الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن أحبل ) الغاصب أو المشتري منه المغصوبة ( عالما بالتحريم فالولد رقيق غير نسيب ) لما مر أنه زنا فإن انفصل حيا ضمنه كل منهما أو ميتا بجناية فبدله وهو عشر قيمة أمه للسيد أو بغيرها ضمنه كل منهما بقيمته يوم الانفصال وقول الإسنوي إنهما ناقضا ما هنا رده الأذرعي بأنه اشتباه فإن هذا في عالم وذاك في جاهل أي وسيأتي الفرق بين الرقيق وهو ما هنا والحر وهو ما هناك [ ص: 51 ] ( وإن جهل ) التحريم ( فحر ) من أصله لا أنه انعقد قنا ، ثم عتق ( نسيب ) للشبهة ( وعليه ) إذا انفصل حيا حياة مستقرة ( قيمته ) بتقدير رقه لتفويته رقه بظنه فإن انفصل ميتا بجناية فعلى الجاني الغرة وهي نصف عشر دية الأب وعليه عشر قيمة أمه لمالكها ؛ لأنا نقدره قنا في حقه قال المتولي والغرة مؤجلة فلا يغرم الواطئ حتى يأخذها وتوقف فيه الإمام أو بغير جناية لم يضمنه لعدم تيقن حياته وفارق ما مر في الرقيق بأنه يدخل تحت اليد فجعل تبعا للأم في الضمان وهذا حر فلا يدخل تحت اليد وتردد الأذرعي في حي حياة غير مستقرة ورجح غيره أنه كالحي كما أفهمه تعليلهم الميت بأنا لم نتيقن حياته وقد يقال بل قياس إلحاقهم لهذا بالميت في نظائره أنه هنا كذلك ومعنى التعليل أنا لم نتيقن حياته حياة يعتد بها والعبرة بقيمته ( يوم الانفصال ) لتعذر التقويم قبله ويلزمه أرش نقص الولادة ( ويرجع بها ) أي بقيمة الولد ومثله أرش قيمة الولادة ( المشتري على الغاصب ) ؛ لأن غرمها ليس من قضية الشراء بل قضيته أن يسلم له الولد حرا من غير غرامة ورجح البلقيني أن المتهب كالمشتري .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن وإن أحبل عالما بالتحريم إلخ ) قال في الروض وشرحه ويضمن المحبل في حالتي العلم والجهل أرش نقص الولادة فإن ماتت بها ، ولو بعد ردها لمالكها سقط كل أرش أي أرش البكارة وأرش نقص الولادة لدخولهما في القيمة المذكورة في قوله وضمن القيمة كالمهر والأجرة ( فرع )

                                                                                                                              أذن المالك للغاصب أو للمشتري منه بالوطء هل يسقط المهر فيه قولان أو تسقط قيمة الولد فيه طريقان رجح ابن القطان عدم سقوط المهر وهو قياس نظيره في الرهن وقياسه ترجيح عدم سقوط قيمة الولد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فإن انفصل حيا ) أي حياة مستقرة عباب ( قوله فإن انفصل حيا ) أي ومات روض ( قوله ضمنه كل منهما إلخ ) هو أحد الوجهين قال في شرح الروض وهو ظاهر النص وفي شرح المنهج أنه الأوجه والوجه الثاني لا ضمان ؛ لأن حياته غير متيقنة [ ص: 51 ] وجزم به في الأنوار وأفهمه كلام الروض كما قاله في شرحه ويجري الوجهان في حمل بهيمة مغصوبة انفصل ميتا واقتصار الشارح أي المحلي على حكاية الضمان لثبوت اليد عليه تبعا ؛ لأنه تبع فيه الرافعي هنا وقال إنه ظاهر النص لكنه صحح بعد ذلك بأوراق عدم الضمان وقواه في الشرح الصغير شرح م ر ( قوله وهي نصف عشر دية الأب ) الذي هو الغاصب أو المشتري منه ( قوله : وعليه ) أي الأب عشر قيمة أمه لمالكها قال في الروض فيأخذه المالك إن ساوى قيمة الغرة ، وإن كانت الغرة أكثر فالزائد لورثة الجنين ، وإن كانت أقل ضمن الغاصب أي أو المشتري منه للمالك عشر قيمة الأم كاملا ، وإن مات أي المحبل قبل الجناية فالغرة لأبيه أي إن كان هو الوارث وهل يضمن أي أبوه ما كان يضمنه هو لو كان حيا وجهان ا هـ قال في شرحه والأوجه الضمان متعلقا بتركة المحبل . ا هـ وقوله فالزائد لورثة الجنين يتأمل التقييد بالزائد مع أن الغرة للورثة حتى لو كان مع الأب الذي هو الغاصب أو المشتري منه جدة استحقت سدس جميع الغرة ؛ لأنها تركة الجنين ولم يتعلق بها حق يقدم على الإرث فإن لزوم قيمة الأم للمحبل لا تعلق له بالغرة فليتأمل وليحرر .

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأنا نقدره قنا في حقه ) أي والقن يضمن بذلك ( قوله وفارق ما مر في الرقيق ) أي على ما اعتمده الشارح أما على مقابله فيستويان كما هو ظاهر ( قوله ورجح غيره إلخ ) اعتمده م ر ( قوله أي بقيمة الولد ) قال في الروض المنعقد حرا ( قوله ومثله قيمة أرش الولادة ) كذا في الروض وقد يشكل بعدم الرجوع بأرش التعيب عنده بفعله أو بغير فعله كما سيأتي إلا أن يفرق بأن هذا من آثار ما يرجع بما غرمه بسببه وهو الوطء ( قوله ؛ لأن غرمها ليس من قضية الشراء إلخ ) قد يخرج الولد الرقيق حتى لا يرجع بقيمته وقد يقتضيه تقييد الروض بالحر في قوله وقيمة الولد المنعقد حرا . ا هـ أي يرجع بها ( قوله ورجح البلقيني أن المتهب كالمشتري ) عبارة الروض وفي رجوع المتهب منه أي من الغاصب بقيمة الولد وجهان . ا هـ وأصح الوجهين عدم الرجوع [ ص: 52 ] شرح م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وإن أحبل إلخ ) قال في الروض وشرحه ويضمن المحبل في حالتي العلم والجهل أرش نقص الولادة فإن ماتت بها ، ولو بعد ردها لمالكها سقط كل أرش أي أرش البكارة وأرش نقص الولادة لدخولهما في القيمة المذكورة في قوله ضمن القيمة كالمهر والأجرة انتهى . ا هـ سم ( قوله فإن انفصل حيا ) أي حياة مستقرة عباب أي ومات روض . ا هـ سم على حج أي فإن بقي حيا فهو رقيق للسيد . ا هـ ع ش ( قوله أو بغيرها ضمنه كل منهما ) وفاقا للمغني وشرحي الروض والمنهج وللمحلي أولا وخلافا للنهاية وللمحلي ثانيا عبارة المغني أو بغيرها ففي وجوب ضمانه على المحبل وجهان أوجههما كما قال شيخنا نعم كما هو ظاهر النص لثبوت اليد عليه تبعا للأم والثاني لا ؛ لأن حياته غير متيقنة ويجري الوجهان في حمل البهيمة المغصوبة إذا انفصل ميتا ا هـ ، وكذا في النهاية إلا أنها اعتمدت الوجه الثاني فقالت أوجههما كما قاله أبو إسحاق وغيره عدمه ؛ لأن حياته إلخ . ا هـ قال ع ش قوله م ر كما قال أبو إسحاق إلخ معتمد . ا هـ ونقل البجيرمي اعتماده أي الثاني أيضا عن القليوبي والحلبي والزيادي ثم قال والحاصل أنه إن انفصل حيا وهو رقيق فهو للسيد أو وهو حر على الغاصب القيمة يوم الولادة ، وإن انفصل ميتا بلا جناية لا شيء فيه مطلقا حرا أو رقيقا أو بجناية فإن كان رقيقا ضمنه الجاني بعشر قيمة أمه وضمنه الغاصب بذلك ، وإن كان حرا فعلى الجاني الغرة وعلى الغاصب عشر قيمة أمه ؛ لأنه هو الذي فات على المالك بالحرية وتكون الغرة لورثة الجنين كذا قرره شيخنا البابلي انتهى برماوي . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله إنهما ) أي الشيخين ( قوله فإن هذا ) أي ترجيحهما الضمان و ( قوله وذاك ) أي ترجيحهما عدم الضمان وحاصل الرد كما في المغني أنه انتقل نظره أي الإسنوي من مسألة إلى أخرى ( قوله وسيأتي إلخ ) أي في شرح وعليه قيمته [ ص: 51 ] قول المتن ( وإن جهل ) أي المحبل من الغاصب أو المشتري ( قوله من أصله ) إلى قوله وفارق في النهاية وإلى قوله وتردد الأذرعي في المغني ( قوله لا أنه انعقد قنا إلخ ) وتظهر فائدة ذلك في الكفاءة في النكاح . ا هـ ع ش ( قوله دية الأب ) الذي هو الغاصب أو المشتري منه و ( قوله وعليه ) أي الأب . ا هـ سم ( قوله عشر قيمة أمه ) أي سواء كان حرا أو رقيقا ؛ لأنا نقدر الحر رقيقا في حق الغاصب والمشتري ؛ لأن ضمانهما لتفويت الرق على السيد . ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله في حقه ) أي الأب أي والقن يضمن بذلك . ا هـ سم زاد المغني والروض وشرحه ثم إن كان الغرة أكثر فالزائد لورثة الجنين أو أقل ضمن الغاصب أو المشتري منه للمالك عشر قيمة الأم كاملا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله قال المتولي إلخ ) معتمد . ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله والغرة مؤجلة ) عبارة المغني والنهاية وسيأتي إن شاء الله تعالى أن بدل الجنين المجني عليه تحمله العاقلة قال المتولي والغرة تجب مؤجلة إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلا يغرم الواطئ ) أي للمالك العشر المذكور و ( قوله حتى يأخذها ) أي الغرة من الجاني . ا هـ ع ش ( قوله وفارق ما مر ) أي على ما اعتمده الشارح أما على مقابله فيستويان كما هو ظاهر ا هـ سم ( قوله ورجح غيره إلخ ) اعتمده النهاية والمغني

                                                                                                                              ( قوله أنه كالحي ) أي فيجب ضمانه ؛ لأنا تيقنا حياته مغني ونهاية قال ع ش هل تعتبر قيمته بتقدير أن له حياة مستقرة أو يضمنه بعشر قيمة أمه كما لو نزل ميتا بالجناية فيه نظر ولا يبعد أن المراد الأول ؛ لأنه الذي يظهر فيه التردد بين كونه مضمونا أو لا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لتعذر التقويم ) إلى قوله ورجح في النهاية إلا قوله ومثله إلى المتن وإلى قوله ؛ لأنه لم يتلفها في المغني إلا لفظة حرا ( قوله أي بقيمة الولد ) قال في الروض المنعقد حرا . ا هـ سم ( قوله ومثله ) الأولى التأنيث ( قوله ومثله قيمة أرش الولادة ) كذا في الروض وقد يشكل بعدم الرجوع بأرش التعيب عنده بفعله أو بغير فعله كما سيأتي إلا أن يفرق بأن هذا من آثار ما يرجع بما غرمه بسببه وهو الوطء . ا هـ سم ( قوله ورجح البلقيني إلخ ) وفاقا للمغني وشرح الروض وخلافا للنهاية عبارته واقتصاره على المشتري يفهم أن المتهب من الغاصب لا يرجع بها أي القيمة على الغاصب وهو أصح الوجهين خلافا لبعض المتأخرين . ا هـ قال ع ش ولعل وجهه أن المتهب لما لم يغرم بدل الأم ضعف جانبه فالتحق بالمتعدي والمشتري ببذله الثمن قوي جانبه وتأكد تغريره من البائع بأخذ الثمن [ ص: 52 ] فقياس التغليظ على البائع بالرجوع التغليظ عليه بالقيمة . ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية