الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو سبق رجل إلى موضع من رباط ) وهو ما يبنى لنحو سكنى المحتاجين فيه واشتهر عرفا في الزاوية وأنها قد ترادف المسجد وقد ترادف المدرسة وقد ترادف الرباط فيعمل فيها بعرف محلها المطرد وإلا فبعرف أقرب محل إليه كما هو قياس نظائره ( مسبل ) وفيه شرط من يدخله وكذا الباقي ( أو فقيه إلى مدرسة ) أو متعلم قرآن إلى ما بني له ( أو صوفي إلى خانقاه ) وهي بالعجمية ديار الصوفية ( لم يزعج ولم يبطل حقه بخروجه لشراء حاجة ونحوه ) من الأعذار وإن لم يترك متاعا ولا نائبا لعموم خبر مسلم [ ص: 223 ] وقيده ابن الرفعة بما إذا لم يكن لذلك ناظرا واستأذنه وإلا فلا حق له عملا بالعرف في ذلك ويوافقه اعتبار المصنف كابن الصلاح إذنه في سكنى بيوت المدرسة ولم يعتبر المتولي إذنه في ذلك وينبغي حمله على ما إذا اعتيد عدم اعتباره .

                                                                                                                              ومتى عين الواقف مدة لم يزد عليها إلا إذا لم يوجد في البلد من هو بصفته ؛ لأن العرف يشهد بأن الواقف لم يرد شغور مدرسته وكذا كل شرط شهد العرف بتخصيصه قاله ابن عبد السلام وعند الإطلاق ينظر إلى الغرض المبني له ويعمل بالمعتاد المطرد في مثله حالة الوقف ؛ لأن العادة المطردة في زمن الواقف إذا علم بها تنزل منزلة شرطه فيزعج متفقه ترك التعلم وصوفي ترك التعبد ولا يزاد في رباط مارة على ثلاثة أيام إلا إن عرض نحو خوف أو ثلج فيقيم لانقضائه ولغير أهل المدرسة ما اعتيد فيها من نحو نوم بها وشرب وطهر من مائها ما لم ينقص الماء عن حاجة أهلها على الأوجه وأفهم ما ذكر في العادة أن بطالة الأزمنة المعهودة الآن في المدارس حيث لم يعلم فيها شرط واقف تمنع استحقاق معلومها إلا إن عهدت تلك البطالة في زمن الواقف حالة الوقف وعلم بها ،

                                                                                                                              أما خروجه لغير عذر فيبطل به حقه كما لو كان لعذر وطالت غيبته عرفا ولغيره الجلوس محله حتى يحضر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في المتن لم يزعج ) سواء أذن له الإمام أم لا شرح م ر [ ص: 223 ] قوله : وقيده ابن الرفعة إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله : وينبغي حمله إلخ ) كذا شرح م ر ( قوله : على الأوجه ) اعتمده م ر ( قوله : كما لو كان لعذر وطالت غيبته عرفا ) قال في الكنز ولو اتخذه مسكنا أزعج منه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو سبق رجل ) أي مثلا ( قوله : فيعمل فيها إلخ ) يعني لو قال شخص جعلت هذه البقعة زاوية يعمل بعرف محلها بأن الزاوية تطلق في ذلك على أي منها . ا هـ . كردي ( قوله : وفيه شرط ) إلى الفصل في النهاية إلا قوله وهي بالعجمية ديار الصوفية ( قوله : وفيه إلخ ) أي من سبق إلى ذلك قول المتن ( أو صوفي ) وهو واحد الصوفية . ا هـ . مغني ( قوله : هي بالعجمية إلخ ) عبارة المغني وهو مكان الصوفية . ا هـ . ( قوله : ديار الصوفية ) الأولى أن يقال هي للصوفية كالمدرسة للعلماء ؛ لأنها دار عظيمة تشتمل على محل متسع يجتمع فيه الشيخ ومريدوه للصلاة ونحوها وعلى أماكن مختصرة يختلي فيها كل شخص على انفراده للذكر ونحوه ويشبه أنها ترادف الزاوية عند العرب وكان أصلها خانة آكاه ومعناه بيت صاحب الحضور والشعور ؛ لأن الذين هم أهلها حقيقة استشعروا حقيقة الأمر على ما هو عليه ثم تحققوا وقاموا بقضية ما عرفوا . ا هـ .

                                                                                                                              سيد عمر ( قوله : وإن لم يترك متاعا ولا نائبا ) ولم يأذن الإمام ا هـ نهاية عبارة المغني سواء أخلف فيه غيره أم متاعه أم لا وسواء أدخله بإذن الإمام أم لا إلا إن [ ص: 223 ] شرط الواقف أن لا يسكن أحد إلا بإذن الإمام . ا هـ . أي أو ناظره أو شيخه أو مدرسه ( قوله : وقيده ابن الرفعة إلخ ) عبارة المغني ( تنبيه ) ظاهر قوله : لو سبق إلخ أنه لا يحتاج في الدخول إلى إذن الناظر وليس مرادا للعرف كما أفتى به ابن الصلاح والمصنف وإن حمله ابن العماد على ما إذا جعل الواقف للناظر أن يسكن من شاء ويمنع من شاء لما في ذلك من الافتيات على الناطر وإن سكن بيتا وغاب ولم تطل غيبته عرفا ثم عاد فهو باق على حقه ، وإن سكنه غيره ؛ لأنه ألفه مع سبقه إليه ولا يمنع غيره من سكناه فيه مدة غيبته على أن يفارقه إذا حضر فإن طالت غيبته بطل حقه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويوافقه ) أي التقييد المذكور ( قوله : إذنه ) أي الناظر ( قوله : حمله ) أي ما قاله المتولي ( قوله : ومتى عين ) إلى قوله ما لم ينقص الماء في المغني إلا قوله إلا إذا إلى وعند الإطلاق وقوله : في مثله إلى فيزعج وقوله : وصوفي ترك التعبد .

                                                                                                                              ( قوله : شغور مدرسته ) أي خلوها . ا هـ . ع ش ( قوله : قاله إلخ ) عبارة النهاية كما قاله إلخ ( قوله : تنزل منزلة شرطه ) إذ لو أراد خلافه لذكره . ا هـ . ع ش ( قوله : فيزعج متفقه إلخ ) عبارة المغني فيقيم الطالب في المدرسة الموقوفة على طلبة العلم حتى يقضي غرضه أو يترك التعلم والتحصيل ويؤخذ من هذا كما قاله السبكي أنه إذا نزل في مدرسة أشخاص للاشتغال بالعلم وحضور الدرس وقدر لهم من الجامكية ما يستوعب قدر ارتفاع وقفها لا يجوز أن ينزل زيادة عليهم بما ينقص ما قدر لهم من المعلوم لما في ذلك من الإضرار بهم وفي فوائد المهذب للفارقي يجوز للفقيه الإقامة في الربط وتناول معلومها ولا يجوز للمتصوف القعود في المدارس وأخذ شيء منها ؛ لأن المعنى الذي يطلق به اسم المتصوف موجود في حق الفقيه وما يطلق به اسم الفقيه غير موجود في الصوفي . ا هـ . ( قوله : فيزعج متفقه ترك التعلم إلخ ) ظاهره ولو اطردت العادة حالة الوقف بعدم إزعاج من ذكر وعلم بها الواقف ولم يذكر خلافها فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : إلا إن عرض إلخ ) أي إلا إذا لم يكن ثم من يجلس مكانه إذا خرج أخذا مما تقدم في قوله ومتى عين الواقف إلخ . ا هـ . ع ش ( قوله : ولغير أهل المدرسة إلخ ) عبارة المغني ويجوز لكل أحد من المسلمين دخول المدارس والأكل والشرب والنوم فيها ونحو ذلك مما جرى العرف به لا السكنى إلا لفقيه أو بشرط الواقف ( فرع )

                                                                                                                              النازلون بموضع في البادية في غير مرعى البلد لا يمنعون ولا يزاحمون بفتح الحاء على المرعى والمرافق إن ضاقت فإن استأذنوا الإمام استيطان البادية ولم يضر نزولهم بابن السبيل راعى الأصلح في ذلك وإذا نزلوها بغير إذن وهم غير مضرين بالسابلة لم يمنعهم من ذلك إلا إن ظهر في منعهم مصلحة فله ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ما اعتيد إلخ ) وقع السؤال هل يجوز لنا تمكين الذمي من التخلي والاغتسال في فسقية المساجد إذا كانت خارجة عن المسجد أو يمتنع ؟ والجواب يجوز أخذا من قول الشارح ؛ لأن العادة المطردة في زمن الواقف إلخ فإن مثل هذا جار بين الناس من غير نكير فيحمل على أنه كان في زمن الواقف وعلمه ، ولم يشرط في وقفه ما يخالفه . ا هـ . ع ش .

                                                                                                                              أقول في الأخذ المذكور وقفة ، بل قد ينافي قوله فيحمل إلخ ما يأتي آنفا في مسألة البطالة ( قوله : ما اعتيد فيها إلخ ) وهل للغير ذلك وإن منعه أهلها وهل لهم المنع وإن لم يحصل ضرر يحرر شوبري والذي يؤخذ من ع ش على م ر أنه إن لم يشرط الواقف الاختصاص جاز دخول غيرهم بغير إذنهم وإن شرطه لم يجز بغير إذنهم فإن صرح بمنع دخول غيرهم لم يطرقه خلاف قطعا أي لا يجوز ولو بإذنهم . ا هـ . بجيرمي وقوله : إن لم يشرط الواقف إلخ أي ولم تطرد العادة في زمنه بالمنع مع علمه به أخذا مما مر في الشرح كالنهاية ( قوله : استحقاق معلومها ) أي معلوم أيام البطالة ا هـ ع ش ( قوله : أما خروجه ) إلى المتن في المغني كما مر ( قوله : كما لو كان لعذر وطالت إلخ ) قال في الكنز ولو اتخذه مسكنا أزعج منه سم على حج أي على خلاف غرض الواقف من إعداده للطلبة المشتغلين بالعلم ليستعينوا بسكناه على حضور الدرس ونحوه . ا هـ . ع ش ( قوله : ولغيره الجلوس إلخ ) أي ولو خرج لعذر ولم تطل غيبته كما مر عن المغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية