط فإن اختلط بنفسه كان شريكا كما أن شرط كونه كالتالف إذا حدث نقص يسري إلى التلف أن يكون بفعله كجعله المغصوب هريسة فإن كان بغير فعله كأن صار بنفسه هريسة رده مع أرش النقص م ر ( قوله ولا نظر لما فيه من الزبل ؛ لأنه اضمحل بالنار ) بقي لو كان لبنا ( قوله يحجر عليه فيه ) أي في قدر المغصوب الذي حكمنا [ ص: 45 ] بملكه إياه كما هو ظاهر هذه العبارة ويؤيده بل يصرح به ما ذكر عن فتاوى المصنف ( قوله ويتصرف في الباقي ) قضية ذلك أن الحجر عليه إنما هو في القدر المغصوب لا في جميع المخلوط حتى يصح بيع ما عدا القدر المغصوب شائعا قبل العزل فليتأمل .

                                                                                                                              ثم لا يخفى أن هذا الكلام من المصنف ظاهر في ثبوت الحجر لإفهامه توقف التصرف على العزل المذكور وظاهر أن الحجر في جعل الحنطة هريسة حيث لا خليط معها للغاصب ثابت في الجميع ( قوله لكن قال البلقيني المعروف إلخ ) اعتمده م ر [ ص: 46 ] قوله ومن المخلوط إن خلطه بمثله أو أجود مطلقا ) أي رضي أو لا أو بأردأ إن رضي لو اختلفا فقال المالك خلط بأردأ والغاصب بمثله أو أجود ولم يمكن إثبات الحال ( قوله يقتضي شغل ذمة الغاصب به ) يمكن منع ذلك ( قوله فلو ملك الكل لم يلزمه رد شيء ) في هذه الملازمة كالآتية خفاء ( قوله كأخذ مضطر إلخ ) هل يحصل ملك بمجرد الأخذ كما قد تدل له هذه العبارة أو يجري فيه ما قيل في ملك الضيف أو كيف الحال ؟ [ ص: 47 ]

                                                                                                                              ( قوله ففيه ) أي قول الشركة وقوله تملك كل حق الآخر إلخ إن كان كل مضافا لحق فتوجه منع تمليكه مجانا أو ببدله ثابت على قوله الهلاك أيضا ، وإن كان مجرورا منونا وكان حق منصوبا على المفعولية فيتوجه أن هذا غير محذور بدليل أنه لو غصب شيئين من اثنين وخلطهما فإن الاثنين يشتركان مع وجود هذا المعنى وهو تملك كل منهما حق الآخر بغير إذنه فليتأمل . وقوله ومنع تصرف المالك إلخ إن أريد منع تصرفه مطلقا فهو ممنوع ؛ لأنه لا مانع من تصرفه على وجه الإشاعة أو منع تصرفه على التعيين فلا محذور فإنه لو غصب من اثنين وخلط ما غصبه منهما امتنع على كل التصرف على التعيين بسبب الخلط الذي تعدى به الغاصب فليتأمل . وقوله إذ قد يتأخر إلخ فيه أن المتأخر لا يترتب عليه الفوات ولا انتفاء مرجع كيف وهو مالك لحصته من هذا المشترك على هذا القول ( قوله ومنع ) عطف على تملك وقوله يتأخر ذلك أي البيع والقسمة ش ( قوله حتى يعطي البدل ) أي أو يعزل من المخلوط قدر المغصوب كما قدمه عن فتاوى المصنف [ ص: 48 ] فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو خلط المغصوب إلخ ) شمل ما لو وكله في بيع مال أو في شراء شيء أو أودعه عنده فخلطه بمال نفسه فيلزمه تمييزه إن أمكن ، وإلا فيجب رد بدله ؛ لأنه كالتالف ومنه يؤخذ جواب ما وقع السؤال عنه في الدرس من أن شخصا وكل آخر في شراء قماش من مكة فاشتراه وخلطه بمثله من مال نفسه وهو أنه كالتالف . ا هـ ع ش ( قوله أو اختلط ) إلى قوله وشمل قوله في النهاية ( قوله أو اختلط عنده ) هذا إنما يأتي في الشق الأول وهو ما يمكن تمييزه أما في الشق الثاني فهو حينئذ يكون مشتركا كما نقله الشهاب ابن قاسم عن الشارح م ر . ا هـ رشيدي ويأتي ما فيه ( قوله عنده ) أي لغاصب ( قوله كبر أبيض إلخ ) الذي ينبغي ذكر هذا عقب قول المتن وأمكن التمييز ؛ لأن هذه أمثلته والكلام في مطلق الخلط الشامل لما يمكن تمييزه كالأمثلة المذكورة هنا وما لا يمكن كالأمثلة الآتية في قوله كخلط زيت بمثله إلخ . ا هـ رشيدي وقد يجاب بأنه أشار بذكره هنا إلى ما صرح به المغني هنا من أنه لا فرق بين الخلط بجنسه كالمثال الأول والخلط بغير جنسه كالمثال الثاني ( قوله سدى ) نعت غزل ( قوله لنفسه ) انظر ما الداعي له مع الإضافة في لحمته . ا هـ رشيدي

                                                                                                                              قول المتن ( وإن تعذر فالمذهب أنه كالتالف ) مع قوله السابق ( أو اختلط عنده ) هل يدل على أنه لا فرق هنا في كونه كالتالف بين خلطه أو اختلاطه وهو ممنوع بل شرطه الخلط فإن اختلط بنفسه كان شريكا كما أن شرط كونه كالتالف إذا حدث نقص يسري إلى التالف أن يكون بفعله كجعله المغصوب هريسة فإن كان بغير فعله كأن صار بنفسه هريسة رده مع أرش النقص م ر . ا هـ سم أقول ظاهر صنيع الشارح والنهاية قبيل المتن الآتي كظاهر صنيعهما هنا أن اختلاط المغصوب بنفسه بمال الغاصب كخلط الغاصب في كونه كالتالف وأن الاشتراك بالاختلاط إنما هو عند عدم الغصب وقد يفيده أيضا قول المغني ، ولو اختلط الزيتان أو نحوهما بانصباب ونحوه كصب بهيمة أو برضا مالكهما فمشترك لعدم التعدي ثم قال في اختلاف الجنس ولو لم يكن غصب كأن انصب أحدهما على الآخر فمشترك لما مر . ا هـ وسيأتي ما يتعلق به

                                                                                                                              ( قوله ودراهم بمثلها ) أي بدراهم مثلها للغاصب فإن غصبهما من اثنين وخلطهما اشتركا فيهما . ا هـ ع ش أي على ما يأتي عن البلقيني ( قوله خلطه إلخ ) أي سواء أخلطه إلخ ( قوله كتراب أرض موقوفة إلخ ) أفهم أن تراب المملوكة إذا خلطه يملكه الغاصب بخلطه وإن جعله آجرا فلا يرده لمالكه وإنما يرد مثل التراب . ا هـ ع ش ( قوله غرم مثله ) أي التراب ( قوله ؛ لأنه اضمحل بالنار ) بقي ما لو كان لبنا سم على حج وينبغي أنه إن أمكن تمييز ترابه من الزبل بعد بله لزمه ، وإلا رده للناظر كالآجر وغرم مثل التراب . ا هـ ع ش ( قوله يحجر عليه فيه ) أي في قدر المغصوب الذي حكمنا بملكه إياه كما هو ظاهر هذه العبارة ، ويؤيده بل يصرح به ما ذكره عن فتاوى المصنف . ا هـ سم ( قوله مثله ) الأولى بدله ( قوله على الأوجه ) وفاقا للمغني ( قوله ويكفي كما في فتاوى المصنف أن يعزل إلخ ) ولو تلف ما أفرزه للمغصوب منه قبل التصرف في الباقي أو بعده فالأقرب في الأول أنه يتبين عدم الاعتداد بالإفراز حتى لا يجوز له التصرف فيما بقي إلا بعد إفراز قدر التالف وفي الثاني أنه يتبين بطلان تصرفه في قدر المغصوب . ا هـ ع ش [ ص: 45 ]

                                                                                                                              ( قوله ويتصرف في الباقي إلخ ) قضيته أن الحجر عليه إنما هو في القدر المغصوب لا في جميع المخلوط حتى يصح بيع ما عدا القدر المغصوب شائعا قبل العزل فليتأمل سم على حج أقول لا مانع من ذلك . ا هـ ع ش ( قوله كما يأتي ) أي في الصيد والذبائح . ا هـ كردي ( قوله وبهذا ) أي بكونه يحجر عليه حتى يؤدي مثله و ( قوله مما يأتي ) أي في شرح المتن الآتي . ا هـ رشيدي ( قوله ما أطال به السبكي إلخ ) عبارة المغني قال السبكي والذي أقول وأعتقده وينشرح صدري له أن القول بالهلاك باطل ؛ لأن فيه تمليك الغاصب مال المغصوب منه بغير رضاه بمجرد تعديه بالخلط وأطال الكلام في ذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والتشنيع على القول بملكه ) بما حاصله أن ما قاله الأصحاب من ملك الغاصب بالخلط تخفيف عليه وحاصل الدفع أنه ليس تخفيفا عليه بل هو تغليظ عليه . ا هـ رشيدي

                                                                                                                              ( قوله لئلا يحتاج ) أي البائع من المفلس ( قوله وهنا ) أي في الغصب ( قوله ومن ثم ) أي من أجل أنه لا إضرار هنا ( قوله أيضا ) أي كالمشتري و ( قوله جعل إلخ ) مفعول ما لم يسم فاعله للم يبعد . ا هـ كردي والصواب فاعل لم يبعد ( قوله فكذلك ) أي فهو كما لو غصب زيتا وخلطه بزيته فيصير المجموع كالتالف فيملكه الغاصب ويغرم بدله ( قوله أيضا ) أي مثل هذا الكتاب وأصله ( قوله وغيرهما ) عطف على الشيخين ، وكذا الضمير راجع إليهما ( قوله قال البلقيني إلخ ) اعتمده النهاية والمغني وأفتى به الشهاب الرملي ولعله هو المراد بقول الشارح الآتي واعتمده بعضهم إلخ ( قوله لما أفتى به المصنف ) أي السابق في قوله ويكفي كما في فتاوى المصنف أن يعزل إلخ قاله ع ش وقال الرشيدي أي الآتي على الأثر في قوله وفي فتاوى المصنف غصب من جمع إلخ . ا هـ

                                                                                                                              وهذا هو الظاهر الموافق لصريح صنيع المغني ( قوله وفرق ) أي البلقيني بين ما خلطه بماله وما خلطه بمال آخر مغصوب ا هـ كردي وظاهر السياق أن الضمير للبعض كما يؤيده قول الرشيدي أي بين مسألة البلقيني وبين ما حمل عليه الشارح م ر كلام المتن من كون الغير للغاصب . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وفي فتاوى المصنف ) إلى قوله هذا كله في المغني وإلى قوله وسيأتي في النهاية ( قوله فإن خص ) أي الغاصب ( قوله أخذ قدر حصته ) أي والتصرف فيه ( قوله لزمه ) أي الأخذ ( قوله هذا كله ) أي ما ذكر في خلط الغاصب نحو الزيت بمثله من ماله أو مال غيره بل ما ذكر في باب الغصب من رد المغصوب أو بدله ونحوه ( قوله إذا عرف المالك ) أي في خلط المغصوب بماله و ( قوله أو الملاك ) أي في خلط مغصوب بمغصوب آخر ( قوله إعطاؤها ) أي الأموال المغصوبة أو أبدالها

                                                                                                                              ( قوله : وإن أيس منها ) أي المعرفة وليس من هذا ما يقبض بالشراء الفاسد من جماعة بل يتصرف فيه من باب الظفر ؛ لأنه دفع في مقابلته الثمن وتعذر عليه استرجاعه مع أنه لا مطالبة به في الآخرة لأخذه برضا مالكيه . ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله ولغيره أخذها ) ومن الغير الغاصب فله الأخذ من ذلك ورده للمغصوب منه أو لوارثه . ا هـ ع ش وفيه أن الكلام هنا فيما إذا لم يعرف المالك فكان المناسب أن يقول وصرفه للمستحق ، وكذا لمصارف نفسه إن كان من المستحقين ( قوله هذا إلخ ) مقول ابن عبد السلام ( قوله وإلا ) أي ، وإن لم يتوقع معرفة أهله ( فهو ) أي جميع ما في ذلك القطر ، وإن كان بأيد موضوعة عليه . ا هـ ع ش ( قوله واختلط إلخ ) عبارته فيما سبق أو اختلط إلخ ( قوله الاختلاط إلخ ) عبارة النهاية ، ولو خلط مغصوبا مثليا بمثله مغصوب برضا مالكيه أو لا أو انصب كذلك بنفسه فمشترك لانتفاء التعدي كما قال البلقيني إلى أن قالت [ ص: 46 ] وخرج بخلط إلى آخر ما في الشرح قال ع ش قوله م ر أو انصب قد يخالفه قوله قبل أو اختلط عنده حيث جعله ثم كالتالف وهنا مشتركا ويجاب بأن ما مر من قوله بغيره المراد به من مال الغاصب وما هنا من مال غيره فلا تناقض ، هذا والأولى أن يقال ما سبق من قوله أو اختلط عنده مصور بما إذا أمكن تمييز المخلوط لما يأتي في قوله م ر وخرج بخلط . ا هـ

                                                                                                                              ولا يخفى أن جوابه الأول صريح فيما قدمنا عند قول الشارح أو اختلط عنده من أن اختلاط المغصوب بنفسه بمال الغاصب كخلطه في كونه كالتالف وقال الرشيدي قوله م ر لانتفاء التعدي قاصر على ما إذا اختلط بنفسه وكلام البلقيني وغيره إنما هو في خصوص ما إذا خلطهما بغير رضا مالكيهما كما يعلم بمراجعة شرح الروض وأيضا فقوله برضا مالكيه وقوله أو انصب بنفسه ليس من صور المغصوب بالخصوص كما يعلم من شرح الروض أيضا على أن هاتين المسألتين كرر إحداهما في قوله الآتي وخرج بخلط أو اختلط عنده من غير تعد إلخ . ا هـ وهذا بقطع النظر عن قوله بالخصوص وجعل الشارح كالنهاية الاختلاط عند الغاصب مقابلا للاختلاط بلا تعد في كل منهما دلالة على ما قدمناه أيضا ( قوله فيشترك ) إلى قوله للربا في المغني إلا قوله نظيرا لي ولا تجوز ( قوله مالكهما بحسبهما إلخ ) ، فلو تنازعا في قدر السائل أو قيمته صدق صاحب البر الذي سال إليه غيره ؛ لأن اليد له فلو اختلطا ولم تعلم يد لأحدهما كأن سال كل منهما إلى الآخر وقف الأمر إلى الصلح ( فرع )

                                                                                                                              سئل سم عمن بذر في أرض بذرا و بذر بعده آخر على بذره فأجاب بأن الثاني إن عد مستوليا على الأرض ببذره أي كأن كان أقوى من الأول أو كان بذره أكثر من بذره ملك بذر الأول ولزمه له أي للأول بدل بذره ؛ لأنه إذا استولى على الأرض كان غاصبا لها ولما فيها ، وإن لم يعد الثاني مستوليا على الأرض ببذره لم يملك بذر الأول وكان الزرع بينهما بحسب بذرهما وعبارة العباب فرع من بث بذره على بذر غيره من جنسه ونوعه وأثار الأرض انقطع حق الأول وغرم له الثاني مثله وأما لو اختلف الجنس كأن بذر الأول حنطة مثلا والآخر باقلاء فلا يكون بذر الأول كالتالف . انتهى وقد أفتى الشيخ الرملي في هذه بأن النابت من بذرهما لهما وعليهما الأجرة وهذا بخلاف ما لو غصب بذرا وزرعه في أرضه فإنه يكون لمالكه وعلى الغاصب أرش النقص . انتهى ا هـ كلام سم . ا هـ ع ش بحذف ( قوله ، وإن اختلفا قيمة إلخ ) عبارة المغني فإن كان أحدهما أردأ أجبر صاحبه على قبول المختلط ؛ لأن بعضه عين حقه وبعضه خير منه لا صاحب الأجود لا يجبر على ذلك فإن أخذ منه قدر حقه فلا شيء له لعدم التعدي ، وإلا بيع المختلط وقسم الثمن إلخ . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله أن يفرز إلخ ) أي من المخلوط بغير الأردأ ( قوله كما مر ) أي آنفا في شرح فالمذهب أنه كالتالف إلخ ( قوله : وإن أبى ) إلى قول المتن ، ولو غصب في النهاية إلا قوله ومنع تصرف إلى بخلاف ما ( قوله ؛ لأن الحق ) إلى التنبيه في المغني ( قوله صار كالهالك ) أي فيرد مثله ؛ لأنه مثلي . ا هـ ع ش ( قوله مطلقا ) أي رضي المالك أم لا . ا هـ ع ش ( قوله أو بأردأ ) لو اختلفا فقال المالك : خلط بأردأ والغاصب بمثله أو أجود ولم يمكن إثبات الحال من المصدق . ا هـ سم أقول في ع ش عن الزيادي أن القول قول الغاصب في القدر . ا هـ وقياسه تصديق الغاصب هنا أي في الصفة فليراجع

                                                                                                                              ( قوله إن رضي ) فله أخذه ولا أرش له وكان مسامحا ببعض حقه مغني ومنهج ( قوله بسبب إلخ ) وهو الخلط بلا إمكان التمييز ( قوله يقتضي إلخ ) يمكن منع ذلك . ا هـ سم ( قوله مع تمكين إلخ ) متعلق بتعذر ( قوله جعل إلخ ) جواب لما ( قوله وذلك ) أي السبب المذكور ( قوله : فلو ملك الكل لم يلزمه رد شيء ) في هذه الملازمة كالآتية خفاء ا هـ سم أقول لا خفاء إذ الذي شغل ذمة الغاصب للمالك وأوجب عليه الفور إنما هو تعديه كما قرر الشارح م ر كالشهاب بن حجر والتعدي مفقود في المالك ، فلو قلنا بملكه للجميع لم يكن لرجوع الغاصب عليه موجب كما لا يخفى ؛ لأن العين صارت مملوكة له وذمته غير [ ص: 47 ] مشغولة له بشيء فاتضحت الملازمة أي هنا وفيما يأتي . ا هـ رشيدي وقال ع ش لعل وجه الخفاء أنا لو قلنا بملكه الكل ألزمناه برد بدل مال الغاصب . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله ففيه حيف إلخ ) أي في ملك المالك كل المختلط حيف عظيم بالغاصب ( قوله وقد يوجد الملك إلخ ) دفع به ما قد يقال كيف يملكه الغاصب بدون تمليك من المالك ؟ . ا هـ ع ش ( قوله كأخذ مضطر إلخ ) هل يحصل ملكه بمجرد الأخذ كما قد تدل له هذه العبارة أو يجري فيه ما قيل في ملك الضيف أو كيف الحال ؟ سم على حج القياس الثاني بل لو قيل بأنه لا يملك هنا إلا بازدراد ، وإن قلنا بملك الضيف بوضعه بين يديه أو في فمه لم يبعد ؛ لأنه إنما جاز له أخذه لضرورة وحيث لم يبلعه بأن سقط من فمه أو لم يدخله فمه أصلا لم يتحقق دفع الضرورة به . ا هـ ع ش ( قوله ؛ لأنه صار إلخ ) أي حق كل من المالك والغاصب

                                                                                                                              ( قوله ففيه ) أي قول الشركة و ( قوله تملك كل حق الآخر إلخ ) إن كان كل مضافا لحق فتوجه منع تملكه مجانا أو ببدله ثابت على قول الهلاك أيضا ، وإن كان مجرورا منونا وكان حق منصوبا على المفعولية فيتوجه أن هذا غير محذور بدليل أنه لو غصب شيئين من اثنين وخلطهما فإن الاثنين يشتركان مع وجود هذا المعنى ، وهو تملك كل منهما حق الآخر بغير إذنه فليتأمل . ا هـ سم وأجاب الرشيدي عنه بما نصه وحاصل ما في المقام أنهم إنما لم يرجحوا قول الشركة ؛ لأن فيه ما في القول بالهلاك وزيادة أما كونه فيه ما في القول بالهلاك ؛ لأن حق كل من المالك والغاصب يصير مشاعا فيلزم أن كلا يملك حق الآخر بالإشاعة بغير إذنه وهو المحذور الموجود في القول بالهلاك وأما كونه فيه زيادة على ما في القول بالهلاك فهو أنه يلزمه عليه منع المالك من التصرف قبل البيع والقسمة وذلك غير موجود في القول بالهلاك فلذلك رجحوه وبما قررته يندفع ما أطال به الشهاب سم مما هو مبني على فهم أن مراد التحفة أن جميع ما ذكر من قوله ففيه تملك كل حق الآخر إلخ وقوله ومنع تصرف إلخ موجود في القول بالشركة ، وليس موجودا في القول بالهلاك وقد تبين بما تقرر أن هذا ليس مراده فتأمل . ا هـ وقوله وذلك غير موجود إلخ ظاهر المنع يرده قول الشارح أيضا وإنما الزائد فيه ما أفاده الشارح بقوله بل فوات حقه

                                                                                                                              ( قوله أيضا ) أي كالقول بتملك الغصب . ا هـ كردي عبارة الرشيدي أي كما أن القول بأنه كالهالك كذلك إذ فيه تملك الغاصب عين مال المالك وتملك المالك ما في ذمة الغاصب قهرا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومنع إلخ ) عطف على تملك إلخ ش . ا هـ سم أي وفيه منع إلخ ( قوله قبل البيع ) أي إن اختلفا قيمة ( أو القسمة ) أي إن استويا قيمة ( قوله هنا ) أي في القول بالشركة و ( قوله أيضا ) أي كالقول بتملك الغاصب ( قوله بسبب التعدي ) متعلق بمنع أي بسبب أنه لو تصرف في المختلط قبل ذلك يصير متعديا . ا هـ كردي ( قوله إذ قد يتأخر إلخ ) فيه أن المتأخر لا يترتب عليه الفوات ولا انتفاء مرجع كيف وهو مالك لحصته من هذا المشترك على هذا القول ، . ا هـ سم عبارة الرشيدي فيما حكاه عن الشارح إذ قد يتلف إلخ . ا هـ فلا إشكال على هذه النسخة وقد كان يجاب عنه على النسخة الأولى بأن المراد بحقه جواز تصرفه فيه حالا

                                                                                                                              ( قوله ذلك ) أي البيع والقسمة ع ش . ا هـ سم ( قوله فإنه يتصرف إلخ ) أي المالك ( قوله ومن ثم ) أي من أجل أن في قول الشركة محذور قول الهلاك مع زيادة ( قوله حتى يعطي البدل ) أي أو يعزل من المخلوط قدر المغصوب كما [ ص: 48 ] قدمه عن فتاوى المصنف سم على حج ، فلو تعذر رد البدل لغيبة المالك رفع الأمر لحاكم يقبضه عن الغاصب أو تعذر رد البدل لعدم القدرة عليه فيحتمل منعه من التصرف لتقصيره ، وإن تلف ويحتمل أن يرفع الأمر للحاكم ليبيعه ويحصل بثمنه البدل أو بعضه وما بقي من البدل يبقى دينا في ذمة الغاصب . ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله لو ملكه له ) من التمليك أي ملك المالك المغصوب للغاصب و ( قوله بعوض ) أي معين أو مطلقا في العقد و ( قوله لم يتصرف ) أي يمتنع تصرف الغاصب فيه شرعا بقي ما لو رضي المالك بذمة الغاصب وتأخيره البدل والظاهر حينئذ جواز تصرفه ونفوذه في المخلوط قبل إقباضه البدل ( قوله فكيف بغير رضاه ) أي فكيف يجوز تصرف الغاصب فيما ملكه بغير رضا مالكه بدون إعطائه بدله ( قوله القول بالملك ) أي للغاصب . ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية