الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) يصدق العامل بيمينه أيضا ( في ) جنس أو ( قدر رأس المال ) ، وإن كان هناك ربح ؛ لأن الأصل عدم دفع زيادة إليه ( و ) في ( دعوى التلف ) على التفصيل الآتي في الوديع ؛ لأنه أمين مثله ومن ثم ضمن بما يضمن به كأن خلط مال القراض بما لا يتميز به ومع ضمانه لا ينعزل كما مر فيقسم الربح على قدر المالين نعم نص في البويطي واعتمده جمع متقدمون أنه لو أخذ مالا يمكنه القيام به فتلف بعضه ضمنه ؛ لأنه فرط بأخذه وطرد في الوكيل والوديع والوصي

                                                                                                                              ولو ادعى المالك بعد التلف أنه قرض والعامل أنه قراض حلف العامل كما أفتى به ابن الصلاح كالبغوي ؛ لأن الأصل عدم الضمان [ ص: 105 ] وخالفهما الزركشي فرجح تصديق المالك وتبعه غير واحد وجمع بعضهم بحمل الأول على ما إذا كان التلف قبل التصرف ؛ لأنهما حينئذ اتفقا على الإذن واختلفا في شغل الذمة والأصل براءتها وحمل الثاني على ما إذا كان بعد التصرف ؛ لأن الأصل في التصرف في مال الغير أنه يضمن ما لم يتحقق خلافه والأصل عدمه أما قبل التلف فيصدق المالك ؛ لأن العامل يدعي عليه الإذن في التصرف وحصته من الربح والأصل عدمهما ولا ينافي ما هنا ما مر آخر العارية من تصديق المالك في الإجارة دون الآخذ في العارية لاتفاقهما ثم على بقاء ملك المالك وإنما اختلفا في أن انتفاعه مضمون والأصل في الانتفاع بملك الغير الضمان

                                                                                                                              ولو أقاما في مسألة القرض والقراض بينتين قدمت بينة المالك على أحد وجهين رجحه أبو زرعة وغيره ؛ لأن معها زيادة علم بانتقال الملك إلى الآخذ وقال بعضهم الحق التعارض أي فيأتي ما مر عند عدم البينة ، ولو قال المالك قراضا والآخذ قرضا صدق الآخذ كما جزم به بعضهم وترتبت عليه أحكام القرض وخالفه غيره فقال لو اختلفا في القرض والقراض أو الغصب والأمانة صدق المالك قال البغوي ، ولو ادعى المالك القرض والآخذ الوديعة صدق الآخذ ؛ لأن الأصل عدم الضمان وخالفه في الأنوار فقال في الدعاوى فيما لو أبدله الوديعة بالوكالة صدق المالك [ ص: 106 ] والوكالة الوديعة متحدان ؛ لأن الإيداع توكيل والأوجه ما قاله البغوي ثم رأيت أبا زرعة بحثه وكأنه لم يطلع عليه وعلله بأن الأصل براءة ذمته والأصل عدم انتقال الملك عن الدافع وعدم الصيغة من الجانبين المشترطة في القرض دون الوديعة ثم استدل بما مر أول القرض أنهما لو اختلفا في ذكر البدل صدق الآخذ وبقول الروضة لو بعث لبيت من لا دين له عليه شيئا ثم قال بعثته بعوض صدق المبعوث إليه وما نحن فيه أولى وإنما صدق مطعم مضطر في أنه بعوض حملا للناس على هذه المكرمة العظيمة وإبقاء النفوس وأيضا الأصل هنا عدم انتقال الملك بخلافه ثم ( ، وكذا ) يصدق في ( دعوى الرد في الأصح ) كالوكيل بجعل ؛ لأنه أخذ العين لمنفعة المالك ، وانتفاعه هو ليس بها بل بالعمل فيها وبه فارق المرتهن والمستأجر ، ولو ادعى تلفا أو ردا ثم أكذب نفسه ثم ادعى أحدهما وأمكن قبل كما لو ادعى الربح ثم أكذب نفسه ثم قال خسرت وأمكن .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فتلف بعضه ) انظر مفهومه ( قوله ضمنه ) ظاهره ، وإن علم المالك عجزه وفيه شيء لتفريط المالك بتسليمه مع علمه ثم رأيته في شرح الإرشاد قال أي ، وإن جهل المالك كما هو ظاهر انتهى [ ص: 105 ] ولا يخفى أن حالة الجهل أولى بالضمان فالمبالغة بها غير ظاهرة فليتأمل ( قوله وخالفهما الزركشي فرجح تصديق المالك وتبعه غير واحد ) وجزم به في الروض وأفتى به شيخنا الرملي واعتمده ولده قال في شرحه وشهد لذلك قول الشيخين قبل ذلك أنه لو ادعى العامل القراض والمالك التوكيل صدق المالك بيمينه أي ولا أجرة للعامل نعم إن أقاما بينتين قدمت بينة العامل ؛ لأن معها زيادة علم . انتهى وقوله إن أقاما بينتين أي في هذه الصورة وفي دعوى العامل القراض والمالك التوكيل وقوله زيادة علم أي بوجوب الأجرة كذا قرره ( قوله أما قبل التلف فيصدق المالك إلخ ) فالحاصل على ترجيح الزركشي أن المصدق المالك مطلقا قبل التلف وبعده

                                                                                                                              ( قوله : ولو أقاما في مسألة القرض والقراض بينتين ) أي بعد التلف كما فرضه في ذلك في الروض وغيره ( قوله رجحه أبو زرعة ) واعتمده م ر ( قوله أي فيأتي ما مر عند عدم البينة ) أي من تصديق العامل أو المالك ( قوله صدق الآخذ كما جزم به بعضهم ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي واعتمده ولده ، وكذا أفتى به الجلال السيوطي فقال الذي يظهر تصديق العامل ؛ لأن معه يدا وبلغني أنه منقول عن المالكية كذلك . انتهى لكن قد يخدش تعليله تسليمه أن يده ناشئة عن دفع المالك إليه وأنه في الأصل مال المالك وأفتى أيضا شيخنا الشهاب الرملي بأنه لا أجرة ولا يقبل قوله في الرد مؤاخذة له بمقتضى دعواه . انتهى ويوافق ذلك قول الشارح ويترتب عليه أحكام القرض إذ لا أجرة للمقترض ولا يقبل قوله في الرد نعم قد يشكل على ذلك أن مقتضى قول المالك قبول قوله في الرد فكيف يسوغ له مطالبته بالرد وتغريمه مع ذلك إلا أن يقال إن إقراره بكونه قراضا الذي كان مقتضاه ذلك قد سقط بإنكار الآخذ واعلم أن هذا مصور بالاختلاف مع بقاء المال بخلاف ما تقدم فيما لو ادعى المالك القرض والآخذ القراض عن الزركشي وغيره من تصديق المالك فإنه فيما بعد التلف كما تقدم فلو كان الاختلاف هنا بعد التلف فالآخذ مقر بالبدل لمنكره كما هو ظاهر

                                                                                                                              ( قوله صدق الآخذ ) فلو أقاما بينتين اتجه تقديم بينة الآخذ ؛ لأن معها زيادة علم على قياس ما تقدم عن أبي زرعة وغيره ( قوله وخالفه في الأنوار إلخ ) [ ص: 106 ] اعتمد هذا م ر ( قوله والأوجه ما قاله البغوي ) مشى في آخر العارية على خلاف ما قاله البغوي ( قوله كما لو ادعى الربح إلخ ) ، وإن أقر بربح ثم ادعى غلطا أو كذبا لم يقبل قاله في الروض وقد تقدم هذا في الشرح بزيادة .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله في جنس ) إلى قوله كما مر في المغني وإلى قوله ، ولو ادعى المالك في النهاية والمراد بالجنس ما يشمل الصفة ( قوله أو قدر رأس المال ، وإن كان إلخ ) فلو قارض اثنين على أن نصف الربح له والباقي بينهما بالسوية فربحا وأحضرا ثلاثة آلاف فقال المالك رأس المال ألفان وصدقه أحدهما وأنكر الآخر وحلف أنه ألف فله خمسمائة ؛ لأنها نصيبه بزعمه وللمالك ألفان عن رأس المال لاتفاقه مع المعترف عليه وثلثا خمسمائة عن الربح والباقي منها للمقر لاتفاقهم على أن ما يأخذه المالك من الربح مثلا ما يأخذه كل من العاملين وما أخذه المنكر كالتالف ، ولو أحضر ألفين أخذ المنكر ربع الألف الزائد على ما أقر به ؛ لأنه نصيبه بزعمه والباقي يأخذه المالك نهاية وروض وبهجة مع شرحهما ، وكذا في المغني إلا قولهم ولو أحضرا إلخ قال ع ش قوله م ر والباقي يأخذه إلخ أي ولا شيء للمقر . ا هـ قول المتن ( ودعوى التلف ) شامل لما لو ادعى تلفه ثم اعترف ببقائه ثم ادعى تلفه . ا هـ نهاية ( قوله على التفصيل الآتي إلخ ) عبارة المنهج هناك وحلف في ردها على مؤتمنه وفي تلفها مطلقا أو بسبب خفي كسرقة أو ظاهر كحريق عرف دون عمومه فإن عرف عمومه واتهم فكذلك ، وإن لم يتهم صدق بلا يمين وإن جهل طولب ببينة ثم يحلف أنها تلفت به . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله الآتي في الوديعة ) ومنه أنه إذا لم يذكر سببا أو ذكر سببا خفيا صدق بيمينه لكن هل من السبب الخفي ما لو ادعى موت الحيوان أم لا فيه نظر ولا يبعد أنه إن غلب حصول العلم به لأهل محلته كموت جمل في قرية أو محلة كان من الظاهر فلا يقبل قوله إلا ببينة ، وإلا كأن كان ببرية أو كان الحيوان صغيرا لا يعلم موته عادة كدجاجة قبل قوله : لأنه من الخفي . ا هـ ع ش ( قوله كأن خلط إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه ، وإن قارضه على مالين في عقدين فخلطهما ضمن لتعديه في المال بل إن شرط في العقد الثاني بعد التصرف في المال الأول ضم الثاني إلى الأول فسد القراض الثاني وامتنع الخلط ؛ لأن الأول استقر حكمه ربحا وخسرانا وإن شرط قبل التصرف صح وجاز الخلط وكأنه دفعهما معا نعم إن شرط الربح فيهما مختلفا امتنع الخلط ويضمن العامل أيضا لو خلط مال القراض بماله أو قارضه اثنان فخلط مال أحدهما بمال الآخر ولا ينعزل بذلك عن التصرف كما قاله الإمام عن الأصحاب . ا هـ

                                                                                                                              وعبارة الأنوار ، ولو دفع ألفا قراضا ثم ألفا قراضا وقال ضمه إلى الأول فإن لم يتصرف بعد فكالدفع معا وإن تصرف فسد القراض في الآخر والخلط مضمن ولو عقد له عقدا صح ولم يجز الخلط . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لا يتميز به ) أي بسبب الخلط . ا هـ ع ش ( قوله كما مر ) أي في شرح ولا يسافر بالمال ( قوله ما لا يمكن القيام إلخ ) أي بنفسه . ا هـ مغني ( قوله فتلف بعضه ) انظر مفهومه . ا هـ سم ولعل مفهومه أنه إن تلف كله لا يضمن الكل بل البعض الخارج عن قدرته ( قوله فتلف بعضه ) أي بعد عمله فيه كما هو نص البويطي . ا هـ رشيدي

                                                                                                                              ( قوله ضمنه ) ظاهره ، وإن علم المالك عجزه كما صرح به في شرح الإرشاد وفيه شيء لتفريط المالك بتسليمه مع علمه . ا هـ سم عبارة البجيرمي عن شرح المناوي على متن عماد الرضاء في آداب القضاء لشيخ الإسلام وقيده الأذرعي بما إذا ظن المالك قدرته على جميعه أو جهل أما إذا علم فلا ضمان . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وطرد إلخ ) عبارة النهاية وينبغي طرده في الوكيل والوديع والوصي وغيرهم من الأمناء كما قاله الزركشي كالأذرعي وبحث أي الأذرعي أيضا أنه لو كان القراض لغير الدفع دخل المال في ضمان العامل بمجرد أخذه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أنه قرض ) أي فيلزمه مثله و ( قوله والعامل أنه إلخ ) أي فلا يلزمه شيء ( قوله حلف العامل إلخ ) وفاقا لشرحي الروض والمنهج وخلافا للنهاية عبارته صدق المالك بيمينه كما جزم به ابن المقري وجرى عليه القمولي في جواهره وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى خلافا للبغوي وابن الصلاح وقال في الخادم إنه الظاهر ويشهد لذلك قول الشيخين قبل ذلك إنه لو ادعى العامل القراض والمالك التوكيل صدق المالك بيمينه أي ولا أجرة للعامل نعم لو أقاما بينتين فالظاهر تقديم بينة العامل لزيادة علمها . ا هـ

                                                                                                                              قال سم بعد سردها قوله م ر نعم لو أقاما بينتين إلخ أي في هذه الصورة وفي دعوى العامل [ ص: 105 ] القراض والمالك التوكيل وقوله لزيادة علمها أي بوجوب الأجرة كذا قرره م ر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فرجح تصديق المالك إلخ ) وجزم به في الروض وأفتى به شيخنا الرملي واعتمده ولده . ا هـ سم قال البجيرمي وهذا هو المعتمد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أما قبل التلف إلخ ) فالحاصل على ترجيح الزركشي أن المصدق المالك مطلقا قبل التلف وبعده . ا هـ سم ( قوله قبل التلف ) أي وبعد التصرف وظهور الربح أخذا من التعليل ( قوله : وحصته من الربح ) لعل هذا هو محط التعليل ، وإلا فالإذن في التصرف موجود في القرض أيضا ( قوله ما هنا ) أي من تصديق العامل ( قوله في الإجارة ) أي في دعواها و ( قوله في العارية ) أي في دعواها

                                                                                                                              ( قوله : ولو أقاما إلخ ) أي بعد التلف كما فرضه في ذلك في الروض وغيره . ا هـ سم أي كالنهاية ( قوله رجحه أبو زرعة إلخ ) أي وشرح الروض ( قوله أي فيأتي ما مر إلخ ) أي من تصديق العامل أو المالك . ا هـ سم ( قوله : ولو قال المالك إلخ ) عبارة النهاية أما لو كان المال باقيا وقال المالك دفعته قراضا فلي حصة من الربح وقال الآخذ أخذته قرضا صدق الآخذ بيمينه ، والربح له أي جميعه وبدل القرض في ذمته ولا يقبل قوله في دفع المال لربه إلا ببينة كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله صدق الآخذ كما جزم إلخ ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي واعتمده ولده ، وكذا أفتى به الجلال السيوطي وأفتى أيضا شيخنا الشهاب الرملي بأنه لا أجرة له ولا يقبل قوله في الرد مؤاخذة له بمقتضى دعواه يوافق ذلك قول الشارح ويترتب عليه أحكام القرض إذ لا أجرة للمقترض ولا يقبل قوله في الرد واعلم أن هذا مصور بالاختلاف مع بقاء المال بخلاف ما تقدم في مسألة الزركشي فلو كان الاختلاف هنا بعد التلف فالآخذ مقر بالبدل لمنكره كما هو ظاهر فلو أقاما بينتين أي فيما لو كان المال باقيا اتجه تقديم بينة الآخذ ؛ لأن معها زيادة علم على قياس ما تقدم عن أبي زرعة وغيره . ا هـ سم

                                                                                                                              ( قوله فقال ) أي الغير ( لو اختلفا في القرض والقراض ) المتبادر مما قبله بأن يدعي المالك القراض والعامل القرض ( قوله : ولو ادعى المالك القرض والآخذ الوديعة إلخ ) لعله بعد التلف ( قوله وخالفه في الأنوار إلخ ) اعتمد هذا م ر . ا هـ سم ويأتي عن المغني والروض اعتماده أيضا ( قوله فيما لو أبدل إلخ ) أي فيما لو ادعى المالك القرض والآخذ [ ص: 106 ] الوكالة ( قوله والوكالة الوديعة إلخ ) دليل لمخالفة الأنوار ( قوله والأوجه ما قاله البغوي ) مشى في آخر العارية على خلاف ما قاله البغوي . ا هـ سم ( قوله بحثه ) أي ما قاله البغوي من تصديق الآخذ ، وكذا ضمير عليه ( قوله وكأنه إلخ ) أي أبا زرعة وكذا ضمير وعلله المستتر وضمير استدل ( قوله له عليه ) الضمير الأول لمن والثاني للباعث ( قوله هنا ) أي فيما نحن فيه و ( قوله ثم ) أي في مسألة المضطر ( قوله كالوكيل ) إلى الكتاب في النهاية والمغني إلا قوله يجعل وقوله ، ولو ادعى إلى المتن ( قوله وانتفاعه ) أي العامل بالربح ( هو ليس ) أي الانتفاع ( بها ) أي بالعين .




                                                                                                                              الخدمات العلمية