الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 127 ] ( ويشترط ) لصحة الإجارة ( كون الأجرة معلومة ) جنسا وقدرا وصفة إن كانت في الذمة وإلا كفت معاينتها في إجارة العين والذمة نظير ما مر في الثمن ، وجواز الحج بالرزق مستثنى إن قلنا إنه إجارة توسعة في تحصيل هذه العبادة ( فلا تصح ) الإجارة لدار ( بالعمارة ) لها ( و ) لا لدابة بصرف أو بفعل ( العلف ) لها بفتح اللام المعلوف به وبإسكانه كما بخطه المصدر للجهل بهما كآجرتكها بعمارتها أو بدينار على أن تصرف في عمارتها أو علفها للجهل بالمصرف فتصير الأجرة مجهولة فإن صرف وقصد الرجوع بها رجع للإذن مع عدم قصد التبرع وإلا فلا والأوجه أن التعليل بالجهل للأغلب وأن الحكم كذلك وإن علم المصرف كبيع زرع بشرط أن يحصده البائع

                                                                                                                              فالحاصل أنه حيث كان هناك شرط بطلت مطلقا وإلا كآجرتكها بعمارتها فإن عينت صحت وإلا فلا أما إذا أذن له في صرفها بعد العقد من غير [ ص: 128 ] شرط فيه وتبرع به المستأجر فيجوز واغتفر اتحاد القابض والمقبض فيه للحاجة على أنه في الحقيقة لا اتحاد تنزيلا للقابض من المستأجر وإن لم يكن معينا منزلة الوكيل على المؤجر وكالة ضمنية ويصدق المستأجر في أصل الإنفاق وقدره كما رجحه السبكي ؛ لأنه ائتمنه ويتعين تقييده بما إذا ادعى قدرا لائقا عادة نظير ما يأتي في الوصي بل أولى وإلا احتاج لبينة على أنه اعترض بقولهم لو قال الوكيل أتيت بالتصرف المأذون فيه وأنكر الموكل صدق الموكل ، ويرد بأنه ثم لا خارج يصدق الوكيل والأصل عدمه وهنا الخارج وهو وجود العمارة واستغناء الدابة مدة عن إنفاق مالكها عليها يصدق المستأجر فلا جامع بين البابين ولا تكفي شهادة الصناع له أنه صرف على أيديهم كذا لأنهم وكلاؤه ، ولو اكترى نحو حمام مدة يعلم عادة تعطلها فيها لنحو عمارة فإن شرط احتساب مدة التعطيل من الإجارة وجهلت فسدت [ ص: 129 ] وإلا ففيها وفيما بعدها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وإلا كفت معاينتها ) والمعلومة شاملة لها ( قوله نظير ما مر في الثمن ) ويؤخذ من تشبيهها بالثمن أنها لو حلت وقد تغير النقد وجب من نقد يوم العقد لا يوم العمل ، ولو في الجعالة إذ العبرة في الأجرة حيث كانت نقدا بنقد بلد العقد وقته فإن كان ببادية اعتبر أقرب البلاد إليها كما بحثه الأذرعي والعبرة في أجرة المثل في الفاسد بموضع إتلاف المنفعة نقدا أو وزنا شرح م ر

                                                                                                                              ( قوله إن قلنا إنه إجارة إلخ ) على أنه ليس بإجارة كما اقتضاه كلام الروضة كالشرح الصغير خلافا للولي العراقي وهو نوع من التراضي والمعونة فهو جعالة اغتفر فيها الجهل بالجعل كمسألة الصلح شرح م ر ( قوله كآجرتكها بعمارتها ) انظر هذا مع قوله الآتي وإلا كآجرتكها إلا أن يكون هذا إذا لم تعين العمارة ( قوله كآجرتكها بعمارتها أو بدينار إلخ ) كذا م ر إلخ ( قوله والأوجه ) أي وفاقا لتنظير ابن الرفعة [ ص: 128 ] قوله واغتفر اتحاد القابض والمقبض للحاجة إلخ ) ويؤخذ من ذلك صحة ما جرت به العادة في زمننا من تسويغ الناظر للمستحق باستحقاقه على ساكن الوقف فيما يظهر شرح م ر ( قوله تنزيلا إلخ ) قد يقال قبض البناء مثلا أجرته من المستأجر يتضمن الاتحاد المذكور ؛ لأنه مقبض عن المؤجر ويقبض لنفسه من نفسه ( قوله تنزيلا للقابض ) أي القابض إذا علف بنفسه ( قوله ويتعين تقييده إلخ ) عبارة شرح الروض أشبههما أي القولين في الأنوار المنفق أي تصديقه إن ادعى محتملا وبه جزم ابن الصباغ وغيره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويرد بأنه ثم لا خارج إلخ ) قضية هذا الفرق أنه لو كان الموكل فيه نحو عمارة بمال دفعه إليه واختلفا بعد وجود عمارة بالصفة المأمور بها صدق الوكيل ( قوله ولا تكفي شهادة الصناع له إلخ ) أفتى به شيخنا الشهاب الرملي ثم إن أريد بالصناع القابض من المستأجر السابق في قوله تنزيلا للقابض إلخ ينافي قوله لأنهم وكلاؤه مع قوله السابق في قوله [ ص: 129 ] تنزيلا للقابض منزلة الوكيل عن المؤجر ، وإن أريد بهم غيره فليحرر ( قوله وإلا ففيها ) أي وإن لم تجهل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله لصحة الإجارة ) إلى قول المتن ولا ليسلخ في النهاية ( قوله جنسا ) إلى قوله وجواز الحج في المغني ( قوله وإلا ) أي بأن كانت معينة ( قوله معاينتها ) أي مشاهدتها ( قوله نظير ما مر في الثمن ) ويؤخذ من تشبيهها بالثمن أنها لو حلت وقد تغير النقد وجب من نقد يوم العقد لا يوم تمام العمل ، ولو في الجعالة إذ العبرة في الأجرة حيث كانت نقدا بنقد بلد العقد وقته فإن كان ببادية اعتبر أقرب البلاد إليها كما بحثه الأذرعي والعبرة في أجرة المثل في الفاسدة بموضع إتلاف المنفعة نقدا ووزنا ا هـ نهاية قال الرشيدي و ع ش قوله ولو في الجعالة الأولى كالجعالة ا هـ ( قوله إن قلنا إنه إجارة إلخ ) على أنه ليس بإجارة كما اقتضاه كلام الروضة كالشرح الصغير ، بل نوع جعالة يغتفر فيها الجهل بالجعل كمسألة العلج نهاية ومغني قول المتن ( بالعمارة ) بأن آجرها بعمارتها أو بدراهم معلومة على أن تعمرها بها ا هـ شرح الروض وإلى هذين التصويرين أشار الشارح بقوله كآجرتكها إلخ ( قوله بصرف أو بفعل العلف ) إضافة الصرف من إضافة المصدر إلى مفعوله وإضافة الفعل من إضافة الأعم إلى الأخص المعروفة بالإضافة للبيان ( قوله بفتح اللام إلخ ) نشر على ترتيب اللف ( للجهل بهما ) أي بالعمارة والعلف ( قوله كآجرتكها بعمارتها ) أي إذا لم تعين العمارة لما يأتي من قوله فإن عينت إلخ سم و ع ش

                                                                                                                              ( قوله أو علفها ) عطفه على عمارتها الأول من عطفه على الثاني ، ولو قال أو بعلفها أو بدينار على أن تصرفه في علفها لكان واضحا ( قوله للجهل بالصرف إلخ ) علة للعلة فلو اقتصر عليه كما في المغني لكان حسنا عبارته ؛ لأن العمل بعض الأجرة وهو مجهول فتصير الأجرة مجهولة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بالصرف ) أي العمل وقوله فتصير الأجرة مجهولة أي لأنها مجموع الدينار والصرف والمجهول إذا انضم إلى معلوم صيره مجهولا ا هـ رشيدي ( قوله فإن صرف وقصد إلخ ) ظاهره أنه لا فرق في الرجوع عند نبته بين كون الآذن مالكا أو غيره كولي المحجور عليه وناظر الوقف والظاهر أن المستأجر يرجع بما صرفه جاهلا بالفساد على الولي والناظر ولا رجوع لهما على جهة المحجور والوقف مطلقا ؛ لأنه لا ينبغي لهما الإذن في الفاسد ا هـ ع ش ( قوله رجع ) أي بالمصروف وبأجرة عمله ا هـ رشيدي ( قوله وإلا ) أي إن لم يقصد الرجوع ( قوله كذلك ) أي عدم الصحة ( قوله وإن علم إلخ ) غاية ( قوله كبيع زرع إلخ ) أي قياسا عليه فإنه باطل ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله هناك شرط ) أي ولو بالقوة كقوله آجرتكها بدينار على أن تصرفه إلخ ا هـ ع ش ( مطلقا ) أي سواء علم الصرف أو جهله فعلة البطلان الشرط لا الجهل ا هـ كردي ( قوله وإلا ) أي إن لم يكن شرط في العقد ( قوله بعمارتها ) أي أو بعلفها ( قوله فإن عينت ) أي العمارة كآجرتكها بعمارة هذا المحل على كيفية كذا ا هـ ع ش ( قوله أما إذا ) إلى قوله على أنه في المغني ( قوله في صرفها ) أي الأجرة و ( قوله بعد العقد ) متعلق بقوله [ ص: 128 ] أذن و ( قوله فيه ) أي في صلب العقد ( قوله وتبرع به ) أي بالصرف أي العمل ا هـ رشيدي و ع ش ( قوله فيجوز ) أي سواء كان ذلك في الملك أو الوقف ا هـ ع ش ( قوله واغتفر اتحاد إلخ ) عبارة المغني وشرح الروض والبهجة والمنهج قال ابن الرفعة ولم يخرجوه على اتحاد القابض والمقبض لوقوعه ضمنا ا هـ

                                                                                                                              ( قوله اتحاد القابض والمقبض ) لأن المستأجر مقبض عن نفسه وقابض عن المؤجر عبارة الرشيدي لأنه أي المستأجر كأنه أقبض المؤجر ثم قبض منه للصرف ا هـ ( قوله للحاجة ) ويؤخذ من ذلك صحة ما جرت به العادة في زمننا من تسويغ الناظر للمستحق باستحقاقه على ساكن الوقف فيما يظهر شرح م ر ا هـ سم قال ع ش قوله م ر من ذلك أي من الاكتفاء بالإذن للمستأجر في الصرف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله للقابض من المستأجر إلخ ) قد يقال قبض البناء مثلا أجرته من المستأجر يتضمن الاتحاد المذكور ؛ لأنه مقبض عن جهة المؤجر فيقبض لنفسه من نفسه ا هـ سم عبارة ع ش فيه أن تنزيله منزلة الوكيل يصحح قبضه عن الناظر فيكون في يده أمانة للناظر ودخوله في ملكه يستلزم كونه قابضا عن الناظر مقبضا لنفسه فلم ينتف الاتحاد المذكور ا هـ وقد يقال أيضا إن هذا التنزيل لا يتأتى في مسألة الدابة إذا كانت الأجرة علفا معينا للمستأجر ( قوله ويصدق إلخ ) إلى قوله نظير إلخ في المغني وشرحي الروض والبهجة

                                                                                                                              ( قوله ويصدق المستأجر إلخ ) هو ظاهر حيث كانت الإجارة من المالك أما ناظر الوقف إذا وقع منه مثل ذلك ففي تصديق المستأجر فيما صرفه نظر فليراجع ؛ لأن تصديقه ليس في مملوك له ، بل تصديق على صرف مال الوقف وقد لا يكون المستأجر فيه صادقا ا هـ ع ش ( قوله على أنه إلخ ) عبارة النهاية ولا ينافيه قولهم لو قال إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ثم لا خارج إلخ ) عبارة النهاية ليس هناك شيء في الخارج يحال عليه قول الوكيل والأصل إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وهنا الخارج إلخ ) قضية هذا الفرق أنه لو كان الموكل فيه نحو عمارة بمال دفعه إليه واختلفا بعد وجود عمارة بالصفة المأمور بها صدق الوكيل سم على حج أقول وهو ظاهر ا هـ ع ش ( قوله بين البابين ) أي المسألتين ( قوله شهادة الصناع إلخ ) إن أريد بالصناع القابض من المستأجر السابق في قوله تنزيلا للقابض إلخ ينافي قوله لأنهم وكلاؤه مع قوله السابق المذكور وإن أريد بهم غيره فليحرر ا هـ سم عبارة السيد عمر قوله لأنهم وكلاؤه تأمل الجمع بينه وبين قوله آنفا على أنه في الحقيقة لا اتحاد تنزيلا للقابض إلخ ا هـ

                                                                                                                              ( قوله على أيديهم كذا ) المراد على عملهم ومن ثم علله بقوله لأنهم وكلاؤه أي فهي شهادة على فعل أنفسهم بخلاف ما لو شهدوا بأنه صرف كذا فإنها تقبل إلا إن علم الحاكم أنهم يعنون أنفسهم قاله الزيادي ا هـ رشيدي عبارة ع ش قوله على أيديهم أي لأنفسهم أما لو شهدوا بأنه اشترى الآلة التي بنى بها بكذا وكانوا عدولا أو شهد بعضهم لغيره بأنه دفع له كذا عن أجرته لم يمتنع أو شهدوا بأنه صرف على عمارة المحل ولم يضيفوا ذلك لأنفسهم فيقبل القابض شهادتهم ما لم يعلم أنهم يعنون أنفسهم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله يعلم عادة إلخ ) قضيته أنه لو لم يعلم ثم طرأ ما يوجب تعطلها لم تنفسخ وهو كذلك ا هـ ع ش ( قوله تعطلها ) لعل التأنيث بتأويل العين ا هـ سيد عمر ( قوله من الإجارة ) انظر ما مفهوم هذا الشرط عبارة العباب لو آجر حماما على أن مدة تعطله محسوبة على المستأجر بمعنى انحصار الأجرة في الباقي أو على المؤجر بمعنى استيفاء مثلها بعد المدة فسدت لجهل نهاية المدة فإن علمت بعادة أو تقدير كتعطل شهر كذا للعمارة بطلت في تلك المدة [ ص: 129 ] وما بعده وصح فيما اتصل بالعقد انتهت ا هـ رشيدي

                                                                                                                              ( قوله وإلا ففيها ) أي وإن لم يكن الأمر كما ذكر بأن لم تشترط أو شرطت وعلمت ا هـ سيد عمر ( قوله ففيها ) أي فتبطل فيها إلخ وطريق الصحة تجديد العقد فيما بقي من المدة بأجرة معلومة ا هـ ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية