الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويجوز كراء العقب ) بضم العين جمع عقبة أي نوبة ؛ لأن كلا يعقب صاحبه وفي حديث البيهقي { من مشى عن راحلته عقبة فكأنما أعتق رقبة } وفسروها بستة أميال ولعله وضعها لغة ولا يتقيد ما هنا بذلك ( وفي الأصح ) وخرج بإجارة العين التي الكلام فيها إجارة الذمة فتصح اتفاقا لما مر أن التأجيل فيها جائز ( وهو أن يؤجر دابة رجلا ليركبها بعض الطريق ) ويمشي بعضها أو يركبها المالك تناوبا ( أو ) يؤجرها ( رجلين ليركب هذا أياما وذا أياما ) تناوبا ومن ذلك آجرتك نصفها لمحل كذا أو كلها لتركبها نصف الطريق فيصح كبيع المشاع ( ويبين البعضين ) في الصورتين كنصف أو ربع ما لم تكن هناك عادة معروفة مضبوطة بالزمن أو المسافة كيوم ويوم أو فرسخ وفرسخ وإلا حمل عليها والمحسوب في الزمن زمن السير لا زمن النزول لنحو استراحة أو علف [ ص: 141 ]

                                                                                                                              ( ثم ) بعد صحة الإجارة ( يقتسمان ) البعضين بالتراضي فإن تنازعا في البادئ أقرع ، وذلك لملكهما المنفعة معا ويغتفر التأخير الواقع لضرورة القسمة نعم شرط الأولى أن يتقدم ركوب المستأجر وإلا بطلت لتعلقها بالمستقبل والقن كالدابة واغتفر فيهما ذلك دون نظيره في نحو دار وثوب لإطاقتهما دوام العمل وقضية قوله أياما جواز جعل النوبة ثلاثة أيام فأكثر كأن يتفقا على ذلك وإن خالف العادة أو ما اتفقا عليه في العقد وهو كذلك ما لم يضر بالبهيمة وعليه يحمل كلام الروضة وغيرها أو بالماشي وفي توجيه النص المنع عند طلب أحدهما للثلاث ما يوافق ذلك فإنه قال إن ذلك إضرار بالماشي والمركوب ؛ لأنه إذا ركب وهو غير تعب خف على المركوب ، وإذا ركب بعد كلال وتعب وقع على المركوب كالميت ا هـ ويؤخذ منه أنه لا بد من رضا مالك الدابة بذلك أخذا من قولهم لا يجوز النوم على الدابة في غير وقته ؛ لأن النائم يثقل وأنه لو مات المحمول لم يجبر مالك الدابة على ما يأتي ، ولو استأجراها ولم يتعرضا للتعاقب فإن احتملتهما ركباها معا وإلا تهايآ فإن تنازعا فيمن يبدأ أقرع .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن ثم يقتسمان ) قال في الروض ولو أجره معاقبة ليركب المكتري أولا صح لا عكسه قال في شرحه وقوله من زيادته ليركب المكتري أولا قاصر ، بل لو سكتا عنه أو قالا ليركب أحدنا أو نحوه صح ثم يقتسمان ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نعم شرط الأولى أن يتقدم ركوب المستأجر ) ظاهره اعتبار ركوبه بالفعل والمتجه خلافه كما قد يدل عليه التعليل ، بل المتجه أنه إذا شرط في العقد ركوب المستأجر أولا أو اقتسما بعد العقد وجعلا توبة المستأجر أولا فسامح كل الآخر بنوبته جاز فليتأمل ( قوله ويؤخذ منه أنه لا بد من رضا مالك الدابة إلخ ) كذا شرح م ر وقد يقال يغني عن هذا قوله السابق ما لم يضر بالبهيمة ( قوله وأنه لو مات المحمول ) انظر لو مرض .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله جمع عقبة ) بضم العين ا هـ مغني ( قوله من مشى إلخ ) أي قاصدا إراحتها و ( قوله وفسروها ) أي العقبة ا هـ ع ش ( قوله وخرج بإجارة العين إلخ ) كان الأولى تأخيره عن تمام المسألة ا هـ رشيدي ( قوله وخرج ) إلى قوله وفي توجيه النص في المغني ( قوله لما مر ) أي في المتن عن قريب ( قوله ويمشي بعضها إلخ ) والأولى وتمشي بحالها بعضها أو يركبها المالك فيه ( قوله أو يركبه ) فيه حذف وإيصال والأصل أو يركب فيه أي بعضها الآخر ( قوله لتركبها نصف الطريق ) أي ثم إن كان ثم مراحل معلومة حمل عليها وإلا اشترط بيان ما يمشيه وما يركبه ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله وإلا حمل ) أي وإن كان هناك عادة مضبوطة كفى الإطلاق [ ص: 141 ] ويحمل عليها قول المتن ( يقتسمان ) أي المكتري والمكري في الأولى والمكتريان في الثانية ا هـ مغني ( قوله بالتراضي ) على الوجه المبين أو المعتاد ا هـ مغني ( قوله نعم شرط الأولى إلخ ) عبارة المغني والأسنى عقب قول المتن ليركبها بعض الطريق نصها والمؤجر البعض الآخر تناوبا مع عدم شرط البداءة بالمؤجر سواء شرطا للمستأجر أم أطلقا أو قالا ليركب أحدنا أما إذا اشترط أن يركبها المؤجر أولا فإن العقد باطل في إجارة العين ا هـ وأقره سم ( قوله نعم شرط الأولى ) وهو قول المتن أن يؤجر دابة رجلا و ( قوله أن يتقدم ركوب المستأجر ) أي يتقدم ركوبه على مشيه أو على ركوب المالك ا هـ كردي ( قوله أن يتقدم ركوب المستأجر إلخ ) ظاهره اعتبار ركوبه بالفعل والمتجه خلافه كما قد يدل عليه التعليل ، بل المتجه أنه إذا شرط في العقد ركوب المستأجر أولا أو اقتسما بعد العقد وجعل نوبة المستأجر أولا فسامح كل الآخر بنوبته جاز فليتأمل سم على حج ا هـ ع ش ورشيدي

                                                                                                                              أقول بل المدار كما مر عن المغني والأسنى آنفا على أن لا يشترط في العقد ركوب المؤجر أولا ( قوله ذلك ) أي كراء العقب ( قوله لإطاقتهما ) لعل صوابه لعدم إطاقتهما عبارة النهاية والمغني والروض مع شرحه ، ولو آجره حانوتا أو نحوه لينتفع به الأيام دون الليالي أو عكسه لم يصح لعدم اتصال زمن الانتفاع بعضه ببعض بخلاف العبد والدابة فيصح ؛ لأنهما عند الإطلاق للإجارة يرفهان في الليل أو غيره على العادة لعدم إطاقتهما العمل دائما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن خالف إلخ ) غاية ( قوله أو ما اتفقا عليه إلخ ) عطف على العادة ( قوله وهو ) أي الجواز الذي اقتضاه ( قوله أياما كذلك ) أي ظاهر ( قوله وعليه ) أي الضرر ( يحمل كلام الروضة إلخ ) أي بعدم الجواز ( قوله أو بالماشي ) عطف على قوله بالبهيمة ( قوله وفي توجيه النص ) من إضافة المصدر إلى فاعله و ( قوله المنع ) مفعوله ( قوله لثلاث ) الأولى للثلاثة بالتاء

                                                                                                                              ( قوله فإنه قال ) أي الشافعي رضي الله تعالى عنه ( قوله لأن ذلك ) أي الركوب ثلاثة أيام والمشي ثلاثة أيام ( قوله ويؤخذ منه ) أي من التوجيه ( أنه لا بد إلخ ) قد يقال يغني عن هذا قوله السابق ما لم يضر بالبهيمة سم على حج ا هـ ع ش ورشيدي ( قوله أخذا إلخ ) انظر ما متعلقه ولعل الأولى أن يقول ويفيده أيضا قولهم إلخ ( قوله وأنه لو مات المحمول إلخ ) انظر لو مرض سم على حج والظاهر أن المرض مثل الموت كما يؤخذ من توجيه النص السابق آنفا ا هـ ع ش ولك أن تقول إن اقتصارهم على الموت يفهم أن المرض بخلافه والفرق ظاهر ( قوله على ما يأتي ) أي قبيل قول المتن ، ولو اكترى جمالا ( قوله ولو استأجراها ) إلى الفصل في المغني والروض مع شرحه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية