الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال أجنبي ) مطلق التصرف مختار ( من رد عبد زيد فله كذا استحقه الراد ) العالم به ( على الأجنبي ) ؛ لأنه التزمه ، وإن لم يأت ب " على " على المنقول ، وإن نازع فيه السبكي نظرا إلى أن المتبادر منه ذلك واستشكل ابن الرفعة استحقاق الراد بأنه لا يجوز له وضع يده عليه بغير إذن مالكه بل يضمنه وأجيب بفرضه فيما إذا أذن المالك لمن شاء في الرد والتزم الأجنبي الجعل وقد يصور بما إذا ظنه العامل المالك أو عرفه وظن رضاه على أن وضع اليد عليه للرد يرضى به الملاك غالبا وكفى بذلك مجوزا وظاهر أن المراد من الأجنبي غير الوكيل والولي فلو قال ذلك عن موكله أو محجوره والجعل قدر أجرة المثل [ ص: 368 ] وجب في مال الموكل والمحجور ( وإن قال ) الأجنبي ( قال زيد من رد عبدي فله كذا وكان كاذبا لم يستحق ) الراد ( عليه ) أي الأجنبي شيئا لعدم التزامه ( ولا على زيد ) إن كذبه لذلك ولا تقبل شهادة الأجنبي على زيد بذلك ؛ لأنه متهم في ترويج قوله أما إذا صدقه فيلزمه الجعل وقيده الرافعي بما إذا كان الأجنبي ممن يقبل خبره وإلا فكما لو رده غير عالم بإذنه انتهى ويتجه أن محل قوله إلا إلخ ما إذا لم يصدقه العامل وإلا استحق على المالك المصدق ؛ لأن المحذور عدم علم العامل وبتصديقه يصير عالما ولا نظر لاتهامه ؛ لأن علمه وعدمه لا يعلم إلا منه مع قوته بموافقته للمالك ( ولا يشترط قبول العامل ) لفظا لما دل عليه لفظ الجاعل ( وإن عينه ) بل يكفي العمل كالوكيل ومن ثم لو رده ثم عمل لم يستحق إلا بإذن جديد .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن من رد عبد زيد فله كذا إلخ ) لو قال من رد عبدا فله كذا فهل هو كما لو قال من رد عبد زيد حتى إذا رد أحد عبدا ما لأحد أو عبدا موقوفا مثلا استحق ينبغي نعم م ر ( قوله بل يضمنه ) يؤيد الضمان ما قدمته على قول المتن ويشترط صيغة بجامع عدم إذن المالك ( قوله وكفى بذلك مجوزا ) أي ومع ذلك يضمنه كما هو ظاهر إذ ليس ذلك من جملة الأمانات ويؤيد الضمان بل يصرح به ما قدمته على قول المتن ويشترط صيغة عن الماوردي والروياني والإمام وإذا قلنا بالضمان فظاهر أنه بقيمة يوم التلف لا بأقصى القيم لجواز وضع يده وعدم تعديه فليس غاصبا بخلاف المبيع بيعا فاسدا حيث يضمن بأقصى القيم لتعدي المشتري بوضع يده على قصد الملك بطريق تعدى بها إذ البيع الفاسد ممتنع فوضع اليد للملك بسببه تعد فليتأمل ( قوله والجعل قدر أجرة المثل إلخ ) فلو زاد على أجرة المثل فهل تفسد الجعالة أو [ ص: 368 ] تصح ويجب الجعل في مال الولي فيه نظر والقياس عند الإطلاق انصراف الجعالة إلى المحجور فإذا زاد المسمى على أجرة المثل فسد ووجب أجرة المثل م ر ( قوله ومن ثم لو رده ثم عمل لم يستحق إلا بإذن جديد ) أفاد هذا أن الجعالة ترتد بالرد ولا ينافيه ما يأتي في مسألة الإمام أن لا رد ثم بالكلية بخلافه هنا كما علم مما ذكره الشارح فيما يأتي هذا محصل كلامه أولا وآخرا وقرر م ر أن المعتمد أنها لا ترتد بالرد أخذا من مسألة الإمام الآتية فسألته ما الفرق حينئذ بين ردها الذي لا ترتد به وبين فسخ العامل الذي يرتفع به وماذا يتميز به أحدهما عن الآخر فلم يبد مقنعا ، وقد يقال الرد عند العقد والفسخ بعد ذلك وينظر فيه بأن الذي عند العقد أقوى في دفعه من المتأخر ، وقد يقال قوله لا أقبلها أو رددتها ليس صريحا في الفسخ فلا ترفع به وهو بعيد جدا في رددتها فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولو قال أجنبي ) ليس من عادته الاستهزاء والخلاعة كما بحثه الزركشي ا هـ مغني قول المتن ( من رد عبد زيد إلخ ) ولو قال من رد عبدا فله كذا فهل هو كما لو قال من رد عبد زيد حتى إذا رد أحد عبدا لأحد أو عبدا موقوفا مثلا استحق ينبغي نعم م ر ا هـ سم على حج وقد يشمل ذلك قول الشارح في التعريف لمعين أو مجهول ا هـ ع ش ( قوله لأنه التزمه ) إلى المتن في المغني إلا قوله وإن نازع فيه السبكي وقوله وقد يصور إلى على أن ، وقوله غالبا ومسألة الوكيل ( قوله استحقاق الرد ) أي بعوض بقول الأجنبي ( قوله بما إذا ظنه العامل المالك ) في كون هذا بمجرده ينفي الضمان نظر لا يخفى ا هـ رشيدي أقول الكلام في حرمة نفي اليد فقط لا فيه مع نفي الضمان وظاهر أنه لا تلازم بينهما ( قوله يرضى به المالك ) وعليه فينبغي أن لا ضمان عليه إذا تلف لأن رضاه برده منزل منزلة إذنه في الرد ويؤيده ما لو انتزع المغصوب من يد غير ضامنه كالحربي ليرده على مالكه فإنه لا ضمان فيه إذا تلف لكن في كلام سم ما نصه ومع ذلك أي الرضا بالرد يضمنه كما هو ظاهر إذ ليس من جملة الأمانات إلى آخر ما ذكر وما ذكره ظاهر حيث لم تدل قرينة على رضا المالك بالرد وإلا فلا ضمان ا هـ ع ش ( قوله وكفى بذلك مجوز إلخ ) أي ومع ذلك يضمنه كما هو ظاهر إذ ليس ذلك من جملة الأمانات ويؤيد الضمان بل يصرح به ما قدمته على قول المتن صيغة عن الماوردي والإمام وإذا قلنا بالضمان فظاهر أنه بقيمة يوم التلف لا بأقصى القيم لجواز وضع يده وعدم تعديه فليس غاصبا ا هـ سم وتقدم آنفا عن ع ش أنه ظاهر حيث لم تدل قرينة على رضا المالك بالرد وإلا فلا ضمان ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والجعل قدر أجرة المثل إلخ ) فلو زاد على أجرة المثل فهل تفسد الجعالة أو تصح ويجب الجعل في مال الولي فيه نظر والقياس عند الإطلاق انصراف الجعالة إلى المحجور فإذا زاد المسمى على أجرة المثل فسد الجعالة ووجبت أجرة المثل م ر ا هـ سم على حج وقوله ووجبت أجرة المثل أي في مال المولى عليه وقد يقال قياس ما لو وكلت في اختلاعها أجنبيا بقدر فزاد عليه من أن عليها ما سمت وعليه الزيادة أن يكون هنا كذلك ا هـ ع ش ( قوله قدر أجرة المثل ) قد يتوقف فيه بما إذا لم يكن تحصيله إلا بأكثر بأن كان لا يقدر على رده غير واحد مثلا وطلب أكثر من أجرة المثل ولا يخفى أن بذل أكثر من أجرة المثل أسهل من ضياع الضالة [ ص: 368 ] رأسا ا هـ رشيدي أقول المطلوب فيما صوره هو أجرة المثل لا أكثر منها إذ معلوم أنها تختلف باختلاف الأحوال وكتب إليه السيد عمر أيضا ما نصه هذا في مسألة الولي وكذا الوكيل إن لم يعين موكله شيئا مخصوصا وإلا فظاهر أنه لا يزيد عليه وإن نقص عن أجرة المثل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإن قال الأجنبي إلخ ) ولو قال أحد الشريكين في عبد من رد عبدي فله دينار فرده الشريك الآخر استحق عليه جميع الدينار كما في شرح م ر ا هـ سم قال ع ش ومثله ما لو رده غير الشريك ومنه يعلم جواب حادثة وقع السؤال عنها وهي أن شخصا بينه وبين آخر شركة في بهائم فسرقت البهائم أو غصبت فسعى أحد الشريكين في تحصيلها وردها وغرم على ذلك دراهم ولم يلتزم شريكه منها شيئا وهو أن الغارم لا رجوع له على شريكه بشيء مما غرمه ومن الالتزام ما لو قال له كل شيء غرمته أو صرفته كان علينا ويغتفر الجهل في مثله للحاجة ويؤيده ما لو قال عمر داري على أن ترجع بما صرفته حيث قالوا يرجع بما صرفه ا هـ ع ش ( قوله إن كذبه ) إلى قوله انتهى في المغني وإلى قول المتن ويشترط في النهاية إلا قوله لأن المحذور إلى المتن وقوله وبأن الأخيرة إلى المتن وقوله إذ لا كلفة إلى أو من هو بيد غيره ( قوله بذلك ) أي بأنه قاله ( قوله وقيده الرافعي إلخ ) جرى المغني على إطلاق قوله وإلا إلخ لكن قول الشارح ويتجه أن محل قوله إلخ أوجه .

                                                                                                                              ( قوله لفظ الجاعل ) أي أو إشارته أو كتابته ( قوله ومن ثم لو رده إلخ ) أفاد هذا أن الجعالة ترتد بالرد ولا ينافيه ما يأتي في مسألة الإمام إذ لا رد ثم بالكلية بخلافه هنا كما علم مما ذكره فيما يأتي هذا محصل كلامه أولا وآخرا وقرر م ر أن المعتمد أنها لا ترتد بالرد أخذا من مسألة الإمام الآتية فسألته ما الفرق حينئذ بين ردها الذي لا ترتد به وبين فسخ العامل الذي يرتفع به وماذا يتميز به أحدهما عن الآخر ؟ فلم يبد مقنعا وقد يقال الرد عند العقد والفسخ بعد ذلك وينظر فيه بأن الذي عند العقد أقوى في دفعه من المتأخر وقد يقال قوله لا أقبلها أو رددتها ليس صريحا في الفسخ فلا ترتفع به وهو بعيد جدا في رددتها فليتأمل ا هـ سم أي والمعتمد ارتدادها بالرد .




                                                                                                                              الخدمات العلمية