الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا تنفسخ ) الإجارة قطعا كما لا ينفسخ النكاح ببيع الأمة المزوجة من غير الزوج فتبقى في يد المستأجر إلى انقضاء المدة ويخير المشتري إن جهل ولو مدة الإجارة كما اقتضاه إطلاقهم لكن بحث الأذرعي وغيره بطلان البيع عند جهله المدة فإن أجاز فلا أجرة له لبقية المدة ولو علمها وظن أن له الأجرة تخير عند الغزالي ورجحه الزركشي ؛ لأنه مما يخفى وقال الشاشي لا يتخير ولو انفسخت الإجارة ، فقيل منفعة بقية المدة للبائع ورجحه ابن الرفعة ، وقيل للمشتري ورجحه السبكي والأول أوجه كما بينته في شرح الإرشاد ولو آجر داره مدة ثم استأجرها تلك المدة ثم باعها فهل تدخل المنفعة في البيع اختلف فيه جمع متأخرون والأوجه نعم قياسا على ما قاله الجلال البلقيني إن الموصى له بالمنفعة لو اشترى الرقبة ثم باعها انتقلت بمنافعها للمشتري فكذا هنا كما هو واضح وكذا الحكم فيما لو استأجر دارا مدة ثم اشتراها ثم باعها والمدة باقية فتنتقل بجميع منافعها للمشتري فإن استثنى البائع المنفعة التي له بالإجارة بطل البيع في المسألتين ولو آجر لغراس أو بناء ثم انقضت المدة فآجر لآخر قبل وقوع التخيير السابق نظيره في العارية لم يصح فيما يضر الانتفاع به الشجر أو البناء كما هو ظاهر لبقاء احترام مال المستأجر الأول ويصح في غير المضر إن خصه بالعقد وكذا إن لم يخصه وأمكن التوزيع على المضر وغيره وعلى هذا يحمل قول بعضهم يصح إن أمكن تفريغها منه في مدة لا أجرة لمثلها ولم يسترها الغراس ويعمل فيه بما ذكروه في باب الإجارة والعارية ا هـ

                                                                                                                              وسئل البلقيني عمن آجر أرضه بأجرة مؤجلة ثم توفي المستأجر قبل أوان الزرع فاستولى آخر وزرع عدوانا فأجاب بأن الأجرة تحل بموته ولا تنفسخ الإجارة هذا إن لم يضع المتعدي يده وإلا ارتفع الحلول الذي سببه موت المستأجر ؛ لأن الحلول إنما يدوم حكمه ما دامت الإجارة بحالها فإذا مضت المدة ويد المتعدي قائمة بعد انفسخت الإجارة في الجميع وارتفع الحلول ويلزم المؤجر رد ما أخذه من تركة الميت على ورثته قال وهذه مسألة نفيسة لم تقع لي قط ويستحق المؤجر أجرة المثل على المتعدي وليس للورثة تعلق به ا هـ ويؤيده ما مر في الغصب ولو آجر بأجرة مقسطة فكتب الشهود الأجرة [ ص: 201 ] إجمالا ثم تقسيطها بما لا يطابق الإجمال فإن لم يمكن الجمع تحالفا ؛ لأن تعارض ذينك أوجب سقوطهما وإن أمكن كأن قالوا أربع سنين بأربعة آلاف كل شهر مائتا درهم وعشرة دراهم حمل على تقسيط المبلغ على أول المدة فيفضل بعد تسعة عشر شهرا عشرة دراهم تقسط على ما يخصها من الشهر وهو يوم من أول الشهر العشرين وثلاثة أسباع يوم ؛ لأن حصة كل يوم سبعة ومر أول خامس شروط البيع عن ابن الصلاح ما يوافق هذا عند صدق التأمل فتنبه له ومر أوائل البيع قبل قبضه أن للمستأجر حبس ما استؤجر عليه للعمل فيه ثم لاستيفاء أجرته ومحله كما يعلم مما مر في تعدد الصفقة ما إذا لم يتعدد هنا وإلا كاستأجرتك لكتابة كذا كل كراس بكذا فليس له حبس كراس على أجرة آخر ؛ لأن الكراريس حينئذ بمنزلة أعيان مختلفة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله كما اقتضاه إطلاقهم ) اعتمده م ر ( قوله فإن أجاز فلا أجرة له إلخ ) عبارة شرح م ر فإن أجاز لم يستحق أجرة لبقية المدة ولو علمها وظن استحقاق الأجرة ا هـ ( قوله فقيل منفعة بقية المدة للبائع ) جزم به في الروض واعتمده م ر ( قوله فهل تدخل المنفعة ) أي تلك المدة ( قوله والأوجه نعم قياسا إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله ويؤيده ما مر ) أي قريبا وقوله في الغصب أي للعين المؤجرة ( قوله ولو آجر بأجرة مقسطة فكتب الشهود إلخ ) في تجريد المزجد ما نصه وسئل أي شيخه عن كتاب إجارة كتب فيه أن الأجرة كل يوم أربعة دراهم والجملة في السنة ألف وأربعمائة وأربعون بزيادة أربعة [ ص: 201 ] وعشرين درهما على التفصيل فأجاب بأنه ينظر في كيفية المكتوب فإن كانت الجملة كتبت فيه إجمالا للتفصيل المذكور مياومة ولفظه يقتضي أنها ذكرت جمعا للمفصل بأن قيل فمجموع ذلك ألف وأربعمائة وأربعون ونحو ذلك من اللفظ لزمه المسمى على المياومة ولا يلزمه زيادة الأربعة والعشرين فإن أحدهما غلط فيحكم بالأقل ، وإن لم تكن الجملة المذكورة موردة بلفظ الجمع والإجمال لذلك الذي فصل مياومة بأن قال استأجرتها بأجرة مبلغها كل يوم أربعة دراهم وفي السنة ألف وأربعمائة وأربعون ونحوه من الألفاظ فيحكم عليه ظاهرا بالجملة مع ما فيها من الزيادة فإن الجمع ممكن بأن يكون ذلك تقسيطا لبعض الأجرة دون بعض ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومر أول خامس شروط البيع إلخ ) عبارته هناك ومن ثم أفتى ابن الصلاح في صك فيه جملة زائدة وتفصيل أنقص منها بأنها إن تقدمت عمل بها لإمكان الجمع بكون التفصيل لبعضها ، وإن تأخرت فإن قيل فمجموع ذلك كذا حكم بالتفصيل ؛ لأنه المتيقن أي وإن لم يقل ذلك حكم بها كما هو ظاهر ا هـ والله أعلم .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله الإجارة ) إلى قوله عند الغزالي في النهاية وإلى قوله ورجحه ابن الرفعة في المغني إلا قوله لكن بحث إلى فإن أجاز وقوله قيل ( قوله لكن بحث الأذرعي إلخ ) عبارة النهاية خلافا للأذرعي ومن تبعه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فقيل منفعة إلخ ) جزم به في الروض واعتمده م ر ا هـ سم عبارة المغني فمنفعة بقية المدة للبائع في أحد وجهين رجحه ابن المقري ا هـ

                                                                                                                              ( قوله والأول أوجه ) وفاقا للنهاية والمغني ( قوله ولو آجر داره ) إلى قوله ومر أوائل البيع في النهاية ( قوله فهل تدخل المنفعة ) أي منفعة تلك المدة ا هـ سم ( قوله قبل وقوع التخيير إلخ ) وظاهر أن مثله بعده إذا اختار الإبقاء بالأجرة ا هـ رشيدي ( قوله نظيره ) الأولى قبل وقوع نظير التخيير السابق في العارية ( قوله لم يصح ) أي العقد الثاني

                                                                                                                              ( قوله فيما يضر إلخ ) أي في نفع يضر الانتفاع بذلك النفع ( قوله وعلى هذا ) أي قوله ويصح في غير المضر إن خصه بالعقد إلخ ( قوله يحمل قول بعضهم إلخ ) يتأمل ا هـ رشيدي ( قوله ولم يسترها الغراس ) ليتأمل تصويره فإن الذي يتبادر أنه لا بد من ستر ما وكذا في البناء ا هـ سيد عمر أقول تقدم في البيع ما يفيد أن الستر الجزئي لا يضر في صحة البيع ( قوله ويعمل فيه ) أي في التفريغ ا هـكردي ويظهر أن الضمير للغراس و ( قوله بما ذكروه إلخ ) أي من التخيير بين الأمور الثلاثة

                                                                                                                              ( قوله بأن الأجرة تحل بموته ) أي فيأخذها المؤجر من تركته ( قوله هذا ) أي ما ذكر من الحلول وعدم الانفساخ ( قوله إن لم يضع المتعدي يده ) أي إلى انقضاء المدة ا هـ كردي ( قوله الذي سببه موت المستأجر ) خرج به الحلول الذي سببه مضي المدة قبل موته فلا يرتفع كما هو ظاهر ا هـ رشيدي ( قوله به ) أي بالمتعدي ( قوله ما مر ) أي قريبا سم على حج أي في قول الشارح بعد قول المصنف ولو أكرى عينا مدة إلخ أو حبسها أو غصبها إلخ ا هـ ع ش ( قوله في الغصب ) أي للعين المؤجر [ ص: 201 ] سم وع ش ( قوله ثم تقسيطها بما لا يطابق إلخ ) أي أما لو لم يقسط الأجرة على أجزاء المؤجر كما لو قال آجرتك هذه الأرض بكذا على أنها خمسون ذراعا مثلا فبانت دون ذلك لم يسقط من الأجرة شيء في مقابلة ما نقص من الأذرع لكن يتخير المستأجر بين الفسخ والإجارة فإن فسخ رجع بما دفعه إن كان وإلا سقط المسمى عن ذمته ثم إن كان الفسخ بعد مضي المدة أي بعضها استقر عليه أجرة مثل ما مضى من المدة قبل الفسخ ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله تحالفا ) أي المؤجر والمستأجر ويفسخانها هما أو أحدهما أو الحاكم إن لم يتراضيا بقول أحدهما ا هـ ع ش ( قوله لأن تعارض ذينك ) أي الإجمال والتقسيط وكذا ضمير سقوطهما ( قوله وإن أمكن إلخ ) في تجريد المزجد ما نصه وسئل أي شيخه عن كتاب إجارة كتب فيه أن الأجرة كل يوم أربعة دراهم والجملة في السنة ألف وأربعمائة وأربعون بزيادة أربعة وعشرين درهما على التفصيل فأجاب بأنه ينظر في كيفية المكتوب فإن كانت الجملة كتبت فيه إجمالا للتفصيل المذكور مياومة ولفظه يقتضي أنها ذكرت جمعا للمفصل بأن قيل فمجموع ذلك ألف وأربعمائة وأربعون ونحو ذلك من اللفظ لزمه المسمى على المياومة ولا يلزمه زيادة الأربعة والعشرين فإن أحدهما غلط فيحكم بالأقل وإن لم تكن الجملة المذكورة موردة بلفظ الجمع والإجمال لذلك الذي فصل مياومة بأن قال استأجرتها بأجرة مبلغها كل يوم أربعة دراهم وفي السنة ألف وأربعمائة وأربعون ونحوه من الألفاظ فيحكم عليه ظاهرا بالجملة مع ما فيها من الزيادة فإن الجمع ممكن بأن يكون ذلك تقسيطا لبعض الأجرة دون بعض انتهى ا هـ سم ( قوله على تقسيط المبلغ ) أي الأربعة آلاف ( قوله على أول المدة ) أي إلى أن ينفد المبلغ ا هـ كردي عبارة ع ش أي وما زاد على ذلك لا تتعلق به الإجارة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله العشرين ) نعت للشهر ( قوله ومر أول خامس إلخ ) عبارته هناك ومن ثم أفتى ابن الصلاح في صك فيه جملة زائدة وتفصيل أنقص منها بأنها إن تقدمت عمل بها لإمكان الجمع بكون التفصيل لبعضها وإن تأخرت فإن قيل فمجموع ذلك كذا حكم بالتفصيل ؛ لأنه المتيقن أي وإن لم يقل ذلك حكم بها كما هو ظاهر ا هـ سم ( قوله ومحله إلخ ) راجع لقوله ثم لاستيفاء أجرته .




                                                                                                                              الخدمات العلمية