الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( إذا وقف بشرط أن لا يؤجر ) مطلقا أو إلا كذا كسنة أو شهر أو أن لا يؤجر من نحو متجوه وكذا شرط أن الموقوف عليه يسكن وتكون العمارة عليه كما ملت إليه وبسطت أدلته في الفتاوى ( اتبع ) في غير حالة الضرورة ( شرطه ) كسائر شروطه التي لم تخالف الشرع وذلك لما فيه من وجوه المصلحة : أما ما خالف الشرع كشرط العزوبة في سكان المدرسة أي مثلا فلا يصح كما أفتى به البلقيني وعلله بأنه مخالف للكتاب والسنة والإجماع أي من الحض على التزوج وذم العزوبة .

                                                                                                                              ويؤخذ من قوله لا يصح المستلزم لعدم صحة الوقف عدم صحته أيضا فيما لو وقف كافر على أولاده إلا من يسلم منهم وأما قول السبكي يصح ويلغو الشرط فبعيد وإن أمكن توجيهه بأن الشرط كالاستثناء وتوهم فرق بينهما خيال لا يعول عليه وبحث الأذرعي أن الموقوف عليه لو تعذر انتفاعه بدون الإجارة كسوق أبطل شرط امتناعها الوقف ، ورد بأنه يمكنه أن ينتفع بها من وجه آخر وأن يعيرها بناء على الظاهر في المطلب أن للموقوف عليه الإعارة إذا منع من الإجارة ما لم يمنعه الواقف منها أيضا وإذا منع الموقوف عليهم الإجارة ولم يمكن سكناهم كلهم فيه معا تهايؤا بحق السكنى ويقرع للابتداء . ونفقة الحيوان على من هو في نوبته وبحث ابن الرفعة وجوب المهايأة ؛ لأن بها يتم مقصود الواقف واستبعده السبكي بأنه لا يلزم المستحق السكنى وغرض الواقف تم بإباحتها وأجاب الأذرعي بأن ابن الرفعة لم يرد إيجابها بل إيجاب أصل المهايأة ثم يتخير ذو النوبة بين السكنى وعدمها .

                                                                                                                              قال لكن الذي أطلقه الأصحاب أن لأهل الوقف المهايأة وأنه لا يجبر الممتنع عليها ولو قيل أنه يجبر المعاند لم يبعد انتهى وخرج بغير حالة الضرورة ما لو لم يوجد غير مستأجر الأولى وقد شرط أن لا يؤجر لإنسان أكثر من سنة أو أن الطالب لا يقيم أكثر من سنة ولم يوجد غيره في السنة الثانية فيهمل شرطه حينئذ كما قاله ابن عبد السلام ؛ لأن الظاهر أنه لا يريد تعطيل وقفه ولو انهدمت الدار المشروط أن لا تؤجر إلا كذا وأن لا يدخل عقد على عقد أو أن لا تؤجر ثانيا ما بقي من مدة الأولى شيء أو أشرفت على الانهدام بأن تعطل الانتفاع بها من الوجه الذي قصده الواقف كالسكنى ولم تمكن عمارتها إلا بإيجارها أكثر من ذلك فتؤجر بأجرة مثلها مراعى فيها تعجيل الأجرة المدة الطويلة إذ يتسامح لأجل ذلك في الأجرة بما لا يتسامح به في إجارة كل سنة على حدتها كما هو مشاهد وقد قال السبكي إن تقويم المنافع مدة مستقبلة صعب أي فليحتط لذلك ويستظهر [ ص: 257 ] لتلك الأجرة بقدر ما بقي بالعمارة فقط مراعيا فيها مصلحة الوقف لا مصلحة المستحق وفي ذلك بسط بينته مع ما لا يستغنى عن مراجعته في كتابي الإتحاف في إجارة الأوقاف ويجب أن تعدد العقود في منع أكثر من سنة مثلا وإن شرط منع الاستئناف كذا أفتى به ابن الصلاح وخالفه تلميذه ابن رزين وأئمة عصره فجوزوا ذلك في عقد واحد وقول الأذرعي وغيره لا تجوز إجارته مدة طويلة لأجل عمارته ؛ لأن بها ينفسخ الوقف بالكلية كما بمكة فيه نظر بل لا يصح ؛ لأن غرض الواقف إنما هو في بقاء عينه وإن تملكه ظاهرا كما مر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 256 ] قوله : فلا يصح كما أفتى به البلقيني إلخ ) الوجه الصحة م ر ( قوله : وأما قول السبكي إلخ ) هذا يدل على أن المراد عدم صحة الوقف في مسألة شرط العزوبة فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله : أبطل شرط امتناعها ) أي الإجارة ش وقوله : الوقف [ ص: 257 ] مفعول أبطل ش ( قوله : وقول الأذرعي وغيره إلخ ) كذا شرح م ر



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 256 ] مطلقا ) إلى قول المتن شرطه في المغني إلا قوله وكذا إلى المتن وإلى قول الشارح ، أما ما خالف الشرع في النهاية إلا قوله وتكون العمارة إلى المتن ( قوله متجوه ) أي ذي جاه وشوكة ( قوله : يسكن ) أي بنفسه . ا هـ . نهاية ( قوله : فلا يصح كما أفتى به البلقيني إلخ ) الوجه الصحة م ر . ا هـ . سم ( قوله : عدم صحته ) أي الوقف ( قوله : وأما قول السبكي إلخ ) القلب إلى ما قاله السبكي من إلغاء الشرط فقط أميل وكذا في مسألة شرط العزوبة . ا هـ . سيد عمر ( قوله : وأما قول السبكي إلخ ) هذا يدل على أن المراد عدم صحة الوقف في مسألة شرط العزوبة فليراجع . ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : ويلغو الشرط ) أي شرط أن لا يسلم ( قوله : فبعيد ) مر في أول الباب عن ع ش عن سم على المنهج أن م ر مال إلى بطلان الوقف ( قوله : بأن الشرط ) أي شرط أن لا يسلم بعد ( كالاستثناء ) أي استثناء من كان مسلما وقت الوقف ( قوله : وتوهم فرق ) مبتدأ خبره خيال و ( قوله بينهما ) أي بين الشرط والاستثناء ( قوله : أبطل شرط امتناعها ) أي الإجارة و ( قوله : الوقف ) مفعول أبطل ش . ا هـ . سم ( قوله : بها ) أي السوق ( قوله : فيها ) أي في الدار الموقوفة للسكنى ( قوله : لكن الذي أطلقه الأصحاب إلخ ) يمكن حمل كلام الأصحاب على ما إذا لم تتعين لدفع المنازعة كلام ابن الرفعة على ما إذا تعينت له ويؤيده تقريرهم لما بحثه الزركشي من مسألة قسم النهر السابقة في إحياء الموات ا هـ سيد عمر ( قوله : وخرج بغير حالة الضرورة إلخ ) يؤخذ منه أنه لو وجد من يأخذ بأجرة المثل ويستأجر على ما يوافق شرط الواقف ومن يطلبه بزيادة على أجرة المثل وإجارة تخالف شرط الواقف عدم الجواز فليتنبه له وأنه لو وجد من يأخذ بدون أجرة المثل ويوافق شرط الواقف في المدة ومن يأخذ بأجرة المثل ويخالف شرط الواقف عدم الجواز أيضا رعاية لشرط الواقف فيهما . ا هـ . ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : ما لو لم يوجد غير مستأجر إلخ ) عبارة النهاية ما لو لم يوجد إلا من لا يرغب فيه إلا على وجه مخالف لذلك فيجوز ؛ لأن الظاهر أنه لا يريد تعطيل وقفه ( قوله : أو أن الطالب إلخ ) عطف على لم يوجد إلخ بتقدير فعل أي أو شرط أن الطالب إلخ والأنسب لما قبله أن يقول وما لم يوجد غير مقيم الأولى وقد شرط أن لا يقيم الطالب أكثر من سنة ( قوله : أن الطالب ) أي للعلم مثلا ( لا يقيم ) أي في نحو المدرسة ( قوله : كما قاله ابن عبد السلام إلخ ) قد سبق ذكره قبيل فصل المعدن ( قوله : أو أن لا تؤجر ثانيا إلخ ) أو هنا لمجرد التنويع في التعبير وإلا فهو بمعنى ما قبيله ( قوله : ولو انهدمت ) إلى المتن في النهاية إلا قوله وأن لا يدخل إلى ولم يمكن عمارتها وقوله : بأجرة مثلها إلى بقدر ما يفي ( قوله : وأشرفت إلخ ) الظاهر أنه معطوف على انهدمت وعليه فلعل الواو بمعنى أو . ا هـ . سيد عمر أي كما عبر بها النهاية وبعض نسخ الشرح ( قوله : فتؤجر بأجرة إلخ ) جواب لو ( قوله : مراعى فيها ) أي أجرة المثل

                                                                                                                              ( قوله : المدة الطويلة ) نصب على نزع خافض متعلق بالأجرة أي للمدة ( قوله : لأجل ذلك ) أي التعجيل ( قوله : مدة [ ص: 257 ] إلخ ) أي المدة إلخ متعلق بالمنافع ( قوله : بقدر ما يفي إلخ ) متعلق بقوله فتؤجر إلخ ( قوله : مراعيا مصلحة إلخ ) الأولى مراعاة لمصلحة إلخ ( قوله : كذا أفتى به ابن الصلاح ) اعتمده المغني عبارته والذي ينبغي كما قال شيخنا ما أفتى به ابن الصلاح ؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها . ا هـ . ( قوله : فجوزوا ذلك ) معتمد . ا هـ . ع ش ( قوله : وإن تملك ظاهر ) لبقاء الثواب له . ا هـ . نهاية

                                                                                                                              ( قوله : كما مر ) أي في شرح يشترط قبوله




                                                                                                                              الخدمات العلمية