الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإذا تيمم ) من ذكر ، وقد صلى فرضا بعد تيممه وغسل صحيحه كما مر ( لفرض ثان ) لما يأتي أنه لا يؤدى بالتيمم إلا فرض ( ولم يحدث ) يعني ولم يبطل تيممه ( لم يعد الجنب غسلا ) لشيء من بدنه لبقاء طهره كما يأتي ( ويعيد المحدث ) غسل ( ما بعد عليله ) لبطلان طهر العليل ويلزمه بطلان ما بعده عملا بقضية الترتيب الواجب على المحدث دون الجنب ويرده ما يأتي أن طهارته باقية بدليل أنه يتنفل به

                                                                                                                              ( وقيل يستأنفان ) أي الجنب والمحدث لتركب طهرهما من أصل وبدل فإذا بطل البدل بطل الأصل كنزع الخف بناء على الضعيف أن فيه الوضوء ( وقيل المحدث كجنب ) فلا يحتاج إلى إعادة غسل ما بعد عليله لبقاء طهر العليل بدليل صحة تنفله كما تقرر ، وإنما وجبت إعادة تيممه المتحد أو المتعدد لضعفه عن أداء فرض ثان به فإن قلت قياس سقوط الترتيب في هذه الطهارة الثانية لما تقرر من بقاء طهره الأول بدليل التنفل به أن لا تجب إعادة التيمم المتعدد في الأولى بل يكفي تيمم واحد ؛ لأن تعدده فيها إنما كان لضرورة الترتيب ، وقد سقط في الثانية فتعدده فيها الذي جزم به في شرح الروض جزم المذهب إنما يناسب مصحح الرافعي قلت هذا القياس له وجه وإن أمكن الجواب عنه بأن الأصل فيما وجب في الأولى أن يجب في الثانية سقط الماء لبقاء طهره فبقي التيمم المتعدد بحاله ؛ لأن العلة في إيجابه نقصه عن أداء فرض ثان به

