الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا ظهر ) بعد الأخذ بالشفعة ( الثمن ) المبذول في الشقص النقد أو غيره ( مستحقا ) ببينة أو تصادق من البائع والمشتري والشفيع ( فإن كان معينا ) بأن وقع الشراء بعينه ( بطل البيع ) ؛ لأنه بغير ثمن ( والشفعة ) لترتبها على البيع ، ولو خرج بعضه بطلا فيه فقط وخروج النقد نحاسا كخروجه مستحقا فإن خرج رديئا تخير البائع بين الرضا به والاستبدال فإن رضي به لم يلزم المشتري الرضا بمثله بل يأخذ من الشفيع الجيد قاله البغوي ونظر فيه المصنف ورده البلقيني بأنه جار على قوله في عبد ثمن للشقص ظهر معيبا ورضي به البائع أن على الشفيع قيمته سليما ؛ لأنه الذي اقتضاه العقد وقد غلطه فيه الإمام قال وإنما عليه قيمته معيبا فالتغليط بالمثلي أولى .

                                                                                                                              قال والصواب في كلتا المسألتين ذكر وجهين والأصح منهما اعتبار ما ظهر [ ص: 72 ] وبه جزم ابن المقري في المعيب فإن قلت قياس ما قالوه في حط بعض الثمن من الفرق بين ما قبل اللزوم وبعده أن يقال بنظيره هنا من أن البائع إن رضي برديء أو معيب قبل اللزوم لزم المشتري الرضا بهما من الشفيع أو بعده فلا قلت القياس محتمل ؛ لأن منة البائع ومسامحته موجودة فيهما إلا أن يفرق بأن الرديء والمعيب غير ما وقع به العقد بالكلية بخلاف الثمن فإنه وقع به العقد فسرى ما وقع فيه إلى الشفيع ( وإلا ) يعين في العقد بأن كان في الذمة ( أبدل وبقيا ) أي البيع والشفعة ؛ لأن العقد لم ينعقد به ( وإن دفع الشفيع مستحقا ) أو نحو نحاس ( لم تبطل شفعته إن جهل ) لعذره ( ، وكذا إن علم في الأصح ) ؛ لأنه لم يقصر في الطلب والشفعة لا تستحق بمال معين حتى تبطل باستحقاقه ، وكذا لو لم يأخذها بمعين كتملكت بعشرة دنانير ثم نقد المستحق لم تبطل قطعا وإذا بقي حقه فهل يتبين أنه لم يملك فيحتاج لتملك جديد أو ملك ، والثمن دين عليه فالفوائد له وجهان رجح الرافعي الأول وغيره الثاني واستظهر والذي يتجه أن الأخذ إن كان بالعين تعين [ ص: 73 ] الأول أو في الذمة تعين الثاني .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وخروج النقد نحاسا ) ظاهره ، وإن كان متمولا وقد يشكل البطلان حينئذ في المعين إلا أن يقال لما لم يقصد إلا الفضة كان بمنزلة غير المتمول ( قوله كخروجه مستحقا ) ينبغي أن يستثنى المعين المتمول الذي لم يوصف بأنه دراهم أو دنانير كبعتك بهذا فينبغي صحة البيع به أخذا من شراء زجاجة ظنها جوهرة فإنه يصح وحينئذ تثبت الشفعة فليراجع ( قوله فإن خرج رديئا ) ، وإن وقع الشراء بعينه بل هو ظاهر في ذلك لكن لا وجه حينئذ لقوله والاستبدال ( قوله فإن خرج رديئا إلخ ) هذا الصنيع حيث ذكر هذا في الكلام على [ ص: 72 ] هذا الشق الأول أعني كون الثمن معينا قبل الكلام على الشق الآخر أعني كونه في الذمة يقتضي أن هذا مصور بما إذا كان الثمن معينا أو أعم ويوافقه تعبير العباب بقوله ، ولو بان الثمن رديئا عين أو لا فللبائع طلب بدله والرضا به فإن رضي به فللمشتري لا عليه قبول مثله . ا هـ

                                                                                                                              وما ذكره من أن له طلب بدل المعين في العقد لا يخفى إشكاله وأن القياس فيه إنما هو التخيير بين الفسخ والإمضاء لا رده وأخذ بدله كالمبيع المعين فليتأمل . لكن قوله الآتي إلا أن يفرق بأن الرديء والمعيب غير ما وقع به العقد بالكلية صريح في التصوير بما إذا كان الثمن في الذمة وحينئذ ففي ذكر هذا الكلام في هذا الشق ما لا يخفى . ( قوله وبه جزم ابن المقري في المعيب ) قال فلو رضي البائع بأخذ العبد معيبا لزم الشفيع قيمته معيبا فإن سلم قيمته سليما استرد قسط السلام . ا هـ وجزم ابن المقري في الرديء بخلاف ما جزم به في المعيب حيث قال ولا يلزم المشتري قبول الرديء من الشفيع ، ولو قبل أي قبله البائع منه . ا هـ والفرق بين المعيب والرديء ظاهر فإن الرداءة تنقص القيمة دائما أو غالبا بخلاف العيب كما في الخصاء والحمل وقد يكون مع المعيب صفات صابرة م ر والوجه أن هذه التفرقة إنما تتجه إذا كان الشراء في صورة العبد بالعين وفي صورة الرديء في الذمة ، وإلا فالوجه استواء الحكم فيهما حتى يعتبر ما ظهر فيهما في صورة العين دون الذمة ( قوله في المتن ، وكذا إن علم في الأصح ) قد يشكل على ما تقدم قبيل قول المصنف ويشترط لفظ إلخ من أنه إذا شرع في سبب الأخذ وجب الفور في التملك وجه الإشكال أن دفع المستحق مع العلم بحاله تقصير ينافي الفورية مع أنه شرع في الأخذ بدليل ذكر الخلاف في أنه يحتاج لتملك جديد أو لا فليتأمل فيحمل هذا على ما إذا لم تفت الفورية بأن تدارك فورا ( قوله ، وكذا لو لم يأخذها بمعين ) يدل على نقض ما لا شفعة فيه ما لو أوصى بالشقص ومات وقبل الموصى له فله نقض ذلك وأخذ [ ص: 73 ] الشقص ودفع الثمن أو قيمته للوارث كما هو ظاهر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( معينا ) أي في العقد أو في مجلسه كما يؤخذ من ع ش . ا هـ بجيرمي ( قوله بطلا فيه فقط ) أي بطل البيع والشفعة فيما يقابل البعض من الشقص دون الباقي تفريقا للصفقة ا هـ مغني ( قوله وخروج النقد نحاسا ) ظاهره وإن كان متمولا وقد يشكل البطلان حينئذ في المعين إلا أن يقال لما لم يقصد إلا الفضة كان بمنزلة غير المتمول سم على حج وينبغي أخذا من مسألة شراء زجاجة ظنها جوهرة - تصوير المسألة بما لو قال اشتريت بهذه الفضة مثلا فبان الثمن نحاسا وقد يدل لما ذكرناه قول سم قوله كخروجه مستحقا ينبغي أن يستثنى المعين المتمول الذي لم يوصف بأنه دراهم أو دنانير كبعتك بهذا فينبغي صحة البيع به أخذا من شراء زجاجة ظنها جوهرة فإنه يصح وحينئذ تثبت الشفعة فليراجع انتهى ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله فإن خرج رديئا ) أي ، وإن وقع الشراء بعينه بل هو ظاهر في ذلك لكن لا وجه حينئذ لقوله والاستبدال سم و ع ش ورشيدي وقد يمنع الظهور بل الشمول للمعين قول الشارح الآتي إلا أن يفرق ثم رأيت ما يأتي عن سم ( قوله تخير البائع بين الرضا به والاستبدال إلخ ) هو مشكل إن كانت الصورة أن الثمن معين كما هو صريح السياق فإن القياس فيه إنما هو التخيير بين الفسخ والإمضاء لا رد المعين وطلب بدله ع ش و رشيدي زاد سم لكن قوله الآتي إلا أن يفرق بأن الرديء والمعيب غير ما وقع به العقد بالكلية صريح في التصوير بما إذا كان الثمن في الذمة وحينئذ ففي ذكر هذا الكلام في هذا الشق ما لا يخفى . ا هـ أقول ولذا أخر المغني والمنهج هذا الكلام بتمامه وذكراه في شرح : وإلا أبدل وبقيا ( قوله الجيد ) عبارة المغني ما اقتضاه العقد . ا هـ ( قوله ورده ) أي قول البغوي ، وكذا ضمير بأنه إلخ ( قوله ثمن إلخ ) نعت عبد ( قوله وقد غلطه ) أي البغوي ( فيه ) أي في قوله في عبد ثمن إلخ ( قوله قال وإنما إلخ ) أي قال الإمام

                                                                                                                              ( قوله أولى ) ووجه الأولوية أن العيب في المتقوم يمكن زواله بخلاف الرداءة في المثلي شيخنا الحفني . ا هـ بجيرمي ( قوله والصواب إلخ ) أي قال البلقيني مغني و ع ش ( قوله في كلتا المسألتين ) أي مسألة الرديء ومسألة المعيب ( قوله اعتبار ما ظهر ) أي بعد العقد وهو مثل الرديء وقيمة المعيب . ا هـ ع ش [ ص: 72 ] عبارة المغني اعتبار ما ظهر أي لا ما رضي به البائع وهو الظاهر وبه جزم إلخ . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبه جزم ابن المقري في المعيب ) قال فلو رضي البائع بأخذ العبد لزم الشفيع قيمته معيبا حيث قال ولا يلزم المشتري قبول الرديء من الشفيع ، ولو قبل أي قبله البائع منه انتهى . ا هـ سم ووافقه أي ابن المقري النهاية عبارته والأوجه الفرق بين المعيب والرديء إذ ضرر الرداءة أكثر من العيب إذ لا يلزم من عيبه رداءته . ا هـ قال ع ش والرشيدي قوله م ر والأوجه الفرق إلخ أي فلا يجب على المشتري قبول الرديء ويجب قبول قيمة المعيب واعتمد الفرق المذكور شيخنا الزيادي . ا هـ وقال سم والوجه أن هذه التفرقة إنما تتجه إذا كان الشراء في صورة العبد بالعين وفي صورة الرديء في الذمة ، وإلا فالوجه استواء الحكم فيهما حتى يعتبر ما ظهر فيهما في صورة العين دون الذمة . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله موجودة فيهما ) أي في الحط وقبول الرديء أو المعيب ( قوله بخلاف الثمن ) أي إذا حط بعضه ( قوله فسرى ما وقع فيه إلخ ) بخلاف الرديء أو المعيب فلا يسري فلا يعطيه إلا الجيد سواء ما قبل اللزوم وما بعده ؛ لأن ما قبل اللزوم ثبت بالفرق المذكور وما بعده بالأولى وهذا الفرق موافق لما مر عن البغوي . ا هـ رشيدي ( قوله بأن كان في الذمة ) أي ودفع عما فيها فخرج المدفوع مستحقا نهاية ومغني قال ع ش قوله ودفع إلخ أي بعد مفارقة المجلس أخذا من قولهم الواقع في المجلس كالواقع في صلب العقد . ا هـ

                                                                                                                              قول المتن ( أبدل وبقيا ) وللبائع استرداد الشقص إن لم يكن تبرع بتسليمه ويحبسه إلى أن يقبض الثمن نهاية ومغني قال ع ش قوله إن لم يكن تبرع إلخ كأن دفعه قبل قبض الثمن بلا إجبار ، ولو اختلفا فينبغي تصديقه في عدم التبرع . ا هـ قوله المتن ( إن جهل ) أي كونه مستحقا بأن اشتبه عليه بماله . ا هـ مغني قول المتن ( ، وكذا إن علم إلخ ) قد يشكل على ما تقدم من أنه إذا شرع في سبب الأخذ وجب الفور في التملك وجه الإشكال أن دفع المستحق مع العلم بماله تقصير ينافي الفورية فليحمل هذا على ما إذا لم تفت الفورية بأن تدارك فورا سم على حج . ا هـ ع ش ( قوله وكذا لو إلخ ) عبارة المغني عقب المتن إن كان الثمن معينا كتملكت الشقص بهذه الدراهم فإن كان الثمن في الذمة لم تبطل جزما وعليه إبداله ، وإن دفع رديئا لم تبطل شفعته علم أو جهل . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإذا بقي حقه ) أي الشفيع فيما إذا دفع مستحقا بصورتيه ( قوله واستظهر ) أي الثاني ( قوله تعين [ ص: 73 ] الأول ) ، وعليه لا بد من الفور . ا هـ رشيدي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية