الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن أوصى لعبد ) أو أمة وقد يشملها لغيره سواء المكاتب وغيره ( فاستمر رقه ) إلى موت الموصي ( فالوصية لسيده ) عند موت الموصي أي تحمل على ذلك لتصح ، وإن قصد العبد على الأوجه بل إطلاقهم هنا وتفصيلهم الآتي في الدابة كالصريح في ذلك وفارق بطلان نحو الوقف والهبة بهذا القصد ؛ لأن الملك فيهما ناجز ، وهو ليس من أهله وهنا منتظر ، ولعله يعتق قبل موت الموصي فيكون الملك له وقضيته صحة وقفه على زيد ، ثم على عبد فلان وقصد تمليكه ؛ لأن الاستحقاق فيه منتظر إلا أن يقال وضع الوقف أن الملك فيه ناجز فلا نظر لهذه الصورة ، ويقبلها هو وإن نهاه سيده ؛ لأن الخطاب معه لا سيده إلا إذا لم يتأهل القن لنحو صغر أو جنون على أحد احتمالين لا يبعد ترجيحه ، ثم رأيت شيخنا رجحه ، ويظهر أن السيد لو أجبره عليه لم يصح ؛ لأنه ليس محض اكتساب كما يفهمه قولهم ؛ لأن الخطاب معه ، وأنه لو أصر على الامتناع تأتى فيه ما يأتي من أن الموصى له يجبر على القبول أو الرد ولا نظر هنا إلى عدم استحقاق العبد لما تقرر أن المدار على كونه مخاطبا لا غير ( فإن عتق قبل موت [ ص: 11 ] الموصي فله ) الوصية ؛ لأنها تمليك بعد الموت وهو حر حينئذ ولو عتق بعضه فقياس قولهم في الوصية لمبعض ولا مهايأة يقسم بينهما أنه يستحق هنا بقدر حريته ، والباقي للسيد قاله الزركشي وعليه فلا فرق هنا بين وجود مهايأة وعدمها ، ويفرق بأن وجود الحرية عند الوصية اقتضى ذلك التفصيل بخلاف طروها بعدها والعبرة في الوصية لمبعض ، وثم مهايأة بذي النوبة يوم الموت كيوم القبض في الهبة ( وإن عتق بعد موته ) أو معه ( ثم قبل بني ) القول بملكه للموصى به ( على أن الوصية بم تملك ) ، والأصح أنها تملك بالموت بشرط القبول فتكون للسيد ولو بيع قبل موت الموصي فللمشتري ، وإلا فللبائع ومحل ذلك كله في قن عند الوصية فلو أوصى لحر فرق لم تكن لسيده بل له إن عتق وإلا فهي فيء وتصبح لقنه برقبته فإن أوصى له بثلث ماله نفذت في ثلث رقبته فيعتق وباقي ثلث ماله وصية لمن بعضه حر وبعضه ملك للوارث ولقن وارثه ، وتتوقف على الإجازة مطلقا ما لم يبعه قبل موت الموصي وإلا فهي للمشتري

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله وقد يشملها ) أي يشمل العبد الأمة وقوله لغيره متعلق بالعبد ( قوله وإن قصد العبد ) أي وإن قصد تمليكه كما يصرح به قوله بل إطلاقهم هنا وتفصيلهم إلخ ، وذلك مصرح به في عبارة غيره ويصرح به أيضا قوله الآتي وبه فارقت العبد مع ما قبله ( قوله ؛ لأن الملك فيهما ناجز ) فيه نظر في الهبة ( قوله وهنا منتظر ) هلا قيل ذلك في الهبة فإن الملك فيها منتظر لتوقفه على القبض ولعله يعتق قبله وهذا البحث منقدح إن كان الملك إنما يحصل عند القبض وهو كذلك ولهذا صرحوا بأن زوائد الموهوب الحاصلة بين العقد والقبض للواهب ( قوله فيكون الملك له ) زاد في شرح الروض عن السبكي أو لا أي أو لا يعتق قبل موت الموصي فلمالكه ا هـ لكن المعتمد البطلان إذا لم يعتق قبل موت الموصي م ر ( قوله وقضيته صحة وقفه على زيد ، ثم على عبد فلان ) أي فإن مات زيد ولم يعتق عبد فلان انقطع الوقف حينئذ م ر ( قوله لا سيده ) أي وإن مات العبد كما قاله الشارح في شرح الإرشاد [ ص: 11 ] قوله فقياس قولهم في الوصية لمبعض ولا مهايأة إلخ ) قد تقرر أن من حصلت حرية بعضه مع عدم المهايأة له حكم الرقيق المحض ( قوله ويفرق إلخ ) يتأمل ( قوله عند الوصية ) أي للمبعض ( قوله في المتن ، ثم قبل ) يفيد اعتبار قبوله هو دون سيده ولو بعد عتقه بعد الموت ( قوله وإلا ) يشمل البيع مع الموت وفيه تأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وقد يشملها ) أي العبد الأمة وقوله لغيره متعلق بعبد ا هـ سم ( قوله وقد يشملها ) أي حقيقة عند ابن حزم ومجازا بإرادة مطلق الرقيق عند غيره ( قوله سواء المكاتب إلخ ) عبارة المغني والروض مع شرحه وتصح الوصية لأم ولده ؛ لأنها تعتق بموته ومكاتبه ؛ لأنه مستقل بالملك ومدبره كالقن فإن عتق المكاتب فهي له وإلا فوصية للوارث أو عتق المدبر ، وخرج عتقه مع وصيته من الثلث استحقها وإن لم يخرج منه إلا أحدهما قدم العتق فيعتق كله ولا شيء له بالوصية ، وإن لم يف الثلث بالمدبر عتق منه بقدر الثلث وصارت الوصية لمن بعضه للوارث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله عند الموت ) أي وإن لم يكن مالكا له عند الوصية ا هـ ع ش ( قوله وإن قصد العبد إلخ ) خلافا للنهاية والمغني وشرح الروض عبارتهم ومحل صحة الوصية للعبد إذا لم يقصد تمليكه فإن قصده لم تصح كنظيره في الوقف ، قاله ابن الرفعة ا هـ قال ع ش قوله لم تصح أي بطلت ، وهذا هو الراجح ( قوله وفارق ) وهذا الفرق قال النهاية والمغني وشرح الروض للسبكي ( قوله ؛ لأن الملك فيهما ناجز ) فيه نظر بالنسبة للهبة فإن الملك فيها منتظر لتوقفه على القبض فإن الملك إنما يحصل عند القبض ، ولهذا صرحوا بأن زوائد الموهوب الحاصلة بين العقد والقبض للواهب ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله من أهله ) أي الملك ( قوله وهنا ) أي في الوصية للعبد مع قصد تمليكه ( قوله فيكون الملك له ) زاد شرح الروض والمغني عن السبكي ما نصه أو لا أي أو لا يعتق فلمالكه ا هـ وزاد النهاية لكن المعتمد في الشق الأخير بطلان الوصية كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ا هـ قال ع ش قوله لكن المعتمد أي على ما قاله السبكي وإلا فما قاله السبكي بشقيه ضعيف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقضيته ) أي الفرق صحة إلخ وهو متجه ؛ لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع نهاية ومغني وشرح الروض قال ع ش قوله ( وهو متجه إلخ ) هذا مخالف لما في الوقف من أنه لو قال وقفت على زيد ثم على العبد نفسه ثم على الفقراء كان منقطع الوسط إلا أن يقيد ما في الوقف بما إذا استمر رقه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقصد تمليكه ) جملة حالية على تقدير قد أو مصدر منصوب على أنه مفعول معه ( قوله ويقبلها هو ) إلى قول المتن وإن أوصى لدابة في النهاية إلا قوله على أحد احتمالين إلى ويظهر وقوله أو معه وكذا في المغني إلا قوله ويظهر إلى ؛ لأن الخطاب وقوله قاله الزركشي إلى والعبرة .

                                                                                                                              ( قوله لا سيده ) عطف على هو من قوله ويقبلها هو ( قوله لم يصح ) أي قبوله بالإجبار ( قوله لا سيده ) أي وإن مات العبد كما قاله في شرح الإرشاد ا هـ سم ( قوله عليه لم يصح ) أي القبول ( قوله يجبر على القبول إلخ ) [ ص: 11 ] أي والراجح أنه إن امتنع من القبول والرد خيره الحاكم بينهما فإن أبى حكم عليه بإبطال الوصية ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قول المتن فله ) أي وإن قصد الموصي السيد وقتها فلا نظر إلى ذلك حيث صار حرا ا هـ ع ش ( قوله ؛ لأنها تمليك إلخ ) ويؤخذ من هذا التعليل أنه لو عتق بوجود صفة قارنت موت سيده إذا كان هو الموصي ملك الموصى به وكذا لو قارن عتقه موت الموصي إذا كان غيره ا هـ نهاية وهذا أوجه فيما يظهر مما يأتي في الشرح والله أعلم ا هـ سيد عمر وقد مر عن المغني وشرح الروض في أم الولد والمدبر ما يوافق النهاية وقوله مما يأتي إلخ يعني به قوله أو معه ( قوله ولو عتق بعضه إلخ ) ولو باع بعضه فالموصى به بين السيدين ا هـ مغني ( قوله يقسم ) أي الموصى به ( قوله أنه يستحق إلخ ) خبر قوله فقياس إلخ وقوله بقدر حريته معتمد ا هـ ع ش ( قوله ويفرق إلخ ) يتأمل ا هـ سم عبارة السيد عمر قوله ويفرق إلخ فيه نظر ، والذي يتجه التفصيل هنا كثم ثم رأيت كلامهم الآتي في الوصية لعبده بثلث ماله يؤيد ما ذكرته ، ويقدح في فرق الشارح فراجعه وتأمله والله أعلم ا هـ .

                                                                                                                              أقول راجعته ولم يظهر لي وجه التأييد بل لا يتصور فيما يأتي المهايأة كما لا يخفى ( قوله عند الوصية ) أي للمبعض ( قوله ذلك التفصيل ) أي بين المهايأة وعدمها ا هـ ع ش ( قوله والعبرة إلخ ) ولو خصص بها أي الوصية بعضه الحر أو الرقيق أو أحد السيدين اختص ا هـ مغني ( قوله كيوم القبض إلخ ) فلو وقعت الهبة في نوبة أحدهما ، والقبض في نوبة الآخر كان الموهوب لمن وقع القبض في نوبته ا هـ ع ش ( قوله والأصح أنها تملك إلخ ) عبارة المغني إن قلنا بالموت بشرط القبول وهو الأظهر أو بالموت فقط فهي للمعتق وإن قلنا بالقبول فقط فللعتيق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله والأصح ) إلى المتن في النهاية والمغني إلا قوله ولقن وارثه إلخ ( قول المتن ثم قبل ) يفيد اعتبار قبوله هو دون السيد ، ولو بعد عتقه بعد موت الموصي ا هـ سم ( قوله فللمشتري ) أي مشتري العبد ( قوله وإلا ) أي بأن بيع بعد موت الموصي ا هـ ع ش ( قوله فإن أوصى إلخ ) الأولى الواو بدل الفاء كما في المغني وفيه أيضا ما نصه وإن أوصى له بمال ثم أعتقه فهو له أو باعه فللمشتري ، وإلا بأن مات وهو في ملكه فوصية للوارث ، وسيأتي حكمها .

                                                                                                                              ولو أوصى له بثلث ماله وشرط تقديم عتقه فاز مع عتقه بباقي الثلث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فيعتق ) أي ثلث رقبته ( قوله وباقي ثلث إلخ ) الأولى وثلث باقي أمواله إلخ ( قوله وباقي ثلث أمواله وصية إلخ ) ، ويشترط قبوله فلو قال له وهبت لك أو ملكتك رقبتك اشترط قبوله فورا إلا إن نوى عتقه فيعتق بلا قبول كما لو قال لوصيه أعتقه ففعل ، ولا ترد أي الوصية برده ا هـ نهاية قال ع ش قوله اشترط قبوله فورا أي بخلاف ما لو قال أوصيت لك برقبتك فإنه يشترط القبول بعد الموت وقوله برده أي العبد فيما لو قال لوصيه أعتقه أو نوى بقوله وهبتك نفسك أو ملكتكها إعتاقها فلا ينافي قوله قبل ويشترط قبوله ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولقن وارثه ) عطف على قوله لقنه ( قوله وتتوقف ) أي الوصية لقن وارثه ( قوله مطلقا ) لعل المراد به سواء كانت الوصية بالثلث أو بأكثر منه وقوله ما لم يبعه أي الوارث قنه ، والأولى إلا إن باعه




                                                                                                                              الخدمات العلمية