                                                                                                                              وقد مر في الوضوء المجدد أنه في نحو النية كالأصل عملا بمقتضى التجديد أنه حكاية الأول بصفته وهذا مقرب لما هنا فوجوب تعدد التيمم هنا إنما هو لتوجه [ ص: 351 ] حكاية الأول فلم ينظر لكون التيمم الواحد يكفي فتأمله ( قلت هذا الثالث أصح والله أعلم ) ووجهه واضح كما علمته مما تقرر فيه خلافا لمن نازع فيه أما إذا أحدث أو بطل تيممه فإنه يعيد جميع ما مر ، ولو برئ أعاد المحدث غسل عليله وما بعده [ ص: 352 ] وما صلاه جاهلا به أو توهمه فأزال اللصوق ولم يظهر من الصحيح ما يجب غسله لم يبطل تيممه ، وإنما بطل بتوهم الماء ؛ لأنه يوجب طلبه والبحث عنه ولا كذلك توهم البرء لو سقطت جبيرته في صلاته بطلت كنزع الخف ومحله ما إذا بان شيء مما يجب غسله ، إذ لا يمكن بقاؤها مع وجوب غسل ما ظهر ، وكذا ما بعده في الحدث الأصغر أو ما إذا تردد في بطلان تيممه وطال التردد أو مضى معه ركن ، ثم إن علم البرء بطل تيممه أيضا وإلا فلا وبما تقرر من أن ملحظ بطلان الصلاة غير ملحظ بطلان التيمم اندفع قول بعضهم لا أثر لظهور شيء من الصحيح في بطلان التيمم ؛ لأنه عن العليل ووجه اندفاعه أننا لم نجعل هذا الظهور سببا لبطلان التيمم بل لبطلان الصلاة وملحظهما مختلف كما تقرر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله لم يعد الجنب غسلا ) قال في المنهج ولا مسحا ا هـ أي بحدث أو غيره كردة . ( قوله في الأولى ) أي في الطهارة الأولى وقوله بل يكفي تيمم واحد هو ما اعتمده [ ص: 351 ] شيخنا الشهاب الرملي فقال يكفي تيمم واحد . ( قوله فإنه يعيد جميع ما مر ) هو مشكل مع قوله أو بطل تيممه ، إذ يدخل فيه البطلان بالردة مع أنه لا يعيد غسل الأعضاء ، إذ الردة لا تبطله كما صرحوا به وهل تبطل مسح الجبيرة فيه نظر . ( قوله فإنه يعيد جميع ما مر ) لا يخفى إشكاله في الجنب فإنه لا يعيد جميع ما مر ، إذ منه غسل صحيح بدنه وهو لا يعيده جميعه بل يغسل بعضه وهو أعضاء الوضوء وعن الحدث الأصغر فليتأمل ومنه أيضا مسح الساتر في غير أعضاء الوضوء والظاهر أنه لا يعيده ؛ لأنه رفع منه جنابة ما تحته من الصحيح رفعا مقيدا بمدة عدم نزع الخف وأيضا فمسحه قائم مقام الغسل بدليل أنه ما لم يحدث لا يعيد لكل فرض سوى التيمم فقط ، ولو لم يقم مقام الغسل لوجبت إعادته لكل فرض والحدث الأصغر لا يؤثر في طهارة غير أعضائه ولهذا أطلق المحلي وغيره قولهم فيما إذا أحدث وإن كانت العلة بغير أعضاء الوضوء تيمم الجنب مع الوضوء للجنابة انتهى فلم يتعرضوا لمسح الساتر فتأمل وقولهم تيمم الجنب مع الوضوء لا ينافي قول الروض وإن اغتسل الجنب وتيمم عن جراحته في غير أعضاء الوضوء ، ثم أحدث بعد فرضه لم يبطل حكم تيممه فيتوضأ ويصلي بوضوئه ما شاء من النوافل انتهى ؛ لأن كلامهم بالنسبة للفرض وقوله أعاد المحدث غسل عليله فيه نظر ؛ لأنه إن أراد بعليله العضو المعتل بعضه فلا وجه لإعادة جميعه لارتفاع حدث صحيحه بغسل السابق وإن أراد به القدر المعتل منه فلا وجه [ ص: 352 ] للتعبير بالإعادة إذا لم يغسل فيما سبق فليتأمل . ( قوله أو توهمه ) أي البرء . ( قوله لم تجعل إلخ ) انظر هذا مع المفهوم من قوله ولم يظهر من الصحيح ما يجب غسله لم يبطل تيممه من أنه إذا ظهر بطل فقد جعل الظهور سببا لبطلانه فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله من ذكر ) إلى قوله فإن قلت في النهاية والمغني إلا قوله أو لمتعدد . ( قوله من ذكر إلخ ) أي من على عليله ساتر عبارة النهاية والمغني من غسل الصحيح وتيمم عن الجرح وأدى فريضته ا هـ وهي أولى . ( قوله كما مر ) أي في مراعاة المحدث للترتيب وتعدد التيمم بتعدد العضو العليل ومسح كل جبيرة لا يمكن نزعها وإمساس الماء ما تعذر غسله مما تحتها قول المتن ( لفرض ثان ) أي وثالث وهكذا نهاية ومغني . ( قوله ولم يبطل تيممه ) أي بحدث أو غيره كردة سم قول المتن ( لم يعد الجنب ) أي ونحوه غسلا أي ولا مسحا منهج ونهاية ومغني . ( قوله ويلزمه ) أي بطلان طهر العليل بطلان إلخ فإذا كانت الجراحة في اليد تيمم وأعاد مسح الرأس ، ثم غسل الرجلين نهاية . ( قوله عملا بقضية الترتيب إلخ ) كما لو نسي من أعضاء الوضوء لمعة مغني . ( قوله أو المتعدد ) خلافا للنهاية والمغني . ( قوله لما تقرر ) متعلق بسقوط إلخ وقوله بدليل إلخ متعلق ببقاء طهره إلخ وقوله أن لا تجب إلخ خبر قوله قياس إلخ . ( قوله في الأولى ) أي في الطهارة الأولى صفة التيمم المتعدد . ( قوله بل يكفي تيمم واحد ) اعتمده النهاية والمغني وفاقا للشهاب الرملي ( قوله فتعدده فيها ) أي في الطهارة الثانية . ( قوله مصحح الرافعي ) أي بقوله السابق ويعيد المحدث ما بعد عليله . ( قوله سقط الماء ) أي غسل ما بعد عليله . ( قوله في إيجابه ) أي التيمم من حيث هو . ( قوله أنه إلخ ) فاعل مر والضمير للوضوء المجدد وقوله أنه حكاية إلخ بيان لمقتضى التجديد . ( قوله وهذا ) .

                                                                                                                              [ ص: 351 ] أي ما مر في الوضوء وقوله لما هنا أي من وجوب إعادة التيمم المتعدد وقوله هنا أي في الطهارة الثانية ( قوله حكاية الأول ) الظاهر التأنيث . ( قوله قلت هذا الثالث أصح ) أي فيعيد كل منهما التيمم فقط مغني . ( قوله ووجهه ) إلى قوله أو ما إذا تردد في المغني إلا قوله أو بطل تيممه وإلى الفصل في النهاية إلا ذلك القول . ( قوله ووجهه إلخ ) عبارة النهاية وهو قول الأكثرين ونقل الإمام الاتفاق عليه لأنه إنما يحتاج إلى إعادة ما بعد عليله أن لو بطلت طهارة العليل وطهارة العليل باقية بدليل جواز التنفل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كما علمته إلخ ) الأخصر الأولى كما مر . ( قوله أما إذا أحدث إلخ ) أي أو أجنب ثانيا ع ش ( فرعان )

                                                                                                                              لو أجنب صاحب الجبيرة اغتسل وتيمم ولا يجب عليه نزعها بخلاف الخف والفرق أن في إيجاب النزع مشقة ولو كان على عضوه جبيرتان فرفع إحداهما لم يلزمه الأخرى بخلاف الخفين لأن لبسهما جميعها شرط بخلاف الجبيرتين مغني ونهاية . ( قوله فإنه يعيد جميع ما مر ) هو مشكل مع قوله أو بطل تيممه إذ يدخل فيه البطلان بالردة مع أنه لا يعيد غسل الأعضاء كما صرحوا به وكذا يشكل في الجنب فإنه لا يعيد جميع ما مر إذ منه غسل صحيح بدنه وهو لا يعيد جميعه بل يغسل أعضاء الوضوء عن الحدث الأصغر ومنه أيضا مسح الساتر في غير أعضاء الوضوء والظاهر أنه لا يعيده لأنه رفع جنابة ما تحته من الصحيح رفعا مقيدا بمدة عدم البرء كما أن مسح الخف رفع حدث الرجل رفعا مقيدا بمدة عدم نزع الخف وأيضا فمسحه قائم مقام الغسل بدليل أنه ما لم يحدث لا يعيد لكل فرض سوى التيمم فقطسم بحذف .

                                                                                                                              ( قوله ولو برئ إلخ ) عبارة المغني ولو اغتسل الجنب وتيمم عن جراحة في غير أعضاء التيمم ، ثم أحدث بعد أداء فريضة من صلاة أو طواف لم يبطل تيممه لأنه وقع عن غير أعضاء الوضوء فلا يؤثر فيه الحدث فيتوضأ ويصلي بوضوئه ما شاء من النوافل ( ولو برئ ) بتثليث الراء وهو على طهارة بطل تيممه ووجب غسل موضع العذر جنبا كان أو محدثا ويجب على المحدث أن يغسل ما بعد موضع العذر رعاية للترتيب كما لو أغفل لمعة بخلاف الجنب ولا يستأنفان الطهارة وبطلان بعضها لا يقتضي بطلان كلها ا هـ بحذف وعبارة النهاية ولو رفع الجبيرة عن موضع الكسر فوجده قد اندمل أعاد كل صلاة صلاها بعد الاندمال بالمسح عليها وإذا تحقق البرء وهو على طهارة كان كوجدان المتيمم الماء في تفصيله الآتي ا هـ أي فيقال إن تحقق ذلك وليس في صلاة امتنع الإحرام بها أو فيها فإن وجب قضاؤها ككون الساتر أخذ زيادة على قدر الاستمساك بطلت وإن لم يجب أتمها ع ش . ( قوله أعاد المحدث غسل عليله ) فيه نظر لأنه إن أراد بعليله العضو المعتل بعضه فلا وجه لإعادة جميعه لارتفاع حدث صحيحه بغسله السابق وإن أراد القدر المعتل منه فلا وجه للتعبير بالإعادة إذ لم يغسل فيما سبق فليتأمل سم أي فكان ينبغي أن يقول غسل محل علته كما في المغني .

                                                                                                                              [ ص: 352 ] قوله وما صلاه جاهلا إلخ ) فإن تردد في وقت البرء قدر بأقرب زمن يمكن البرء فيه ع ش . ( قوله أو توهمه ) أي البرء سم . ( قوله ولم يظهر من الصحيح إلخ ) أي بأن يكون اللصوق على قدر الجراحة وقوله ما يجب غسله أي أو ما يمكن إمرار التراب عليه مغني . ( قوله لم يبطل تيممه ) أي ولا صلاته ع ش . ( قوله بطلت ) أي صلاته وإن لم يبرأ مغن ونهاية . ( قوله ومحله ) أي محل بطلان الصلاة بسقوط الجبيرة فيها . ( قوله أو ما إذا تردد إلخ ) عطف على ما إذا بان إلخ ع ش . ( قوله تردد في بطلان تيممه ) أي لتردده في حصول البرء قاله البصري ولعله مجرد تمثيل وليس بقيد . ( قوله أيضا ) كصلاته . ( قوله وإلا فلا ) فرع

                                                                                                                              لو كانت الجبيرة لصوقا ينزع ويغير كل يوم أو أيام فحكمها كالجبيرة الواحدة كما أفتى به السبكي وفيه نظر ظاهر بل الأوجه خلافه نهاية أي من أن كل مرة لها حكم مستقل فعلى كلام السبكي تغيير اللصوق لا يؤثر في طهارته السابقة وعلى كلام الشارح م ر يؤثر فيجب غسل الصحيح مع ما بعده ولا يبطل التيمم عليها ع ش . ( قوله من أن ملحظ بطلان إلخ ) عبارة النهاية علم أن ملحظ إلخ واندفع إلخ . ( قوله غير ملحظ بطلان التيمم ) فإن ملحظه البرء من العلة وملحظ بطلان الصلاة ظهور ما يجب غسله من الصحيح ع ش . ( قوله لم نجعل إلخ ) انظر هذا مع المفهوم من قوله ولم يظهر من الصحيح ما يجب غسله لم يبطل تيممه من أنه إذا ظهر بطل فقد جعل الظهور سببا لبطلانه فليتأمل سم وبصري .




                                                                                                                              الخدمات العلمية