الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              طلب المستحقون من الناظر كتاب وقف ليكتبوا منه نسخة حفظا لاستحقاقهم لزمه تمكينهم كما أفتى به بعضهم أخذا من إفتاء جماعة أنه يجب على صاحب كتب الحديث إذا كتب فيها سماع غيره معه لها أن يعيره إياها ليكتب سماعه منها ولو تغيرت المعاملة وجب ما شرطه الواقف مما كان يتعامل به حال الوقف زاد سعره أو نقص سهل تحصيله أو لا فإن فقد اعتبرت قيمته يوم المطالبة إن لم يكن له مثل حينئذ وإلا وجب مثله ويقع في كثير من كتب الأوقاف أن لفلان من الدراهم النقرة كذا قيل حررت فوجد كل درهم منها يساوي ستة عشر درهما من الدراهم الفلوس المتعامل بها الآن انتهى ( إلا أن يشرط نظره ) [ ص: 293 ] أو تدريسه مثلا ( حال الوقف ) بأن يقول وقفت هذه مدرسة بشرط أن فلانا ناظرها ، أو مدرسها وإن نازع فيه الإسنوي فليس له كغيره عزله من غير سبب يخل بنظره ؛ لأنه لا نظر له بعد شرطه لغيره ومن ثم لو عزل المشروط له نفسه لم ينصب بدله إلا الحاكم كما مر

                                                                                                                              أما لو قال وقفته وفوضت ذلك إليه فليس كالشرط ولو شرطه للأرشد من أهل الوقف استحقه الأرشد منهم وإن حجب بأبيه مثلا لكونه وقف ترتيب ؛ لأنه مع ذلك من أهله وتردد السبكي فيما إذا شهدت بينة بأرشدية زيد ، ثم أخرى بأرشدية عمرو وقصر الزمن بينهما بحيث لا يمكن صدقهما بأنهما يتعارضان سواء أكانت شهادة الثانية قبل الحكم بالأولى ، أو بعده ؛ لأن الحكم عندنا لا يمنعه وقال أبو حنيفة لا أثر له بعد الحكم ، ثم هل يسقطان أو يشترك زيد وعمرو وبالثاني أفتى ابن الصلاح ، أما إذا طال الزمن بينهما بحيث أمكن صدقهما قال السبكي فمقتضى المذهب أنه يحكم بالثانية إن صرحت بأن هذا أمر متجدد واعترضه شيخنا بمنع أن مقتضاه ذلك وإنما مقتضاه ما صرح به الماوردي وغيره أنا إنما نحكم بالثانية إذا تغير حال الأرشد الأول أي : بأن شهدت به البينة ولو استوى اثنان في أصل الأرشدية وزاد أحدهما بتمييز في صلاح الدين أو المال فهو الأرشد وإن زاد واحد في الدين وواحد في المال فالأوجه استواؤهما فيشتركان ولو انفرد واحد بالرشد بأن لم يشاركه في أصله غيره فهل يكون الناظر ؛ لأن الظاهر أن أفعل التفضيل إنما يعتبر مفهومه عند وجود المشاركة [ ص: 294 ] أو لا عملا بمفهوم أفعل تردد فيها السبكي ، ثم قال وعمل الناس على الأول .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : كما أفتى به بعضهم ) هو شيخنا الشهاب الرملي ( قوله قبل حررت إلخ ) ممن نقله شيخنا الشهاب الرملي ( قوله : في المتن إلا أن يشترط نظره حال الوقف ) عبارة الروض وشرحه لا من شرط نظره ، أو تدريسه ، أو فوضه إليه حالة الوقف فليس له [ ص: 293 ] عزله ولو لمصلحة كما لو وقف على أولاده الفقراء لا يجوز تبديلهم بالاعتبار ؛ لأنه لا نظر له بعد شرطه النظر في الأولى لغيره بخلاف من جعل له ذلك بعد تمام الوقف فإن له عزله كما مر في مسألة النظر لكن ينبغي تقييده في تفويض التدريس بما إذا كانت جنحة ، ثم ما ذكره في التفويض تبع فيه البغوي وبحث الرافعي فيه جواز عزله وصححه النووي لعدم صيغة الشرط ا هـ ويستفاد منه أنه ليس للواقف عزل من شرط له النظر ولو بسبب فقول الشارح بالنسبة إليه من غير سبب غير محتاج إليه فليتأمل ، وما ذكره من جواز عزل المفوض إليه ينبغي توقف عزله من الواقف على أن يكون النظر له فليتأمل

                                                                                                                              ( قوله : وتردد السبكي فيما إذا شهدت بينة بأرشدية زيد ، ثم أخرى بأرشدية عمرو إلخ ) في الروض وإن جعل النظر للأرشد من أولاد أولاده فأثبت كل أنه الأرشد اشتركوا بلا استقلال إن وجدت الأهلية فيهم ؛ لأن الأرشدية قد سقطت بتعارض البينتين فيها وبقي أصل الرشد ا هـ قال في شرحه فصار كما لو قامت البينة برشد الجميع من غير التفصيل وحكمه التشريك وأما عدم الاستقلال فكما لو أوصى إلى اثنين مطلقا ا هـ ( قوله : لا يمنعه ) أي : لا يمنع التعارض ش ( قوله : وبالثاني أفتى ابن الصلاح ) كلام الروض المار يوافقه ( قوله : أنا إنما نحكم إلخ ) ما المانع من أنه مراد السبكي .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : طلب المستحقون ) أي لو طلب إلخ ( قوله : كما أفتى به بعضهم ) عبارة النهاية كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ( قوله : كتب الحديث ) وجمع الكتب ليس بقيد وكذا الحديث فيما يظهر ( قوله : سماع غيره معه لها ) نائب فاعل كتب ، والضميران الأولان لصاحب إلخ ، والضمير الأخير لكتب الحديث ( قوله : أن يعيره ) فاعل يجب وضمير النصب للغير ومعلوم أنه إنما يجب ذلك عند طلبه وعند عدم نقله منها وإعطائه ( قوله : وجب ما شرطه الواقف إلخ ) ظاهره ولو رضي المستحق بغيره مما يساويه قيمة ، أو دونه وفيه وقفة فليراجع

                                                                                                                              ( قوله : قيل حررت ) عبارة النهاية قال الوالد رحمه الله تعالى قد قيل إنها حررت ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : المتعامل بها الآن ) وقيمتها إذ ذاك نصف فضة وثلث وتساوي الآن أربعة أنصاف فضة ونصف نصف ا هـ ع ش وقوله وقيمتها أي : قيمة كل درهم من الدراهم الفلوس وقوله إذ ذاك أي : في زمن الشارح وقوله نصف فضة قال الكردي الديوانية هي التي يقال لها في مصر أنصاف الفضة ا هـ وقوله وتساوي الآن أي : في زمن ع ش قول المتن ( إلا أن يشرط نظره إلخ ) عبارة الروض وشرحه لا من شرط نظره ، أو تدريسه ، أو فوضه إليه حالة الوقف فليس له عزله ولو لمصلحة بخلاف من جعل له ذلك بعد تمام الوقف فإن له عزله كما مر في مسألة النظر لكن ينبغي تقييده في تفويض التدريس بما إذا كانت جنحة ، ثم ما ذكره أي : الروض في التفويض تبع فيه البغوي وبحث الرافعي فيه جواز عزله وصححه النووي لعدم صيغة الشرط انتهت ويستفاد منه أنه ليس للواقف عزل من شرط له النظر ولو بسبب فقول الشارح بالنسبة إليه من غير سبب غير محتاج إليه فليتأمل وما ذكره من جواز عزل المفوض إليه ينبغي توقف عزله من الواقف على أن يكون النظر له فليتأمل ا هـ سم وقوله لكن ينبغي تقييده إلخ اعتمده المغني والشارح ، والنهاية وقوله في التفويض أي : في حالة الوقف وقوله وبحث الرافعي إلخ اعتمده الشارح ، والنهاية كما يأتي خلافا للمغني عبارته وليس له عزل من شرط تدريسه ، أو فوضه إليه حال الوقف ولو لمصلحة بخلاف من جعل له ذلك بعد تمام الوقف فإنه له عزله كما نقله الشيخان عن فتاوى البغوي وأقراه لكن ينبغي كما قال شيخنا تقييده في تفويض [ ص: 293 ] التدريس بما إذا كانت جنحة ا هـ

                                                                                                                              ( قوله : أو تدريسه ) إلى قوله أي : بأن شهدت في النهاية إلا قوله وإن حجب إلى وتردد وقوله سواء إلى ، ثم هل ( قوله : أو تدريسه مثلا ) اعلم أن هذا لا يناسب ما حل من المتن فيما مر من قصره على ما إذا ولى نائبا عنه في النظر على أن مفهومه أنه إذا لم يشرط تدريسه في الوقت وقرره بعده فيه حيث كان له ذلك بأن كان النظر له أن يكون له عزله ولو بلا سبب كما هو قضية إطلاقه وهو مخالف لما مر آنفا فليتأمل ا هـ رشيدي وقد يجاب بأن في المفهوم تفصيلا فلا يعاب ( قوله : وإن نازع فيه إلخ ) أي : في المدرس ( قوله لو عزل إلخ ) أي : أو فسق ا هـ مغني ( قوله : كما مر ) أي : في شرح وشرط الناظر إلخ ومر هناك أن نفوذ عزله نفسه فيه خلاف راجعه ( قوله : أما لو قال إلخ ) أي : ولو في حال الوقف ( قوله : فليس كالشرط ) أي فله عزله حيث شرط النظر لنفسه كأن قال وقفت هذا على كذا بشرط أن النظر فيه لي وفوضت التصرف فيه لفلان ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله : ولو شرطه للأرشد إلخ ) عبارة النهاية ولو جعل النظر لعدلين من أولاده وليس فيهم سوى عدل نصب الحاكم آخر أي : وجوبا وإن جعله للأرشد من أولاده فالأرشد فأثبت كل منهم أنه أرشد اشتركوا في النظر بلا استقلال إن وجدت الأهلية فيهم ؛ لأن الأرشدية قد سقطت بتعارض البينات فيها ويبقى أصل الرشد ، وإن وجدت في بعض منهم أي : وإن كانت امرأة اختص بالنظر عملا بالبينة ، فلو حدث منهم أرشد منه لم ينتقل إليه ولو تغير حال الأرشد حين الاستحقاق فصار مفضولا انتقل النظر إلى من هو أرشد منه ويدخل في الأرشد من أولاد أولاده الأرشد من أولاد البنات لصدقه به ا هـ وفي المغني مثله إلا قوله فلو حدث إلى ويدخل وفي الروض وشرحه مثل ما في المغني إلا قوله ولو جعل إلى وإن جعله قال ع ش قوله فالأرشد هذا صريح في صحة الشرط المذكور والعمل به ومنه يعلم رد ما نقله سم على منهج عن مقتضى إفتاء البلقيني من أنه لو شرط النظر لنفسه ، ثم لأولاده بعده لم يثبت النظر للأولاد لما فيه من تعليق ولايتهم ، والولاية لا تعلق إلا في الضروري كالقضاء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بأنهما ) عبارة النهاية فإنهما بالفاء بدل الباء ( قوله : يتعارضان ) الأولى هنا وفي قوله الآتي يسقطان التأنيث

                                                                                                                              ( قوله لا يمنعه ) أي : التعارض ش ا هـ سم ( قوله : وبالثاني ) أي : الاشتراك ( أفتى ابن الصلاح ) ويوافقه ما مر آنفا عن النهاية ، والمغني وشرح الروض كما نبه عليه سم ( قوله : أنا إنما نحكم إلخ ) ما المانع من أنه مراد السبكي ا هـ سم عبارة السيد عمر لك أن تقول انتقال الأرشدية إلى الثاني يتصور بترقيه فيها مع بقاء الأول على حالته وببقائه على حاله مع تسفل الأول وعبارة السبكي وافية بالقسمين فما وجه اعتراضها بمقالة الماوردي وغيره فليتأمل ا هـ أقول قد يوجه الاعتراض بأن القسم الأول ليس بمراد لما قدمت عن النهاية من أنه لو حدث منهم أرشد منه لم ينتقل إليه ( قوله : الأول ) نعت الأرشد ( قوله : في أصله ) أي : أصل الرشد ، والإضافة للبيان

                                                                                                                              ( قوله : فهل يكون ) أي : ذلك الواحد فقوله الناظر خبر يكون ( قوله : عند وجود المشاركة ) [ ص: 294 ] أي : في أصل الوصف ولا مشاركة هنا فلا مفهوم ( قوله : أو لا ) عديل قوله هل يكون إلخ ( قوله وعمل الناس على الأول ) ويؤيده ما مر عن النهاية ، والمغني ، والروض مع شرحه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية