الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو تيقنه ) أي وجود الماء ( آخر الوقت ) بأن يبقى منه وقت يسع الصلاة كلها وطهرها فيه ، ولو في منزله الذي هو فيه على الأوجه خلافا للماوردي ( فانتظاره أفضل ) لفضل الصلاة بالوضوء عليها بالتيمم ( أو ظنه ) آخره أو شك فيه كما علم بالأولى ( فتعجيل التيمم أفضل في الأظهر ) ؛ لأن فضليته محققة فلا تفوت لمظنون

                                                                                                                              ومن ثم لو ترتب على التأخير تفويت فضيلة محققة نحو جماعة سن التقديم قطعا ، ومحل الخلاف ما إذا اقتصر على صلاة واحدة فإن صلى بالتيمم أول الوقت وبالوضوء آخره فهو النهاية في إحراز الفضيلة ويجاب عن استشكال ابن الرفعة له بأن الفرض الأولى ولم تشملها فضلية الوضوء بأن الثانية لما كانت عين الأولى كانت جابرة لنقصها ويلزم على ما قاله أن إعادة الفرض جماعة لا تندب ؛ لأن الفرض الأولى ولم تشملها فضيلة الجماعة فكما أعرضوا عن هذا ، ثم لما ذكرته فكذا هنا وقولهم الصلاة بالتيمم لا تعاد ؛ لأنه لا يؤثر مع الإتيان بالبدل بخلاف الإعادة للجماعة فيهما [ ص: 334 ] محله فيمن لا يرجو الماء بعد وكأن وجه الفرق أن تعاطي الصلاة مع رجاء الماء ، ولو على بعد لا يخلو عن نقص ، ولذا ذهب الأئمة الثلاثة إلى مقابل الأظهر أن التأخير أفضل مطلقا فجبر بندب الإعادة بالماء بخلاف من لم يرجه أصلا فلا محوج للإعادة في حقه . وأما حمل الزركشي الإعادة على متيقن الماء آخر الوقت ؛ لأن إيقاعه الصلاة مع ذلك فيه خلل فهو غلط ؛ لأن كلامهم إنما هو في مسألة الظن كما تقرر أما لو ظن أو تيقن عدمه آخره فالتقديم أفضل جزما وتيقن السترة والجماعة والقيام آخره وظنها كتيقن الماء وظنه نعم يسن تأخير لم يفحش عرفا لظان جماعة أثناء الوقت ويظهر أن الآخرين كذلك ، ولو علم ذو النوبة من متزاحمين على نحو بئر أو ستر عورة أو محل صلاة أنها لا تنتهي إليه إلا بعد الوقت صلى فيه بلا إعادة إن كان [ ص: 335 ] من شأن ذلك المحل وقت التيمم عدم غلبة وجود الماء فيه كما يعلم مما يأتي وذلك ؛ لأنه عاجز حالا وجنس عذره غير نادر والقدرة بعد الوقت لا تعتبر بخلاف من عنده ماء لو اغترقه أو غسل به خبثا خرج الوقت فإنه لا يصلي لعدم عجزه حالا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله آخر الوقت ) يتجه أن المراد بآخر الوقت ما يشمل أثناءه بل ما عدا وقت الفضيلة ( قوله فانتظاره أفضل ) لا يبعد أن أفضل منه فعلها بالتيمم أول الوقت وبالوضوء وآخره ولا ينافي ذلك رد حمل الزركشي الآتي فتأمله وفي شرح م ر ومحل ما ذكر إذا كان يصليها في الحالين منفردا أو جماعة أما لو كان إذا قدمها صلاها بنحو التيمم في جماعة وإذا أخرها لنحو الوضوء انفرد فالذي يظهر أخذا من كلام الأذرعي أن التقديم أفضل ( قوله بالوضوء آخره ) أي ولو منفردا [ ص: 334 ]

                                                                                                                              ( قوله فلا محوج للإعادة ) الظاهر امتناع الإعادة أي مفردا حينئذ ؛ لأنه الأصل فيما لم يطلب إلا إن كان ثم خلاف يراعى ( قوله كتيقن الماء وظنه ) اعتمده م ر وقوله نعم يسن إلخ المعتمد الإطلاق الأول م ر . ( قوله : ولو علم ذو النوبة ) أي ، ولو مقيما م ر ( قوله صلى فيه بلا إعادة ) محله في الحاضرة أما في الفائتة فيلزمه التأخير وهو ظاهر في الفائتة بعذر أما في الفائتة بغير عذر ففيه نظر ويحتمل أنها كالحاضرة لوجوب الفور فيها ، وقد يقال لو راعينا الفور امتنع التأخير للنوبة في الوقت أيضا ، وقد يلتزم فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله إن كان [ ص: 335 ] من شأن ذلك المحل وقت التيمم ندرة فقد الماء ) هذا مشكل وكان المتبادر اشتراط مقتضى هذا ولعل هذا سهو قال في شرح العباب ، وقد يستشكل عدم القضاء في مسألة البئر بأنه بمحل يغلب فيه وجود الماء أي ؛ لأن وجود البئر بمحل يوجب غلبة وجود الماء فيه وقد يجاب بأن عدم تمكنه منها في الوقت صيرها كالعدم ا هـ وقال في قول العباب ولراكب سفينة خاف الغرق لو استقى من البحر أن يتيمم ولا يعيد ما نصه ؛ لأنه عادم أي ولا نظر لكونه أولى بالإعادة ممن هو بمحل يغلب فيه وجود الماء ؛ لأن عدم قدرته عليه صيره كالعدم فكان كمن هو بمحل يغلب فيه عدم الماء ا هـ

                                                                                                                              وظاهر جوابه عن استشكال مسألة البئر أنه لا فرق بين غلبة وجود الماء بواسطة وجود تلك البئر في ذلك الموضع وعدم غلبته وهو موافق لمسألة راكب السفينة المذكورة ، إذ من شأن المحل الذي به بحر تجري فيه السفن عموم وجود الماء فيه وحينئذ فقد يشكل تخصيص ما ذكر فيها أعني مسألة البئر بالمسافر كما صرح به في شرح العباب فإن العباب فرضها في المسافر بقوله ولو اجتمع جماعة مسافرون ببئر إلخ فقال في شرحه وخرج بالمسافرين في الأولى أي مسألة البئر المقيمون فلا يصلي أحد منهم بالتيمم في الوقت لما مر في قوله وإن كان مقيما لزمه طلب الماء إلخ انتهى ، وقد يقال أراد بالمسافر من لا يلزمه القضاء ؛ لأن تعبيرهم بالمسافر والمقيم للغالب وعليه فلعل المراد هنا غلبة فقد الماء مع قطع النظر عن هذه البئر وقد قال م ر الوجه أنه لا فرق بين المسافر والمقيم ؛ لأن هذا من قبيل الحائل الحسي أما لو لزمه القضاء لغلبة وجود الماء مع قطع النظر عن تلك البئر فلا وجه لجواز الصلاة بالتيمم ؛ لأنه لو غلب الوجود مع عدم البئر امتنعت الصلاة بالتيمم فمع وجود البئر أولى فإن عرض تعذره في ذلك الوقت تيمم وقضى .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أي وجود الماء ) إلى وكأن وجه الفرق في النهاية إلا قوله كما علم بالأولى وقوله ، ومن ثم إلى ومحل الخلاف وقوله ويلزم إلى وقولهم قول المتن ( آخر الوقت ) أي مع كون التيمم جائزا له في أثنائه نهاية ومغني قال الرشيدي أي وإن لم يكن التيمم جائزا له في أثنائه بأن كان في محل يغلب فيه وجود الماء فإن الانتظار واجب عليه وإن خرج الوقت كما علم من نظيره المار وبه صرح الزيادي ا هـ . ( قوله بأن يبقى إلخ ) يتجه أن المراد بآخر الوقت ما يشمل أثناءه بل ما عدا وقت الفضيلة سم .

                                                                                                                              ( قوله منه ) أي من وقت الصلاة فقوله ( فيه ) لا حاجة إليه . ( قوله ولو في منزله ) إلى قوله ويجاب في المغني إلا قوله كما علم بالأولى وقوله ، ومن ثم إلى ومحل الخلاف . ( قوله ولو في منزله إلخ ) أي بأن يأتي له الماء وهو فيه مغني . ( قوله خلافا للماوردي ) أي في وجوب التأخير ، وقد يكون التعجيل أفضل لعوارض كأن كان يصلي أول الوقت بسترة ولو أخر لم يصل بها أو كان يصلي في أوله في جماعة ولو أخر صلى منفردا أو كان يقدر على القيام أول الوقت ولو أخر لم يقدر على ذلك فالتعجيل بالتيمم في ذلك أفضل مغني ونهاية ويأتي في الشارح مثله قول المتن ( فانتظاره أفضل ) لا يبعد أن أفضل منه فعلها بالتيمم أول الوقت وبالوضوء آخره سم أي أخذا من قوله الآتي فإن صلى بالتيمم إلخ .

                                                                                                                              ( قوله آخره ) المراد بالآخر ما قابل الأول فلا فرق بين آخر الوقت ووسطه ولا بين فحش التأخير وعدمه على المعتمد ع ش . ( قوله كما علم بالأولى ) محل تأمل بالنسبة لحكاية الخلاف لأن القائل بالتعجيل مع الظن يقول به مع الشك بالأولى . وأما القائل بالتأخير فليس كذلك بصري وجوابه أن مراد الشارح العلم بالنسبة للأظهر فقط . وأما مقابله فليس من عادة الشارح الاعتناء ببيانه وبيان ما يتعلق به . ( قوله لأن فضيلته ) أي التعجيل ( قوله لمظنون ) أي بالأولى لمشكوك . ( قوله : ومن ثم ) من أجل أن الفضيلة المحققة لا تفوت بغيرها .

                                                                                                                              ( قوله إذا اقتصر ) أي أراد الاقتصار . ( قوله وبالوضوء آخره ) أي ولو منفردا سم ( قوله له ) أي لقولهم فإن صلى بالتيمم إلخ . ( قوله بأن الفرض إلخ ) كقوله له متعلق باستشكال إلخ وقوله بأن الثانية إلخ متعلق بيجاب إلخ . ( قوله على ما قاله ) أي ابن الرفعة . ( قوله : ثم ) أي في المعادة بجماعة ( لما ذكرته ) أي من أن الثانية لما كانت إلخ و ( قوله هنا ) أي في المعادة بوضوء . ( قوله بالتيمم ) نعت الصلاة . ( قوله لا تعاد ) أي بالوضوء . ( قوله لأنه إلخ ) أي الإعادة فكان الظاهر التذكير .

                                                                                                                              ( قوله لم يؤثر ) أي لم يرد . وقوله : ( بخلاف الإعادة للجماعة فيهما ) أي فإنها وردت ولم يأت ببدل الجماعة في الصلاة الأولى بصري [ ص: 334 ] قوله محله ) أي محل قولهم المذكور . ( قوله فيمن لا يرجو ) أي لا يظن . ( قوله ولو على بعد ) وقوله الآتي ( من لم يرجه أصلا ) قد يقتضيان ندب الإعادة في صورة الوهم وهو محل تأمل وإن كان له وجه في الجملة بصري أقول ، وقد يدعى أن مراد الشارح يبعد الرجاء هنا الظن الغير الغالب لا ما يشمل الشك والوهم كما يؤيد ذلك قوله الآتي أما لو ظن إلخ . ( قوله وكأن وجه الفرق ) أي بين الراجي وغيره .

                                                                                                                              ( قوله مطلقا ) أي رجا الماء أو شك فيه . ( قوله فجبر ) أي النقص المذكور و ( قوله بندب الإعادة ) لعل الأولى حذف ندب . ( قوله لم يرجه ) أي لم يظنه و ( قوله أصلا ) أي لا قويا ولا ضعيفا . ( قوله فلا محوج للإعادة إلخ ) الظاهر امتناع الإعادة أي منفردا حينئذ سم . ( قوله . وأما حمل الزركشي الإعادة إلخ ) أي المنفية في قولهم الصلاة بالتيمم لا تعاد . ( قوله أما لو ظن ) إلى قوله إن كان في النهاية والمغني إلا قوله نعم إلى ولو علم .

                                                                                                                              ( قوله كتيقن الماء إلخ ) أي فيندب التأخير عند التيقن ويجري القولان عند الظن ، وقد يفهم منه نظير ما سبق أن محل الخلاف في مسألة الظن ما إذا أراد الاقتصار على واحدة فإن أتى بها أول الوقت خالية عما ذكر ، ثم أتى بها معه فهو النهاية في إحراز الفضيلة وهو واضح بالنسبة للجماعة ، وكذا بالنسبة للآخرين فيما يظهر أخذا من الوجه الذي ذكره الشارح سابقا مع ما أفهمه كلامه هنا ، ثم رأيته في الروض مصرحا به في مسألة الجماعة بصري . ( قوله نعم يسن تأخير إلخ ) قاله المصنف والمعتمد الأول نهاية ومغني أي يسن التعجيل وعدم التأخير لا فاحشا ولا غيره سم ( قوله تأخير لم يفحش إلخ ) يحتمل أن يضبط بنصف الوقت إيعاب وإمداد . ( قوله ويظهر إلخ ) يظهر أن الماء كذلك بصري . ( قوله أن الآخرين ) أي ظان السترة أو القيام وآخر الوقت ( كذلك ) أي كظان الجماعة آخره في سن تأخير لم يفحش .

                                                                                                                              ( قوله ولو علم إلخ ) وإن توقع انتهاءها إليه في الوقت لزمه الانتظار وإدراك الركعة الأخيرة أولى من إدراك الصف الأول وهو أولى من إدراك غير الركعة الأخيرة ومحل ذلك في غير الجمعة أما فيها فعند خوف فوت ركوع الثانية وهو ممن تلزمه الجمعة فالأوجه وجوب الوقوف عليه متأخرا أو منفردا لإدراكها وإن خاف فوت قيام الثانية وقراءتها فالأولى له أن لا يتقدم ويقف في الصف المتأخر لتصح جمعته إجماعا وإدراك الجماعة أولى من تثليث الوضوء وسائر آدابه فإذا خاف فوت الجماعة بسلام الإمام لو أكمل الوضوء بآدابه فإدراكها أولى من إكماله ولو ضاق وقتها أي الصلاة أو الماء عن سنن الوضوء وجب عليه أن يقتصر على فرائضه ولا يلزم البدوي الانتقال ليتطهر بالماء عن التيمم نهاية وكذا في المغني إلا قوله ومحل ذلك إلى وإدراك الجماعة قال ع ش قوله م ر وإدراك الركعة إلخ ظاهره وإن أدركها على وجه لا تحصل معه الفضيلة كأن أدركها في صف بينه وبين الصف الذي أمامه أكثر من ثلاثة أذرع أو في صف أحدثوه مع نقصان ما بين أيديهم من الصفوف ولعل الأقرب تقييد ذلك بما إذا كان الاقتداء على وجه يحصل معه فضيلة الجماعة

                                                                                                                              و ( قوله فإذا خاف فوت الجماعة إلخ ) قضيته أنه لو لم يخف فوتها بذلك بل فوت بعض منها كما لو كان لو ثلث أدركه في التشهد مثلا كان تثليث الوضوء أولى وفيه نظر لأن الجماعة فرض فثوابها يزيد على ثواب السنن فينبغي المحافظة عليها وإن فاتت سنن الوضوء وبقي ما لو كان لو ثلث فاتته الجماعة مع إمام عدل وأدركها مع غيره وينبغي أن ترك التثليث فيه أفضل أيضا ا هـ ع ش وقوله مع إمام عدل وينبغي أو موافق .

                                                                                                                              ( قوله ذو النوبة ) أي ولو مقيما م ر سم . ( قوله على نحو بئر إلخ ) أي كحمام تعذر غسله في غيره ع ش . ( قوله صلى فيه إلخ ) أي وجوبا سم عبارة النهاية والمغني بل يصلي متيمما وعاريا وقاعدا من غير إعادة ا هـ قال الرشيدي أي والمحل يغلب فيه فقد الماء وإلا وجب الانتظار وإن خرج الوقت كما قيده النور الزيادي كالشهاب ابن حجر ا هـ . ( قوله إن كان إلخ ) [ ص: 335 ] راجع لقوله صلى فيه كما مر عن الرشيدي آنفا .




                                                                                                                              الخدمات العلمية